سيرة ذاتية !

126 8 1
                                    

اسمي غيم , في التاسعة عشر من العُمر , لا أحبذ قول جدتي لي : "مثلكِ مثل باقي البنات" لذلك أنا أسعى جاهدةً لأصنع شيئًا واحداً, -أيًا كان- ومهما كلفني كُل مرة لأكون مختلفة , مزاجيتي تزعجني كثيراً,ولا ألوم الناس حينما يملوا مني ويغادروني سريعًا, أنا لا أُطيق نفسي ولا أتردد أحيانًا في صفعي , لم يسبق لي أن صليت صلاة الاستخارة؛ لهذا أنا لستُ راضية عن أيًّ من قراراتي .. أهوى اللعب, ولكني مؤخراً أصبحتُ قلقة ومُترقبة معظم الوقت,ولم يعد لدي وقتٌ للعب والمتعة . عندما أغضب يتملكني الصمت ونظرتي تستقر على أي شيء جامدٌ أمامي ولا أشعر بشيءٍ حينها سوى تفاقم الوجع في قلبي وتكون الدمع تدريجيًا في عينيَّ ولكنني -مع ذلك- لا أبكي . في الحُب أنا أقدم قلبي على طبقٍ من ذهب, ولا أخشى يومًا يُعاد إلى فيهِ الطبقُ فارغًا .. تفصيلية , وهذا أمرٌ قاتل.. تستوقفني التفاصيل الصغيرة وبرغم صغرها أراها تضرب جدار روحي بقوة, أحب الانتقاد , أسير وانتقد وأعودُ نادمة على ذلك في كُل مرة, يمكنني بسهولة أن أكتشف الأخطاء اللُغوية في النصوص, ولا أتوانى عن تصحيحها مهما كان منصب كاتبها عاليًا, يظن الناس من حولي أني أعمل أكثر من اللازم , وأرى أنهم يرتاحون أكثر من اللازم وإلى الآن لم نصل إلى نقطة اتفاق . . أعرفُ كيف ألفت الانتباه, وكيف اضع الأشخاص في جيبي , وابتسامتي مفتاحُ ذلك , أعاني من فرطِ التفكير , حتى عندما أقرر أن ابتاع شيئًا فأنا أفكر في السعر, النوعية,الشكل, الحجم,الخامة, اللون, في كل شيء وإن وجدت شيئًا يعارض رغبتي لا أشتريه برغم كُل المزايا التي يحملها, لدي بعض العادات الغريبة والتي تُثير حنق أمي كثيراً؛ فعندما أدلف للمطبخ قاصدة الأكل في صحني الأبيض ولا أجدهُ فإني لا آكل , وإن أردت الشُرب في كوبي الأزرق فإني لن أشرب شيئًا إن لم يكن موجوداً , دائمًا ما اتشاجر مع ذاتي لأنها لا تكف عن معاندتي , في الواقع أنا أيضًا أعاندها لهذا نحنُ في عراكٍ مستمر , لدي أخ صغير عندما يمرُ يومًا لا نتعارك فيه اشعر أن أمي فَرحه وتحمد الله ,بالرغم من أني حاولت إقناعها بنظرية نيوتن القائلة "لكُل فعل رده فعل" وأنه عندما يضربني على أن أضربه إلا أنها تُعيد علي موالها المُعتاد : "أنتِ بنت وهو ولد,لمن يكبر محد بينفعكِ غيره" , ومن هُنا نبدأ أنا وهي نقاشنا الحاد فهي تحاول إقناعي بأن الرجل في حياة المرأة عامودُ رئيسي وأنها بدونهِ مائلة, وأنا أحاول اقناعها بأن المرأة برجل أو بلا رجل قادرة , ولا أذكر أننا انهينا النقاش يومًا فدائمًا ما تُدير أمي ظهرها تاركةً الكلام يتدفق من فمي في انحدارٍ مفاجئ! أحب الكُتب جداً, وهي أقوى أسباب ما انا عليهِ الآن . لدي خيالي الواسع الذي يجعلني أفغر من قدرتهِ على ابتكار الأفكار ونسج الصور . أحساسي بالغ, أشعربكُل ما حولي واعتذر من كُل الجمادات التي أُجهدها كسريري مثلاً, هل قلت سريري؟ سأحدثكم عنهُ قليلاً, إن أكثر من مجرد سريرٍ بالنسبةٍ لي,إنه عالمي .. هو فقط من يستطيع استقبالي بكُل الثقل الذي بداخلي , بكُل السوء الذي احملهُ في روحي, بشعري المتناثر, وجسدي النحيل, إنه المكان الوحيد الذي يتسع لكُل اشيائي , والشيء الوحيد الذي رآني بكُل حالاتي.. وكلما ضاقت بي الحياة واحتجتُ كتفًا استندُ وجدتهُ فاتحًا يديهِ إليَّ ليحتضني.. أحبه وأشعر بالحنقِ الشديد إن استلقى عليهِ أحد أن توسد وسادتي شخصٌ ما, أتخيل دائمًا أن يشي بي عند أحدهم لهذا أنا لا اسمح لأحد بالنومِ فوقه .. احيانًا اتصرف بغباءٍ شديد, وأندم بشدة وقد قال لي أحدهم عندما جئتهُ آسفه "إذا فات الفوت ما ينفع الصوت" أدركتُ حينها بأني نجحت في ضربِ روحه بشدة لا يُمكنهُ معها مسامحتي , كل ما أريده أن يدرك الذين أحبهم أني عندما أخطئ لا أحتاج أن يوبخني أو يعاقبني أحد,لأني أفعل ذلك لنفسي ببراعةٍ شديدة , ولا أحد على هذا الكوكب يمكنهُ أن يضرني كما أفعل أنا .

مرام الغامدي

غيثُ الفرح, غيمُ السلام .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن