1.7.2018

148 17 11
                                    

القرآن مفتوح أمامي و لا تعلمون ثقل الوزر الذي أشعر به عندما أرفع هاتفي فوق مصحفي لذا و كالأطفال أقوم بوضعه بين ساقاي و القرآن إما في يدي او على الطاولة .

في كل مرة أقرأ القرآن أشعر بالراحة و كأنه لا وجود للغد و لكن كلما اتذكر أنني سأستيقظ غداً أصاب بالتعب .

وددت لو أن ترسل لي الحياة عالماً في الدين ذو عقلية منفتحة عنده أفق واسع و قاعدة متينة من المعلومات لأناقشه في أفكاري المتعلقة ببعض الآيات ، إلى الآن لا أجد شخصاً مطّلع و مثقف استطيع مناقشته ، دائماً أصاب بنوبة من الحماس عندما أصل لفهم آية استوقفتني لدرجة أنني اتصل بوالدي لأخبره عما وصلت إليه بما أنه لا يوجد من يستمع لي و يناقشني.

عندما احفظ استخدم مصحفي و اللاب توب مع قلم و أوراق ، فلدي مخططات و خرائط لبعض الآيات و بعض المتشابهات ، عندما أقرأ القرآن يعود بي الزمان إلى سنة تخرجي .. فكل يوم هو مشروع تخرج بالنسبة لي.

و لكنه صعب .. صعب جداً رغم انني جاد في محاولاتي هذه .

لدي ورقتان الصقتهما في مصحفي واحدة في مقدمته و أخرى في آخره ، التي في المقدمة كتبتها بأملٍ لم يسبق لي أن شعرت به ، كتبت في رأس الصفحة " أنا - كتبت اسمي- أستطيع إتمام مشروع العمر و حفظ القرآن الكريم وفق الخطة" و أنا أعيد قراءة هذا الكلام بسبب الفتور الذي يلتهمني أثارني الفضول ( أي خطةٍ وضعتها وقتها؟ ) فتفاجئت بما كنت قد كتبته :

بقي لي من الزمن تسعة أشهر و من الحفظ 24 جزءاً
أي 270 يوم و 504 صفحات
اذا حفظت كل يوم 3 صفحات و راجعت نصف جزء يوماً فسوف انهي حفظ 504 صفحات في 168 يوم و مع أيام الفتور و الإستراحات و اختبار الشهادات في الحفظ انتهي بتاريخ 12/1/2019 الموافق يوم السبت

فإن لم أستطع فسأحفظ صفحتان يومياً و ذلك في غضون 252 يوم و مع مراعاة ما سبق سأنهي الحفظ بتاريخ 23/3/2019 الموافق يوم السبت أيضاً.

لا تحزن و لا تيأس فبعد سنة من الآن ستكون من أهل الله و خاصته ، حتى و إن أصابك الفتور عش فتورك لآخره وقف شامخاً سامياً كعادتك تستطيع فعلها و أنا أنتظرك هناك دعنا ننهي كل هذه المعاناة و هذا الألم.

بصراحة صدمني ذلك فلقد نسيت انني كتبت هذا رغم انني كتبته قبل رمضان باسبوع تقريباً إلا انني نسيته تماماً .

اعتدت على جمع بطاقات العطور تلك التي يرشونها بالعطر و يوزعونها على الناس كدعاية اعتدت جمعها أين ما كنت بغض النظر عن كونها نسائية ام ذكورية فأمي تعشق العطورات و انا أحب أن أشتري لها ما تحب لذا كنت اجمعها و أشممها لأمي و إخوتي حتى إذا احببنها أعود لأشتري ذلك العطر لهن ، فلم احب ان ارمي الأوراق المعطرة فقلت سأستفيد منها فرائحتها رائعة فأصبحت أضعهم في مصحفي ، الآن مصحفي مليئ بهذه الأوراق لدرجة انك إذا كنت جالساً معي و انا أقرأ في قرآني ستصل رائحة العطر لأنفك و هذا يجعل رئتاي تنتعش عندما اقرأ إنها عادة بي منذ الصغر حتى في كتب دراستي كنت افعل هذا لأنني أكره رائحة الورق.

مصحفي وقع صدفة بين يدي لاتفاجأ بأنه على روح سيدة تسمى "رفاه" لا أنا أعرفها و لا أحد من أسرتي يعرفها و وقتها كنت أخطط للإنتحار فقلت في نفسي ما قصة هذه السيدة ؟ و كيم وصل هذا المصحف إليّ ؟ سألت عائلتي و لم يجبني أي أحد بجملة غير لا أعرف ، لذا و بما أنني اؤمن ان كل شيء يحدث بسبب و لسبب قررت وقتها أن أحفظ القرآن و أختمه في مصحف رفاه تخيلت نفسي مكانها وحيداً في قبري تعرض علي منزلتي كل يوم و انا لا اعلم ان كانت سيئة ام جيدة ، عذاب القبر ، عذاب الوحدة ، عذاب الموت ذاته ، لا أعلم أشفقت على نفسي إن كنت انا مكانها فقلت في نفسي محدثاً هذه السيدة الغريبة : بغض النظر عما كنتِ عليه في الدنيا و بغض النظر عما قمتي بفعله حتى وصل مصفحك ليدي و قررت ما سأقوله الآن أنا أعدك يا رفاه أنني سأؤنس وحدتك كل يوم بتلاوة و حفظ صفحات من مصحفك و أنني سأختم القرآن الكريم بإذن الله من مصحفكِ انتِ فقط ، فتخليني دوماً عند قبركِ أقرأ لكِ آياتٍ من القرآن ، فليرحمك الله و قرأت الفاتحة على روحي و روحها ..

فهل رأيتم أحداً من قبل يرغب بالإنتحار عقب ختمه للقرآن ؟ إذاً فأنا أول انسان ترونه هكذا ، اعلم ان فكرتي و قراري عن الانتحار قد يتغير بختمي للقرآن بإذن الله ولكن حالياً هذا قراري .

في نهاية مصحفي وضعت ملاحظاتي كالفرق بين خبير بما تعملون و بما تعملون خبير ، الفرق بين أليم و شديد و عظيم ، الفرق بين يحادون الله و يشاقوا الله ، الفرق بين سبح و يسبح ، الفرق بين مافي السماوات و ما في الأرض و بين مافي السماوات و الأرض ، الفرق بين المشركين و الكافرين ، الفرق بين آيات و بينات ، الفرق بين الموت و الهلاك ، الفرق بين الروح و النفس .

هذه جولة في مصحفي و قصتي معه و مع قراري علّها تفيدني قبل ان تفيدكم .

شكراً لتعليقاتكم و دعمكم.

فاني..

طريق سماوي {جنا} حيث تعيش القصص. اكتشف الآن