الجزء الثاني عشر

1.4K 44 5
                                    

حياة عادية
الجزء الثانى عشر

مر اربعة ايام كانت الافكار تعصف براس منى تفتقد بشدة المعاملة المميزة التى تتلقاها من مروان وفى وجوده وتلك الاماكن التى لم تشاهد مثلها يوما برغم امكانيتهم المادية المرتفعة وظلت تقارن بين احمد ومروان من حيث الشكل والاسلوب والامكانيات وشكل الحياة التى قد تحياها مع كلا منهما لترجح كفة مروان بلا منازع وعلى كافة المستويات ولكن ذلك لم يحسم امرها بل زادها حيرة وضيق لسبب لا تتفهمه فحاولت طرد الافكار من راسها وبدأت تستعد للذهاب للمستشفى لرؤية والدها ككل يوم وارتدت ملابسها وخرجت من غرفتها لتجد عمها ابراهيم يستعد للخروج هو ايضا
ـ منى: ثانية واحدة ياعمى انا جاهزة.
ـابراهيم: يالا يا حبيبتى عشان اوديكى المستشفى واروح اشوف اللى ورايا، اجى اخدك نتغدى الساعه كام.
ـ منى بامتنان: ياعمى مش معقول كده، كل يوم تاعب نفسك معايا فى مكان شكل.
ـ ابراهيم بعتاب: ياستى انا مبسوط كده مش تعبان، طبعا انا ملاحظ انك ما بتبقيش مبسوطة قوى زى فسح مروان بس على قدى بقى.
ـ منى بخجل: ربنا يخليك لى وما يحرمنيش منك، انا مبسوطة عشان انت معايا، يالا بينا.
********************************
كانت منى تجلس بغرفة الانتظار تتطلع لوالدها عبر الباب الزجاجى لتشعر بشخص يقف خلفها وقبل ان تلتفت سمعت صوته الرخيم يهمس بلهفة: وحشتينى قوى يا اميرتى.
ـ منى بلهفة: مروان، انت رجعت من امتى.
ـ مروان بهيام: من المسافة ما بين الطيارة وهنا.
ـ منى بخجل: حمد على السلامه.
ـ مروان ناظرا لعينيها: محسيتش بالسلامه الا وانا ببص لعنيكى.
ـ منى بخجل: اتفضل استريح.
ـ مروان باصرار: مش هستريح الا ما تقولى انك موافقة وننزل دلوقتى على المأذون.
ـ منى بفزع: ايه الجنان ده!
ـ مروان بحسم: انا ابقى مجنون فعلا لو سيبتك تضيعى من ايدى بعد ما لاقيتك [بهمس] منى انا اول مرة فحياتى اسيب شغلى وارجع من غير انهى مشاكلى تماما لانى ما قدرتش ابعد عنك اكتر من كده، يعنى لازم اسافر تانى عشان شغلى، ولازم نتجوز دلوقتى عشان اخد القسيمة معايا اعمل بها اجراءات السفر لانى لايمكن ارجع امريكا من غيرك.
ـ منى بتوتر: لا طبعا مستحيل، اولا انا لسه ماوافقتش على الجواز، وحتى لو وافقت طبعا مينفعش دلوقتى خصوصا وبابا فى غيبوبة.
ـ مروان باصرار: ده ادعى اننا نعجل بالجواز، انا هاخد معى كل فحوصات بابا لان المستشفى اللى دخلها بابا المرة اللى فاتت بتاعتى، وهى مستشفى من اكبر المستشفيات فى امريكا وانا بعد ما اخلص اجراءات اقامتك بالقسيمة هاجى اخدكم انتوا الاتنين ويبقى بابا معنا ويتعالج فى المستشفى بتاعتك.
ـ منى بذهول: بتاعتى!
ـ مروان بحب: طبعا يا اميراتى ماهو بعد جوازنا النهارده، انا وكل ما املك هنبقى ملكك، يالا يامنى مفيش وقت نضيعه انا لازم اسافر تانى فى اسرع وقت، ولازم اكتب كتابنا قبل ما اسافر.
ـ منى بتردد: النهارده مستحيل ادينى فرصة اقنع عمى عصمت.
ـ مروان متهكما: وانت فاكرة ان عمك عصمت ممكن يوافق وهو وابنه معتبرينك بتاعتهم، وهما عارفين ان جوازك من اى حد غير احمد معناه ضياع سيطرتهم على الشركة وخصوصا واللى هتجوزيه ده من طرف عمك ابراهيم.
ـ منى بتردد: وانا لا يمكن اوافق على كده، ده غير جوازنا بالشكل ده هيبقي باطل لانه من غير ولي.
ـ مروان باعجاب: بعد كلامك ده انا تمسكي بك زاد اكتر، انا سبق وقلت لك انى عايز واحدة ملتزمة، يبقى كلامك صح مينفعش البداية تبقى غلط، لكن مفيش مشكله، عمك عصمت مش عمك الوحيد.
ـ منى بدهشة: تقصد ايه؟
لم يرد واخرج هاتفه واجرى مكالمة: ايوه ياعمى.. الله يسلمك.. حضرتك فين.. يعنى انت دلوقتى قدام المستشفى عشان تاخد منى تتغدوا.. طيب من فضلك خليك عندك انا مع منى واحنا الاتنين نازلين لك حالا.
وامسك بيدها وسحبها وراءه سحبا لخارج المستشفى.
********************************
فى احد المطاعم الفاخرة
ـ ابراهيم بهدوء: لو عايزين تتجوزوا انتوا حريين، لكن مش بالطريقة دى، طيب حتى استنوا لغاية ما محمد يفوق.
ـ مروان بحزم: ماهو احنا لو استنينا يبقى مش هنتجوز، اولا لو باباها فاق عمها عصمت مسيطر على عقله وخصوصا وهو هيكون لسه خارج من غيبوبة ومش فى كامل وعيه وممكن يخليه يجوزها لابنه، ويعنى انا اسف يا منى، لو باباها اتوفى عمها عصمت هيكون الوصي عليها واستحالة طبعا يوافق عشان خاطر ابنه ومصلحته هو كمان، ده غير ان حضرتك عارف طبيعة حياتي، وانى علطول بتنقل من بلد لبلد وظروفى متسمحش انى افضل رايح جاى على مصر كل شوية لان ده هيعطل شغلى ويخلى بابا يرفض جوازنا بعد ما اقتنع بالعافية لما شاف اد ايه انا متمسك بمنى بعد ماكان مصمم يجوزنى بنت شريكه الملياردير.
ـ ابراهيم وهو ينظر لمنى التى يبدو عليها الصدمة والتوتر: وانت موافقه على الكلام ده يا منى.
فتحت منى فمها لترد فاسرع مروان للرد نيابة عنها هو انا بكلم حضرتك فى غيابها ولا مهددها، هى قاعده سامعنى وساكته، والسكوت علامة الرضا، يبقى مفيش داعى نحرجها.
ـ ابراهيم باستسلام: بصوا ياولاد لو ده حصل قبل وفاة يارا انا كنت وقفت ضدكم، لكن اللى حصلها عارفنى ان العمر اقصر من ان نعيشه بطريقة مش مريحانا، وعشان انا بعتبر منى مكان يارا ونفسى احقق لها اللى مقدرتش اعمله ليارا انا موافق اساعدكم، وربنا بقى يستر على هايعمله احمد وعصمت لما يعرفوا.
ـ مروان بسعادة: ربنا يخليك لينا يا عمى، ونظر لمنى المنفصله عنهما وكأن الموضع لا يخصها هى، يالا يا حبيبتى انا لازم اسافر خلال ساعتين ياما اخسر ملايين، احنا نتصور فورى وجرى على المأذون، ومد يده ساحبا لها عندما لم يجد منها استجابة.
اسفل منزل المأذون
مروان ناظرا لمنى التى شحب وجهها وبدى وكأنها التصقت بمقعد السيارة مدللا: يالا، مش هينفع أتأخر أكتر من كده.
ـ ابراهيم بهدوء: طيب ياولاد انا هطلع اديله الصور واملا البيانات، وانتوا حصلونى، زاد شحوبها بعد أن أصبحت وحيدة تحت تأثير مروان المهلك.
ـ مروان ببعض الخشونة: يلا يامنى مفيش وقت للدلع ده.
ـ منى بارتباك: بلاش دلوقتى عشان خاطري يا مروان، احاول اقنعهم الاول ولو رفضوا، نبقى نعمل اللى انت عايزه.
ـ مروان بحدة: ايه اللى انت بتقوليه ده، انت نسيتى انا مين مش انا اللى واحدة ترفضني [هدأت نبرته قليلا] بصي يامنى انا بحبك وماقدرش استغنى عنك لكن كمان ما أقدرش أدوس على كرامتى اكتر من كده [بتهديد] لو مش هتنزلى دلوقتى تطلعى معايا مش هاغصبك بس انسى انى ارجعلك تاني حتى لو جتيلي بنفسك امريكا تترجيني، واعرفي ساعتها ان بسبب جبنك دوستي على قلب كل ذنبه أنه حبك، فاختارى ودلوقتى حالا ياما تعيشى عمرك كله شايلة ذنب قلب حبك [مد يده اليها واكمل برقة] ياما تحطى ايديكى فى ايدى وندخل جنتنا سوا.
مدت اليه يدها بشكل آلي فسحبها بهدوء ليصاعدا سويا لاتمام عقد قرانهما ليهبط ثلاثتهم بعد دقائق بعد انتهاء الامر.
ـ ابراهيم بسعادة: مبروك ياولاد ناويين على ايه دلوقتى.
ـ مروان بسعادة: الله يبارك فى حضرتك، انتم هتروحوا عادى دلوقتى، وانا هسافر اشوف شغلى واول ما حضرتك تبعت لى القسيمة وتقرير المستشفى بحالة باباها هاجهز اجراءاتى وهاجى أخدهم هما الاتنين [ملتفتا لمنى] هتوحشيني يا حبيبتي، هاكلمك أطمن عليكى كل يوم، واخلص الاجراءات باسرع ما يمكن عشان نبقى مع بعض علطول، مالك يا أميرتى سرحانه وساكته كده ليه.
ـ ابراهيم بسرعة: ايه يابنى مش عروسه ومكسوفه، ما تحرجاهش اكتر من كده، ويالا بقى عشان ما نتأخرش.
********************************

فى شقة ابراهيم
ـ ابراهيم بغضب: انت اتجننتي، يعني ايه هتقولي لهم.
ـ منى بتلعثم: مش هاقدر ابص فى وشهم وانا مخبية حاجة زى دى، صدقنى هيبان عليا وهيعرفوا فالاحسن يعرفوا منى وبعدين انا مش عامله حاجة غلط عشان ادريها، انا اتجوزت على سنه الله ورسوله وبوكاله حضرتك، واختيار شريك حياتى ده حقى وانا اتمسكت به.
ـ ابراهيم بسرعة: طيب مش المفروض تستأذني مروان الاول مش انتم اتفاقتم انكم هتخبوا لغاية ما يرجع ياخدك، اساليه يمكن مايوافقش انك تقولي لهم.
ـ منى باصرار: حتى لو ماوفقش برضه هاقولهم، لاني ما تفقتش معاه اننا هنتجوز في السر، مروان كان بيخبي لغاية ما نكتب الكتاب علشان محدش يمنعنا وأدى الكتاب اتكتب، وبجد انا لغاية دلوقتى انا مش عارفه انا وافقت على كده ازاي.
ـ ابراهيم بخوف: منى انت ندمانه انك اتجوزتى مروان.
ـ منى بتردد: لا بس ندمانه انى هنت نفسي ورخصتها، كان ممكن اواجههم واصمم على رايى ومكانش حد هيمنعني، لكن ماينفعش اللى عملته فى نفسى ده [بحزن] وكمان مينفعش اسيب احمد يبني احلامه ويظبط حياته على جوازنا وانا خلاص متجوزة واحد تانى احمد ميستهلش مني كده، ولو حضرتك قلقان عشان كنت وكيلي، متقلقش انا هاقولهم ان حضرتك ملكش ذنب وان انا اللى اصريت، فمن فضلك ما تحاولش تمنعنى لانى فكل الاحوال هقول لهم،
ـ ابراهيم باستسلام: براحتك يا منى، وبدل مصرة انا طالع معاكي، مش هاسيبك لوحدك فى موقف زى ده.
********************************

حياة عادية بقلم / منى الفوليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن