حياة عادية
الجزء السادس
بعد مرور ثلاث سنوات في غرفة سامح بشقة عصمت
ـ أحمد بلهفة: ها يا بشمهندس أنا عارف أن لسه بدري على المرتب بس عشان خاطري وافق تديني السلفة قبل ما نطلع المصيف بعد يومين.
ـ سامح بضيق: يا بنى ارحم نفسك أنت من ساعة ما اشتغلت معي وأنت في ثانوي وحتى بعد ما دخلت الكلية وبقى لك مصاريف وأنت حارم نفسك ومضيع فلوسك كلها على حبيبة القلب، وياريتها ناقصها حاجة ده عمي وطنط أمال بيشوفوا احتياجاتها قبل ما هي نفسها تحس أنها محتاجها يبقى محتاجة مرتبك في أيه، وفره لنفسك أحسن.
أحمد بهيام: أنا عارف أنها مش محتاجة حاجة أنا اللي محتاج أشوف السعادة في عينيها وهى فرحانة بحاجة جايبها لها من شقايا، مش هتصدق هي دى متعتي الوحيدة، وسعادتي بتبقى اكبر من سعادتها كل شهر وهى بتاخد من إيدي الروايات اللي بتحبها وتحضنهم ببقى حاسس وكأن انا اللى فى حضنها.
سامح بغيظ : هو ده اللي هيجنني زمان كنت فاكر أن الموضوع حب مراهقة عشان مفيش قدامك غيرها وقلت بعد ما تدخل الكلية وتشوف المزز هتنسي الهبل ده وتكتشف أنها حته عيلة في أولى ثانوي، الغريبة أن تمسكك بيها زاد بعد ما دخلت الكلية.
ـ أحمد بضيق: سامح أنت عارف غلاوتك عندي وأن إحساسي بك كأب تاني لي اكبر من إحساسي أنك أخويا بس من فضلك الحاجة الوحيدة اللي بتزعلني منك لما بتتكلم عن منى بالطريقة دى، أما مسألة أني أتمسكت بيها بعد دخولي الكلية اكتر فده حقيقي لاني اتشديت لبراءتها وطهرها اكتر بعد ما شفت المزز اللى بتقول عليهم.
ـ سامح ضاحكا: خلاص ماتزعلش يا روميو أنا بس خايف عليك وخصوصا وبصراحة أني مابشوفش فى عينيها لك نفس النظرة اللي في عينيك ليها وخايفة تتصدم لما تكبر وتكتشف انها ما بتحبكش.
أحمد بثقة : لا يا سامح منى بتحبني اد ما أنا بأحبها ويمكن اكتر كمان، المشكلة ا ن هي مش عارفة أنها بتحبني وده أولا لأنها صغيرة، وثانيا أن عمي ومراته قفلين عليها قوي فمعندهاش أي خبرة أو معرفة علشان تفسر مشاعرها ناحيتى؛ كل معلوماتها من الروايات اللي مديها صوره وهميه عن الحب، وثالثا ان احنا دايما مع بعد فمجربتش ابدا انها تحس باحتياج او شوق ليا، واكبر دليل على كلامى ده فاكر السنة اللى فاتت لما منفعش اروح معاكم المصيف عشان اتابع الشغل في الشركة فاكر هى عملت أيه.
ـ سامح بابتسامة: يا خبر ده كان يوم فضلت تعيط ومصممة تفضل معاك ومتسافرش ورافضة تركب العربية حتى وعمى عمال يحايلها
ـ أحمد بسعادة: وأول ما أنا قالت لها وحياتي تبطلي عياط وتركبي وفهمتها انه ما ينفعش نقعد مع بعض لوحدنا لأنه حرام ركبت وبطلت عياط.
ـ سامح ضاحكا: وفضلت طول المصيف في أوضتها ومخرجتش بره الشاليه أساسا وكل ما تشوفني تبصلي بصات فظيعة وكأنها عايزة تخنقني.
ـ أحمد بحب: وحتى بعد ما رجعتوا فضلت مخصماك لأنها فاهمة أن أنت السبب أني ماسافرش وأنت اللي صممت أني أتابع الشركة، وفهمتها انك مش بتضايقني وأنك بتدربني أتحمل مسئولية الشركة لوحدي.
ـ سامح بتأكيد : وأول ما قلت لها أنت عشان خاطري، صلحتني ودي كانت أول مرة تعاملني كده وهى اللي طول عمرها بتحترمني بسبب فرق السن الكبير.
ـ أحمد بثقة: عرفت بقى أن اللي هي فيه ده مجرد توه مشاعر وأول مايجى الوقت المناسب هأنور لها طريقها وأوصلها لقلبي.
ـ سامح متنهدا: ياه يا عم الحبيب، عقبال ملاقي أنا كمان اللي تسكن قلبي.
أحمد بابتسامة: آمين يا رب، أيه يا هندسة بعد ده كله هتديني السلفة ولا لا.
ـ سامح باستسلام: طيب أنت بس محتاج الفلوس في أيه.
ـ أحمد بنفاذ صبر: أنت مش لسه قايل بنفسك أنها المصيف اللي فات ماخرجتش بسببى من الشاليه مش المفروض أعوضها بخروجات وفسح عليها القيمة.
ـ سامح بدهشة: طيب وأيه المشكلة وانتم خارجين بابا هيديك الفلوس اللي أنت محتاجها.
ـ أحمد بغيظ: يعني أقول لك سعادتي في أني أشوفها فرحانة بحاجة جايبها لها من شقايا تقولي خرجها بفلوس بابا.
ـ سامح: خلاص يا عم الرجولة هاديك اللي أنت عايزه.
ـ أحمد بسعادة وهو يحتضنه بقوة: ربنا ما يحرمني منك يا صاحبي.
*********************************
بعد ثلاث أيام تتسابق سيارتان في الطريق لمرسى مطروح السيارة الأولى سيارة عصمت ويستقلها عصمت وحنان ومنى وأحمد والسيارة الثانية سيارة محمد وتقل محمد وأمال وسامح وقد اعتادا هذا التقسيم في الركوب منذ زمن حيث يرفض أحمد ومنى أن ينفصلا كلا منهم في سيارة واعتادت هي أن تركب معه في سيارة والده منذ صغرهم، وفي منتصف الطريق لمرسى مطروح اعترضت شاحنة طريق سيارة محمد الذي حاول تفاديها وعدم الأصطدام بها لكنه فشل وفقد السيطرة على المقود مصطدما بالشاحنة بشكل مروع انقلبت على أثره سيارته لعدة مرات أمام أعين عصمت الملتاعة هو ومن معه بسيارته يكادوا أن يموتوا فزعا على أحبتهم وهم يرون النيران تشتعل بالسيارتان المصطدمتان، ليتمسك عصمت بحنان بأحضانه رغم انهيارها ومقاومتها له مانعا إياها من محاولتها الاقتراب من النيران خوفا على ولديها فسامح محتجز بالسيارة وأحمد لم يأبه النيران واقترب وهو يحاول كسر نوافذ السيارة لإخراج أحبته منها، بينما أصيبت منى بحالة صدمة جعلتها في وضع ثابت فقد ظلت بسيارة عمها وهى تتطلع لسيارة أبيها بأعين محدقة خالية من أي تعبير وكأنها تشاهد أمر لا يعنيها بشئ على شاشات التلفاز، وصلت سيارات الشرطة والإسعاف بعد أن أتصل بهم بعض المارة استنجادا بهم وتم الكشف على ضحايا الحادث ليتم إعلان وفاة سائق الشاحنة وأمال وسامح وإصابة محمد بإصابات جسيمة لينهار الجميع ويتم نقلهم جميعا للمستشفى
********************************
بعد مرور أسبوع في إحدى المستشفيات وأمام غرف المرضى وقف عصمت محدثا احد الأطباء
ـ عصمت بلهفة: يا دكتور أنا فعلا دلوقتي ما بقيتش فاهم حاجة أسبوع دلوقتي من ساعة الحادثة وحتى بعد ما دفنت الغاليين بإيدى وأنا لسه مش مستوعب اللي بيحصل وعايز اعرف موقف كل واحد فيهم وفى تطور في حالته ولا لا.
ـ الطبيب: أهدى يا أستاذ عصمت ماتنساش أن أنت كمان ضغطك كان عالي لدرجة فظيعة هددتك بجلطه لولا أنه بفضل ربنا قدرنا نسيطر على الوضع وأي انفعال بالشكل ده ممكن يسبب انتكاسة، أنا شرحت لك قبل كده أن أخطر حالة فيهم كانت أستاذ محمد وأن إصاباته متعددة لكن أخطرها دخول شظايا في أماكن حساسة من المخ وان أي حركة للشظايا دي فيها خطورة على حياته وهو دلوقتي في غيبوبة لكن إشاراته الحيوية في تحسن وان شاء الله يفوق عن قريب، أما الثلاثة التانين متعرضوش فعليا للحادثة لكن الصدمة هي اللي أثرت عليهم، مدام حنان مستحملتش وفاة ابنكم وده رفع عندها السكر لدرجة شديدة الخطورة وده اللي دخلها فى كومة السكر اللي هي فيها دلوقتي، الآنسة منى جالها الأول انهيار عصبي وبعدين دخلت في غيبوبة باختيارها للهروب من الواقع، والأستاذ احمد عنده صدمة عصبية وفقد النطق.
ـ عصمت بألم: طيب وأيه الحل مفيش حد منهم حالته أتحسنت الثلاثة في غيبوبة وأحمد رغم أنه المفروض فايق بس زيهم مبيتحركش ولا بيرد عليا ولا ليه رد فعل مهما حاولت معه يعنى ما يفرقش عنهم فى حاجة غير أن عينيه مفتوحة.
ـ الطبيب مطمئنا: بالنسبة لغيبوبة أستاذ محمد ومدام حنان في أحنا ماشيين في العلاج الصح وان شاء الله يفوقوا قريب، أما غيبوبة آنسة منى وصدمة مهندس أحمد فهما معندهمش مرض أو إصابة عضوية علشان كده أنا حجزت لحضرتك ميعاد النهاردة بالليل مع دكتور نفسي اكتر من ممتاز وان شاء الله يقدر يساعدهم وهما كمان يفوقوا عن قريب.
ـ عصمت برجاء: بإذن الله.
************************************
مساءا فى عيادة الطبيب النفسى
ـ عصمت بقلق: راى حضرتك فى امل؟
ـ الطبيب بهدوء: الامل فى الله دايما موجود، بعد اللى حضرتك قولته واللى فهمته منك عن قوة العلاقة بين الاتنين فهمت ايه اللى كبر الازمة بالنسبة لكل واحد فيهم، كل واحد كان محتاج مساندة التانى لكن مالقاش اهم شخص بالنسبة له جنبه ، وعلى الرغم من قوة العلاقة ديه ممكن تبقى علاجهم بقت تقريبا جزء من مشكلتهم.
ـ عصمت بتوتر: والحل؟
ـ الطبيب: عندى خطة مبدئية هنحاول بيها نرجع العلاقة لمسارها الصحيح كدافع للشفا، ونبتدى باستاذ احمد اولا لانه فايق فعلا وثانيا لانه شخصية قوية ومحاربة عكس منى وكمان لانى عرفت من المستشفى ان حالته ادهورت بالشكل ده بعد ما عرف ان منى دخلت فى غيبوبة، بس طبعا محتاج موافقة حضرتك وخصوصا اننا هنحتاج نحط كاميرا فى اوضة انسة منى وطبعا هنبه على طقم التمريض انه اثناء تغيير الملابس يقفلوا الستاير على الانسة.
ـ عصمت باستسلام: حضرتك شوف اللى فى مصلحتهم واعمله وانا موافق.
ـ الطبيب بابتسامة: على بركة الله.
فى اليوم التالى فى غرفة احمد دخل عصمت مبتسما
ـ عصمت بحنان: صباح الخير يا حبيبى.
ودون ان يهتم بعدم رد احمد اكمل: عندى لك خبر كويس، بص الدكتور امر انك تغير الاوضة وتتنقل لاوضة احسن، وانا متاكد انها هتعجبك اوى، يلا بينا.
كان يتحدث وهو يضع حقيبة على السرير ويجمع بها كل ما يخص احمد بالحجرة وعندما انتهى حملها بيد وامسك يد احمد بيده الاخرى ليتحرك معه احمد بصورة الية لخارج الغرفة ثم بعد لحظات يدخلوا لحجرة اخرى اوسع بها سريران.
الاول ينام عليه شخص مدثر بالكامل تحيط به مجموعة كبيرة من الاجهزة الطبية والسرير الثانى خالى، فقاد عصمت احمد للسرير الخالى واجلسه عليه وبدء فى فتح الحقبة واخراج ما بداخلها وترتيبها باماكنها الخاصة.
ـ عصمت بحماسة: ايه رايك بقى فالاوضة، اوسع من الاوضة التانية بس اللى اجمل من كده عارف مين اللى معاك هنا ده، دى منى ياسيدى، الدكتور قال انها محتاجك جنبها وان ده هيساعدها جدا خصوصا لو سمعت صوتك، يالا اتجدعن وحاول تكلمها وعقبال ما تبقوا فى اوضة واحدة فى بيتكم ياحبيبى مش هنا.
ثم ترك الغرفة وخرج ليدخل بغرفة صغيرة مجاورة لغرفتهم
ـ عصمت: ادينى قلت له انها هى اللى معه فى الاوضة وبرضه ولا اى رد فعل يادكتور.
الطبيب النفسى وكل تركيزه منصب على الشاشة التى تنقل له حجرة منى واحمد: مين قال كده، انا مركز الكاميرا على سريره وشوفت وشه كويس، هو صحيح انفعاله كان بسيط ومش ملحوظ لكن المهم انه اتاثر يعنى خرج ولو للحظات من تحكم عقله الباطن وعقله الواعى استجاب لمؤثر خارجى ولو بصورة بسيطة.
ـ عصمت بعجز: طب وبعدين.
ـ الطبيب بهدوء: هنمشى فى الخطة للاخر وكل مرة هنزيد المؤثر كمحاولة تنبيه.
فى اليوم التالى صباحا بنفس غرفة المراقبة
ـ عصمت بحزن: بس ده ما تحركش من امبارح يا دكتور.
ـ الطبيب: ما حضرتك عارف انه كده من ساعة الحادثة بس عامة دلوقتى اول محفز هيتعرضله وانا حبيت نشوف النتيجة سوا.
قال كلمته وهو يشير للشاشة امامه ليركز عصمت بها ليرى ابنه جالسا كما هو الى ان دخل من الباب ممرضتان، بيدهما بعض الملابس النسائية وقطن وماء ورد واقتربا من سرير منى ثم اغلقا عليهم الستارة الجلدية لينفصلا بها عن الحجرة وظلا يتبادلا الكلمات التى تدل على انهما يقومان بتنظيفها وتغيير ملابسها وبعد ا ن اديا مهمتهما فتحت احداهما الستارة لتتحرك رأس احمد ببطئ تجاه الصوت ليجد منى نائمة وقد وجهتا الممرضتان راسها ليقابل سريره، فظل ينظر تجاهها وان ظل وجهه جامدا.
ـ عصمت بانفعال: ده حرك راسه وبيبص عليها.
ـ الطبيب بابتسامة: الحمد لله كده اتاكدنا اننا ماشيين صح يومين ونزود الحافز وان شاء الله الاستجابة تبقى اعلى.
مر اليومان والحال كما هو احمد صامت كتمثال ولكنه كل يوم وبعد انصراف الممرضتان المسئولتان عن تغيير ملابس منى ينظر اليها وكانه يتأكد انها مازالت بجانبه وانهما احسنتا العناية بها وفى صباح اليوم التالى دخلت احدى الممرضتان ولكن كانت هذه المرة بصحبة ممرض رجل.
ـ الممرضة: معلش ياسيد انت النهارده تساعدنى نغير لها عشان زميلتى غايبة.
واقتربا الاثنان من سرير منى وامتدت يد الممرض لاغلاق الستارة ليفاجأ بيد أحمد تمسك يده تمنعه ثم تسحبه ببطئ تجاه باب الغرفة ليعود بعدها ويسحب الستارة على منى والممرضة التى معها
ـ عصمت وهو يبكى بغرفة المراقبة: الحمد لله، الحمد لله ده اتحرك ومش بس كده ده منع الراجل وطرده وحافظ عليها، بس هو لسه مش فى وعيه وما نطقش ولا كلمة ولا بان على وشه اى انفعال.
ـ الطبيب بسعادة: الحمد لله، بس انا المرة دى مش هاندى عقله الباطن فرصة يسيطر عليه تانى وخمس دقايق ونستفزه اكتر ونشوف رد فعله
وبالفعل بعد خمس دقائق من انصراف الممرضة دخل للغرفة ثلاث رجال يرتدون زى عمال الصيانة وظلوا يعملوا بمفاتيح اضاءة الغرفة ليسمع احمد احدهم يقول: ياحرام، شوف البنت دى عيانه مع انها عروسة زى القمر ونايمة زى الملاك ليرفع احمد راسه وينظر للمتحدث ليجده ينظر لمنى بل ويتحرك ببطئ فى اتجاهها، فيقوم احمد من مكانه ويغلق على منى الستارة ويعود لسريره وبعد انصراف العمال يقوم من على السرير ويدفعه تجاه سريرها ليستجيب عجل سريره بسرعه ليبقى على بعد عدة سنتيمترات فقط من سريرها ليستلقى على سريره ويمد يده ليفتح جزء صغير فقط من الستارة لا يسمح غير ان يرى هو وجهها المقابل له ليمد يده ويمسك يدها وينام وهو ناظر اليها
ـ الطبيب: هو كده تقريبا شبه واعى لكن ردود افعاله بطيئة واليه وكلها متركزة على انه يحميها وبس.
ـ عصمت بتساؤل: وده كويس ولا وحش.
ـ الطبيب: بالنسبة للى كنا فيه يعتبر كويس طبعا، بس مش ده اللى انا عايز اوصل له، البلادة اللى هو فيها دى بتاكد انه لسه تحت تاثير الصدمة، وبيتصرف بالية لانه متعود يحميها لكن ياترى فى العادى لو واحد دخل يغيير لها هدومها كان هيكتفى بانه يخرجه ومن غير ما ينطق ولا كلمة.
ـ عصمت بانفعال: لا طبعا لو مماوتش كان زمانه مكانها على السرير وكان هد المستشفى على فيه.
ـ الطبيب: وهو ده اللى انا عايزه انه يرجع يحس وينفعل، وانا شايف ان احنا محتاجين صدمه قوية تخرجه من اللى هو فيه بس حضرتك لازم توافق لانها ياما ترجعه لينا بالكامل، او يرجع لحالته الاولى ويمكن أسوأ.
ـ عصمت بقلق: طيب حضرتك شايف انه الاقرب انه يفوق ولا يسوء.
ـ الطبيب: اكيد لو شايف ان الاقرب انه يسوء مكنتش اقترحت ده على حضرتك، لكن لازم اوضحلك كل الاحتمالات بس انا شايف انه دايما بيتصرف انه يحفظها فى اقل حدود للاحتكاك بالاخرين، وانا عايزه يضطر يلجا لينا بنفسه لما يلاقيها فى خطر وسكوته مش هيساعده ينقذها.
ـ عصمت بأمل: انا واثق فى حضرتك يادكتور، وقبلها ثقتى فى الله اكبر، اعمل اللى شايفه وان شاء الله ربنا هيسترها
فى اليوم التالى دخل ثلاث ممرضات للغرفة واغلقوا الجزء الصغير من الستارة بين سريرهما ليبدأوا العناية بها ثم فتحوا الستارة وخرجتا اثنتان دون ان ينتبه ان ثالثتهم وهى اصغرهم حجما قد اندست تحت سرير منى اثناء غلق الستاره، وبعد لحظات امتدت يد المختبئة اسفل السرير لتفصل جسد منى عن جهاز رسم القلب لتنطلق الصافرة
المتصلة التى اعلنت بالنسبة له توقف قلب منى عن العمل وموتها، ليسترجع عقله لحظات موت احب الناس اليه وينتفض للباب لعله ياتى بمن ينجدها ليجده مغلق من الخارج فيظل يطرق عليه باقوى مع عنده بلا مجيب لينطلق صوته طالبا النجدة.
ـ أحمد صارخا: الحقونا، الحقونا منى بتموت، افتحوا الباب ده، ثم ينقض عليها محتضنا اياها وهو يصرخ متسبنيش يا حبيبتى اوعى انت كمان تسيبينى.
ليفتح الباب ويدخل عصمت فيصرخ احمد: منى ماتت يابابا هى كمان هتسيبنى.
ليجيبه عصمت فى نفس اللحظة التى تعيد به الممرضة اتصال الجهاز بجسد منى: لا ياحبيبى هى بخير الجهاز هو اللى عطلان ليسمع بنفس اللحظة صوت نبضات قلبها المتقطعة تعود للحياة لينهار ويسقط مغشيا عليه.
********************************
يفتح عينيه ببطء ليجد نفسه على سريره بجوراها ووالده يمسك بيد كلا منهما مشبكا ايديهم معا ليشعر بدفء يدها بيده فيطمئن قلبه .
أحمد باكيا وبصوت متقطع منهار: منى كانت هتروح منى، طيب نا كنت هاعيش لمين تانى، بعد ما سامح كمان سبنى.
ـ عصمت بهدوء: مش احمد اللى عارف ربنا هو اللى يقول كده، سامح باذن الله فمكان احسن مننا وشوية وكلنا هنروحله، ومنى واهى بخير ادامك وقولتلك الجهاز هو اللى كان عطلان، وانا محتاجلك قوى يا حبيبى وكمان منى محتاجك، الدكتور بيقول ان عدم وجودك انت وباباها هو اللى وصلها للحالة دى، وانها تسمع صوتكم ده ممكن يساعدها كتير، وعمك الحمد لله فاق بس حالته لسه ما تسمحش انه يبقى جنبها فلازم انت اللى تساندها لغاية ما تخرج من اللى هى فيه زى ما كانت السبب انك تخرج من اللى انت كنت فيه.
ـ احمد بتعجب: منى اللى خرجتنى من ايه وازاى وهى كده!
ـ عصمت ممازحا: طبعا ياعم روميو ما انت مكنتش فى وعيك، انت كنت نايم بس الحب برده كان صاحى، اسكت لما احكيلك ده انتوا بقيتوا غنوة المستشفى كلها.
ظل احمد ملازما لها يحادثها دائما وكانها تسمعه كما كان يجعل عمه يسجل لها بعض العبارات المشجعة ويسمعها ايها على هاتفه المحمول الى ان شاء الله وخرجت من غيبوبتها ليرتاح قلبه المعذب اخيرا وبعد ايام معدودة من افاقتها يسمح الاطباء لوالدها بالخروج من المستشفى ليعودوا معا جميعا محاولين تخطى تلك التجربة المريرة بالصبر ومساندة بعضهم بعضا
************************************