البارت ٤٦ و ٤٧ و ٤٨

36 0 0
                                    

.
#بارت_46
.
"رسالتان، لبدر، ولعلا"
.
سافرت مع خالي، وأمي لألمانيا! جلسا هناك في فندق، بينما كانت إقامتي في المشفى!
.
استلقيت على السرير بمساعدة الممرضة، قلت لها بالألمانية التي تعلمت القليل منها أثناء سفري السابق لألمانيا مع جدتي: هل جاءت والدتي؟
.
قالت: كلا، لقد انتهى موعد الزيارة
.
زفرتُ بضيق، بعدها ذهبت الممرضة، بعدما أطفأت عليّ النور، كنت في تلك الظلمة أفكر، هل يا ترى قرأ بدر رسالتي؟ هل قرأت علا رسالتي التالية؟
.
كانت رسالتي لبدر تقول:
"بسم الله الذي قربني إليه بفضلكَ وفضل والدتكَ! بسم الله الرحمن الرحيم!
.
إنني أخطأت كثيراً، أذنبت كثيراً، ومع ذلك لم أرى منكَ ومن والدتكَ إلا الجميل!
كنت سأعتذر من قبل، يوم الحادث، لكن قدر الله أن يكون آخر لقاء لي بكَ هو ذلك اليوم! الذي أخبرتني فيه بحقيقتي، وبقبحي! لن أنسى ذلك اليوم! لأنه كان إشارة لي لتغيير حياتي للأفضل
.
فقبل أن أقول عذراً، سأقول شكراً، "شكراً جزيلاً"!
وأعلم أن عذري لن يمحو ذنبي!، لكنني أقولها بكل ندم "عذراً"
.
إنني فهمت أنكَ لأختي، وأن أختي لكَ!
هي تحبكَ، وأنتَ تحبها، لهذا أطلب منكَ طلباً، أتمنى أن تجيبني فيه، وهو "أن تعود لأختي وتعقد قرانك عليها من جديد"، ولا تقلق بشأني فأنا ذاهبة للعلاج في ألمانيا، وقررت الاستقرار هناك!
.
لكَ حرية القرار، وأي قرار ستأخذه فهو صائب، لأنني واثقة أنكَ مع الله، ولا يضل من كان مع الله وكان الله معه!
.
- من فتاة كانت زهرة سوداء ذابلة"
.
ورسالتي لعلا كانت قصيرة جداً، وصية قصيرة:
"أختي ذات القلب الصافي،
إن طلب بدر الزواج منكِ، فاقبلي، فقبولك يعني لي أنك عفوتِ عني، وإن لم تقبلي فلم تعفي عني!
أنا سأستقر في ألمانيا، لن أؤذيكِ بعد الآن!"
.
.
"هل عاد بدر لعلا أم لا!؟"
.
#رواية_زهرة_سوداء_ذابلة #Houria
.
.
#بارت_47
.
استيقظتُ اليوم التالي، عاينتني الممرضة، ثم قالت بلغتها: سيأتي الطبيب لفحصكِ
.
قلت لها بالألمانية: أريد حجابي
.
ناولتني إياه، ارتديته بشكل غير مرتب، مع مساعدتها، ثواني، دخل الطبيب، نظر لي مبتسماً وتكلم بالإنجليزية: كيف حالكِ؟
.
أجبته باللغة التي تكلم بها: إنني بخير
.
قال وهو ينظر ليدي المجبسة: قالوا لي أنكِ تعانين من شلل بالرجلين، لم يخبروني عن يدك؟
.
قلت: إنها كُسرت من الحادث!
.
قال: حسناً، هل تسمحين لي بفحصها!
.
قلت: بالطبع
.
قال للممرضة أن تجلب له آلة فك الجبس، أتت بها مع المقص، استخدم الآلة، ثم بدأ يقص الطبقة القطنية على مهله، وأنا أنظر إلى يدي، فجأة شعرت بألم فصرخت صرخة: آاه
.
توقف هو وقال بتساءل: ما بكِ؟
.
رفع المقص وإذا به قد جرح يدي به دون علمه، عندما نظر للدم استدرك وقال بالألمانية: اعتذر اعتذر "ثم استوعب وأعادها بالإنجليزية" أعتذر أنا أسف!
.
قلت له بالألمانية وأنا أتألم: ليس وقت الاعتذار، يجب أن تداوي جرحي الآن!
.
تفاجأ، وأخذ من الممرضة الدواء، أوقف الدم، ثم أكمل قص الجبس ببطء وهو ينظر لي بحذر، لم أستطع ألا أضحك على شكله، قال وهو ينزع الجبس عن يدي بالألمانية: لم تضحكين؟
.
قلت: منظرك مضحك!
.
قال بابتسامة: أنا حذر جداً في تعاملي مع المرضى، وإن وقع مني خطأ أتأثر وينتابني الندم حتى لو كان هذا الخطأ بسيط
.
تذكرت خطأي "الذي لم أنسه إلى اليوم"، فقلت بالعربية بهمس: إن للخطأ مرارة ندم لا تطاق!
.
قال هو بالعربية: صدقتِ
.
تفاجأت، نظرت له بتعجب وتساءل؟ قال بالعربية مبتسماً: لستِ وحدك من تعرفين الألمانية! وأنا أعرف العربية!
.
قلت: جميل، هل درست في بلد عربي؟
.
قال: تقريبا، كنت طبيباً في عدة مناطق عربية، اضطررت لتعلم اللغة، وتعلمتها!
.
قلت: وأنا اضطررت لتعلم الألمانية قليلاً عندما جئت لعلاج جدتي
.
قال: حقاً! حسناً إذاً، فالنتفق على لغة واحدة نتكلم بها بما أنني طبيبك وستريني كل يوم؟
.
قلت بتفكير: الإنجليزية، حتى نكون متعادلان!
.
قال بالإنجليزية: كما تشائين!
.
أكمل معاينته لي، قال لي أنني أستطيع تحريك يدي الآن مع العلاج الطبيعي، الذي هو في الأساس سيكون علاجاً لرجليّ حتى أعود للحركة من جديد! أعطاني الأمل، فرحت، ثقته بشفائي ذكرتني بأم بدر!
.
"لقد سخر لي ربي أناساً ذو همة عالية وتفاؤل كبير، حتى أعود لما كنت عليه من قوة ولكن دون كبرياء وغرور! فالحمدلله!"
.
.
#رواية_زهرة_سوداء_ذابلة #Houria
.
.
.
#بارت_48
.
"جرحٌ بسيط، كان في نظري جرح عميق"
.
نظرت تلك الليلة لجرح يدي، تذكرت جرح بدر!، صرت أفكر، ما الفرق بين الجرح الذي جرحته بدر، وبين الجرح الذي جرحني إياه الطبيب؟
.
- جرح الطبيب كان دون قصد، وجرحي لبدر كان عمداً!
- الطبيب ندم في الحال عندما أخطأ، وأنا لم أندم إلا بعد مدة من الزمن!
- هو اعتذر مني في الحال، بينما أنا لم اعتذر من بدر إلا عندما تأذيت أنا!
- كم هو الفرق بين قلبي وقلب الطبيب! "غبطت الطبيب على امتلاكه لهذا القلب، تمنيت لو أمتلك قلباً مثله!"
.
اليوم التالي، جاءت والدتي تحمل لي رسالة من الجميع الذين يتمنون لي الخير. أكثر ما اهتممت له هو سلام أم بدر، سألت والدتي: هل أخبرتك شيئاً آخر؟
.
قالت أمي: كلا، فقط أوصتني أن أقول لك أن تتوكلي على الله، وتكوني قوية
.
ابتسمت لوالدتي وأنا أفكر، ألن يقبل بدر اعتذاري ويعود لعلا! حينها دعوت "يا رب، ليّن قلبيهما، واجمعهما على خير، ليس من أجل فرحتي وتخفيف تأنيب ضميري، لكن من أجل حبهما الصادق الذي لم امتلك مثله!"
.
جاء الطبيب والممرضة، أخذاني لصالة العلاج الطبيعي، لم أكن الوحيدة، كان هناك غيري الكثير، بدأنا بالتمارين البسيطة، لم استجب مع الطبيب كثيراً، عندما انتهينا قال بفرحة: استجابتك جيدة! يبدو أنني لن اتعب معكِ كثيراً
.
شعرت بالتفاؤل من كلامه، قلت بغرور: أنا أساساً قوية وسأتغلب على هذا المرض في أقرب وقت!
.
قال بتحدي: حقاً!
.
ابتسمت بإصرار: سترى!
.
مر اسبوعان، بدأت أشعر بالاحباط والملل، كل ما حدث خلال الاسبوعين هو أنني استطعت تحريك أصابعي قليلاً ولكنني لا زلت لا أشعر ببقية أطراف رجليّ
.
ذلك اليوم، بعدما انتهت التمارين، قال الطبيب: هل نتكلم قليلاً، أشعر أنكِ محبطة ويجب أن نتحدث، فالاحباط يجعل الأمر صعباً. هل تريدين الخروج للحديقة؟
.
أيدتُ فكرته، ذهب بي للحديقة، أوقف الكرسي المتحرك بجانب أحد الكراسي وقال: سأجلب عصيرين
.
ذهب، انتظرته، فجأة، دفعني شخص، التفتُ، كان عاملاً لا يُرى منه غير عينيه! قلت: من أنت؟
.
أجابني بالإنجليزية وهو يسير بي: طلب مني الطبيب أن أخذك إليه
.
تعجبت، لكنني التزمت الصمت، سار بي في ممرات المشفى، حتى وصلنا لغرفة كان يقف عليها عامل آخر قد فتح الباب، دخلنا، وسمعت مَن ورائي يقول: أغلق الباب
.
نظرت للغرفة، غرفة معاينة خالية!، أغلق مَن بالخارج الباب وسمعت صوت القفل!، جاء العامل أمامي، أخرج قطعة قماش، أخد أحد الأدوية، رش منها على القماش ثم نزع الغطاء عن أنفه وفمه
.
تذكرته! السيد آدم!!، بينما أنا في صدمتي قال: مرحبا أيتها الجميلة!
.
قبل أن أنطق، وضع القماش على فمي وأنفي، لم أستطع منعه، لأنني خلدت للنوم!
.
.
.
#رواية_زهرة_سوداء_ذابلة

رواية/ زهرةٌ سوداءُ ذابلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن