البارت ٣٠ و ٣١ و ٣٢

46 2 0
                                    

.
#بارت_30
.
"في ظلمات الليل، كنت مظلمة" .
جاء الليل، وأنا جالسة في سيارتي، بالقرب من مكان خالي من الناس، لا أدري أين أنا.. لكنني، أعلم أنني أنظر للبدر فقط
.
كان القمر تلك الليلة بدراً، لم أستطع أن أمنع نفسي من النظر لهذا البدر وتذكُرُ بدر! .
قلت مخاطبةً القمر "أراك جميلاً، لكن بدر أجمل"
.
فتحت صوت الأغاني في السيارة، جعلته عالياً جداً، أسندت رأسي على الكرسي، أغمضت عينيّ، وصرت أغني مع الأغنية!
.
"ليتني فتحت صوتاً للدعاء، بدلاً من انشغالي بالغناء!"
"إنها غفلة قلب!" .
كنت على مثل حالي هذا إلى منتصف الليل، نظرت للساعة وشهقت، أغلقت الصوت، ونظرت لهاتفي، 20 مكالمة فائتة!
.
أسرعت وعدت لبيت والدتي، ما إن دخلت حتى رأيت أبي وأمي جالسان مع خالتي.. أبي بغضب: أين أنت يا آنسة؟ هلا تنظرين للساعة!! .
كانت الساعة الواحدة، قلت بلا مبالاة: وما المشكلة في خروجي وعودتي متى ما شئت!
.
أمي بهدوء: كنت أعلم أنها بخير، فقط تريد إثارة شكوكنا بعدم ردها على المكالمات
.
قلت بحدة: لم أرَ مكالماتكم !
.
وقف أبي وقال: زُهور، احترمي والدتك وإلا سيكون تصرفي معك مختلفاً! لم يعد لديك احتراما لأي أحد! لا لي ولا لوالدتك ولا حتى لأختك! وهل ستكونين بالمثل مع زوجك عندما ستتزوجين !! .
صمتُ ومشيت نحو السلم، أوقفني: أنا لم انتهِ من كلامي! .
قلت: أبي أنا لست صغيرة! .
قال: هذه هي المشكلة! تتصرفين تصرفات يتصرفها الأطفال بينما أنتِ فتاة بالغة! .
قالت خالتي: لقد أخفتنا يا ابنتي، يجب أن تخبري والدتك أو والدك على الأقل بمكان ذهابك وموعد عودتك! إنهما والداك، ولهما حقا عليك!
.
قلت بغضب: هما لم يحترما حقي في أن تكون لي أسرة كاملة! كيف لي أن أحترم حقوقهما!
.
صمتت خالتي بانحراج، وتغيرت ملامح وجه أبي وأمي، لم ينظرا لي أو يتكلما بكلمة.. .
"كلامي كان ثقيلاً، أفكاري كانت مبنية على الحقد والكراهية! قلبي كان أسوداً من شدة الظلام!" .
صعدت للأعلى، لغرفتي، كنت أشعر بالغضب والضيق، رميت حقيبتي وحجابي على الأرض، رميت هاتفي على السرير، وجلست على الكرسي، أهز رجلي بعصبية!
.
.
#رواية_زهرة_سوداء_ذابلة #Houria
.
.
#بارت_31
.
"بعد يومين، ليلة الزفاف"
.
الجميع في ذلك الصباح يستعد للحفلة، زوجة أبي، أبي، والعروس! .
بينما كنت جالسة على السرير في غرفتنا، أنظر للفراغ، لقد نمت ليلة البارحة مع أختي، أصرت عليّ لأنها آخر ليلة لها في هذا البيت، رفضت، لكن أبي أجبرني.. لا أدري لِمَ لم أستمر في رفضي! وكأن طاقتي قد انتهت! .. طوال الليل، لم تنم هي، ولا أنا كذلك! هي خائفة ومتوترة من هذه الليلة، وأنا كنت محطمة وحزينة لقدوم هذه الليلة، كانت تتحدث لي عن مشاعرها وأحاسيسها، بينما كنت صامتة تنهمر دموعي بصمت، كانت الغرفة مظلمة، لم ترَ دموعي، كانت فقط تسمع مني كلماتاً بسيطة للتعقيب على كلامها
.
ها هي ذهبت للصالون، وأبي ذهب ليتأكد من تحضيرات الزفاف، وأنا بقيت جالسة هنا! لا أدري ماذا أفعل! هل يجب عليّ أن أتزين وأتجمل لزفاف أختي! - المفروض! - لكنني لا أشعر بهذه الرغبة.. حتى إنني ليس لدي فستان!
.
فستان! نهضت من السرير، تجهزت وخرجت إلى السوق، بحثت عن فستان جميل يليق بي، وجدته أخيراً، اشتريته، ذهبت للصالون، وما إن جاء الليل، إلا وأنا جاهزة ..
.
خرجت من الصالون صعدت سيارتي، نظرت لنفسي وابتسمت برضا، رن هاتفي، نظرت إليه كان عمار، زفرت بضيق: ما به! يتصل بي كل يوم! لن أجيب حتى لو اتصلت للصباح! يجب أن تنتهي هذه المهزلة! كل ما يحدث هو خطأ! خطأ كبير.. أنا لم يكن عليّ الصمت! هذه آخر فرصة لي مع بدر! هذه آخر فرصة!
.
ذهبت للحفلة وأنا مصممة على ما سأفعله.. وصلت، كانت هناك أمي، خالتي، جدتي، وبعض أقربائنا، جميعهن رحبن بي وانبهرن بجمالي، كنت ابتسم لهن مجالمة، ذهبت لزوجة أبي التي تستقبل الضيوف، وقفت بجانبها أستقبلهن أيضاً، ثم قلت بهمس لها: ألم يأتي العريسان بعد؟
.
قالت: كلا، إنهما في الطريق
.
قلت في نفسي "سأصبر لدقائق كما صبرت لشهور!" .
جاء العريسان، ذهبت زوجة أبي لاستقبالهما، معها أم بدر، ذهبت خلفهما بعد أن ارتديت حجابي وعباءتي، أسرعت نحو الغرفة، فتحت الباب ورأيتهما بجانب بعضهما البعض، أختي كانت جميلة جداً، كانت في تلك الليلة زهرة مفتحة، بينما كنت في حينها فعلاً ذابلة! .. وبدر كان منيراً بل مضيئاً في تلك الليلة
.
دخلت بينما كانا مشغولين مع والداتهما، وقفت أنظر لهما بعين الحقد والكراهية! أردت لو انتزع فستان أختي وأرتديه! ليست هي من يجب أن تقف هنا! بل أنا!! صرخات داخلية في قلبي تتلوها صرخات! .
قلت فجأة: بدر
.
نظروا لي، أكملت: أبي يريدك في الخارج، تعال معي مسرعاً
.
قالت زوجة أبي: ماذا يريد به الآن؟ إنه وقت الزفاف!
.
قال بدر متعجب: أنا رأيته قبل أن أدخل لم يقل لي شيئا!
.
قلت بتوتر: قلت لكَ ما قاله لي
.
"مجرد كذبة مدبرة!"
.
.
.
#بارت_32
.
"من هو الخاسر!!" .
لا زلت أتذكر صوت علا وهي بفستانها ليلة الزفاف، دمعتها على طرف أهدابها، تقول بانكسار وبحة صوت "أبي خذني إلى البيت!"
- ليتني لم أفعل ما فعلت! ليتني كنت واعية لما هدمت كل شيء! .
.
.
هذا ما حدث .. .
خرجتُ مع بدر من غرفة العريسين، إلى الباب الخلفي للصالة، وقفت، لم يكن هناك أحد، نظرت لبدر الذي ينظر حوله باحثاً عن أبي، قال: أين والدك؟ .
قلت متجاهلةً كلامه: إن لم تكن لي، لن تكون لأختي! .
نظر لي وكأنه يحاول أن يفهم الأمر، ثم قال: هل أنتِ مدركة أنني أصبحت زوج أختكِ! .
قلت بقهر: مدركة، ولكن قلبي ليس مدركاً
.
قال: ما تفعلينه خطأ كبير، دعينا نعود للزفاف
.
قلت: أنا التي أفعل الخطأ أم أنت! تزوجت أختي وأنت تعلم أنني أختها! هل هو تحدٍ لي أم ماذا!
.
قال فوراً: كلا لم أكن أعلم، لقد علمت أنك أختها في اليوم التالي من الملكة، عندما كانت علا تريني صورها معك
.
صمتُ قليلاً، ثم قلت: وماذا عن الجوري!
.
قال بملل: الجوري تعرفينها، لم تتركني وأصرت على أن تخطب أخت زوجتي، وعندما أخبرتها أنها أنتِ استبشرت وأصرت على خطبتك
.
قلت: هل كل هذا صدفة!
.
بدر بهدوء: لو كان الأمر عليّ! لذهبت للمغرب إن كنت في المشرق.. لأنني منذ يوم التخرج لم أود اللقاء بك
.
قلت بعدم تصديق: كاذب!! لو كنت صادقاً لطلقت علا منذ ذلك اليوم، لكنت ما أحضرت لي هاتفاً جديداً .
قال: لست مضطراً للتوضيح، لكنني سأوضح لك ما تريدين كي لا يزداد الأمر سوءاً
.
كتفت يدي: أنا أسمعك
.
كنت أنظر له وهو يتكلم، بينما هو ينظر لحوله من مواقف سيارات، أو ينظر للأسفل، كنت مغتاظة من حركته، لم أكن واعية، لماذا لا ينظر لي! ألهذه الدرجة يكرهني! أم أنه لا يريد أن يتأثر بجمالي
" لم أكن مدركة أن جمالي كان فتنة للرجال! بدلاً من أستر نفسي، كنت أظهر أمام بدر دائماً، عرفت من والدته فيما بعد أنه يتجنب النظر لي حتى لا يقع في قلبه شيء هو لا يريده، فهو لا يريد أن يفتتن بجمال خارجي، بل هدفه أن تكون زوجته ذات جمال داخلي" .
.
قال بدر: أولاً، الهاتف جلبته لك إصراراً من علا، لم تود أن أخبرك، لكنها دفعت نصف مبلغ الهاتف، وأنا دفعت النصف الآخر، أما ثانياً، فأنا لا أستطيع أن أطلق علا، هذا ليس سبباً عظيماً يجعلني أهدم حياة الفتاة وأطلقها دون ذنب، ثم إنني أحببت علا، وقلبي تعلق بها، ولا أظن أنني سأجد فتاة أخرى تناسبني مثلها، نسبة التوافق بيننا كبيرة
.
""ثم إنني أحببت علا، وقلبي تعلق بها، ولا أظن أنني سأجد فتاة أخرى تناسبني مثلها، نسبة التوافق بيننا كبيرة"" .
لعل هذه الجملة أكثر ما أثار هيجان قلبي تلك الليلة!
.
#رواية_زهرة_سوداء_ذابلة #Houria

رواية/ زهرةٌ سوداءُ ذابلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن