تصادم قلبين|اقصوصة..

142 3 0
                                    

لم تصح أي من توقعاتها لذلك اليوم فكما أنها لم تتوقع أن يعقب الصباح البارد ظهيرة قائظة فهي لم تتوقع أن القلوب بامكانها أن تتصادم كما تتصادم السيارات تمامًا بل وتلتحم . . ففي ظهيرةٌ أحدٍ مشمسة وبعد يومٍ جامعي شاق أكثر مما تقتضيهِ العادة , كانت تمشي بين الباصات برأسٌ مزدحمٌ بالأرقام وتعاريف غير مكتملة وكانت كلمات اللغة الانجليزية متشبته بأطرافِ خلاياها العصبية بقوة خشية السقوط , كُل شيء كان سيسير على ذات الوتيرة المُعتادة ولكن لقاءهما جعل اليوم يأخذ منحنى آخر كان الأمرُ أشبه بالانتقال من غيمة إلى غيمة ومن حلمٍ رائع لآخر أروع وأكثر إدهاشًا . . كانت تعبر من بينِ سيارتين ومن تعبها لم تنتبه لتلك السيارة التي رجعت إلى الخلف فجأة إلا عندما رأت نفسها محشورة بين السيارتين .. لم تصرخ كما يصيرُ عادة في مواقفٍ كهذهِ -أو مشابهة لها- بل بقيت صامتة تنظر حولها بعينين استعمرهما الرجاء والخوف والقليلُ من الدمعِ كانت عيناها أشبه بأمواجِ بحرٍ على وشكِ الثوران . .

كان يتقدمها بخطواتٍ معدودة ولسببٍ ما التفت فالتقت أعينهم بل تعانقت وتدريجيًا أخذ خوفها يتناقص شيئًا فشيئًا , وقف لبرهةٍ وكأنهُ كان يُفكر في طريقةٍ لمساعدتها فأخذ يضرب بيدهِ اليمنى زجاج السيارة , كانت الضربات تتعالى مرةً بعد مرة فأخذت السيارة تبتعد . لم تمر دقيقة حتى نشب شجار بين صاحبِ السيارة والشاب البطل وشعرت بسوءٍ شديد لأن كُل ما يحصل كان بسببها .

لم تبرح مكانها خطوةً واحدة , كُل ما فعلتهُ أنها استدارت وصارت نظراتها مصوبة نحو الشاب في الثوبِ الأسود وقلبها يدعو الله ألا تسوء الأمور أكثر وألا تكبر دائرة الشجار هذهِ أكثر . . قاطع دعاءها ونظراتها صوتُ امرأة متسائلة : هل حصل لكِ أي مكروه ؟ فأجابت : لا . . ودعتها المرأة بدعوة وغاصت سريعًا بين النساء المصطفات على الطريق وكأنهن في مهمة عسكرية .

وانتصب الشاب أمامها مجدداً سائلاً إياها : أتشعرين بألم ؟

فأجابت كاذبة : لا . .

- دعيني اصطحبكِ للمستشفى .

- قلت لك أني لا أشعر بأي ألم , لا داعي لتضخيم الأمر .

- متأكدة ؟

- نعم .

وأدار كُلاً منهُما ظهرهُ للآخر ولكن قلبها ظل مُلتفتًا إلى الوراء . .

مرام الغامدي

غيثُ الفرح, غيمُ السلام .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن