استيقظت مشوشة التفكير..فتحت عينيها ببطء..ناظره حولها باستغراب..تفوهت..أنا هنا إذن..كيف خرجت من القصر في ساعة متأخرة من الليل..ما هذا الجنون الذي أصابني فجأة...؟!!,أين كان عقلي بذاك الوقت..أم أنني كنت بغيبوبة ألا وعي دون علمي..تبا لذاك اليوم المشئوم الذي جعلني هكذا..أريد الراحة..أريد النوم كما ينامون البشر براحة ..دون أحلام مزعجة..بهدوء وابتسامة تنير وجههم..أظن إنني لا أستحق هذا..لان قدري كتب لي هذه الحياة..سأخرج من هنا لأستنشق هواء نقي..ارتدت ملابسها..وخرجت من القصر لتتنزه بالحديقة الخضراء الساحرة..تمشي خطوة والعصافير تغرد..تقف والأزهار تتفتح..تعود الى الوراء والورود تنشر عطرها على الكون..تذكرت لعبتها هذه المفضلة لديها منذ صغرها وحتى الآن..وهي لعبة الخطوات..لكن تعلمت شيئا جديدا..وهو..بخطوة إما تحقق النجاح..أو الفشل..سارت بهدوء..مستمتعة بأشعة الشمس المشرقة..بزقزقة العصافير..برائحة الورود العطرة..وبعد فترة قصيرة..خرجت مبتسمة..لكن ابتسامتها قتلت حين دخلت القصر ووجدت زوجة أبيها تنتظرها كالعادة بابتسامة خبيثة وماكرة..ألقت عليها تحية..وخطت خطوة واحدة تريد الصعود الى غرفتها..لكن أوقفتها بقولها..: جلنار بشأن العمل لن تعملي بالقصر لك هذا..لكن مقابل هذا أريد أن أرى وجهك..بخبث..لأنك تختبئين وراء خمارك..وهذا يدل على شيئين إما أنتي قبيحة أو مشوهه..أليس كذلك.., جلنار بهدوء: لا..هذا شأني..وأنا لن أريك وجهي..اقتربت زوجة أبيها تريد نزع خمار جلنار..فأوقفتها يد جلنار ومنعتها..وتفوهت..: يدك هذه لا تقومي بمدها مرة ثانية وإلا سأريك الحياة جحيما وأنا صادقة بقولي..أتسمعين..لا تظني انك تستطيعين سيطرة علي..أحذرك..أن حاولت اعتراض طريقي مرة أخرى..سترين شيئا لم تريه بماضيك الحقير..ولا بحاضرك الجميل..فهمتي ما قلته..تركتها جلنار..وصعدت مسرعة مغلقة الباب بقوة كادت تحطم الجدران... وعند زوجة أبيها وجهها محتقن وغاضب..وبداخلها قلب يشتعل من القهر والمذلة التي لم تكن لها دخل بسببها بل والدتها التي شوهت سمعت عائلتها بخروجها كل يوم مع رجل وهي متزوجة ولديها أبناء فاكتشف زوجها ذلك وعلم بخيانة زوجته وقام بتطليقها وبقي هذا الحدث بصمة سوداء بماضيها والسبب والدتها...
التقطت جلنار حقيبتها ومفاتيحها..خرجت من القصر بداخلها غضب..لن يوقفه شيء..قادت سيارتها مسرعة..
تسابق زمنها..نفسها وغضبها..توقفت عند مكان جميل جدا..مكان يحتضن هموم البشر وأحزانهم..مكان عميق..لكنه أحيانا يغدرك ..ويبتلعك..إن لم تكن قبطانا ماهرا أو سباحا متفوقا ستغرق..توقفت أمام البحر وضاعت الأبجديات والكلمات من جلنار...
الشمس مشرقة بأشعتها الذهبية..والنسمات عليلة..تدخل الى القلوب بروعة..تنظر جلنار الى البحر بغموض..أنهمها متشابهان تماما..جلنار غامضة والبحر غامض ..لكن مختلفان بشيء جلنار لا تغدر والبحر يغدر ببراعة..بداخلها تفوهت..يا بحر الغموض..بداخلك قصص عجيبة..حكايات غريبة..أسرار مخفية..لكن هل ستحتمل أن تسمع قصتي المريرة..أظن لا..كما علمت انه يوجد بشر بلا ضمير..يوجد بحر كبير لا يتسع هموم جلنار...لأني هكذا..نتجت من صنع الحياة..غدر الزمن..قسوة وظلم البشر..أنا لست أنا..ولا جلنار هي جلنار..لكن تأكد يا بحري سأعود كما كنت بعد أن انهي انتقامي...حينها سأنزع قيود كبلت بها نفسي..سأنزع حزني وألمي..وسأنسى ذكرياتي والماضي..سأنسى كل شيء وسأفتح صفحة جديدة مع الحياة...وداعا يا بحري الجميل..سأعود لك بوقت أخر..لنكمل حوارنا معا..قادت سيارتها مبتعدة عن البحر ..بهدوء.....
وأثناء قيادتها تذكرت وردة..وتذكرت أنها خططت لتخرج أهلها من ذاك المكان المتهاوي..القابل لسقوط..أمسكت هاتفها..وضغطت زر الاتصال..جلنار: هل أصبح كل شيء جاهز وكما أردته..؟, المجهول: نعم يا سيدتي..المكان جاهز وكما طلبتي لا ينقصه شيء..جلنار: شكرا ..وأغلقت الخط..اتجهت نحو منزل وردة..وصلت..وخرجت من سيارتها..قرعت الباب..ففتحت وردة الباب واستقبلتها بابتسامة سعيدة..وردة: اشتقت لك كثيرا..خفت كثيرا أنك قد نسيتنا..جلنار بابتسامة: لا لم أنساكم..أين والدتك..؟؟,وردة: بالداخل ..تفضلي..ألقت التحية على والدة وردة..جلنار: كيف أنت اليوم يا أمي..؟؟,والدة وردة بابتسامة حنونة: الحمد لله ..بخير..أريد شكرك على كل شيء فعلته.. جلنار: لا تشكريني على أي شيء..فهذا أقل شيء أفعله..جئت اليوم ..لأسألك..لو أتيحت الفرصة لآن تخرجي من هذا المكان فهل ستخرجين..مع أبنائك..؟؟,والدة وردة بتردد: لماذا يا ابنتي هذا السؤال...؟,جلنار: لآني يا أمي قد اشتريت لكم شقة جميلة بحي رائع..وأريدكم..أن تسكنوا بها..تفاجئت وردة..ووالدتها بهذا العرض المغري..والدة وردة : لكن يا ابنتي كيف نسكن بتلك الشقة ونحن لم ندفع ثمنها نحن لا نستطيع..ووردة أنهت دراستها المدرسية ولم تجد عمل..جلنار: لا عليك يا أمي..وردة وجدت لها عمل في شركة والدي..إذن ماذا قررتم..؟, وردة وافقت بسعادة:أخيرا سأصبح
كأي فتاة أخرى تسكن بمكان مريح..ولديها عمل..أمي من أجلي أن توافقي..لم تتعبي من هذا المكان..أنا تعبت منه..وافقت والدتها لآجل وردة..وطلبت جلنار حزم جميع الأمتعة..وتجهيز الصغار..بعد انقضاء الوقت..انطلقوا جميعا راحلين عن ذاك المكان مغلقين بابه وذكرياته ولحظاته..متطلعين لأيام أجمل من التي مضت..
وصلوا الى ذاك المكان فرحين..بعيونهم تقبع الدهشة والذهول..ينظرون الى جميع الأشياء بفرح وسعادة..فتحوا الباب..وحثتهم جلنار على الدخول..دخلوا مسرورين..ينظرون الى الغرف الى الأثاث بسعادة..جلنار بتساؤل: ما رأيكم..؟.., وردة بابتسامة سعيدة: رائعة..لا أعلم ماذا أقول لك..لآن كلمات ضاعت مني..ففي هذا الزمن لا يوجد شيء لله..بل لمصلحة يريدها المرء..جلنار: صحيح يا وردة لكن تذكري دائما مادام هناك بشر شريرون..هناك بشر يحبون الخير..والدة وردة:لا يسعني إلا أن أدعو لك بالتوفيق دائما يا ابنتي..وبعدها قامت باحتضان جلنار بحنان افتقدته جلنار كثيرا ..كادت جلنار تبكي..لكن تماسكت ..ودعتهم..وتمنت لهم يوم سعيد وليلة هنيئة..
رحلت..جلنار بداخلها عواطف عدة مشاعر متداخلة..شجون..فوضى..ذكريات ..حنين الى أطياف الماضي..قادت..بهدوء..وبدقات قلب متسارعه..لا تعرف الهدوء..باللحظة واحدة أعادت ما تحاول نسيانه..لكن هل ستنسى..؟, تفوهت جلنار:أريد أن أبكي..تبا لدموعي..إذا كانت دموعي لن تريح قلبي ماذا إذن سيريحه!!!..تبا لكل شيء..كرهت هذا الزمن..كرهت ثوانيه ودقائقه..كرهت تباطؤه وتسرعه..هو متهور دائما..يقودني دائما الى حافة الهاوية..سأكمل انتقامي أكثر وأكثر..ضحكت بجنون..كم أتشوق لرؤية دمائكم على يداي..وأكملت ضحكاتها بجنون..يكاد المرء يفقد عقله منه..أكملت مسيرها بنفس الجنون..ولا أعلم أين سيقودها ذاك الجنون....
.........................................
أوقفها عن إكمال مسيرتها سيارة سوداء اعترضت الشارع وجعلت جلنار تقف..خرجت من سيارتها وخرج ذاك الشخص الذي أهانته جلنار أمام جمع غفير بتلك الليلة..وقفا متقابلين..عيناها تشع بالغضب..وعيناه تلمع بخبث خفي..الشخص: أخيرا التقينا...,جلنار بغضب: وماذا تريد...,الشخص: أريد أن أعيد كرامتي التي دستِ عليها بقدمك..,جلنار بسخرية: ماذا كرامتك أنت..؟ وهل لديك كرامة..!, الشخص: لا تحاولي أن تتعدي الخطوط الحمراء.. جلنار بتسلية: سأتعداها ولست خائفة..افعل ما تريد فأنت فعلت أشياء لا رحمة فيها..الشخص: حقا لا أذكر..جلنار بنبرة ساخرة: حتما لا تتذكر فأمثالك يقتلون..وينكرون..لكن تأكد دم والدتي لن يضيع..سأنتقم منك..ومن تلك العصابة اللعينة..الشخص: ألم تصل لك التهديدات..؟, جلنار بغضب: بلى وصلتني..تأكد أنت وغيرك..لن تحرك خليه من جسدي..لأنك وغيرك لا تخيفاني.., الشخص: حقا وان قلت لك اليوم سيكون أخر يوم لك.., جلنار باستنكار: حقا لم أعلم بأن الجبناء يستطيعون القتل.. فرفع بوجهها خنجرا لامع.. جلنار باستهزاء : غريب ألم تحضر مسدس..مفعوله أقوى..أم تريد قتلي بنفس الخنجر الذي قتلت به والدتي.., الشخص: أنت ذكية جدا..حتى جمعتي كل المعلومات وعلمتي ماذا حصل لوالدتك..ومن قتلها..لكنك ستقتلين..قبل أن يوجه خنجر إلى صدرها ركلته بقوة..وأخذت تبتعد..بسرعة..لكنه أوقفها وهي تحاول الهرب منه قام بطعنها بيدها..لم يخرجه..لأنه رأى ضوءا بعيد ا.. فهرب ورحل مسرعا بسيارته وأبقى جلنار هناك وحدها ..فقد حلت عليها الصدمة وجعلتها غير قادرة على الكلام..
كادت تسقط لكن تماسكت..لتكمل مسيرها..لتكمل انتقامها..لتكمل ولتبقى حية..بصعوبة وصلت سيارتها..وقبل أن تغلق الباب لتقود سيارتها..أمسكها شخص لا تعرفه الذي ساعدها وأنقذها من تلك العصابة ولم تراه ولم يصرح باسمه حتى..الشخص بصوته الجليدي: هل أنت حمقاء لتقودي سيارتك وأنت بهذه الحالة..,جلنار: أكون حمقاء ولا أريد الوصول إلى المشفى بل إلى عيادة خاصة...,الشخص: حتى تبتعدي عن الشرطة والتحقيقات والتحريات..جلنار: نعم سآخذ حقي بيدي..وبعدها أغمي عليها..فحملها ووضعها بجانبه على الكرسي الأخر..وقاد السيارة مسرعا إلى أي عيادة خاصة كما طلبت..وصلها وأخرجها بسرعة..استقبلهم الطبيب بسرعة ..فأدخلوها غرفة الطبيب..وقام الطبيب بدوره..بعد نصف ساعة..كان الخنجر موضوعا بكيس شفاف..وجرح جلنار مضمد..استيقظت واستغربت وجودها هنا..فتذكرت ما حصل لها حاولت النهوض..,الطبيب: لا تنهضي ابقي مستلقية..,جلنار: ماذا حل بالخنجر..هل لمستوه لا أريد بصمات غير بصمات ذاك الشخص,الطبيب: الخنجر هنا ولم ألمسه لأني ألبس كفوف معقمة..كيف أنت الآن..؟؟,جلنار: بخير..لكن أريد الرحيل..,الطبيب: ستذهبين إلى المنزل..لكن تحتاجين لراحة التامة والغذاء الصحي..فقد فقدتي دماء كثيرة ويجب تعويضها لذا عليك البقاء في الفراش لثلاث أيام..,جلنار: حسنا.. ساعدها الشخص الغريب على النهوض ببطء..أخذت الخنجر معها..دفع لطبيب المال وخرجا معا..اقترب من القصر..فطلبت منه الوقوف عند باب القصر..خرجت ولم تأبه لسيارتها..فتحت لها الأبواب ودخلت..ففتحت باب القصر الداخلي بصعوبة..تمنت أن لا تجد أحد..لكن أمنيتها لم تستجيب..لأنها وجدت أخيها الأصغر..خالد..صعق عندما رأى الضمادة على يدها..أتى إليها مسرعا..خالد بخوف: ماذا حل بك..ماذا حصل لك..؟,جلنار بألم: ستعلم كل شيء لا حقا..لكن أرشدني إلى غرفتي ولا تعلم أحد بما رأيته الآن..قادها إلى غرفتها وأغلق الباب وراءه...
ساعدها على الاستلقاء ..خالد بقلق: هل يؤلمك شيء..؟؟ ,جلنار: لا تقلق..إنا بخير..لكن أريد الراحة..خالد: من طعنك هكذا...؟,جلنار: ستعلم بكل شيء بوقته..,خالد: كيف حدث هذا..؟؟ اخبريني يا جلنار..؟؟, جلنار: حدث الأمر وانتهى.. لكن لن ينتهي انتقامي..,خالد بغرابة: عن أي انتقام تتحدثين..؟,جلنار بابتسامة صفراء:انتقام أما إن يكون نهايتي أو بداياتي.., خالد: لكن يا جلنار الانتقام سيء وعواقبه وخيمة على المرء..,جلنار: نعم ..لكن لدي هو من سينزع قيودي.. ويجعلني حرة..والآن اذهب لترتاح لا تقلق سأكون بخير..خالد باعتراض: لا ..سأبقى معك هنا..وأنت فقط اخلدي للنوم..نامت جلنار بهدوء وأمام عينيها مشهد ذاك الخنجر الذي طعنت به يتكرر..ينظر أخيها إليها ويفكر.. هي غامضة وحولها غموض..لا تحتك بأحد..دائما وحدها..بماضيها سر..سيكشفه الزمن حتما..والانتقام الذي تتحدث عنه..أمر خطير..فهو لعبه لا تستطيع الفوز بها..قد تلعب مع أشخاص لا تستطيع تحديهم..لكن بدوري أنا ..كأخيك..وبمهنتي في الشرطة..لن أتركك وسأبقى معك بكل خطوة..ستكونين مراقبة حتى لو كنت أختي..أريد أن أعلم مع من تلعبين لعبة الانتقام..أريد حمايتك..لأنك لست أنت.. بداخلك سر جعلك هكذا..والانتقام ليس لك.. لان جلنار زهرة رقيقة.. التقط حقيبتها وفتحها فوجد بها ذاك الخنجر بكيس شفاف..تفوه بصوت منخفض: إذن هذا هو الخنجر الذي طعنتي به..سآخذه إلى مختبر تحليل..وسنرى بصمات من..سيكون دليلا على محاولة الشروع بالقتل.. احتفظ به في غرفته.. وبقي بجانب جلنار..وبداخل جلنار تحلم مشاهد عديدة مبعثرة من نسج الماضي المرير..هناك يدان تريدان قتلها..هناك خنجر مخضب بالدماء..هناك أشخاص كثيرون..وجلنار بمتاهة..تريد الابتعاد عنهم جميعا..استيقظت جلنار ..خائفة..خالد محاولا تهدئتها : كان حلما لا تخافي..عودي إلى النوم..عادت بعد أن أطمئنت..ونامت نوما مريحا مبتعدة عن كل شيء.............
أنت تقرأ
امرأة بشخصيات متعددة ...هـــبــه وليد.( أحلى وردة جورية)
Adventureإنها امرأة بشخصيات متعددة, امرأة لا يوقفها شيء,امرأة غريبة الأطوار, بكل لحظة تجدها أخرى تتبدل مع المواقف بشكل عجيب, لكن تفعل كل ما تريد بعد تفكير طويل,بها عناد وتمرد غريب, المعروف عنها امرأة ليست كأي امرأة عرفتها.. ولن تجد مثلها أبدا..مهما بحثت عنها...