الجزء السادس عشر

1.4K 51 7
                                    

حياة عادية
الجزء السادس عشر

جلست على السرير لا تصدق ما سمعته اذناها، لقد اتاكدت انه ليس طبيعيا وانه يعانى من خلل ما، لذا لم تحاول استثارته باى كلمه، حتى انها اخذت منه قرص المهدئ الذى اعطاه لها بهدوء ولكنها تعمدت احتجازه تحت لسانها اثناء تجرعها الماء ثم لفظته بعدها بلحظات بمنديلها وهى تتظاهر بالعطس وستظل هكذا هادئة تتركهم يظنوا انها مستسلمة للامر الواقع، حتى يأمنوا جانبها، فى نفس الوقت الذى تحول هى فيه ان تجد لنفسها مخرج من هذا المازق، وانتشلت نفسها من افكارها وحاولت ان تستغل تركه لها بدون قيود بعد تظاهرها بالنوم لتقترب من باب الغرفة لتستمع لحديثهما علها تجد فيه ما يساعدها.
ـ مروان بغضب: بس كده ما اشتغلها دادة احسن، انا بجد مبقتش فاهم حاجة، الاول واحنا بنتفق حسيت انك ما بتكرهش حد فى الدنيا اد البت دى، وبعدين وانا جايبها على هنا قعدت تنبه عليا انى ما المسهاش ولا أأذيها كمان الايقيك اتجننت انى ربطتها، وعايزنى اسيب لها الفيلا لوحدها واقعد فى الملحق بره واعاملها كويس، واراضيها على قد ماقدر يبقى ده معناه ايه [ساخرا] قلب العم حن وانتوا عيلة ملكوش غير بعض وانا اللى هارحوا فى الرجلين.
ـ ابراهيم بحقد: انا مبكرهش حد قدها، ومنى عينى ادخل اجيب اجلها دلوقتى، بس اللى انا بقوله ده معناه انى بامن لينا خط راجعة لو وقعنا فى ايدين أحمد.
ـ مروان بحيرة: مش فاهم!
ـ ابراهيم بأعين زائغة: اسمع يا بنى ادم، الخطة القديمة كانت ان انت تختفى بعد ما تبيع لى ويبان ان انت خدعتنى زى ما خدعتها وبعتلى نصيبها وانا فاهم انها موافقة، لكن بعد ماعرفت كل حاجة بقى اكيد هتحصل مواجهة مع أحمد، ولو تعرف اهمية الزبالة اللى جوه دى عنده، هتشكرنى ان المواجهة دى محصليتش وهو عارف انك حتى ضايقتها بكلمة او نظرة، فما بالك لو قالت له انك اغتصبتها او لمستها او اذيتها او انها بتستأذنك عشان تدخل الحمام وبتقف لها على الباب بره.
ـ مروان بعصبية: اعلى ما فى خيله يركبه انا اعمل اللى انا عايزه ولو اتكلم احط القسيمة فى عينيه.
ـ ابراهيم متهكما: ده على اساس انه هيعاملك رسمى ولا هيستنى تطلعله القسيمة، اسمعنى يا بن الحلال انت لو خدت فلوسها كلها ورجعت لحضنه سليمة وبخير ممكن ما يعملش اى حاجة من فرحته برجوعها اويكتفى انه يرفع عليك قضية نصب، اما بقى لو محمد فاق من الغيبوبة وهى ما ورثيتش وماخدناش ولا مليم وهى رجعت قالتله بس انك دوست ليها على طرف، فنصحتى انك لو موت نفسك هيكون اهون من اللى هيعملوه فيك.
ـ مروان هازئا: ليه هركليز، على فكرة انا شوفته كذا مرة من بعيد، وانا بعون الله قده وقدود.
ـ ابراهيم بحدة: هو انت يا متخلف فاكره هيتخانق معاك.
ـ مروان بحيرة: امال هيقدر يعمل ايه.
ـ ابراهيم بتوتر: لا يقدر يعمل كتير، كفاية اقولك ان الباشمهندس ساهم فى تصميم المنشات الهندسية لمبانى رئاسية، وانه على علاقة شخصية بأكبر شخصيات فى الدولة وكلهم يتمنوا يخدموه وان كل تصمايم قصورهم هدية منه وكل المشروعات القومية اللى اتعملت من قبل ما يتخرج بسنة كان مساهم فيها.
ـ مروان بذعر: يانهار اسود وانت ازى توقعنا ما واحد واصل كده، وما وضحتش الصورة من الاول.
ـ ابراهيم بهدوء: لانى عارف الحدود من الاول وعشان كده كنت منبه عليكى ماتتجاوزش حدودك معها وتبعد اول ما تكتب الكتاب لان الباشا مثالى ما بيحبش يستغل معارفه وعايش فى دور المتواضع لدرجة ان المتخلفة اللى جوه ما تعرفش المكانه اللى وصل لها لكن بحكم عملى بنفس المجال انا عارف مكانته، وعارف كمان طبيعته وانه مش ممكن يتخلى عن مبادئه ويستخدم نفوذه الا لو قلبه اتوجع، وقلبه عندك فى الاوضة جوه، وانت وكيفك بقى.
ـ مروان بسرعة: لا طبعا تغور، دى ماتملاش عينى اصلا، انا بس كنت فاكر كده هنكسر شوكتها وتخرس.
ـ ابراهيم هازئا: لا انت كنت هتكسر رقبتك.
ـ مروان خانعا: لا ياباشا العمر مش بعزقه، ادينى الكتالوج بتاع ست الحسن والجمال، وانا من ايدك دى،لايدك دى.
ـ ابراهيم بحسم: يبقى تسيب لها الفيلا وتخرج تقعد فى الملحق، وقبل ما تدخل عليها تخبط، وماتضايقاش ولا تربطها.
ـ مروان معترضا: طيب من غير مقاطعة ياباشا طبيعى انى انام او ادخل الحمام، يعنى لو ماربطهاش هيبقى مش امان، طيب تعالى اقعد معنا ونعمل عليها وردايات.
ـ ابراهيم بتوتر: لا طبعا ما ينفعش، كده يشك فيا و يدور ورايا، وادينى سمعت كلامك واديتها المهدئ عشان نتفاهم، الحق بقى نام لك شوية، بس خلى بالك مش هنديه لها تانى، وخصوصا وهى مش بتاكل وممكن يجى لها هبوط.
ـ مروان بانفعال: وانا برضه بنى ادم مش كلب حراسة [بحماس] بس تاهت ولاقينها، الراجل صاحب الفيلا بيهجن كلاب على ديابة حاجة كده زى السلعوة وبيستخدمها للحراسة وبيبيع وياجر منها، وانا فاكر لما كنا بنخرج معاك انها بتترعب من الكلاب، احنا نجيب منه واحد نحطه بره في الجنينة وتتنطط براحتها في الفيلا المهم متخرجش من الباب.
ـ ابراهيم مستسلما: ماشى اتفق معه لما نشوف اخرتها.
بعد حوالى ساعتين
ـ ابراهيم باشمئزاز: يا ساتر يارب ده مش ممكن يكون كلب، ده حاجة متوحشة ملهاش اسم.
ـ مران ضاحكا: والله والراجل بيعرفه عليا قلبى كان هيقف لولا ان قالى انى بوجوده جنبى ادانى الامان، وكده هيسمع كلامى انا وبس، لكن لو لمح حد لوحده من غيرى قرب من باب الفيلا هيقطعه، بس انت ليه مرضتش انه يعرفه عليك.
ـ ابراهيم بنفور: انا كنت قرفان ابصله من شكله مش امسك ضهره احسس عليه، لما ابقى جاى ابقى اخرج انت دخلنى، وكمان انا مش هاجى الا للضرورة وكلمنى على النمرة الجديدة اللى ادتهالك بس خلى التليفون فى الملحق، اوعى تجى لها به هنا لاحسن تسهيك وتعمل مكالمة، وطبعا هى مش هتهوب ناحية الملحق ولا الباب والمسخ ده بره.
ـ مروان موافقا: ماشى مش هتدخل تشوفها قبل ما تمشى.
ـ ابراهيم ببرود: لا هى مش هتصحى قبل الصبح، والتعامل زى ما اتفاقنا، يلا اربط الزفت اللى بره بعيد وفكه بعد ما تخرجنى.
********************************
استيقظت على اشعة الشمس الظهيرة تلفح وجهها فقد نامت اخيرا بعد انصراف عمها وهو يظنها نائمة وقد استمعت لحديثهم فعلمت انها يمكنها النوم دون ان تخشى ان يتعرض لها مروان بسوء نهضت من السرير فتوجهت للحمام وخرجت صلت كل ما فاتها من فروض ثم دعت الله ان يفك كربها، قامت من صلاتها وتوجهت لنافذة الغرفة المدعم بقضبان حديديه لتنظر على الحديقة ولكن بمجرد اقترابها من النافذة تردد صوت هو مزيج من النباح والعواء لتنظر امامها لتجد مسخ حيوانى يقترب من النافذه يحاول النفاذ من بين الحديد للهجوم عليها فتراجعت بسرعة وهى تصرخ برعب تنتفض وتردد : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
بعد لحظات اقتحم مروان الغرفة فوجدها على هذه الحاله فنهر الكلب وامره بالانصراف فاطاع وعندما حاول مروان الاقتراب منها زادات صرخاتها وارتجافها فابتعد بسرعه ووقف بعيد وهو يرفع يده باستسلام قائلا: انا بعيد اهو ومش هلمسك خالص، وانا اسف انى دخلت الاوضة كده ومش هادخلها تانى انا بس جيت الحقك، انا هاتفرج على التليفزيون بره ياريت بعد ما تهدى تيجى عشان عايز اتكلم معاكى شوية وكمان عايزك تاكلى ثم خرج واغلق الباب وراءه
التقطت انفاسها وهى تفكر فى موقفها الجديد هى بالفعل قد استمعت لوصف عمها لهذا الحيوان ولكنها لم تتخيله بكل هذه الوحشية والبشاعة وقد تيقنت من استحالة خروجها او اقترابها من نافذة او الباب فى وجوده، هى الان بحاجة لحمام دافئ لتستجمع افكارها وتجد حل لمشكلتها، ولكن بالرغم من سماعها لاوامر عمها لمروان بعدم الاقتراب منها وتأكدها من التزامه بتلك الاوامر خاصة بعد اعتذاره عن دخوله غرفتها الا انها خائفة ا ن هى دخلت الحمام وتأخرت ان يقتحمه عليها لذا فقد اقتربت من الباب واخرجت راسها ونادت: مروان.
ـ مروان بأدب: ايوه يا منى عايزة حاجة.
ـ منى بتوتر: انا محتاجة اخد شور.
ـ مروان بدهشة: مش انتى عندك حمام فى الاوضة!
ـ منى بتلعثم: بس خوفت لو اتاخرت تقعد تخبط علي جامد وتزعق زى لما عملت لما فكتنى ادخل الحمام واتأخرت جوه شويه.
ـ مروان بادب كاذب: انا اسف ياستى وعايزك تنسي الموضوع ده خالص، وفى نظام تعامل جديد هنتفق عليه لما نعد ما بعض بعد ما تخرجى من الحمام، وعلى فكرة انا دلوقتى قاعد فى الملحق ولو عايزنى اروح هناك هامشى بس انا بقول ادينا مونسين بعض.
ـ منى براحة: لا خليك، بس ما تدخلش الاوضة.
ـ مروان بخنوع: حاضر وتقدرى تقعدى فى اوضتك براحتك وطول ما الباب مقفول هافهم انك مش عايزنى او مشغولة ومش هاقرب من اوضتك ولو عوزتك هاخبط ولو ما ردتيش هعرف انك مشغولة وهبقى اخبط وقت تانى.
ـ منى وهى تغلق الباب: شكرا.
اتجهت منى الى حقيبة ملابسها التى وجدتها بالغرفة وخرجت ملابس مناسبة واتجهت للحمام، اغلقت عينيها باسترخاء داخل حوض الاستحمام، كانت بحاجة ان ترخى اعصابها المجهدة اثر الربط بالحبال، فهى تريد ان تجمع شتات افكارها لتحاول التغلب على ما فعلته بنفسها فهى مصممة الا تخذله فمن الغريب انه على الرغم من كل المصائب المحيطة بها الا اكثر ما المها جملة عمها المتهكمة {طول عمره ذكى المرة الوحيدة اللى استغبى فيها اما راهن عليكى} لا لن تكون هى نقطة ضغفه كفاه ما سببته له من الام بسبب سذاجتها هو وثق بها وبذكاءه وراهن على ذلك وستجعله فخور بها، ستستفيد من المعاملة الجيدة التى اصبحت تحظى بها بسببه، ان ادبهما معها يسعدها و يؤلمها فى نفس الوقت يسعدها انها مازالت تحت حمايته حتى وهو بعيد تحظى بالاحترام لانها تنتمى اليه لانها تحت حمايته يخشون ايذاءها خوفا منه واحتراما له وفى نفس الوقت يؤلمها انها تعلم انها لا تستحق رعايته واهتمامه يذكرها بان حبه وحمايته لها كان دوما واضحا للجميع وعميت هى عنه، كيف شكت باخلاقه بلحظة وظنت بانه يختلق اسباب وهمية لغيرته من مروان الان تعلم السبب الذى منعته اخلاقه من البوح به حفظا لذكرى يارا، ولما اقسم بكل ثقة ان يارا لم تكن تحب مروان فيارا كنت تحبه هو بل تعشقه وصارحته بحبها وظلت تطارده لسنوات وظل هو صامدا على حبها هى مدافعا عنه رغم جفاءها معه رغم انها تحبه اكثر مما يحبها هو، نعم هى الان واثقة من حبها له، فهى عندما علمت بحب يارا لمروان كنت تشعر بالاثارة والتحدى ثم شعرت بالزهو عندما احبها هى، اما عندما علمت بحب يارا لاحمد فلقد احست بنيران الغيرة تشتعل بقلبها حتى بعد علمها بموقفه من هذا الحب، هى تغير على عينيه من ان يرى بعين اخرى نظرات اعجاب، تغير على اذنيه ان تسمع كلمات العشق من غيرها، تغير على يديه من سلام باخرى تتلهف للمسه، تغير رغم علمها انه لم يتلهف الا لنظراتها وكلماتها ولمساتها هى، تغير والغيرة دليل العشق اذا هى تعشقه لا تحبه فقط، قد تكون الظروف وصغر سنها اعمتها عن هذا الحب الا ان ذلك لم يمنع عشقه من النمو والتوغل بداخلها، حتى أحمد كان يعلم انه اول اولوياتها كما كانت دائما كل اولوياته، ستدافع عن حبها لعلها تغفر لنفسها ايلامها له وتعذيبها لقلبه، لن تسمح لنفسها ان تكون بايديهم معول هدم لاحلامه ووسيلة لسرقة شركته ونجاحه، عندما وصل تفكيرها لهذه النقطة صفا ذهنها وانتظمت افكارها وظلت تقلب الامر على كل الاوجه حتى توصلت لخطة مبدائية كانت العقبة الوحيدة بها هو خوف قوى كامن بداخلهها لكنها تعرف ان احمد يستحق ان تواجه مخاوفها من اجله بل وتتغلب على تلك المخاوف.
********************************

حياة عادية بقلم / منى الفوليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن