غيوم سوداء

1.6K 77 1
                                    


بعد أن أغلقت الباب ..خلعت ملابسها..وبعدها..جلست..تضحك وتضحك بجنون بصوت عال على غباء ذاك الشخص..الذي لم يعرف إنها جلنار ..لم يستطيع الانتقام منها..يظن نفسه بتوعده.. وتهديداته..سيخيف جلنار وسيضعفها..فهو خاطئ سيجعلها أقوى وأقوى..حتى وان تجرأت وفعلت المستحيل...!


بنفس القصر الذي تسكنه جلنار, تدور المحادثات حولها دون علمها..زوجة أبيها مع ضيفاتها العزيزات....الضيفة الأولى: ما هي أخبار ابنة زوجك...؟, زوجة أبيها: دائما خارجة .. لا أراها كثيرا كم امقتها وكم أتمنى خروجها بأسرع وقت.., الضيفة الثانية: هل صحيح ما سمعت أنها تعمل مع والدها...؟؟, زوجة أبيها: نعم..تعمل حتى تتهرب من مقابلتي ..وحتى لا تشغل نفسها بالأعمال المنزلية..., الضيفة الثالثة بمكر: افرضي قوتك عليها... واجعلها تعمل كالخدم.., زوجة أبيها بتأييد: وأنا كنت أفكر بهذا البارحة..وسأنفذه قريبا...ضحكت بضحكة كريهة.., الضيفة الأولى:هل ما سمعته أنها لا تريكم وجهها مطلقا..وترتدي خمارا أو نظارة حتى لا تعلمون كيف هو شكلها..؟؟, زوجة أبيها:صحيح ما سمعته...كل هذا التخفي والغموض لسببين.. إما إنها مشوهه الوجه..أو قبيحة... وضحكن جميعا على أفكارهن التافهة...............................

بعد ضحك جلنار الجنوني...وقفت فجأة عن الضحك...لتسقط دمعة غريبة على خد جلنار..استنكرت ما شاهدته..دمعة..سقطت ..نظرت إليها بحذر..وبعدها صرخت بصوت عال نزعت عنها شعرها المستعار وألقت به على مرآتها اللعينة وصورتها لم تتغير كما هي..الدمعة تأخذ مجراها على وجهها ..كأنها ترسم رسمه غريبة.. لتسقط بيدها..ولتحتضن تلك الدمعة..وبعدها وجهت أنظارها الى المزهرية وألقتها بجنون على مرآتها لتحطمها الى فتات ..لا يجمع..وعادت من جديد..تضحك..وتضحك..وبداخلها جنون..بعينيها عبير الجنون المجنون..سينفذ بأي وقت....

على أتلال الجنون تقف..استبدلت ثيابها..وارتدت عباءتها وخمارها من جديد...خرجت من القصر..مبتعدة عنه وعن أسواره الباردة.. تسير على قدميها..تحث الخطى لتسابق الزمن..تارة تجدها تمشي بسرعة..وتارة أخرى تمشي ببطء..بهدوء..لم تنطق بأي كلمة..تسير هادئة..بلا هدف.. وبداخلها جنون حي ينبض... مضت الساعات
على سيرها..دون أن تشعر بذلك...وقفت بعد أن تعبت لتجد نفسها بحي فقير جدا..بيوته قديمة..قابلة لسقوط بأي وقت..
نظرت إليها بتعجب..متسائلة هل يوجد بشر يسكنون هذه البيوت التي تشبه المقابر المخيفة..وفجأة اصطدمت بها فتاة بعمر الزهور.. دون أن تقصد ذلك..أمسكت بها جلنار حتى لا تقع أرضا..فنطقت تلك الفتاة ..لا تلمسيني.. اتركيني بشأني.. اتركيني يا أم سامر.., جلنار: أنا لست أم سامر..لا تخافي عزيزتي..لن افعل بك شيئا.. ما اسمك..؟؟, الفتاة: اسمي..وردة.., جلنار: اسمك جميل جدا يا صغيرتي.., ما الذي دعاك للخروج بهذا الوقت...؟؟.., وردة: الذي دعاني هو أنني أريد البحث عن عمل..حتى أعيل أمي وإخواني..., جلنار: وهل أنت الأكبر بينهم...؟؟, وردة: نعم أنا الكبرى
وأمي مريضة..وإخواني صغار ..., جلنار: وأنت أيضا يا عزيزتي صغيرة..كم عمرك..؟؟..وردة: عمري هو الثامنة عشر..جلنار بتعجب: أنتي صغيرة يا صغيرتي..ماذا ستعملين بسنك هذا..وليس لديك شهادة جامعية..وردة: لا ادري..فقد عرضت علي أم سامر..أن اعمل معها في.........سكتت عن النطق وعبرت دموعها عن كلامها..جلنار بغضب: وهل تريد أن تجعلك تعملين معها كبائعة هوى.. تتنقلين من شخص لآخر للمتعة..,وردة: وأنا لا أريد.. هذا .. لان الفقير ليس لديه سوى شرفه...وعندما اصطدمت بك.. ظننتك هي..لذلك خفت..وبعدها ألقت بنفسها بحضن جلنار..لتبكي بكائا يبكي القلوب..
بعد مدة فرغت تلك الفتاة الصغيرة ما بداخلها من حزن وبكاء..وجهت كلامها الى فتاة..وتفوهت..والآن عليك العودة الى المنزل..وردة برفض: كيف لي أن أعود الى المنزل دون المال دون أي غذاء لأخواني..جلنار : ستعودين الى المنزل..فتحت حقيبتها وأخرجت بكل المال الذي يوجد بحقيبتها..وأعطته الى الفتاة وقالت: كل هذه لك..
اشتري بها كل ما تحتاجونه...وسآتي هنا دائما حتى اطمئن نفسي عليكم.. بمرح... هيا الى المنزل مباشرة..وأغلقي الباب جيدا.. ابتسمت تلك الفتاة وقبلتها وأسرعت الى المنزل..ابتسمت جلنار على تلك الفتاة..تنفست بصعداء..ومن ثم عادت من جديد تسير على قدميها حتى تعود الى القصر كما أتت.. وتمتمت..باختلاطك مع البشر ترى دائما العجائب...
.............................................


وصلت القصر متعبه قليلا...لأنها فيما مضى كانت تسير وتسير أميال بعيده أكثر من الأميال الصغيرة التي سارتها على قدميها..دخلت القصر بصمت..وجدت زوجة أبيها تنتظرها بمكرها وكرهها..., زوجة أبيها: أين ذهبتي تأخرتي كثيرا..؟؟, جلنار: نظرت إليها غير مبالية بها: هذا ليس من شأنك...,
زوجة أبيها: كيف هذا ليس من شأني..., جلنار: اهتمي بنفسك..وبابنتيك..وأنا انسني..لا تحاولي تدخل بشؤوني..سمعتي... مرت من جانبها كأنها لا شيء.. صعدت الى غرفتها..وتركت قلب يحترق من القهر..ويشتعل بالكره والخبث...

بذاك المكان..الذي يتغنى بأغاني الشيطان.. دخان السجائر متصاعد...والأجساد تتمايل وتهتز على وقع تلك المقطوعات الشيطانية..يضحكون جميعا..ظنا منهم أنهم بقمة السعادة..وان الحياة جميلة جدا..وهدى وندى مشارفات على حافة الهاوية ببطء..تظن كل واحده..أن كل هذا مجرد تسلية لترويح عن النفس الحزينة, الظالمة لذاتها قبل غيرها..

دخلت الى غرفتها وهي تضحك بسخرية على زوجة أبيها التافهة, تفوهت جلنار: تريد التدخل بشؤوني..وتريد أيضا
أن تستمتع بتعذيبي في جعلي بمستوى خادمة لديها..لكن هذا حلمها...فلدي أشياء أخرى أهم..منها ومن هذا كله..
لدي شيء يتعلق بالماضي المؤلم...وعلي الانتقام...حتى أريح البشر من إنسان..كل قذارة العالم متمثلة فيه...
سيكون الزمن شاهدا على كل هذا..كما شهد على أحداث الماضي المؤلمة بكل تفاصيلها.... استبدلت ملابسها وجلست على مقعدها بجانب النافذة المطل على الحديقة ..أمسكت أوراق بيضاء وقلم رصاص اسود...وبدأت ترسم بما يجول بخيالها الغريب..بدأت رسمتها بشمس مشرقه متفائلة..وأحاطتها بسحب متناثرة حولها بحب..وبعدها بدأت ترسم الأشجار والأزهار والورود..والفراشات متطايرة..والعصافير محلقة بسعادة لا مثيل لها.. بوسط كل هذا طفلة بريئة..بيديها..باقة من الزهور الجميلة..مبتسمة ابتسامة مذهلة..متطلعة الى الفراشات والعصافير بسعادة طفولية بريئة...
انتهت منها ووضعتها جانبا...وبدأت ترسم بالرسمة الثانية..بفتاة تضع رأسها بأحضان والدتها..مستمتعة بحنانها..
بعطفها ..بحبها...المتدفق من قلبها لأبنتها الحبيبة...وحولهما نباتات وزهور وأشجار جميلة تحضنهما معا بجمال أخاذ لا يوصف...
انتهت من رسمتها الثانية..لتبدأ برسم رسمتها الأخيرة...رسمت غيوم سوداء غاضبة..مجتمعه بالسماء..
فتاة شابة..تنظر الى منظر والدتها المقتولة بصدمة.. وحولها بركة من الدماء الحمراء تدل على مقتلها..ومن بعيد هناك أشخاص يضحكون مرحا على ما فعلوه...وقفت جلنار عن رسم لأنها لا تستطيع رسم أكثر..يداها ترتجفان..وعيناها مغرقة بالدموع..وضعت رسوماتها جانبا..وتغيرت بسرعة الى واحدة أخرى بداخلها جنون استحوذ عليها
كليا..وبعقلها فكرة واحدة وهي استكمال انتقامها للنهاية.....

غريبة المرأة بكل شخصياتها الداخلية..تارة تجدها ..هادئة..صامته...وتارة تجدها..تتغير مع كل المواقف ببراعة
لا تقف على شخصية واحدة..وتارة أخرى تجد أن الجنون يستحوذ عليها مشحون بفكرة الانتقام...
ولكن
هل سيقف الجنون عند هذا الحد...مع انتقام مجنون..سيقودها نحو الخطر...؟؟
ابقوا معي ...
لنتعرف مزيدا من شخصياتها الانتقامية..الجنونية...
.................................................

امرأة بشخصيات متعددة ...هـــبــه وليد.( أحلى وردة جورية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن