iii - المَنبُوذ

2.9K 146 9
                                    

「 يُعرِض عن ايّ بُقعَة ضوء .
الظِّل، المِسخ، الكائن المُبهَم .
حتَّى هبُوب نسِيمٍ بارِد،
يُمكنه أن يَشطِر الذاتَ إلى ذوَات .
تضمحِلّ الألوَان و تخبُو العيُون .
ثمِلاً بالسّكُون، فيما عدَاه أيّ شيءٍ يُباد .」


-
-
- - -

- سيّد آنثُونِي، اكتِشافٌ تستحِقّ عليه كُل ألوان الثّناء !
- شُكرًا .
أجاب المَدعوّ بالسيّد آنثُونِي على مُجامَلات الحَشد بذات الكَِلمة دون أدنَى رغبة في الزّيادة عليها . هذا الرَّجُل، ذا الهيئة الجامِدَة و الملامِح الساكِنة، ذا الشَّعر البُنيّ القصِير المُصفّف كُلّه بطريقة انيقَة، يكُون بشريًّا في بداية الثلاثِينات، عَملُه يحتجِزُه في المُختبر و يُقيّدُه إلى طاولِةٍ عليها المايكروسكوب .
مُنذ بدأت حالة الفوضِى الّتي نتجَ عنها الوَضعُ الحالِك الحَاضِر، و هوَ قد تركَ وظيفتَه السّابقة في البَيُولُوجيا، و انتقَل إلى محاولَة إيجاد حدٍّ لتفاقُم الوَضع أو حلٍّ جذريّ مِثاليّ .
لكن الأمر ليسَ كمَا كان في بالِه عند بِدءه .

أقام آنثُونِي تجمُّعًا للطّبقات الراقيَة و المجمُوعات العِلميّة من البشَر فقط . كانَ حذِرًا جدًا بشأن اختيَار المدعُوِّين . و لأنّ عددهم قليل فقَد استخدَم قاعةً متوسّطة الإتساع في منزل أحد معارِفهِ كمكانٍ للتّجمُّع . هدَفُه كانَ نِقاش آخر ما توصَّل إليهِ من اكتشافات .
لَقِيَ الثّناء إلّا أنه كان ينتظِر شيئًا آخر غير ذلك، و لم يظهَر بعد .
و لا تزالُ الليلَة في بِدايتها .

- - -

"- أنتِ تُدرِكين أنّه لعنَة علينا جميعًا ! كان يجِب أن نقتُلَه فورَ مَعرِفتنا بنوعِه !! اللعنَة عليكُما معًا ! "
فتحَ كآسيُوس عينيه بهدُوءٍ ليختفِي مشهدُ ذكريَاتِه المُشتعِل و يتبدَّل إلى لونِ غُرفتهِ الأزرقِ الهادِئ الذي تُغشِّيه أضوَاء الشُّمُوع الصفراء ليرتدَّ بلون الزّمُرّد .
تنهَّد و استقامَ جالِسًا مُسنِدًا ظهره إلى خلفِية سرِيره .
طَرقٌ خفيفٌ على الباب .
- جيرمايآه ..
دخلَ الخادِم برِفقٍ إلى الغُرفة و انحنَى للأمام لتحيّة سيّدِه ثُمّ عادَ للوُقُوفِ مُستوِيًا .
- آمُل أنّك استعَدتَ عافِيتكَ ، مَاستر ؟
- أنا بخير .
تمتمَ كآسيُوس بنظراتٍ ذابِلة إلى وجه خادِمه .
- كم مضَى عليّ ..؟
- يومٌ فقط .
- هُهمم .
- العشاءُ جاهِز .. أو لنقُل هوَ الإفطار .
- إقترِب .
اقترَب الخادِم من سرير سيّدِه أكثر و حينها اختطَفَ كآسيُوس ذِراعَ جيرمايآه، غرَز أنيابَه في مِعصَمِه و ارتشَف مِن دمِه .
بارتِباكٍ طَفيفٍ جيرمَايآه:
- مَاستر، أنتَ تُدرِك ... محظُور أن ...
أعادَ كآسيُوس ذراعَ جِيرمايآه إليهِ بدَفعَةٍ قوِيّة .
- هذا إفطاري .
ثُمَّ نزع عنه الغِطاء و وقفي مُنتصِبًا أمَام خادِمه و لا تزال أحدَاقُه مُشتعلة بلونِ الدّم الأحمر القانِي تَوقِدُها نظراتٌ بارِدَة بعيدَة .
- لدَينا ما نقُوم به .

الدَّم المُحرَّم / FORBIDDEN BLOOD - 「مُكتمِلة」حيث تعيش القصص. اكتشف الآن