أنساند الإنسانية عندما نكتب أم نعاديها ؟

145 5 0
                                    

 حروفك الضئيلة قد تفعل ما تفعلهُ قطرة الحبر في الماءِ العذب ولكن بطريقة عكسية , فربما تنجح بسطرٍ رائع أو جُملةٍ ذات تركيبة فريدة أن تحول مستنقع عكر لنهرٍ عذبٍ وجاري ! تلك النصوص التي تنكب على كتابتها وقتًا ليس بقصير ستجوبُ العالم وتستقر في جوفٍ فارغٍ من الحياة فتملأهُ بالأمل أو في قلبٍ متصدعٍ من الألم فتُعيد تشييدهُ من جديد , أو قد تسقط أمام عينٍ مبتلةٍ بدمعٍ غزير يُخيل للناظر أنه مطر فتتحول كلماتك إلى أيادٍ رقيقة تكفكفُ الدمع بلطفٍ شديد وتُنبت مكانهُ زهر , قد يقرئها شخص مات الكلامُ في فمه منذُ مدة حتى تحولَ إلى جيفة ذات رائحة نتنه فتتسبب في فك عٌقدة لسانه بعد أن اعتمرهُ صمتٌ آمن بأنه أبديَّ . في هذهِ الحالة تكونُ كتابتك مساندةً للإنسانية .

 اما عندما تفعلُ كلماتك في العالم ما تفعلهُ التفاحة الفاسدة في صندوقِ التفاح الصالح كأن تفسدُ حلما كان على وشكِ النضوج , أو تلوي يداً كانت قد اقتربت من الإمساك بأمنية ظلت طويلاً مرصوفة على قائمةِ انتظارِ الزمن .. أو تُباعد بين قلبين ركضا في مضمارِ الحياة بحثًا عن فرصة توحدهما إلى الأبد , فتكون بذلك تُعادي الإنسانية وتشن حربًا من المُستحيل أن تنتهي لأنهُ و مع بزوغِ فجرِ كُل يوم جديد يلد العالم كاتبًا على ملاءات الورق وكُل كاتب سيرمي قذيفتهُ على هيئة رسالة أو مقال وربما رواية ساحقة وهكذا إلى أن تقوم الساعة أو يفنى الأدب .  

مرام الغامدي .

غيثُ الفرح, غيمُ السلام .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن