.
.
.
ضحِكْنا على الماضي البعيدِ، وفي غدٍ ستجعلُنا الأيامُ أضحوكة َ الآتي
وتلكَ هِيَ الدُّنيا، رِوَايَة ُ ساحرٍ عظيمٍ، غريب الفّن، مبدعِ آياتِ
يمثلها الأحياءُ في مسرح الأسى ووسط ضبابِ الهّم، تمثيلَ أمواتِ
ليشهدَ مَنْ خَلْفَ الضَّبابِ فصولَها وَيَضْحَكَ منها مَنْ يمثِّلُ ما ياتي
وكلٌّ يؤدِّي دَوْرَهُ..، وهو ضَاحكٌ على الغيرِ، مُضْحُوكٌ على دوره العاتيأبو القاسم الشابي..
.
.
.
خطوات ثقيلة يجرها نحو المقبرة.. ينظر لهم دون فهم امسكه ماجد بكفه..
ماجد: جمال..
جمال بثقل يجثم على روحه وبضيق: مين الي مات؟
زفر ماجد: ولد عمك زيد..
نظر لمجموعة من الرجال يحملون الجنازة ويضعونها بالقبر المظُلم والحشود من الناس لمح ابيه واخويه لـ يدخل بين الرجال ويتخبط حتى يصل لاهثاً وبنظرات ضائعة القى نظرة على ابيه..
أبو جمال اقترب من ابنه وامسكه من يده: جمال وش الي جابك هنا؟ انت تعبان..
بنظرات معُاتبة: لـ متى بـ تخبي يبه؟ هذا ولد عمي واكيد غالي علي مثل مهوب غالي عندكم..
اقترب لـ يأخذ بعض التراب ويحثو عليه..
.
.
.
امسك هاتفه وبغضب: كيف يعني.. ما مات!
أبو كرم: يا جاسم الخطة كانت مثل الي تبي.. ورسلنا الظرف بعد بالوقت الي انت حددته بالضبط..
جاسم: قفل.. ولا اشوفك تدق علي انت فاهم.. وإلا افهمك بطريقتي..
أبو كرم: ابشر طال عمرك..
اغلق هاتفه لـ يرميه على المرآه وتتناثر شظاياه على الأرضية.. يدور دون هداوة
امسك الهاتف من جديد لـ يتصل على صاحبه
وبغضب: وينك يا طارق رد الله يأخذك..
وبداخله: (ما زلت متمسك بالحياة يا ولد ابوك.. اصبر علي ان ما ذوقتك الموت بـ يديني انا.. ما اكون جاسم)
.
.
.
بقصر أبو جمال – بمجلس الحريم
رمت نقابها بجوارها والتفت على والداتها والدموع احتقنت مقلتيها: يمه.. ليه اخوي البارح كان وش زينه.. قولي لي يمه وش الحياة الي ارتجي بدون اخوي..
اقتربت أم زيد وببكاء: يا امتس كافي الله يهديتس..
أم علي: يا حسرتي على شبابتس الي راح.. آآآآآآآآه يا زيد مت وانا جدتس بعدني حية.. الله اكبر على هالدنيا.. الله اكبر..
أم جمال تجلس بجوارها: خالتي ما تجوز له الا رحمة.. ادعي عسى الله يثبته..
أم علي وهي تمسح دموعها من طرف طرحتها: الله يرحمك يا زيد ودعتك الله وانا ميمتك.. يمي يا سارة قربي..
سارة ابتعدت من احضان والداتها لترتمي بـ احضان جدتها وتبكي بصوت عالي..
مسدت شعرها وبحزن كبير: طلعي الي بقلبتس يمه..
سارة وبين شهقاتها لفظت: فاقدته من الحين ميمتي ما عاد اني بشوفه مرتن ثانية.. ما عاد يمزح معي مزحه ثقيل.. آآآآآآه يا ميمتي فرقاه شين..
أم علي قرأت من الآيات حتى يستقر بوجدان سارة، دون شعور نامت.. قريرة العين..
وبعد بضع ساعات دخلوا الحريم لكي يعزونهم..
.
.
.
بالدور العلوي – الطابق الثاني
بغرفة ياسمين..
فتحت عينها النائمة، صداع يهاجمها.. رفعت جسدها الواهن عن السرير..
اعتصرت رأسها بكفوفها متعُبة من وجع صداع.. صدرها يضيق وذكرى تعانقها بشدة مع زيد ومضات سريعة وكأنما فلاشات من صور تعتنق البوم قد دسته الحياة ب..
ازاحت اللحاف لتقف على رؤوس قدميها الحافية شعرت برعشة من برودة الأرضية وكادت تسقط من دوار رأسها الآن.. تماسكت بخطوات لتتجه نحو المنضدة لتبحث عن البوم جمعها بحبيبٍ قد رحل.. وجدته لتمسكه برقة لتجلس على الكرسي الخشبي ويهتز بفعل الرياحً العاتية التي تعصف ما بقلبها..
فتحت الالبوم لترى ابتسامته ونظرة الهيام تشعل بصدرها حياةً اخرى.. سقطت دمعتها على خديه.. مسدت عينه وببكاء: مين قال لك اني قوية.. زيد ليت ما طولت المدة ليت أنا الي مت ولا انت..
ملاك دخلت بهدوء لتصل لها ومسحت دمعةٍ..
بلعت ريقها: ياسمينة..
ياسمين التفت لـ ملاك وبحزن قد ارتسم بعين الوجع..
وبهمس موجوع: ليه يا ملاك الي يصير فيني.. اولهم حسين الي غدرني ورماني بـ ساعات ضيقة حتى ليلة ما كملته معه دمرني يا ملاك.. الكل نهش بلحمي وسمعتي وطليقك ما قصر وشم علي بـ زانية طول عمري
لتضحك ودموع تتساقط بوجع يعانق..
تقدمت لها وتمسك كفوفها لتصرخ: وينه زيد؟ قولي وينـــــــــــــه؟!
عضت على شفتيها لتدميها وعصرت كفوفها بـ وجه مرهق: لا تقولين انه ميت هو حي.. تسمعيني حي.. شوفي هذا هو يبتسم لي..
لتبعد يديها وتشير على زاوية الغرفة بين المنضدة والاناء الممتلئ بالزهور الذابلة والأباجورة الطويلة التي تقف بجوارها..
وثغرها المبُتسم: شفتي هذا هو واقف..
تشد خطواتها ليضرب رأسها بالأباجورة.. اغمضت عينها بألم..
ملاك وضعت كفها الأيمن فوق رأسها: تعوذي من الشيطان ياسمين..
ياسمين وبقعة كبيرة اثر الشاش وبوجع: اقرأ علي..
ملاك وهي تسمي بالله.. من ثم تتلو
(وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ) ]سورة البقرة – 102[
وبكاء ياسمين يتواصل مع قراءة ملاك لسورة الناس..
.
.
.
بعد الانتهاء من العزاء لليوم الأول..
جر نفسه نحو سيارته ويركب من ثم انطلق بسرعة كبيرة متجه لشمال الرياض للمزرعة.. وقف سيارته حتى تركها مفتوحة نزل امسك بالعامود من الخشب..
دخل للقبو اشعل الانوار حتى يفتح عينيه بضيق لمح رحيمه سابق ابتسم وضحك بشدة..
وبنيران اشتعلت بمجرد النظر يرى انكسار اخته ملاك عبث بـ اخواته وهو الذي كتم على صدره حتى ينفجر امسك بالخشبة وضرب ساقيه مرة وبعد مرة صراخ طارق يتعالى..
شدُه من شعره: مات مقهور وسبب انت يا الخسيس..
بصق وكتم ألمه ليضحك: كل هذا ما تدري يا بدر..
نظرة ثقة التي تشع من عينيه..
مسح بصاقه: وش الي تقصده يا الحيوان؟!
ابتسم بـ استفزاز: ابوك هو سبب.. ظنك كل الي سويته بـ اخواتك.. الا صحيح وشلون ياسمينة تدري يا انها ........................
ليضربه بالعمود الذي بيده حتى دماء اعلنت انفجاره
طارق يغمض عيناه وبشدة: آآآآآآآآآآآآآه
بدر: يا الكلب ولد عمي مات بسببك والله ما ارحمك والله لا تشوف عذابك بعيونك..
طارق بالتشفي وابتسم بتعب: المهم انتقمت منكم كلكم.. ابوك اسأله قله سعيد بن مساعد وش يكنه له؟ وهو بـ قول لك كل شيء هذا إذا قدر اصلا يعترف ولد الحرام...
ركله على بطنه: اسكت ولا اسمع منك ولا حرف.. وابوي ما يغلط بأي احد تسمعني يا التافه..
ضحك بألم: سعيد بن مساعد كان صاحب ابوك الروح بالروح لكن ابوك غدر فيه طعنه من ورا ظهره وهذا هو مشلول لاحول ولا قوة.. غير هذا اتهم ابوي بـ اختلاس شركته لِـهَـمْ حلال ابوي وتبيني اسكت.. الا دفعتكم الثمن غالي.. اولها بـ أختك ملاك ساذجة تدري عقلها عقل بزر وياسمين ابد ما كانت بـ مخططاتي كنت متوقعها ملاك لكن هي جات عندي ولا قدرت ارفضها.. اممممم مين بعد بالنسبة لولد عمك عساكم من ذا الحال واردى... وبالنسبة لـ عيالي انا اتبرأ منهم.. أساساً وش الي يضمني انهم مهوب عيالي..
اتسعت عينيه بصدمة اقترب منه لـ يقيد عنقه وبجنون: موت يا الكلب.. والله موتك على يديني
اختنق وجه المزرق حتى سمع حشرجة وَ رائحة الموت تقترب بشدة..
نظر وهو يرى عينيه المُتسعة ما زال محدقاً دفع وجه حتى سقط على جنبه
لـ يرجع خطوات خائفة نظر لـ يده بصدمة
بدر: انا قتلته بـ يديني.. هو يستاهل اصلاً..
افكار كثيرة تدور برأسه.. خرج ونظر على المزرعة.. سعود نائم.. تقدم بخطوات سريعة فتح الحبائل المقيدة لجسده وحمله على ظهره وهو يمشي بخطوات ثقيلة وصل للسيارة ليضعه بداخل (دبة الشنطة)
فتح باب سيارته ليركب ويحرك بهدوء كبير حتى خرج من المزرعة.. متجه للـبر من ثم غير اتجاهه واتصل على صديقه عل ينجيه من مصيبته...
وبصوت مليء بالتوتر والخوف: عز الحقني يا اخوك..
عبد العزيز وقف مقابلاً باب مكتبه: بدر! عسى ما شر
بدر ودمع يغسل ذنبه: قتلته.. والله مات..
والخوف سيطر على احساسه..
وبرد قاسي: وشو! وش تهذري فيه انت..
بدر: اقول لك قتلته.. الحق علي أنا بتعرف بكل شيء.. كنت ابي اخوفه ما دريت انه مات..
عبد العزيز مسد على شعره: لاحول ولا قوة إلا بالله.. طيب اهدأ.. أنت وينك فيه؟!
بدر وهو يتأمل طريقه بغشاوة أثر دموع: جاي بطريق بجي لك..
زفر عبد العزيز: الله يهديك.. انا انتظرك ولا تفتح بكلمة تعال عندي مباشرة سمعتني..
بدر: إن شاء الله..
اغلق الهاتف.. وبدر يلتفت لـ الجسد المسجى رائحة دماءه تثير له الغيثان..
وصل لـ مركز الشرطة.. اتصل على عبد العزيز حتى خرج وصعد معه سيارة
تأمل صاحبه: وش الي صار؟ خذ طريقك على اقرب مستشفى، ولنا كلام ثاني معك..
بدر وقلبه يهوي لـ وادي سحيق اردف بتعب: ما يمديني اسوق..
نزل عبد العزيز وتبادل امكنتهم حتى انطلق نحو المستشفى..
.
.
.
يسير بجنابه والسلاح يعانق جيبه، وضع ذراعه خلف كتفه: بدر اجلس واقول لي وش صار معك من البداية
بدر وهالات سوداء حول عينيه جلس بـ ارهاق ونظر لـ عيني صاحبه..
عبد العزيز يتواصل للحقائق مجهولة،
ابتسم: تدري كفيت ووفيت.. الي اسمه طارق مجرم من الطراز الأول.. وعشان اعترافك بـ خفف لك العقوبة..
بدر بنظرات غير مفهومة: يعني كم؟
عبد العزيز: لا تخاف.. بدر وين ايمانك بالله وراك صاير ضعيف..
بدر بضعُف: بعد الي سمعته كله وتبيني امثل القوة.. اخ يا عز والله اني تعبان
عبد العزيز: يا اخوك بث همك للي خلقك، ولا تشكي لي.. وبالنسبة لأختك انا شاري نسبك يا ابو عبد العزيز..
اتسعت عينيه وبصدمة: انت انجنيت.. اختي ما هي حمل لـ هالتجربة مرة ثانية.. ما اقوى اشوف انكسارها من جديد يا عبد العزيز افهمني..
عبد العزيز القى نظرة عليه لـ يرتفع حاجبه الايسر وبصوت صارم: ما انت واثق فيني والا عشاني مطلق حرمة جابت لي المرض بـ شكوكها.. انت شوف رأيها.. بس اسمعني مهوب الحين.. لين ما تهدأ النفوس ثم اتقدم لكم الرسمي..
همس بجدية: عبد العزيز ما ابيك تأخذك النخوة وانا اخوك.. اختي واعرفها
عبد العزيز بصوت جدي: يا ابن الحلال وراك قلقان.. بتوافق إن شاء الله.. هذا هو دكتور خرج..
.
.
.
في جهة أخرى
بالمستشفى – العناية المركزة
دخل بهدوء وضع باقة الزهور فوق الكمدينو..
اقترب منها وقبل جبينها: وهم..
ابعدت الاوكسجين عن فمها لتنظر له بألم: جمال بطني يوجعني ماني قادرة اتحرك..
جمال بحـنو: الله يهديك توك ما لك يومين ولدتي..
وهم غمضت عينيها بتعب: جمال اقول لك بطني ما احس فيها.. انت فاهم علي
جمال وهو يقبل يدينها: كلها فترة وبتعدي.. تدرين ولد عمي زيد توفى..
نظرت بجمود وتبلع ريقها بصعوبة: انت صادق.. زيد ولد عمي علي..
جمال هز رأسه بألم: تدرين اني ما اذكر شيء بس اليوم بالصباح رحت للمقبرة يصلون عليه صلاة الظهر بيوم الجمعة.. والله جاء له الناس كثيرة حتى جنازته خفيفة ما شاء الله..
لتبكي وهم ونبضاتها لا تستقر ورجفة تهز اطرافها: يارب رحمتك.. وياسمين شفت اختك..
جمال: ما اعرف شكلها.. اصلا ابي اروح للبيت بس ماجد قال لي ان البيت به حريم كثيرة..
وهم بوجع تشعر أهدابها ترتجف ودموع تختنق بمحاجرها: جمال الله يخليك ابي اروح لهم.. مابي اجلس هنا..
جمال: طيب اهدئي حبيبتي.. بروح اشوف دكتور وبرجع لك..
وهم: طيب لا تتأخر..
اردف: إن شاء الله..
وقف انحنى وقبل جبينها: لا تقلقين..
لـ يسير بين الممرات.. حتى وصل لـ مكتب الدكتور.. طرق الباب ولج
الدكتور أشار على الكرسي: تفضل..
تقدم بخطوات وصافحه ثم هم بالجلوس..
من ثم أردف بعد زفرة: دكتور وشلون صحة زوجتي؟
الدكتور: والله مدري وش اقولك لكن للأسف زوجتك ما تقدر تمشي بعد كذا
صوت غاضب لـ يقف ويضرب بطاولة: وش تقول وش الي ما تمشي..
الدكتور: اهدأ لو سمحت.. وبعدين هذا مهوب خطأي.. زوجتك بطنها مو راضي يلتئم ليت تشتكي على المستشفى حتى ما احد يتعرض للخطأ مرة ثانية..
همس من بين اسنانه: يعني افهم من كلامك ما تقدر تمشي.. والعسل الي قلت عليه وش فايدته..
الدكتور: أكيد العسل ليه فايدة كبيرة.. اولهم بـ يلتئم بطنها وتقدر على اقل تتحرك.. يعني من بعد الله ثم هالعسل وربك قادر على كل شيء..
خرج واغلق الباب من خلفه.. لـ يسير نحو مكتب ماجد فتح الباب
ليجده على اوراقه..
ماجد: حي الله جمال.. استريح..
جمال: دق على أخوي بدر.. انا ما معي جوال.. واسمع اليوم تخرجني..
ماجد: ابشر بـ تخرج صحتك حمد لله زينة.. وهذا هو جوالي..
سحب الجوال لـ يبحث عن رقم بدر
.
.
.
بمركز الشرطة
ما زالت روحه مفجوعة وشاخص عينيه، وعبد العزيز يفتح ازرته العلوية من ثم يقتلع قبعته العسكرية التي كانت على رأسه..
عبد العزيز: بدر..
بدر وبألم: بـ يسجنوني هنا.. هذا هو مات على يديني..
عبد العزيز: بدر.. اذكر ربك انا بكون معك لا تخاف يا رجال أهد لا يجيك شيء
بدر وبوجع وهو يشير لـ يديه الملطخة بـ دماء طارق: وش بقول لأبوي اني قتلته بـ يديني.. ما ظنتي بتحمل جنوني..
رنين هاتفه نظر لـ عبد العزيز وأشار رأسه قبولاً..
انتشل هاتفه من جيبه ونظر "ماجد يتصل بك"
بدر يبلع ريقه: هلا ماجد..
جمال أردف: بدر وينك فيه؟
بدر مسد شعره وبخوف: جمال.. انت بخير..
جمال: ماني بخير انت وينك؟ لا يكون رحت جبت العسل..
بدر بضيق: جمال انا بمركز الشرطة..
لـ يهب واقفاً: وش الي موديك مركز الشرطة؟!
بدر: اسمعني لا تقل لأبوي.. تعال بدون ما احد يدري عنك..
جمال بغضب: ليه ما تبي ابوي يدري؟! وش مسوي وش مهبب يا بدر.. قل لي الحين تعلمني..
بدر بحزن: ما اقدر يا أخوك لا تضغط علي.. تعال اسمعني ماجد عندك..
جمال التفت وبهدوء وهو ينظر لماجد: ايه هذا هو قدامي وش تبي فيه..
بدر: عطيني اياه..
مد الهاتف لـ يمسكه ماجد..
بدر: ماجد..
نظر لـ صاحبه ثم اردف: هلا بدر..
بدر: اسمعني انا قتلته..
ماجد تغير وجهه مولياً ظهره: وشو قتلته منهو يكون؟ بدر انت بعقلك..
بدر ودمع تتساقط على خديه: قتلت طارق.. زيد مات مقهور انا كان ودي اخوفه ما دريت انه مات..
ماجد يسير ذهاباً وايابا وبصوت غاضب: انهبلت القانون فيه وش لك تقتله وينك الحين..
بدر نظر لـ عيني عبد العزيز: بمركز الشرطة.. المهم لا يوصل الخبر لأبوي
جمال بغضب: قتل منهو الاهبل.. علمني منهو قتله..
ماجد: اقفل استغفر الله العظيم...
اغلق بوجهه.. لـ يلتفت لجمال وامسكه من كتفيه: جمال الانفعال مو زين لصحتك..
جمال: ابي اعرف وذا الحين..
ماجد: قتل طارق.. طليق اختك ملاك..
اتسعت عينيه بصدمة: بدر قتل طارق..
وبضياع وصدره يشتعل حرقة من كلام لا يريد ان يقوله: طارق طليق اختي بس انا ما اتذكره..
ماجد: مهوب شرط.. الي ابيك تجلس مع زوجتك وأنا بشوف موضوع أخوك..
جمال: لاااا.. أنا رايح له وبتفاهم معه.. انت خلك بشغلك ازين لك ولي وللجميع بعد..
ماجد: طيب تدل طريق المركز..
جمال: الي ما يسأل ما يتوه.. والي فيك يكفيك يا ماجد..
.
.
.
قبلها بـ ساعتين.. ساعة 11:26 مساء
بالقصر – بالصالة
صوت القرآن يضج بكل مكان...
أم علي: يا ام جمال وينها وهيم عسى ولداتها ما تعسرت..
أم جمال بحزن: يا حسرتي عليها.. حسبي الله ونعم الوكيل ذبحوها يا خالتي
أم علي بوجع: وش ذا الحتسي.. لا والله راحت نظر العين.. يالله صبرتس وسلوانتس.. و هالبدير اهبل مأخذ بنت عمه لـ مكان الله يعلم وش يسون به.. ازهمي عبد المحسن..
أم جمال: إن شاء الله.. بس الوقت متأخر يا خالتي.. البارحة يا دوب خلونا انا وملاك عند ياسمين..
أم علي: لا حول ولا قوة إلا بالله.. روعتين على وهيم جعلها العافية.. المهم ياسمين عساها بخير..
أم جمال بعد زفرة: على حطة يدك يا خالتي.. ما غير تتأمل صورها معه وتبكبك..
أم علي مسحت دمعتيها من طرف طرحتها: لاحول ولا قوة إلا بالله.. وش هالمصايب الي تتحذفن فوق روسنا.. وانا خالتس اغديتس شوربة بـ تدفي بطونهن..
أم جمال: سويته ووديته لـ ياسمين حتى لـ حصة وديتها لها..
أم علي: الله يمسح صدورهم.. رايتس بيضا يا فاطمة..
أم جمال: هذا الواجب يا خالتي.. اخليك الحين ترتاحين..
أم علي تستلقي على فراشها التراثي.. وتنام بتعب..
.
.
.
بـ جناح ملاك..
لولوة تجلس بجوارها
وتهمس بهدوء: ماما فيه ناس هنا وكله عبايات وش يسوون..
ملاك تمسد على شعر طفلتها: تعرفين زيد..
ابتسمت بشقاوة: زيد رجل خالتي ياسمين
ملاك بحزن: ايه مات.. وهذا عزا الحريم..
لتمحي ابتسامتها وتزم شفتيها احتقن وجها بالحُمرة لـ تنفجر بالبكاء..
ملاك شدتها لأحضانها وتنساب دمعتها على خدها: اشششش لولو عمري ليه تبكين..
من بين شهقات: ماما ليه هو كان يحب خالتي ياسمين كثير حتى انا صـــرت احبه..
ملاك تشعر بأن روحها تخرج من مكانها: يا عميري ماما لولو الموت لا جاء لأحد المفروض نصبر تدرين ليه..
ابتعدت لولو وهي تفرك في عينيها المحُمرة وبعد شهقة: ليه..
ابتسمت بحب: عشان ربي بـ يعطينا هدية كبيرة اجر كبير لآزم نصبر عشان ندخل الجنة..
لولو بعفوية: يعني ما ابكي واصبر..
شدتها لحضنها من جديد: ايه يا نظر عيني.. لا نبكي عشان ما نعذبه هو يبي ندعي له ونتصدق عليه... اسمعي بكره بـ اعطيك صحن التمر توزعينه على الحريم عشان تأخذين الأجر
لـ تقفز والفرح يشع من عينيها: طيب ماما..
.
.
.
غرفة سارة..
جلست على طرف سرير..
أم زيد: سارة يمه اكلي لتس شيء.. انتي من صباح على اللحم بطنتس ما يصير تسذا يا يمه.. وش بلاتس وراه ما أخذتي الشوربة..
سارة نظرت لـ عيني والداتها: يمه عقب وفاته ما اشتهي أي شيء.. تكفين يمه للحين قلبي محترق عليه..
أم زيد: لا تعبيني زودن على تعبي.. زين مالي خاطر عندتس..
ارتمت بـ احضانها وتجهش بالبكاء: يمه ماني مصدقة انه مات.. ليه الي يصير فينا تسذا..
أم زيد زرع صبر بـ قلبها: بعد يا يمه.. هذا أمر الله ادعي له عسى الله يغفر له ويرحمه.. والله اني راضيتين عليه جعله بـارد الجنة..
سارة: يمه لا تخليني بروحي بـ تذبحني الهواجس...
أم زيد وهي تمسد شعرها: معتس يا بعد عيني.. ذكري الله يا سارة..
سارة بضُعف لفظت: لا إله إلا الله...
.
.
.