.
.
.
سقتني حميَّا الحبِّ راحةً مقلتي وكأسي محيَّا منْ عنِ الحسن جلَّتِ
فأوهمْتُ صَحبي أنّ شُرْبَ شَرَابهِم، بهِ سرَّ سرِّي في انتشائي بنظرةٍ
وبالحدقِ استغنيتُ عنْ قدحي ومنْ شمائلها لا منْ شموليَ نشوتي
ففي حانِ سكري، حانَ شُكري لفتيةٍ، بهمْ تمَّ لي كتمُ الهوى مع شهرتي
ولمَّا انقضى صحوي تقاضيتُ وصلها ولمْ يغْشَني، في بسْطِها، قبضُ خَشيتي
وأبْثَثْتُها ما بي، ولم يكُ حاضِري رقيبٌ لها حاظٍ بخلوةٍ جلوتي
وقُلْتُ، وحالي بالصّبابَةٍ شاهدٌ، ووجدي بها ماحيَّ والفقدُ مثبتي
هَبي، قبلَ يُفني الحُبُّ مِنّي بقِيّةً أراكَ بها، لي نظرَةً المتَلَفّتِ
ومِنّي على سَمعي بلَنْ، إن منَعتِ أن أراكِ فمنْ قبلي لغيريَ لذَّتِ
فعندي لسكري فاقةٌ لإفاقةٍ لها كبدي لولا الهوى لمْ تفتّتِ
ولوْ أنَّ ما بي بالجبال وكانَ طو رُسينا بها قبلَ التَّجلِّي لدكَّتِ
هوى عبرةّ نمَّتْ بهِ وجوىً نمتْ به حرقٌ أدواؤها بي أودتِ
فطوفانُ نوحٍ، عندَ نَوْحي، كأدْمَعي؛ وإيقادُ نيرانِ الخليلِ كلوعتي
ولولا زفيري أغرقتني أدمعي ولولا دموعي أحرقتني زفرتي
وحزني ما يعقوبُ بثَّ أقلَّهُ وكُلُّ بِلى أيوبَ بعْضُ بَلِيّتي
وآخرُ ما لاقى الألى عشقوا إلي الرَّ ـرّدى ، بعْضُ ما لاقيتُ، أوّلَ محْنَتي
وفي ساعةٍ، أو دونَ ذلكَ، مَن تلا لآلامِ أسقامٍ، بجِسمي، أضرّتِ
لأَذكَرَهُ كَرْبي أَذى عيشِ أزْمَةٍ بمُنْقَطِعي ركْبٍ، إذا العيسُ زُمّتِ
وقدْ برَّحَ التَّبريحُ بي وأبادني ومَدْحُ صِفاتي بي يُوَفّقُ مادِحي
فنادمتُ في سكري النحولَ مراقبي بجملةِ أسراري وتفصيلِ سيرتي
ظهرتُ لهُ وصفاً وذاتي بحيثُ لا يراها لبلوى منْ جوى الحبِّ أبلتِ
فأبدتْ ولمْ ينطقْ لساني لسمعهِ هواجِسُ نفسي سِرَّ ما عنهُ أخْفَتِ
وظَلّتْ لِفِكْري، أُذْنُهُ خَلَداً بها يَدُورُ بهِ، عن رُؤْيَةِ العينِ أغنَتِ
أحَبّنيَ اللاّحي، وغارَ، فلامَني، مُجيباً إلَيها، عن إنابَةِ مُخْبِتِ
كأنَّ الكرامَ الكاتبينَ تنزَّلوا على قَلْبِهِ وحْياً، بِما في صحيفَتي
وما كانَ يدري ما أجنُّ وما الَّذي حَشايَ منَ السِّرّ المَصونِ، أَكَنَّت
وكشفُ حجابِ الجسمِ أبرزَ سرَّ ما بهِ كانَ مستوراً لهُ منْ سريرتي
فكنتُ بسرِّي عنهُ في خفيةٍ وقدْ خفتهُ لوهنٍ منْ نحولي أنَّتي
لَقيلَ كنَى ، أو مسّهُ طَيْفُ جِنّةِ له والهوى يأتي بكلِّ غريبةِ
وأفْرَطَ بي ضُرَّ، تلاشَتْ لَمْسّهِ أحاديثُ نَفسٍ، بالمدامِعِ نُمّتِ
فَلو هَمّ مَكروهُ الرّدى بي لما دَرى مكاني ومنْ إخفاءِ حبِّكِ خفيتي
وما بينَ شوقٍ واشتياقٍ فنبتُ في تَوَلٍّ بِحَظْرٍ، أو تَجَلٍّ بِحَضْرةِ
فلوْ لفنائي منْ فنائكِ ردَّ لي فُؤاديَ، لم يَرْغَبْ إلى دارِ غُرْبَةِ
وعنوان شاني ما أبثُّك بعضهُ وما تَحْتَهُ، إظْهارُهُ فوقَ قُدْرَتي
واُمْسِكُ، عَجْزاً، عن أُمورٍ كثيرةٍ، بِنُطقيَ لن تُحصى ، ولو قُلتُ قَلّتِ
شفائي أشفى بل قَضى الوَجْدُ أن قَضى ، وبردُ غليلي واجدٌ حرَّ غلَّتي
وباليَ أبلى منْ ثيابِ تجلُّدي بهِ الذاتُ، في الأعدامِ، نِيطَتْ بلَذة
فلوْ كشفَ العوَّادُ بي وتحقَّقوا منَ اللوحِ ما مسَّني الصَّبابةُ أبقتِ
لما شاهدتْ منِّي بصائرهمْ سوى فلا حَّي، إلاّ مِنْ حَياتي حَياتُهُ،
ومنذُ عفا رسمي وهِمْتُ، وَهَمْتُ في وجودي فلم تظفر بكوني فكرتي
وبعدُ فحالي فيكِ قامتْ بنفسها وبيِّنتي في سبقِ روحي بنيَّتي
ولمْ أحكِ في حبَّيكِ حالي تبرُّماً بها لاضطِرابٍ، بل لتَنفِيسِ كُربَتي
ويَحسُنُ إظهارُ التّجلّدِ للعِدى ، ويقبحُ غيرُ العجزِ عندَ الأحبَّةِ
ويَمنَعُني شكوَايَ حُسْنُ تَصبّري، ولو أشكُ للأعداء ما بي لأشكَت