تَذكيرٌ قَبلَ القِرَاءَة..
وعَسَى أن تَكرَهُوا شَيئًا وهُو خَيرٌ لَكُم.* * * * * * * * * *
"نايلي."
هَتفَت لُوسيندا الصَّغيرَة بمَرَحٍ مُمَدِّدَةً يَدَيهَا عِندَمَا شَاهَدَتهُ مِن بَعيدٍ يَجرُّ قَدمَيهِ نَحوهَا، رفَعهَا مِن الأرضِ لاحتِضَانِهَا بعُمقٍ بَينَمَا هىَ أحَاطَت يَدَيهَا الصَّغيرَة حَولَ عُنقهِ مِمَّا أدَّى لرَسمِ الإبتِسَامَة عَلى ثَغرهِ."أخيرًا هَدَأت عَن البُكَاءِ بأنَّهَا تُريدُ نايلى."
سخِرَت چوسلين بمُزَاحٍ وبَعضٍ مِن الغَيرَة كَون إبنَتهَا قَد تَعلَّقت بنايل أكثَرَ مِنهَا، أخرَجَ نايل لِسانَهُ لهَا ليُغيظُهَا فألقَت بوِسَادَةِ الأريكَة عَلى وَجههِ ليَضحَك بعُلوٍّ.جَلسَ بجَانِبهَا والصَّغيرَة مُتَكَوِّرَةً بحِجرهِ وهو يُلاعِب خُصلاتِ شَعرَهَا إلى أن نَامَت.. بَعدَ بَعضِ الأحَادِيث البَسيطَة دخَلَ نايل بصُلبِ المَوضُوعِ الذى جَاءَ مِن أجلهِ..
"چوسلين چوسلين چوسلين چوس..-"
"مَاذَا تُريدُ أيُّهَا المُزعِج؟!"
"لقَد فُزتُ بالمَرتَبةِ الأُولى فى المَعرِض التَّصوِيرىِّ."قفَزَت لوسيندا فَزِعَة مِن نَومِهَا عِندَمَا صرَخَت چوسلين بحمَاسٍ وضَحِك نايل عَليهَا.
"بالتَّأكيدِ بسَبَبِ صُورَةُ باريس الجَويَّة، صَحيح؟"
"نَعَم، لقَد نالَت إعجَابَ اللَّجنَة."
"كُنتُ أعلَم أنَّكَ ستَفُوزُ بسَبَبهَا بدُونِ شَكٍّ."جَاءَ طَيفُ إيڤانچلين فى مُخَيِّلَتهِ سَريعًا، عَادَ ذَلِك اليَوم -الذى إعتَرفَ لهَا بحُبِّه- إلى بَالهِ بكُلِّ مَا حَدثَ بهِ مِن تَفَاصيلٍ، لقَد إشتَاقَ لهَا حَقًا ولَم يَعُد يَحتَمِل هَذا البُعدَ عَنهَا.. لَكِن دَائِمًا مَا تُذَكِّرهُ نَفسُه بتَفضِيلهَا لهَارى عِوَضًا عَنهُ.
"هىَ أيضًا ظَنَّت ذَلِك."
"مَن هىَ؟"
"لا أحَد."
نَظرَت لَهُ چوسلين بشَكٍّ، لطَالمَا شعَرَت بوُجودِ خَطبٍ مَا بهِ، شَئٌ مُؤثِّرٌ عَليهِ بشِدَّةٍ يَجعَلهُ صَامِتًا، شًارِدًا أغلَبَ الوَقتِ، هُوَ لَيسَ سَعيدًا حَتَّى لَو تظَاهَر بذَلِك، فعَينَاهُ مُنطَفِئَتان ووَجههُ ذَابِلٌ.. وهَذهِ أبَدًا لَيسَت مَعَالِمَ شَخصٍ سَعيدٍ، بَل شَخصٌ قَد تَفوَّقَ قَدَرهُ عَليهِ وأصبَحَ جَسدًا خَاوِيًا بِلا رَوحٍ تَسكُنهُ، غَامِضًا و بَارُدًا، إنطَفئَت بدَاخِلهُ شُعلَةُ الحَيَاة.. هَذَا مَا كانَ عَليهِ نايل.طوَالَ مَعرِفَتِهَا بهِ حَاوَلت عِدَّة مَرَّاتٍ مَعرِفَة لِمَ هُو هَكذَا، لَكِنَّ نايل أصبَحَ شَخصًا كَتُومًا، لا يَرتَاحُ بالحَديثِ مَع أحَدٍ عَن أىِّ شَئٍ وخُصُوصًا إيڤانچلين.. كانَت كالمَخبَأ السِّرىِّ الذى لا يَعلَمُ عَنهُ أحَدٌ غَيرَه هُو، حَتَّى أنَّهُ كانَ يتَحَدَّثُ لصُوَرِهَا فى بَعضِ الأحيَان.. تذَكُّرهُ مَا حَدثَ فى آخِر مَرَّةٍ رَآهَا يُثيرُ فَتيلَ الحُزنِ دَاخِلهُ، تَمَنَّى لَو يَعُود بهِ الزَّمَن ويُصلِح مَا أفسَدَهُ.. لَكِن هَذا لا يَحدُث، هذَا مُستَحيلٌ.
![](https://img.wattpad.com/cover/120953463-288-k200307.jpg)