وصلت مكتبها..بحذر شديد..حذرة من كل شيء حولها..متيقظة لأصغر الأشياء التي تحدث أمامها..جلست خلف مكتبها عليها بعض الأعمال التي يجب انجازها..وضعتها جانبا..محدقة بالفراغ...وكلمات تلك رسالتين..تدوران بذهنها ..كقرع الأجراس..تحاول تفسير ذاك التحذير..ولا تعلم هو لصالحها أم لضدها..وأوقفها عن التفكير والتفسير..
وصول رسالة أخرى...قرأتها وكانت...
كوني حذرة يا جلنار
أثناء خروجك من عملك..
إن لم تكوني حذرة ومتيقظة
اعلمي أنها ستكون نهايتك...
حافظي على روحك حتى تكملي انتقامك..
قبل أن تقتلي كما قتلت والدتك..
وداعا.....
تساءلت جلنار هذا التحذير الثاني لي...ما هدفه من كل هذا....؟, ماذا يريد مقابل هذه التحذيرات...؟؟., لان الإنسان لا يعطي شيئا دون مقابل,كل هذا غريب..الرسائل غريبة..وتحذيرات تحمل معاني كثيرة..هل هذه مؤامرة ومحاولة لجعلي تائهة..وتضليلي..وإبعادي عن هدفي...لا...لن يحصل هذا..سأجاريكم..بكل هذا..لكن سأكون متيقظة دائما لهذه اللعبة المثيرة... وبعد لحظات قليلة..سمعت طرقا على الباب..فأذنت له بالدخول..كان العامل..قدم لها فنجان قهوة مع كأس ماء..جلنار: لم أطلب منك إحضار فنجان قهوة....العامل: سيدتي..لكنك كل يوم تطلبي فنجان قهوة.. تذكرت ذاك التحذير..وحاولت أن تمثل كما هو يطلب منها دورها..أمسكت فنجان القهوة..وبدأت ترتشف منه..رحل ذاك العامل..وأسرعت الى الحمام..لتفرغ ما تذوقته حالا...خرجت منه..جلست على مقعدها..أمسكت فنجانها..وسكبته على النبتة المزينة النافذة..بعد لحظات بدأت النبتة تذبل وتذبل حتى فقدت نضارتها وجمالها..وأصبح رمادا مقتولا..
تفوهت جلنار...تحذيره صحيح..ودليل هذه النبتة المقتولة...لكن من أنت يا هذا...؟ تحذيراتك بمكانها..كأنك تعرف كل شيء يدور حولي.. كم أتمنى معرفتك....سيجمعنا القدر يوما....
بعد مدة ليست محددة ..التقطت جلنار مفاتيحها..خارجه من مكتبها بحذر شديد...خرجت من شركة وقادت سيارتها نحو الشارع العام المكتظ بالمارة والسيارات..تسير ببطء..وتنظر لهذا وذاك وتفكر كيف البشر يدورون كما تدور عقارب الساعة...هذا يتحرك..ذاك يسرع..والأخر يبطئ ..هذا يتحدث وذاك يصمت.. هذا يصرخ وذاك يعمل..والآخرون يتنزهون ..بعد مدة ليست طويلة ,الاكتظاظ انتهى وحل مكانه هدوء..استيقظت جلنار من شرودها..على صوت إطلاق النار..المصوب الى سيارتها ..أوقفت جلنار السيارة..
جلست بسرعة على المقعد الأخر...وفتحت الباب بجرأة ..وخرجت..تركض بسرعة فائقة..والرصاصات النارية تتطاير فوقها..من جانبيها ..وهي كنمرة شرسة هاربة لتبقى حية...وقفت الطلقات النارية لأنها لم تصيبها وقفت جلنار لتلتقط أنفاسها المتقطعة...رفعت رأسها لتجد من أطلقوا النار عليها أمامها...خطت الى الوراء بسرعة..للهروب...
نطقوا: لن تهربي..منا...ستقتلين يا جلنار..., جلنار بغضب: لا...سيكون هذا حلمكم... وبعدها هربت منهم مرة أخرى..
تركض بين الممرات..بحثا عن أبواب أخرى تبعدها عن هذا الكابوس المريع..تخرج من ممر الى أخر..الى مكان أخر وأخر كأنها بمتاهة... بوسط هذا...هناك أصوات ضاحكة..بصوت عالي...حتى تربك جلنار أكثر..بوسط هذه المتاهة الصعبة..هناك يد حديدية أمسكت جلنار..وخبأتها داخل مكان..وأغلقت الباب.. جلنار بقلق: اتركني ..دعني بشأني..أريد الهروب.. بصوت حديدي ببرودة الجليد تكلم..: أصمتي ...لا تتفوهي بأي كلمة..أنا جئت لمساعدتك.. جلنار بشك: كيف..وما دليلك على هذا...رد بصوته الجليدي: دليلي إنني سأخرجك حية من هنا..فقط اصمتي ولا تسألي.. بذاك الصمت المطبق..سمعا صوت أقدام وأصوات مرتفعة..أنصتا معا..وكان احدهم يتكلم: أين ذهبت..؟,لم نجدها...شددنا الحراسة على كل المخارج...بحثنا بكل الأماكن..بحثنا بهذه المدينة القديمة اللعينة..أنها متاهة غريبة.. لا أدري كيف كانوا يستخدمونها لتضليل الأعداء..حتى فقدوا عقولهم...وخرجوا مهزومين.. وبعدها انضم إليهم أشخاص .. آخرين. تفوهوا..: بحثنا بكل مكان بهذه المتاهة الحجرية..ولم نجدها..فتشنا كل زاوية من زواياها ولم نجدها.. تفوه ذاك الشخص من جديد: أظنها استطاعت الهروب كما كل مرة...لكن إما نحن يا جلنار وإما أنتي.. أجمع كل مساعدينا جميعا..سنخرج من هنا حالا..بسرعة هيا..خرجوا جميعا وأصوات أقدامهم معلنة رحيلهم...بعد أن حبست جلنار أنفاسها..أصبحت تتنفس بعمق..جلنار بامتنان: شكرا فقد أنقذت حياتي...لا أعلم كيف أقوم بشكرك.., تحدث بصوته الجليدي: لا شكر على واجب..بالمرة الأخرى كوني حذرة..فقد أكون غير موجود..
جلنار: من أنت..؟, تحدث: لا يهم..المهم الآن..أخرجي..من هنا وسأكون ورائك..لكن لا تحاولي النظر الى خلفك.. لا تحاولي معرفة من أنا..ستكون الأيام كفيلة بتعريفك من أنا..هيا الآن أخرجي بطريق مستقيم..ستجدين سيارتك تقف بانتظارك..أخرجي من هنا حالا..واذهبي الى القصر...انصاعت جلنار لطلبه..وسارت كما يريد..لكن بداخلها تريد النظر الى ورائها لتعرف من هذا الشخص..خرجت بسلام..ركبت سيارتها وانطلقت مبتعدة عن هذه المتاهة..عن هذا الكابوس المريع..عن كل شيء...تريد الراحة والنسيان الذي أصبح صعب المنال...
بسرعة قصوى منطلقة..سرعة حرقت الزمن والشوارع والأرض..مبتعدة..هاربة..نبضاتها متسارعه..قلبها يخفق بشدة..يداها تهتز وهي ممسكه بالمقود..حمدت الله على وصولها بسلامة..خرجت من سيارتها..بداخلها كل شيء متناثر..بعقلها معلوماتها مبعثرة..وبخارجها كل شيء كما هو..دخلت القصر بهدوء يعكس داخلها الفوضوي.. لم تجد أحدا كالعادة..صعدت مسرعة الى غرفتها وأغلقت الباب مغلقة أبواب المتاهات..أبواب الطلقات النارية.. أبواب الهرب..أبواب الابتعاد..مغلقة أذنيها عن أصوات الضحكات المربكة..عن كلمات المهددة..عن كل شيء سمعته..ذهبت لتستحم بمياه ساخنة..حتى تنسى وتزيل عنها أثار هذا اليوم المتعب...وبعد استحمامها ألقت بنفسها على فراشها..متعبة..مرهقة..تطلب الراحة التي لم تعد موجودة,بأحلام جلنار الغريبة..كوابيس.. برك دماء..ظلام..أصوات عالية تصم الآذان..نهضت جلنار من حلمها خائفة..وصور تعرض أمامها متداخلة..تزيد من ألمها..وفجأة فتحت باب غرفتها مسرعة راكضة..نحو باب القصر المقفل..فتحته بسرعة..خارجة الى شارع..تمشي بجنون..وحدها..باحثة عن شيء لا وجود له..حافية القدمين..شعرها متطاير بالهواء..والهواء يصفعها بنسماته الباردة..وهي لا تبالي لكل هذا..سارت أميال عدة..وبعدها...استيقظت من كل هذا..وصرخت..لماذا أتيت هنا...؟,وكيف....؟, علي العودة حالا..عادت الى القصر..مستغربة من نفسها وذاتها وعقلها..متسائلة كيف خرجت بلا وعي منها..دخلت وأغلقت الباب صاعدة الى غرفتها لتنام من جديد..متمنية أن تنام دون أحلام مزعجة...
عند ذاك المجهول يفكر بجلنار..بكل شيء حصل لها..وهي ثابتة..تلقي نفسها بالمخاطر..ولا تبالي لروحها..أهكذا هن نساء..تـبا لكن جميعا..كنت صافي الذهن والقلب..وعندما رأيتها بالمطار..جذبتني إليها..دون أن اعرف شيئا عنها
والآن عندما علمت كل شيء..غيرت كل شيء بحياتي..لم يعد العمل بالمكانة الأولى أصبحت هي بالمرتبة الأولى..حركاتها تربكني..جنونها يخيفني..انتقامها يقتلني..ألن ينتهي كل هذا يوما..لتعودين أنت جلنار..بقلب صافي..أم أن القدر قد كتب لك بصفحاته أشياء كثيرة..جلنار..ستبقين الامراة الأولى والوحيدة التي جذبتني إليها دون أن أتكلم معها..دون أن نتقابل مع بعضنا..دون أن تقترب مني من أجل شيء تريده..أنتي امرأة غريبة لا تشبهين أي امرأة عرفتها بحياتي...
هنا نرى رجل يعترف بطلاقة..وامرأة غامضة بكل شيء..بانتقامها..بخططها..وحتى بأحلامها..جنونها لا يتوقف..وهي لا تبالي بأحد هدفها واحد وستصل إليه مهما كلفها الثمن..وهنا رجل يتعرف على هذه ألامرأة العجيبة من بعد..تارة تجده يستغرب أفعالها..تارة تجده يريد أن ينقذها..وتارة أخرى يعترف..وجلنار لا تعلم عنه شيء
لكن هل ستعلم من هو لا حقا...؟
ابقوا معي..
حتى نتعرف مزيدا من شخصياتها وعلى هذا الشخص المجهول...
....................................
أنت تقرأ
امرأة بشخصيات متعددة ...هـــبــه وليد.( أحلى وردة جورية)
Adventureإنها امرأة بشخصيات متعددة, امرأة لا يوقفها شيء,امرأة غريبة الأطوار, بكل لحظة تجدها أخرى تتبدل مع المواقف بشكل عجيب, لكن تفعل كل ما تريد بعد تفكير طويل,بها عناد وتمرد غريب, المعروف عنها امرأة ليست كأي امرأة عرفتها.. ولن تجد مثلها أبدا..مهما بحثت عنها...