في المساء كان موعدها مع القائد .. ولم تكن تشعر بالراحة لهذا , كان قائدها هو تشوي هيون سيونج , رجل هادئ الطباع لدرجة مخيفة , يتحدث بعيناه الثاقبتان وعندما ينطق لا تعرف ايهما اكثر رهبة صوته العميق وكلماته القصيرة ام نظراته الحادة .. بأي حال لم تكن تحب التعامل معه مباشرة كثيراً هي وجميع رفقائها وهو يعلم بذلك
هنري : هل ستذهبين الان ؟
كانت تقف في الرواق مستعدة للذهاب فإذا به يقفز فجأة كعادته
جون : اليس لديك تدريب الان ؟
هنري بحماس : افضل اشباع فضولي على التدريب
جون : انت ...
هنري : شيون قال بإنني انتهت من التدريب ويمكنني الذهاب للنوم
جون : اذاً اذهب للنوم
هنري : يمكنك توبيخي لساعات لكنني سآتي معك .. هيا قبل ان تتأخري
دفع بظهرها للأمام فلم تجد مفراً من السير وهي تزفر بإنزعاج حتى وصلت للمكتب فدقت الباب ثم دخلت بينما هنري يطل برأسه خلفها .. كان تشوي يجلس على مكتبه مطالعاً بعض الاوراق والخرائط في ضوء خافت ثم رفع عيناه اليها
تشوى : جون .. اقتربي
لم يبدُ غاضباً او مستاءاً وهذا امر جيد فأقتربت وجلست على المقعد المقابل للمكتب بينما هنري مازال يطل برأسه حتى نظر توب اليه بصمت لثوان
توب : هنري .. هل يمكنك اغلاق الباب
بفزع اخرج هنري رأسه واغلق الباب وعلى الارجح فر هارباً من تلك النظرة المخيفة فألتفت الى جون التي تحاول اخفاء توترها
تشوي : كيف حالك ؟
جون : بخير لم اصب بأذى بضع كدمات وحسب
تشوي : جيد .. مالذي تنوين فعله ؟
جون : اه كنت انوي البحث عنه , لا يمكننا ترك الفا طليق
ابتسم بهدوء وهو يهز رأسه نافياً
تشوي : لن تفعلي جون , الامر خطر
جون : لكن ...
تشوي : لا تقلقي لن يظل طليقاً لوقت طويل فقد عملت على نشر خبر وجوده على الارجح سيعثر عليه مصاصوا الدماء قبلنا ويقتلوه , هم لا يريدون الفا في منطقتهم بالتأكيد
جون : تعني اننا سنتعاون معهم ؟
تشوي : بالطبع لا .. نحن لن نتدخل بالامر بأي شكل , الخبر قد انتشر بالفعل وسيعثروا عليه في اي لحظة , ليس من شأننا
لكنها بالتأكيد لم ترد هذا .. انه ثأر شخصي
جون : سيدي , انا من هاجمها ذلك الالفا لذلك انا من عليها الاهتمام بالامر سأبحث عنه و ...
تشوي : لدي مهمة اخرى لكِ
نهض واتجه لأحد الرفوف ليحمل صندوق اوراق ضخم من فوقه ويضعه امامها على المكتب
تشوي : هذه تحريات بشأن وكر مصاصي دماء , لكننا لم نستطع تحديد المكان او اي شيء لذلك اريدك ان تعملي على هذا , اريدك ان تقلصي دائرة البحث قدر المستطاع
نظرت للصندوق بخيبة
جون : اتحاول ابعادي عن العمل الميداني ؟
تشوي : نعم .. انت بخطر , لا تعلمين متى قد يهاجمك مرة اخرى كما انك متهورة ويمكنك التسبب بالمشاكل
جون : انا اسفة لكنني لن اقبل بهذا
تشوي : وانا لم اكن اعرض .. انه امر
نبرته التهديدية واضحة , تبادلا النظرات لثوان لتخسر هي اولاً وتبعد عيناها
جون : امرك سيدي
تشوي : احسنت
انحنت لتحمل الصندوق فإذا به يتحدث مرة اخرى
تشوي : وصلتني تقارير عن سول مرة اخرى .. لم تكن مبشرة
اغمضت جون عيناها بألم .. لم عليه ذكر الامر الان
جون : متأكدة بأننا سنتستطيع السيطرة عليها
تشوي : مرت 5 اشهر الان الا ترين ان الامر اخذ وقتاً اكثر مما ينبغي .. هي لن تتجاوب مع احد
جون : سيد تشوي ارجوك .. ثق بنا سنستطيع اعادتها لعقلها
تشوي : تقصدين ترويضها
تكره هذه الكلمة .. ايظن سول حيواناً ما ليروض , الا يمكنه تذكر من هي وكيف كانت
حملت الصندوق دون كلمة وخرجت فلم يتحدث هو الاخر .. كانت غاضبة مما قاله , غاضبة مما تحمله وغاضبة من كل شيء .. لكن الاسوأ انها كانت خائفة من ذات الاشياء
بالطبع كان هنري بالخراج يلصق اذنه بالباب ما ان فتحته حتى تراجع ونظر اليها ضاحكاً ببلاهة فألقت الصندوق بين ذراعيه
هنري : يا الهي ما هذا ؟!
جون : لا تتظاهر بأنك لم تسمع
هنري : اه .. نونا هل يعني هذا انك ستقومين بأعمال مكتبية من الان
جون : بالطبع لا .. لن اسمح بهذا , اين شيون احتاجه ليوصلني بهذا الصندوق اللعين
رد بحزن : واين سيكون
تنهدت هي الاخرى بهم
جون : اذهب وضع الصندوق عند سيارته
هنري : نونا .. كيف كانت سول ؟
وقفت دون ان تلتفت اليه كأنها تبحث عن كلمات مناسبة , كأنها ترى ذكريات تمر امام عيناها
جون : كانت .. انقى ما بعالمنا هذا
هنري : احقاً يمكن ...
لم يعلم كيف يضعها بكلمات اخرى سوى كلمة تشوي فصمت لكنها فهمت
جون : ستعود
كان هذا اخر ما قالته قبل ان تتركه وتتجه الى الحجز , ممراً طويلاً بباب من الصلب لا يمكن اختراقه بقوى اياً من الكائنات لا يفتح سوى بطاقة دروعهم او الوشم في حالتها .. وقفت امامه موجهة طاقتها نحو الباب ليدفع قليلاً فتفتحه ثم دخلت .. تكره ذلك الممر بشدة , في بداية عملها كانت تسير فيه متخيلة انها تسير في حبس للكلاب الضالة بل وكانت تشم هذه الرائحة لإقتناعها بالامر بينما زنزانات معدة بتعاويذ لا يمكن اختراقها في الجانب الايمن وحائط بطلاء باهت في الايسر .. ابواب الزنازين الصلبة ذاتها كانت مخيفة .. لا تحتوى سوى على فتحة رفيعة لإدخال الطعام بينما الباقي مغلق حتى تتسائل كيف يتنفس من بداخله .. لكن هذه ليست مشكلة فمن بالداخل لا يتنفسون , هذا هو ابشع جزء بعملهم , هنا يأسرون مصاصوا الدماء اما لإستجوابهم او استخدامهم كجواسيس وبالطبع يتطلب الامر ترويضهم اولاً , الامر مقزز كيف ان عليها العمل معهم في الكثير من الاحيان .. لكن الان تفكيرها اختلف .. الان وهي تتجه لزنزانة بعينها يجلس شيون مسنداً ظهره لبابها ضاماً ركبتيه لصدره وهو يسمع الضربات العنيفة من الداخل .. تشعر بالالم .. وتكره نفسها
وقفت امامه فلم يتكبد عناء فتح عيناه , يعرف انها هي .. لن يأتي احد الى هنا سواها .. نظرت الى اكياس الدم بجانبه بحزن
جون : مازالت ترفض دماء الحيوانات ؟
لم يرد فركعت امامه مربتة على كفه علها تهون عليه ذرة من المه
شيون : ستعود صحيح ؟
لم تدري بم ترد .. اتخبره بأنها ترى انه يعذبها هكذا .. اتخبره بأنها حتى وان عادت لن تكون سول .. لن تكون شقيقته الصغرى وصديقتها الوحيدة , نعم هي قاسية لكنها تعلم .. علاج سول الوحيد .. هو راحتها الابدية , لكنها لا تستطيع قول هذا .. كيف تخبره بإن يغرز خنجراً في صدر شقيقته .. والاسوأ انها تعلم ان لم يفعل هو فسيقرر المجلس انهاء الامر عاجلاً ام آجلاً .. تعلم انها حتى ان استطاعت السيطرة على نفسها لن يسمحوا لها بالعيش بينهم , سيقتلوها بعد ان يستخدموها .. لكن كيف تخبره بهذا .. كيف تخبره بما يعرفه بالفعل .. لم تستطع رداً وهي تربت على كفه بهدوء بينما سكتت الطرقات من داخل الزنزانة .. نهض ليرفعها معه بهدوء
شيون : هيا سأعيدك للمنزل
اومأت برأسها موافقة فوضع يده على باب الزنزانة كأنه يشعر بشقيقته مرة اخيرة قبل ان يذهب ثم سار مع جون للخارج وحتى سيارته حيث ترك هنري الصندوق وذهب
شيون : ماهذا ؟
جون : هذا هو عقابي
شيون بسخرية : لا اصدق اعمال مكتبية .. هذا قاسِ
ساعدته بوضعه في السيارة ثم ركبا معاً
جون : ليس بالامر الصعب شيء عن تقليص دائرة البحث عن وكر ما
شيون : حسناً هذا افضل بأي حال عليك تجنب العمل هذه الفترة حتى تستقر الامور
جون : انت ايضاً تقول هذا
شيون : لا تكوني عنيدة وحافظي على حياتك
جون : بأي حال بدأت البحث عنه بملفات الارشيف .. لابد ان له ملف ما هنا
شيون : جون لا تفعلي هذا
جون : لكنني الان لن استطيع فعل هذا بحرية لذلك اريدك انت ان تجمع لي ملفات الالفا من الارشيف
شيون : مستحيل لا تفكري بالامر حتى
جون : اسمع شيون بمساعدتك او لا سأعرفه لذلك من الافضل ان تكون مطلع على الامر اليس كذلك ؟ اعني ليس وكأنني انوي مطاردته .. فقط اريد ان اعرف من هو ولم تركني
شيون : لن اسمح لك بـ ...
التفتت اليه بإبتسامة " هل تعتقد ان بإستطاعتك منعي عما اريد " .. وكان يعلم انه لا يستطيع
شيون : لن . اسمح . بهذا
رفعت كتفيها بلا اهتمام : كما تشاء
مر الطريق بصمت حتى وصلا الى منزلها فحملت الصندوق ونزلت من السيارة
شيون : جون اسمعي ...
جون : الى اللقاء شيون انا سأهتم بأموري
اعطته ظهرها وصعدت لبنايتها لتتركه على وشك ضرب رأسه بالمقود .. جون ليست مخادعة .. الا مع شيون
ما ان دخلت منزلها حتى تأكدت ان وشمها لا يلتقط امراً مريباً فشعرت بالراحة وقلبت الصندوق لتتبعثر محتوياته على الارض في فوضوية تامة .. هذه هي طريقتها بالعمل .. ثم علقت خريطة المنطقة على الحائط ومعها الدبابيس الحمراء لتبدأ العمل
___________________
مر يومان وهي غارقة بين اوراقها وقد بدأت بتقليص المنطقة بالفعل لكن الامر لم يكن سهلاً كما تصورت
جون : تباً الاعمال المكتبية اصعب من الصيد
نظرت الى الخريطة التي امتلأت بدبابيس حمراء عشوائية وتنهدت بإرهاق وملل فإذا بطرق مألوف على بابها .. شيون , ابتسمت وفتحت الباب
جون بإبتسامة خبيثة : تأخرت
شيون : لا تجعليني اندم على مافعلته اكثر من ندمي الحالي
دخل لتتسع عيناه بفزع من كمية الفوضى امامه
شيون : اتمزحين ؟ تودين اقناعي بأنك ستعثرين على شيء هكذا
جون : لا تتدخل بطريقتي بالعمل .. هل عثرت على الملفات ؟
ازاح بعض الاوراق ليجلس على الاريكة بإرهاق ويضع ثلاث ملفات امامها
شيون : لم يكن الامر سهلاً , اخر ظهور لألفا هنا كان منذ اكثر من خمسين عاماً فكان علي البحث قبل هذا , هؤلاء هم من استطعت العثور عليهم
جون : ثلاثة فقط ؟!
شيون : انه عدد كبير بالنسبة لألفا
جلست على الارض بين الفوضى وبدأت بفتح الملفات لتبحث عنه , مازالت تذكر ملامحه جيداً , لا يمكن ان تخطؤها ابداً , اغلقت الملف الاول من بدايته ووضعته جانباً فقط كانت الالفا امرأة , بالملف الثاني كان وصف لملامحه .. شعر بني وملامح اجنبية .. ليس هو , لم يبق سوى ملف واحد .. نظرت الى شيون فرفع كتفيه بمعنى " انه حظك " فتنهدت وفتحت الملف .. ثم صرخت
جون : انه هو
قفز شيون عن الاريكة ليجلس امامها ناظراً للصورة المهترئة المرسومة يدوياً لشخص ما بدت ملامحه باردة بحق
شيون : انت متأكدة
جون : ليست مرسومة بشكل صحيح تماماً لكن لا يمكن ان اخطئ بعيناه ابداً , بالتأكيد هو
قرأ شيون المكتوب بصوت عال : ليو
جون ساخرة : مصاص دماء بهذا الاسم , لابد انك تمزح
شيون : وكأنه خرج من فيلم ما .. على الارجح اسم مزيف
لم يكن هناك معلومات عنه , فقط عدد افتراضي للضحايا حتى عمره غير معروف لذلك لم تكن باقي الاوراق ذات اهميه لشيون وهو يقرأها بينما هي تحدق بصورته وحسب وهي تصحح بخيالها الاجزاء الخاطئة في رسم ملامحه
شيون : حسناً على الاقل عرفنا من هو , سأنقل الامر للمركز ربما سيساعد هذا
نظر اليها ليجد انها لا تسمعه من الاساس فسحب الورقة من يدها لتلتفت له بدهشة
شيون : هاقد سايرتك واكتشفت اسمه وهي المعلومة الوحيدة عنه هنا , لذلك لننهي الامر عند هذا الحد اتفقنا
نظرت له ثم للصورة دون كلمة
شيون : جون , عديني بألا تتصرفي بتهور
بعد لحظات صمت اومأت برأسها : اعدك
شيون : جيد .. الليلة اول تجربة لهنري في العمل الميداني , ستأتين معنا
جون : بالطبع يجب ان ارى هذا
شيون : حسناً في التاسعة سأمر لـ ...
رن هاتفها فجأة برسالة ليقاطعه فنهضت لتفتحها فإذا به ريووك " انتهيت " كانت الكلمة الوحيدة بها وكانت كافية لتقفز في حذائها بحماس
شيون : الى اين ؟
جون بتوتر : اه .. ريووك .. اضعت خنجري كما تعرف وقد طلبت منه صنع واحداً جديداً وقد انتهى
شيون : حسناً سأوصلك
جون : لا .. لا داعي لهذا , عليك الذهاب لإعداد ذلك الطفل لما سيلقاه الليلة
شيون : حسناً كما تشائين , سأمر لإصطحابك في التاسعة
جون : حستا الى اللقاء , لا تنس اغلاق الباب
خرجت وتركته بشقتها متعجباً وقلقاً
تحت آشعة الشمس الدافئة اتجهت الى ريووك حيث كان يجلس بإنتظارها في المتجر
جون : استطعت فعلها حقاً
ريووك : اضطررت لنزع جميع التعاويذ منه اولاً لأضعها .. لكنني مازلت لا اضمن نجاحها ولا اعرف تأثيرها على الالفا
اقتربت من المنضدة حيث كان الصندوق مفتوحاً وبه خنجرها وقد انمحت التعاويذ من شفرته ومقبضه فصار كخنجراً عادياً , نظرت الى ريووك متسائلة ان كان بإمكانها لمسه فأومأ برأسه فأمسكت به .. كان شعوراً غير مألوفاً كالذي اعتادته عند الامساك به , كان دوماً ما يوخزها بلطف في قبضتها بسبب التعاويذ وكانت تحب ذلك الوخز كأنه يخبرها انه مستعد للقتال .. الان كانت تمسك بسلاح عادي لا روح به
جون : كيف سيدلني على مكانه
ريووك : كما يفعل وشمك بالضبط , ستزداد حرارته كلما اقتربت
جون بإستنكار : اتمزح ؟ تريديني ان اركض في انحاء سيؤل حاملة خنجراً والعب الغميضة مع مصاص دماء
ريووك : وهل توقعت ان يطير بإتجاهه مثلاً , انا ساحر ولست مخترعاً عزيزتي يجب ان تكوني شاكرة
تنهدت بقلة حيلة واخرجت رزمة اموال لتضعها امامه فتناولها بفخر
ريووك : هيا اذهبي وجربيه
جون : لن يلتقط سوى ذلك الالفا صحيح
ريووك : نعم
جون : حسناً
خرجت من المتجر وهو يراقبها تحمل الخنجر بيدها وتدور في الارجاء محاولة الشعور بتغير الحرارة حتى صرخت
جون : هنا , ارتفعت حرارته قليلاً هنا
ريووك هاتفاً : هاقد عثرت على بداية الطريق , ارجوك لا تتجولي كالمجنونة حاملةً سكين بين الناس فأنت حقاً لا تحتاجين للمزيد لتبدي كسفاحة مضطربة
هتفت ضاحكة بحماس : احبك كيم ريووك
ريووك : مجنونة
بدأت بالسير متبعة حرارة الخنجر .. كانت ثابتة لكنها مرتفعة نسبياً لذلك يعني هذا انه بالمنطقة هنا .. لا تدرى الى متى سارت وحرارته لا تتغير حتى اعتقدت انه بالفعل لا يعمل , ربما هذه الحرارة وهم ناتج عن توترها فحسب , بدأت السماء تميل للون البرتقالي محذرة فقررت التوقف عند هذا الحد والعودة , وعدت شيون بالا تتصرف بتهور ولن تفعل , لكنها تجمدت بمكانها فجأة عندما شعرت بحرارة الخنجر تعلو .. لم يكن تغيراً كبيراً لكنه بالتأكيد ملحوظ وبرغم ذلك لم يرتجف وشمها بعد .. ربما ليس قريباً للدرجة , لكنه بمكان ما هنا , ربما ان سارت في تلك الازقة قليلاً بعد ستصل .. لكن اللون البنفسجي القاني بدأ يكسي السماء .. الامر خطر , عليها العودة .. عليها الا تجازف .. ثوان من الصمت وهي تنقل بصرها بين الخنجر واخر شعاع هارب للشمس ثم تذكرت .. سيخبرها وشمها ان اقتربت اكثر من اللازم وعندها يمكنها التراجع .. لا تهور بذلك , هكذا حملت الخنجر بقوة وبدأت بالدوران في الازقة , تنخفض حرارته في مكان ما فتبتعد تتجه لأخر حيث تثبت مرة اخرى .. حتى بدأت بالارتفاع تدريجياً ومع اول نبضة من وشمها بدأ قلبها بالدق بجنون .. انها قريبة .. لابد انه هنا .. قريب منها .. عليها العودة عليها الهرب بسرعة قبل ان يشعر بوجودها .. ماذا ان كان هذا فخ , ماذا ان كان يعرف انها ستتبعه عبر الخنجر وهو ينتظرها الان .. يجب ان تهرب , حسناً كان هذا مايدور برأسها بخوف قبل ان تدرك انها مازالت تسير نحوه , ان حرارة الخنجر ترتفع ووشمها ينبض بقوة اكبر محذراً وربما راجياً ان تهرب .. تفكر بالعودة لكنها فقط .. لا تريد , هناك ذلك الجزء بداخلها الذي يريد مواجهته , يريد مواجهة عادلة بينهما , يريد الانتقام , الحرارة ترتفع ولا تدري ماذا يهز جسده اهي طاقة الوشم ام ضربات قلبها الخائف .. حتى رن هاتفها بجيبها لتقفز بفزع مصدرة صرخة رفيعة اشعرتها بالخجل من نفسها قبل ان تخرج الهاتف وكان شيون
شيون : جون , انا بالطريق اليك الان
حاولت استجماع شتات عقلها لترتب كلمات مقنعة , لا يجب ان يعرف بما تفعله ابداً
جون : مازال الوقت باكراً .. اخبرتني انك ستصل في التاسعة
شيون : قررنا الخروج باكراً وهنري في ذلك الملهى بالفعل
جون : اين انت الان ؟
شيون : حسناً .. عشر دقائق واصل لمنزلك
جون : حـ حسناً سأنتظرك
انهت المكالمة وهي تصرخ " تباً لغبائي " وركضت بأقصى سرعة لتسبقه لمنزلها .. لا يجب ان يعرف ابداً
لحسن الحظ لم يكن منزلها بعيداً وبعد ركض لقرابة العشر دقائق وصلت لتلمح سيارة شيون تدخل الشارع فوقفت امام منزلها تلهث بقوة وحاولة السيطرة على انفاسها لتبدو وكأنها كانت بإنتظاره , مسحت العرق الغزير الذي انساب على وجهها وهي تحاول التنفس ببطء حتى اوقف السيارة امام المنزل فتصنعت الابتسام وركبت معه
شيون : لم تقفين بالخارج ؟ هذا ليس آمناً
جون : رأيت سيارتك فنزلت هيا علينا الاسراع
شيون : انت بخير ؟ تتصببين عرقاً ووجهك يبدو ...
جون : تعطلت المروحة بالشقة وكدت اختنق من الحر .. ااااااااه احب مكيف الهواء بسيارتك , هيا انطلق
لم يفكر كثيراً وانطلق بسيارته حيث ذلك الملهى
وقفا في مكانهما لأكثر من ساعتين ينتظران هنري ليخرج
جون : هل اخبرته ان ينام هناك
شيون : اخبرته بأن يبقى لبعض الوقت ان دخل وخرج بسرعة سيبدو الامر مريباً .. لم اقصد كل هذا الوقت
جون : اتمنى الا يكون ابلهاً لدرجة ان يشرب الكحول بحق
شيون : خرج
التفتت الى البار لتجده يخرج مترنحاً , عليها الاعتراف بأن تمثيله ليس سيئاً في الحقيقة هو يبدو لطيفاً , ان كانت مصاص دماء فلن تشك به .. يبدو كطفل مترنح لا اكثر وكان شيون ينظر اليه بفخر
بدأ الامر .. شعرت بنبض الوشم ينذر بوقوع احدهم في الفخ وكذلك فعل شيون عبر التعويذة حول رقبته .. ارتجف هنري قليلاً عند شعوره بذلك لكنه تماسك وتابع التمثيل تماماً كما فعلت هي من قبل حتى احد الازقة وقد ازدادت النبضات قوة .. الامر بسيط كل ماعليه ان يقف بمكانه منتظراً الهجوم عندها عليه ممارسة ماتعلمه .. حتى اتسعت عيناها بذعر .. ذلك الابله دخل الى الزقاق المظلم اختفى عن بصرها
جون : لا يجب عليه الدخول .. لا يمكننا رؤيته
شيون بتوتر : لا بأس يستطيع التصرف اهدأي
لكنه ايضاً كان بحاجة لمن يهدئه .. مرت دقائق بلا شيء فلم تستطع جون التحمل
جون : هناك شيء مريب , انت ايضاً تشعر به
التفتت الى شيون لتجده يعض على شفته متوتراً
جون : يكفي
ركضت لتعبر الطريق بأقصى سرعة لتصل للزقاق وطاقتها تحتشد مستعدة للهجوم فإذا بالفتى يخرج من الزقاق وحده وهو يقبض على خنجره بيد مرتجفة فأمسك بكتفيه بقوة وقلق
جون : انت بخير ؟ ماذا حدث ؟
هنري : لم .. استطع .. فشلت
امسك شيون بوجهه بقوة ليتفحص عنقه وعيناه
شيون : ماذا حدث بالضبط ؟
هنري : شعرت بالخوف فسحبت سلاحي باكراً .. فر هارباً
شعرت جون بالنبضات تخف فألتفتت لشيون
جون : انه يهرب
اسرع الثلاثة لداخل الزقاق محاولين العثور عليه
جون : لنفترق انتما اذههبا من هذه الجهة هيا
شيون : لن اتركك بمفردك
جون : اترى هذا وقت نقاش لقد رأى وجهه بالفعل سيعرف الجميع انه صائد هيا اسرع
لم تعطه الفرصة ليفكر وركضت في الاتجاه المعاكس باحثة عنه .. مازالت النبضات مستمرة تدل على وجوده بالمكان لتزداد حدة فجأة
جون : عثرت عليك
لكن قبل ان تتقدم خطوة اخرى ادركت امراً اخر .. خنجرها المخبأ بحزام بنطالها .. يحرق جلدها لسخونته .. بفزع انتزعته وتلفتت حولها وقبل ان تدرك ما يحدث شعرت بذراعاه القويتان يطيحان بها مرة اخرى فيطير الخنجر من يدها , لكنها لم تصطدم بعنف هذه المرة .. لقد .. لقد وضع يده تحت رأسها قبل ان تصطدم بالرصيف لم ينقذها من الوقوع لكنه انقذها من ان تشق رأسها , كادت ان تصرخ لكنه وضع يده الاخرى فوق فمها ليكتم صرخاتها بينما يجثم فوقها فتنطلق الطاقة عبرها بعنف لترتد عليها مرة اخرى اكثر قوة لكنها كانت اكثر ذعراً من ان توقفها .. حتى تلاقت عيناهما .. لحظات من الصمت المؤلم ادركت فيها ان لا فائدة فإذا به يهمس بصوت شديد الخفوت والرقة
ليو : اوقفيها .. قبل ان تتأذي
كان صوته وكأنه ينساب مع الهواء لكنها ادركت ان لا خيار امامها لتأمر الوشم بالتوقف .. ظل لحظات يحدق بها حتى توقف الالم الذي لم تكن تشعر به لهول ما يحدث .. يحاول عقلها استيعاب الامر لأيجاد مهرب .. لكنه لا يجد على الاطلاق .. انه يجثم فوق جسدها الممدد فلا فائدة من الحركة , احدى يديه اسفل رأسها بينما الاخر تغطي فمها .. وكلاهما دافئتان وهو امر مخيف لأنها تدرك معناه .. لن تكون فريسته الاولى لهذه الليلة .. ذراعاها حرتان لكنها تعلم انها غير قادرة على استخدامهما دون التسبب بغضبه .. لذلك كان عليها ان تهدأ .. حتى وان انبعثت رائحة الخوف عبر كل خلية من جسدها وتعلم انه يستمتع بهذا حتى وان لم يظهر وجهه الخالي من التعابير ذلك .. عليها ان تهدأ , رفعت يداً مرتجفة لتحاول ابعاد يده عن فمها بهدوء فأستجاب لكنها لم تعرف ما الفائدة من ذلك , هي لن تصرخ بأي حال .. لم ترد سوى شيء واحد , ان تستطيع الهروب من عيناه , ان يتوقف عن التحديق بها بتلك النظرة التي تحمل الكثير لكنها عاجزة عن فهمه .. تعرف نظرة مصاص الدماء عندما ينظر لفريسته .. ليست هذه النظرة بالتأكيد .. هذه اكثر عمقاً .. اكثر احتشاداً بالكلمات .. واكثر هدوءاً .. مخيفة .. لم تدرك كيف تحركت شفتاها ليخرج صوتها بهدوء لم تعرفه هامسة " ليو "
رمش عيناه بتعبير باهت من الدهشة .. ربما لم يتخيل انها كانت لتعرف اسمه
ليو : كنت اكثر عنفاً من قبل
كانت ترى الكلمات تنساب عبر شفتيه .. صوته وحسب يجعلها تراه قبل ان تسمعه
جون : ااعلم انني لن اقدر على محاربتك بهذا الوضع
برغم الخوف بقلبها الا ان عيناها حلتا نظرات سخط .. لم يكن هذا ما خططت له , كان يجب ان تعثر عليه اولاً .. كان يجب ان تعثر على مخباءه بالنهار وتقتله .. لكنها وقعت بفخه اولاً .. ببطء اسند كفه للرصيف بينما رفع رأسها قليلاً بالاخرى لينحني الى عنقها وبدا كأنه يستنشق عطرها فحسب
جون : توقف عن العبث بي
لكنه لم يتوقف .. كان يستنشق رائحتها فحسب حتى شعرت بشفتاه رطبتان تلامسان عنقها عندها اصابها الذعر لتحاول دفعه عنها صارخة
جون : ابتعد عني
همس لتشعر بإنفاسه باردة على عنقها
ليو : رائحتك لطيفة
ابتسمت بسخرية رغماً عنها
جون : تعني شهية ايها الوغد
رفع رأسه لتعود عيناه لعيناها فإنمحت ابتسامتها .. كان قريب بشدة حتى تكاد انوفهما تتلامس
ليو : كنت تتبعيني
لم تقدر علي اخراج رداً امام هاتان العينان محاولة استيعاب ذلك الخاطر السخيف الذي مر برأسها فجأة .. عيناه جميلتان بحق .. اهو يحاول سحرها الان بالفعل .. ام انها تغرق بهما من تلقاء نفسها
تابع الهمس بكلمات صار تأثيرها كالسحر وهي تسمعها
ليو : ان اردتني .. يمكنك مناداتي فحسب
كيف تعلم سبب دفء جسده .. وبرغم ذلك ...
رفع جسده ببطء ثم التفت لينتفض قلبها بعنف كأنه بإبعاد عيناه اعادها للواقع
جون بإستسلام : انهض عني
نزع يده من تحت رأسها ليتركها تسكن على الرصيف برفق ثم مد يده ليصل لشيء ما بجانبها عجزت عن رؤيته حتى رفعه امامها .. انه الخنجر الذي وصلت حرارته لدرجة الاحمرار عند امساكه به ليمر خاطر سخيف اخر برأسها " عليها اخبار ريووك بأنه نجح "
جون : كنت تعرف ؟
ليو : لست وحدك من يمتلك تعاويذاً
شعرت بالغضب , كان يعرف منذ البداية , منذ ان اقتربت منه من ساعات .. كان يعرف ويتبعها
جون : ما الذي تريده الان ؟ فلتفعل ما تريده وحسب
امال رأسه لليمين قليلاً مردداً : ما .. اريده
شعرت بالندم لقولها هذه الكلمات لكنها لم تعد قادرة على تحمل تلك الثوان التي تمر كسنوات وهي تغرق بعيناه .. هي لا تدري حتى بأنها لا تتنفس
شعرت بجسده يبتعد بهدوء لكن عيناه مازالتا مثبتتان على ملامحها .. ليس عيناها وحسب بل يتأمل ملامحها .. شعرت بنظراته تلامس خصلات شعرها .. جفونها المرهقة .. انفها العاجز عن التنفس .. شفتاها المرتجفتان .. ثم عنقها البارزة شراينه خوفاً
" جون "
تسلل صوت الهتاف لإذنها ليعيدها للواقع .. انه شيون .. ارادت ان تصرخ مستنجدة لكن قبل ان تفعل كان قد اختفى .. اختفى ليو تماماً لكنها مازالت تشعر بحرارة جسده
" نونا " هتاف اخر من هنري وهي تسمع صوت خطواتهما الراكضة نحوها لكنها مازالت عاجزة عن الحركة حتى شعرت بذراعي شيون القويتان يرفعان جسدها ثم يدير رأسها اليه
شيون : جون انت بخير ؟ ماذا حدث ؟
كانت تحارب لإستعادة وعيها عندما ركع هنري بجانبها ممسكاً يدها بيداه المرتجفتان
هنري : نونا .. انت بخير ؟
شيون : جون .. ماذا حدث ؟
جون : لا .. ادري
عليها استعادة عقلها .. لا يمكن ان تدعهم يعرفوا ما حدث
جون : هل امسكتم به ؟
شيون : نعم لكن انت ...
جون : التقيته قبلكم .. كان هجوماً مفاجئاً قبل ان يفر هارباً
تنهد شيون براحة
شيون : حسناً لا بأس .. انتهينا منه
ساعداها على النهوض وقد تعلق هنري بذراعها وهو على وشك البكاء
هنري : انا اسف انا حقاً اسف
ربتت على يده برفق
جون : لا بأس يا فتى .. كلنا ارتكبنا هذا الخطأ .. لقد ابليت حسناً
اتجه الثلاثة الى السيارة وانطلق شيون ليعيدها لمنزلها اولاً .. لم تفعل شيئ سوى التحديق عبر النافذة طوال الطريق
" ان اردتني .. يمكنك مناداتي فحسب " .. صوته الهادئ يتردد بعقلها فترتجف .. الى اي مدى انت قريب لتسمع ندائي ؟!
__________________
مر يومان منذ ما حدث وهي لم تكن بخير على الاطلاق .. لم تخرج من منزلها منذ ذلك الوقت , ولم تستطع النوم مطلقاً , كلما اغمضت عيناها تراه .. بوضوح كأنه حقيقة .. كلماته , انفاسه , لمساته .. كلها تبدو حقيقية فتفتح عيناها بفزع .. انها في كل لحظة تغمض بها عيناها او يشرد تفكيرها .. تسائلت ان كان سحرها دون ان تدرك ؟ لم تستطع نفي او تأكيد الامر .. لكنها خائفة .. تجنبت رؤية شيون في هذان اليومان فأخبرته الا يزورها لتستطيع التركيز على مهمتها .. كانت تعلم انه ان رآها فسيعرف ماحدث دون كلمة .. انقذتها احدى مكالماته من الموت في اليوم الاول عندما كانت الافكار تتخبط برأسها بعنف فأغرقتها في حوض الاستحمام علها تتوقف ولوهلة فكرت الا تخرجها .. لولا اتصاله لما استعادت عقلها قبل ان تفقد وعيها تماماً .. لذلك تشعر بالالم كلما فكرت به , تكره اخفائها عنه ما يحدث لكنها لا تستطيع اخباره ولا تدري لماذا ؟ هي الان بحاجة لحمايته بحق .. لكن حمايته لها ستعرضه للخطر وهي تعلم انه لن يتردد بوضع حياته على المحك اوتسليم عنقه لأجلها .. لذلك كان اخباره عبئاً و عدم اخباره عبء اكبر عليها تحمله .. كان مفرها الوحيد هو العمل , لذلك لم تبدو الاعمال المكتبية بهذا السوء فهي تشغل رأسها طوال اليوم حتى استطاعت تقليص الاماكن لثلاث اماكن في منطقة واحدة .. عليها الان ان تحدد واحداً عندها يمكنهم الهجوم , لكن المعلومات قد نفذت , لن تعثر على شيء اكثر من هذا من الاوراق .. عليها التحقيق في الموقع نفسه .. هذا يعني ان عليها الخروج من المنزل مرة اخرى , بدا الامر مستحيلاً بالنسبة لها حتى حدقت بمرآتها لترى انعكاسها المرهق
جون : هل انا حبيسة بمنزلي بسبب ذلك الكائن
جرح هذا التفكير كبريائها .. تلك التي تراها بالمرآة بالتأكيد ليست جون , من صارت تخشى النوم وتخشى الخروج وتجفل من اقل حركة بقربها بالتأكيد ليست جون .. شعرت بالاهانة تحرق صدرها .. وهكذا لم تفكر مرتين لتبدل ملابسها وتخرج , مازالت الثانية ظهراً لكنها لا تهتم حقاً , هي تثبت لنفسها انها ليست بهذا الضعف
وصلت لتلك المنطقة المحددة بدائرة على خريطتها .. الان عليها البحث اكثر .. كانت منطقة صناعية عدد السكان بها قليل الا من المنازل التابعة للمصانع وبعض محلات الاطعمة السريعة , عليها ان تختلط بهم ان ارادت الوصول لشيء فبدأت بدخول المقاهي متظاهرة بأنها انتقلت للعيش هنا حديثاً وتريد التعرف على المكان
جون : كوباً من القهوة من فضلك
التفتت العاملة لتحضر لها طلبها فتابعت جون
جون : لقد انتقلت الى هنا حديثاً , ايمكنك اخباري عن المكان ؟ اعني ان كان هناك امر او شخص على الاحتراس منه , انا اعيش وحدي
وضعت العاملة كوب القهوة امامها بلا اهتمام
- ابقي بعيدة عن منطقة المصانع
جون بسخرية : لكننا وسطها الان
- لكن لا تقتربي من المصانع نفسها
جون : لماذا ؟!
لم ترد وعادت لعملها متجاهلة جون فأدركت ان الحديث انتهى هنا لتحمل كوب القهوة وتخرج فترميه في اقرب سلة .. رائحته مقرفة
لم يكن الامر افضل في باقي الاماكن الجميع يخبرها ان تبقى بعيدة عن المصانع وحسب .. لكن هذا لا يسهل الامر .. انتهت من ساندويتش لا تعرف محتوياته في احد المطاعم الرخيصة بالمنطقة ونظرت الى السماء لترى لونها قد حال لبرتقالي داكن , حان موعد العودة بالتأكيد , لن تخاطر مرة اخرى , وقفت على ناصية المحل تنظر الى الطريق الذي يتجه للمصانع مباشرة .. في مكان ما هناك يقع العش .. ليست معلومة كافية لكنها ماستطاعت الوصول اليه دون المزيد من الهلع , والان عليها العودة قبل الظلام فلن تخاطر بلقاء ذلك الكائن مرة اخرى .. كادت ان تلتفت عندما واتتها فكرة " من المستحيل ان يقترب من مكان به وكر مصاصي دماء والا سيقتلوه بلا شك .. في الحقيقة هذا المكان اكثر امناً " بدت فكرة مضحكة وهي تتخيل نفسها تهرب من مصاص دماء لتختبئ في وكر لهم .. لكن بنظرة اخرى , بدت منطقية , حتى ان اظلمت هنا فلا داعي للقلق لن يجرؤ على الاقتراب وهي بالتأكيد لن تدخل الوكر بقدميها , لكن يمكنها الاعتماد على وشمها لتحديد مكانه عن بعد .. ربما هذا غير منطقي بالمرة لكن جون متهورة .. وغبية هذه حقيقة مطلقة
هكذا القت نظرة اخيرة على المطعم والذي يعمل 24 ساعة , يمكنها العودة اليه في اي وقت لن يهاجمها احد في مكان مفتوح .. نعم يبدو هذا آمناً كفاية لها , وبدأت بالسير نحو المصانع تتأكد من حين لأخر ان اضواء المطعم مازالت تعمل حتى بدأت تشعر بنبضات خفيفة .. اذاً هي قد حددت المنطقة الصحيحة , لكن اي جزء بها هو ؟! .. قليلاً بعد وسنعرف .. تابعت السير , قليلاً فقليلاً وقد توقفت عن الالتفات للمطعم وهي تحاول التركيز مع النبضات بحرص والتي بدأت تعلو تدريجياً لكن ليس بشكل خطير .. الان تستطيع تقليص الدائرة لمكانين فحسب .. لكن ايهما .. بدأت النبضات تعلو فأدركت ان عليها العودة , اقتربت اكثر مما يجب وهكذا قررت التوقف عن السير بالفعل والالتفات لكن مع خطوة اخيرة شعرت بكم هائل من الطاقة يصدم جسدها بعنف حتى وقعت على ركبتيها وهي تشهق بقوة .. حاولت النهوض لتشعر بضربة اخرى تهشم عظامها .. انه فخ للصيادين , نوع من التعويذة المضادة لتعاويذهم وقد وقعت فيه بحرفية .. كيف لم تفكر بأنهم سيفعلون هذا ؟! .. نعم لأنها متهورة وغبية .. حاولت النهوض دون فائدة وهي تكاد تصرخ الماً ونبض الوشم يزداد قوة وقد احتاجت وقتاً لتستطيع تمييزه من ضربات الدرع .. لكن الوقت قد فات فقد شعرت بتلك القبضة العنيفة تجرها جراً لأحد الازقة ثم تلقي بها ارضاً .. بألم رفعت عيناها لتجد اثنان منهم امامها ينظرون اليها بإستمتاع , حاولت النهوض للجهة الاخرى لتجد اربعة آخرين ضحك احدهم هاتفاً " انظروا ماذا اصطدنا اليوم "
تحدث آخر : انها وحدها هنا اتصدق .. من اين اتيت بهذه الشجاعة يا فتاة
تحدثت فتاة منهم بصوت رفيع : الا تعرفها .. رأيتها من قبل عدة مرات
- اااااه تذكرتها .. يا الهي ظننتها اذكى من هذا
- انا حقاً اريد رؤية بعض مهاراتك الان
كانت جون تضع خطتها بينما يتكلمون , تعلم انه لا يمكنها التغلب عليهم في حالتهم تلك .. لكن يمكنها الهروب
جون : لك هذا
ربما كانت جون غبية ومتهورة .. لكنها بارعة , في حركتها المفاجئة رغم الالم المبرح وهي تنتزع خنجرها ثم تتعلق برقبة احد الاثنين امامها فتغرزه في قلبه بكل ما اوتيت من قوة وقبل ان تنتزعها كانت تمسك بالاخر فتضربه طاقتها بقوة وقبل ان تسقط حتى سحبت الخنجر لتضعه في صدره بعنف ليقع الاثنان معاً وهكذا استطاعت فتح طريق لتهرب وبدأت بالركض .. لكن الامر لم يكن بهذه السهولة فقدماها عاجزتان عن حملها .. امساكها بهما كلفها الكثير من الطاقة ليزداد الالم الناتج عن الدرع مع ارهاق الطاقة المفقودة واربعة اخرين خلفها وقبل ان تصل لنهاية الزقاق كما تمنت سحبها احدهم من شعرها بعنف لتصرخ متألمة فإذا بها تتلقى صفعة قوة تطيح بها ارضاً عاجزة عن النهوض بسبب الالم وهي تسمعه يسبها .. والان وقد استخدمت طاقتها لصرع الاثنين وقضى الدرع على الباقي لم تعد قادرة على حماية نفسها منهم ليرفعها احدهم بعنف وهي تحاول الفرار منه والخنجر بيدها فيمسك شعرها بقوة ليرفع عيناها لتواجه عيناه فلم تجد الفرصة لتجنبها .. وبدأ كل شيء بالسكون .. الاصوات .. التنفس .. الالم , سكن كل شيء فلم يبقى سوى عينان تلمعان بلون احمر كجمرة مشتعلة .. تعلم انها تسحر الان لكن لا يمكنها الفرار وقد بدأت كلماته تتردد في رأسها كأنها تنبع من داخلها " دعي الخنجر .. استسلمي " تتكرر الكلمات حتى تبدو وكأنها ارادتها وشعرت بقبضتها على الخنجر تنفك رويداً رويداً بينما عقلها في حالة من الدوار .. لم ينظر اليها ليو بهذا الشكل .. لم يتسلل لعقلها بهذا الشكل ابداً .. لم تكن عيناه مخيفتان هكذا .. لم افكر به الان ؟!
فجأة ابعد ذلك الكائن عيناه عنها لتعود الرؤية واضحة مجدداً , لم يكن ينظر اليها بل خلفها وكأن شيء ما هناك لكنها لم تهتم كثيراً بل اندفع الادرينالين في عروقها بقوة لترفع خنجرها وتشق رقبته بعنف حتى انفجر دمه في وجهها وان لم يكن هذا كاف لقتله فبكل قوة ضربت السكين في صدره لتديره بعنف وعقلها عاجز عن العمل كانت تتصرف بهلع يقودها اندفاع الادرينالين في دمها افتتله قبضتها ليقع ارضاً جثة هامدة , باق ثلاثة لكنها قبل ان تلتفت سمعت صرخة مدوية لأحدهم كأنه يقطع .. وكان هذا مايحدث بالفعل , لم تدري ان كان حقيقة او وهماً لكنه كان هناك , يمزق احدهم ارباً حتى انها اشاحت بوجهها كي لا ترى ما يفعله .. ما ان انتهى من احدهم حتى التفت للأثنين الاخرين .. الان ترى ليو بحق , عيناه بلون احمر دموي مخيف يكشر عن انيابه بغضب , كان مخيفاً , مخيفاً اكثر من اي منهم بل مخيفاً اكثر من ذلك الذي كاد يقتلها , هكذا لم تضع المزيد من الوقت وبدأت تركض بذعر والم .. تتعثر وتقع لكنها تنهض ثانية محاولة الخروج من ذلك الزقاق حتى نجحت بمعجزة لكنها مازالت في منطقة الدرع , فوقعت بجانب احد الجدران والالم يعتصر جسدها فتعجز حتى عن الانين بينما الصراخ يعلو من الزقاق حتى اندفع الثلاثة خارجة لتدور معركة غير آدمية امام عيناها كان لليو فيها اليد العليا .. يحمل بيده شيء يلمع في الضوء الخافت لكنها استطاعت التعرف عليه بسهولة , خنجرها , ذلك الذي اخذه منها .. يستخدمه الان للقتل , مصاص دماء يستخدم خنجر صائدة , كانت اهانة بحق , لم تطل المعركة كثيرا حتى استطاع تمزيق قلبه فلم تبق سوى الفتاة التي فرت هاربة الى الزقاق فتبعها ليسود الصمت .. بوهن حاولت النهوض لتخرج من المنطقة لكنها سقطت ارضاً مرة اخرى لتبدأ بمحاولة الزحف على ركبتيها خارجاً لتجد نفسها فجأة تحمل الى نقطة بعيدة قليلاً عن ذلك المكان حيث يمكنها رؤية اضواء المطعم .. هدأ الالم تدريجياً لتبدأ بإستعادة قدرتها على التفكير .. كان يقف امامها .. لم تعد عيناه دمويتان او انيابه بارزة .. عدا الدم الذي غطاه لم يبد وكأنه خرج من معركة طاحنة للتو على عكسها تماماً .. افلتت قبضتها عن خنجرها كأشارة بأنها لا تنوي محاربته .. هي حقاً لم تكن لتقدر حتى ان ارادت ذلك , كما انه على الارجح لن يؤذيها , ان اراد ذلك كان ليتركها لهم ليقتلوها , لذلك رفعت عيناها لتنظر اليه بوهن فأمسك بكتفيها برفق لينهضها ثم بدأ بتحريك ذراعيها ورقبتها لتدرك انه يتفحصها
همست : لم يحدث شيء
فتح كفيها لينظر الى الدم الذي يغطيهما بل ويقطر منهما
جون : ليس دمي
اومأ برأسه دون كلمة ثم رفع عيناه لينظر اليها .. تعلم انها مغطاة بالدم تماماً وتشعر بالقرف .. ليس من الدم ذاته بقدر من انها تقف هكذا امامه .. بقدر ماترى مايريده بعيناه .. صوت بداخلها يصرخ به الا يفعل , الا ينظر اليها مثلهم لكنه لم يسمعه وهو يرفع يدها الى فمه ليتذوق تلك القطرات التي تتساقط من اطراف اصابعها , لا تفهم كيف تسللت خيبة امل الى صدرها .. بالطبع هذا هو كل ما بالامر .. الدماء
همست : هذا مقزز
رفع عيناه ليواجه عيناها فأبعدتهما ليترك يديها بعد لحظات , لم تدري مالذي يفكر به حتى شعرت به يمسك احدى يديها ثم يمسحها برفق .. التفتت ولم تصدق عيناها .. كان يمسك بنهاية قميصه لينظف بها يدها بصمت .. لم يحمل وجهه اي تعبير لتفهم ماذا يريد .. لكن قلبها ينبض بقوة فلا تعلم ان كان خوفاً اوي شيء اخر .. امسك باليد الاخرى ليفعل المثل حتى انتهى فتركهما لكنها لم تدري ماذا تفعل بالضبط فتركتهما معلقتان بالهواء وهي تحدق به بعدم فهم .. رفع يده لوجهها ليجذب كم القميص قليلاً ويبدأ بمسح وجهها برفق , عيناه تتحرك برفق حيث يمسح وجهها لكن عيناها مثبتتان عليه , عقلها غير قادر على استيعاب لمساته , بدأ بمسح ماتبقى بإبهامه حتى انتهى لكنه لم يبتعد .. لم يرد ابعاد يده عنها .. وبداخلها .. لم ترد ذلك ايضاً .. شعرت بأصابعه تتحرك على وجنتها برفق بينما عادت عيناه لتأسرها , لم تدرك اقترابهما .. لم تدرك انفاسه التي تضرب وجهها .. لم تدرك الا حين شعرت بشفتاه الباردتان يضمان شفتيها وذراعه يتسلل بنعومة ليحيط بخصرها ويدفعها اليه اكثر .. استسلمت له , نسيت كل شيء بل نسيت حتى ما هو واستسلمت لتلك القبلة العميقة مغمضة العينين .. بدا وكأنه لا ينوي التوقف عن تقبيل شفتيها ابداً ولم ترده ان يبتعد حتى وان لم تقدر على التنفس .. لكنه ابتعد بهدوء تاركاً شفتاها تنبضان بقوة
ليو : سيرسلون المزيد ما ان تنتشر رائحة الدم
فتحت عيناها لتنظر اليه بعدم فهم .. هي حتى لا تذكر من هي
ليو : الوكر .. علينا الذهاب من هنا
نعم الان تذكر .. الان تذكر ما كانت تفعله هنا .. الان تذكر ماهي , وتذكر ايضاً ما هو
تراجعت محاولة جمع شتات نفسها وقد بدا الامر مستحيلاً , مازالت مصابة بالدوار فبدا ترنحها واضحاً .. لم يعطها المزيد من الوقت ليحملها بين ذراعيه بقوة ويبدأ بالركض مبتعداً .. اغمضت عيناها بقوة فلا يمكن لبصرها مواكبة سرعته دون ان تشعر بالدوار وهي تقبض على قميصه بيديها ثم دفنت رأسها بكتفه لتقدر على التنفس .. لم يستغرق الامر بضعة دقائق حتى توقف لتفتح عيناها فتجد نفسها امام بنايتها .. ببطء انزل يداه فنزلت وتركت قميصه
جون : انت حقاً تعرف منزلي
ليو : لا تقلقي لم يتبعنا احد .. انت بأمان
بعد كل ماحدث بدت كلمة امان غريبة بالنسبة لها .. ايجب ان تصعد الان .. اتتركه يرحل .. يجب ان يرحل , عليه ان يرحل فهي لم تعد تعرف نفسها وما يمكنها فعله .. يجب ان يرحل لكن .. لم لا تلتفت هي وتصعد وحسب
ليو : لا تتصرفي بتهور ثانية .. لا تتسببي لنفسك بالاذى
كان هذا كافياً لتلفت وتركض صاعدة لبنايتها ثم تدخل شقتها وتغلق الباب بعنف .. صدرها يعلو ويهبط بسرعة وضربات قلبها تعلو للسماء .. اكان بإمكانه سماع هذه الضربات ؟
تسللت اصابعها باحثة عنه على شفتيها
جون : لقد انتهى امري-------------------------------
ليو طالع مصاص دماء متحرش ملناش دعوة 😂
وكان في بوسة في النص ملناش دعوة نكمل القصة عادي هو ااه بدأ الجفاف العاطفي يشتغل بس احنا سترونج اصلا 😂💔
SueKorya
انا عايزة اتباس يا ابراهيم 😂

YOU ARE READING
Part Of Me
Vampire°وكان تتبعها له ثأر شخصي، ولم تدرك منذ البداية أنها كانت تهوي إليه..° Written by :Sue Korya