v - الوَعي

1.4K 100 9
                                    

「هَشِيم .
كُتلة مُتكوِّمة من الرّماد .
الذّاكِرة عَمياء عمّا خَارج الإطَار .
أنتَ تُقلّب وجهَك هائمًا و تنفِض
عن جسدِك المدفُونِ الغُبار . 」

-
-
- - -

كُلّما حَلّ المساء،
زادَتِ العَتمة و ثَقُل سَديم الهواء الخارجِيّ على الرئتَين .
كُلَّ ليلة، خلفَ النوافِذ عيُونٌ مذعُورة تُحملِق إلى اللُّجة تربُّصًا و حذرًا .
المدِينة ذاتَ السّماء الدّاكِنة، رغمَ أن الظّلام يَنشُر معه صمتَ خرائب الحُروب المهجُورة، فلا تزال هنالك أنفاسٌ للنّاس الذين يحاولُون الكِفاح خلفَ جُدرانِ الآجِر مُمتقِع اللَّون .

- هذا الوضع لا نهاية له .
- اتحاوِل طمأنَة نفسِك بكلِمات اليأس ؟
- هذا ليسَ يأسًا . ليسَ تشاؤُمًا . ليسَ هنالك كلمة تصِف فظاعة أن تعِيش في جحيمٍ بإدراكٍ عن إنعدام المَخرج .

رجُلان من البشَر على أرائك حَول طاوِلة قهوة في صالَة تقَع أمام شُقّتَيهِما في مبنىً من مباني المدينة .

- انتَشرت همسات لا أظنّ وصلتك .
- همم؟
بهمسٍ و بعدَ التأكُّد أنمَا مِن مُختلِس للسّمع أو النّظر:
- أحد القادِرين إخترَع دواءً يُقال أنه إذا حقنتَ نفسك به، جسدُك سيُصدِر رائحة تُميّزها أنوف مصّاصي الدّماء و تشُلّ حركتهم !
تفاجأ السَّامِع و رمقَ صاحِبه بنظراتٍ مُستفهِمةٍ مُرتبِكة .
ابتَسم الآخر و أردَف هامِسًا :
- المُشكلة فقط بأنه لم يتمّ نشرُه بعد ... لأسبابٍ مجهُولة .

بعدَ وهلةٍ من الشّرود أجاب الأول :
- أتظنّ حقًا أنّ هذا سيكُون الحل ؟ هذا محضُ شيءٍ، لو أنه حقيقة، لو أنه نُشِر، هذا محضُ شيءٍ يُساهٍم بالتعايُش و ليسَ إنهاءً للمُشكلة الأساسيّة .
تغيّرت تعابِير الآخر الذي كانَ يبدُو مغتبطًا بحديثه قبل هُنَيهة .
- بعد ٣ سنوات من بدءها، هذه المُشكلة تحوّلت إلى مُعضلَة علينا التكَّيف معها وحسب .. هاه؟

- - -

تَسمَّر كلاودِي إلى النّافِذة الواسعة لِغُرفتِه .
"أتوقُ لليلَةِ الغَد! سأنتظِرُ بالمُفاجآت"، يُتمتِم بابتِسامةٍ خافِتةٍ لكنّها سُرعان ما تلاشَت على إثرِ خاطِرٍ طافَ في رأسِه؛
"مالّذي أفعله بحَقّ...!"
تركَ النافِذة و وقفَ أمامَ مِرآةٍ طويلةٍ في زاوِية غُرفتِه .
"واحِدٌ في المظهَر . اللُّبّ واحِد..." بهمسٍ و عيناهُ لم ترمِش حتّى؛
"إذًا لِمَ ؟ ...... المُتعة في عالم السُّبات ..
المُتعة في عالم المَوات."

- - -

"المنزِل الذي كُنت تعِيش به لم يكُن بيتًا ..
يُمكِن للفَردِ أن يكُون ملعونًا مُنذ ولادتِه، لأجلِ دَمِه و نسلِه الّذين لم يختَرهُما بإرادتِه . و يحيَا يخسَر جُزًا من حقيقَتِه كُلّما تقدَّم به العُمر .
أعِي أنّي قُتِلتُ مِرارًا بينمَا لا أزالُ أتنَفّس، و مخنُوقًا، مُطوَّقًا بالأغلال، لم أجِد الأمان إلّا بعدَ جفافِ ريقي و خمُود نبضَاتي .

الدَّم المُحرَّم / FORBIDDEN BLOOD - 「مُكتمِلة」حيث تعيش القصص. اكتشف الآن