+ كُنت صغيرة جداً عندما دونت أمنيتي بخطٍ سيء خلف علبة المناديل , كُنت حينها واقفة في مُنتصفِ سطح بيتنا وكانت السماء وقتئذٍ صافية وزرقاء جداً . مرت طائرة من فوقِ رأسي بينما كنت أبحث عن غيمة هاربة تكسر هذهِ الزُرقة وتجعلني ابتسم , أتذكر أني عندما رأيتُ الطائرة تُحلق لقفت علبة المناديل وكتبت : أتمنى أن ألِف العالم . . كانت مُخيلتي كمخيلةِ كُل الأطفال خالية من مصطلح "المستحيل" كان قاموسي فارغًا من عبارة " لا أقدر" المُدمرة لذلك اكملتُ يومي مؤمنةً بأني سأحققها .من بعدِ تلك الحادثة , لم يصلني أي خبر عن عبوة المناديل التي خطتت امنيتي خلفها أبداً ولا أعلم في أي حاوية استقرت , أو إلى أي شيء تحولت ربما يكونُ كتاب الرياضيات المزدحم بالأرقام و المُشرع أمامي الآن شكلاً آخراً لها أو ربما أحدُ ما في مكان قَصيَّ يحتسي امنيتي من كوبهِ وبعد قليل سيكرمش الكوب ويلقيهِ لآخر , لقد جالت أمنيتي العالم ولكنها لاتزال مستقرة في قلبي , وبإصرارِ طفل تتصدر هذهِ الأمنية القائمة كُل عام صامة أذنيها عن صوت أمي القائل : لن تتمكني من فعلها . .
اليوم في ميلادي التاسع عشر أهديت لنفسي قائمة بكُل الأماكن التي زُرتها , هُناك واحد وتسعون مكانًا في القائمة , هل هي فعلاً واحد وتسعون مكانًا ؟ -أقرأ الأرقام بالعكس - لا إنها تسعة عشر عامًا من الانتظار , أقلب الورقة - ستة عشر عامًا من القرآءة ؟ اطرح الارقام من بعضها الناتج خمسة وسبعون كتابًا ؟ أم خمسة وسبعون عامًا على الموت .. -اجمع الأرقام- مئة وعشرة يومًا على شروقِ الأمنية ؟ لا أعلم . كُل ما أعرفه أني زرت واحد وتسعون مكانًا أثناء القراءة شعرتُ مع كُل صفحة أخيرة أقلبها بشعور العائد إلى وطنهِ .. إذن هل كانت خمسة وسبعون رحلة ؟ أيضًا لا أعلم ربما تتحق الأمنية عندما تحمل رقم مئة وعشرة ؟ أو بعد أن أقرأ العدد ذاته من الكتب وتتحول القراءة إلى هواية أصيلة ، مفتاحًا لكل أمانيَّ الحالمة جداً جداً ، حلاً لخيالي المُفرط ، محفزاً لأفكاري التي لا تكف عن التناكح كدائرة لا تكف عن الاتساع ، مُهدئًا فعالاً لكُل الإنفعالات الداخلية التي تكاد تفتك بي في أي لحظة ، مهربًا من كُل المُشكلات المُعقدة , سداً منيعًا عن الصدمات , حداً لثرثرتي و طفاية حريق لفتيلِ فضولي المتوهج على الدوام . . أوتكونُ الكُتب أيادٍ حانية ورفقاء صالحين وعالمٌ مترامي يُدهشني في الدقيقة مئات المرات , عندما تكونُ القراءة هوايةً أصيلة تكونُ الكُتب كذلك وأكثر من كل ذلك .
مرام الغامدي .
العشرون من شهر جمادى الأولى.
أنت تقرأ
غيثُ الفرح, غيمُ السلام .
Randomوتأتيك الأقدار بأشياء لا تتوقعها : حبٌ يولد من رحم اختيار خاطئ , صديق على الطريق, حلوى في علبة الأقلام , رسالةٌ في قارورة , عقدٌ في كتاب , نجمة مضيئة من عتمة قلبك , وغيمة سلام مُثقلة بغيثٍ غزير يحوّل عالمك لحديقةٍ غناءة . نصوص واقاصيص بقلم :مرام الغ...