بنت مغربية.. شاءت الاقدار انها تترمى فحضن التسول.. مهنة اتخذتها من صغري .. حيت ظروف العيش لاحتني فالزنقة منذ نعومة أظافري.. لا أب ولا أم.. لا حنان.. عايشة مع مجموعة من المشردين .. كنحميو بعضياتنا بحال الخوت.. الشارع هو حياتنا.. كل مرة فين كنباتو.. تحت الاشجار فالصيف وتحت القنطرات.. وفالبنايات الكبرى اللي مازال فطور البناء.. امثالنا من المشردين باعو كل شيء .. مبادئهم وشرفهم.. وكاين اللي باع أعضاءه.. أما حنا مازال.. بعنا وجهنا وجزء من مبادئنا.. أما شرفنا وأعضاءنا لا.. خصوصا انا.. مازال محتاجة شرفي.. ماشي ساهل بالنسبة ليا.. حياتي روتينية جدا.. متسولة.. حوايجي مقطعين والدوش مكنعرفش اشناهو.. مرة مرة كتجي شي شارفة مؤمنة كتهلا فالبنات وكتدينا للحمام فالعيد وفرمضان.. وكتخلص علينا..كنجلس فالارض بالكشايف كنشد بلاصة مرة حدا الجامع مرة حدا شي سوق مرة كنمشيو المقبرة.. وحتى الباركيات وتجمع الاغنياء.. ولا نسلم من المطاردات.. البوليس حاضينا.. مرة كيميك علينا مرة كيجريو علينا واراك الماراطون.. شفت انواع كثيرة من الناس .. كاين اللي كيحتاقرونا وديما مضاربين معاما.. كاين العيالات اللي كيخافو منا.. وغا كيدوزو من حدانا كياخدو الحذر ديالهم.. كاين اللي كيتحاشاو يشوفو فينا.. ايام الجمعة وايام رمضان كتكون الخدمة فيهم زوينة كلشي كيتهلا فينا .. طمعا فالمغفرة من الذنوب.. الزوينة هي مللي كيجي شي واحد ولا شي وحدة كتعطيك شي بركة باش تدعي معاهم.. على اساس حنا دعواتنا مستجابة.. كنشدو الفلوس بفرحة وفالغالب كنقولو شي هضرة مامفهوماش كنموهو بها الشخص باللي كندعيوله.. وحنا المخير فينا ماحافظ حتى نص سورة من القرآن.. حتى كيمشي داك الشخص فرحان ومرتاح حيت ذنوبه تمحات.. فهاد الايام كتزها معانا.. كنجمعو الخير والصدقات وكنديرو لاباس شوية.. ولكن اخيب لحظة هي مللي كتوقف علينا شي ميرسيديس فيها شي راجل باينة فيه عندو الفلوس وكيشوف فينا بشي نظرة قرف.. كيعيط على شي وحدة فينا نمشيو نشوفو شنو بغا بكل وقاحة يعبر البنت من فوق لتحت ويقوليها ركبي.. كاين الي كيمشيو معاهم.. انا عدويا دوك النوع.. كنتفاداهم لدرجة ان واحد بوكرش واحد المرة نزل عندي وشدني بزاز وبقا كيقولي شنو صحابليك راسك.. بديت نغوت حتى كيتجمعو عليه الدراري سلخوه وهربنا..حياتنا هاكا.. مرها اكتر من حلوها وفوسط كاع هادشي كنت كنستنى داك فارس الاحلام الللي يجي يخرجني من هاد المستنقع.. البنات اللي معايا كيقولولي باللي كنحلم ولكن انا متأكدة غايجي داك النهار وانا كنستنى..ايامي متشابهة فيها البؤس اكتر .. معرفت شكون هاد الكذاب اللي قال السعادة لا يملكها الا الفقراء.. لاواه البعابع.. السعادة هي مللي كيكون البرد متلج ورجليلاتنا مكنبقاوش نحسو بيهم بالبرد.. السعادة هي تبقى يوماين ولا ثلاثة ايام بالجوع.. السعادة هي يتعشش فقلبك الخوف من اللحظة اللي جاية .. وتنعس مكتبقاش عارف واش غتصبح ميت ولا مشنوق ولا محروق.. السعادة هي تشوف بنات فسنك من الطبقة البورجوازية ناشطين ومهمهم فالدنيا غير يسرفو ويخسرو الفلوس.. وانت غا كتشوفي فيهم.. السعادة هي تشوف ولاد وبنات اللي كانو كيفرشو معاك الارض البارح وكانو خوتك فالازمة.. شي مات بسبب المخدرات وشي مات بسبب الجوج وشي انحرف.. بغيت نعرف انا فين قرا هاداك السعادة فالفقراء.. مرانيش عاقلة على ام ليا .. او اب .. اللي عاقلة عليه هو اني كنت عايشة انا واربعة ديال البنات صغار.. فبراكا مع واحد الشارفة.. كانت حنينة بزاف علينا.. وكانت كتحمينا من اي شر وبالليل كنعسو حداها وكتغطينا بيديها وحنا مكمشين فيها ..كنا كنعيطو عليها مي فاطنة..وكل يوم كانت مي فاطنة كتفيق بكري وكتمشي تبيع فالسوق وكترجع تفيقنا... وتوجد لينا الفطور وتمشط شعرنا .. كنا كنحسو بالامان.. حتا وحدة فينا مكانت فاهمة شنو واقع... كنت تقريبا فسن السابعة .. حتى واحد النهار فقنا ولقينا مي فاطنة مازال ناعسة ومحاوطانا بيديها ولكن كانو باردين بزاف.. بقينا كنفيقوها ولكن مفاقتش.. عيطنا لواحد السيدة من الجيران جات وبدات كتغوت مفهمنا والو.. بقات بداك النواح حتا تجمعو كلشي الجيران.. وقالولنا باللي مي فاطنة ماتت ومعمرها ترجع.. كانت هاديك اكبر واول صدمة لينا فحياتنا.. ويد مي فاطنة كانت اخر يد حنونة كتتحط علينا.. جا واحد الراجل جرا علينا من ديك البراكة وقالينا باللي مي فاطنة كانت جامعانا من الزنقة وخاصنا نرجعو ليها..بلا شفقة ولا رحمة لاح اربعة دالبنات صغر من 10 سنين فالزنقة.. تمنينا فديك اللحظة لوكان متنا حتى حنا مع مي فاطنة .. اهون من هاد العالم المخيف.. تفرقنا فالشارع وبقيت وحدي ومن تما مبقيت شفت دوك البنات مرة اخرى.. تعرفت على بزاف بحالي.. وتفارقت مع بزاف..كنتهلا فالبنات الصغار المشردات.. باش ميحسوش بداكشي اللي حسيت انا.