اليوم ذهبت إلى المسجد صباحاً نجلس في حلقات على الأرض كل أستاذ يسند ظهره الكهلة على أحد الأعمدة ، نجلس حوله كفراخ البط يتقدم كل رجل او شاب او طفل جاهز للتسميع للأمام ، بينما يجلس البقية إما يراجعون معاً حفظ أجزائهم المتماثلة أو يثبتون حفظهم كل واحدٍ على حدا إلا أنا ، فقط أحدّق في الوجوه .. أحفظها .. أحفظها كحفظي لكل التفاصيل المملة في حياتي ، لأعود إلى المنزل و أتذكر ما رأيته .. أتخيلهم بأشكال غريبة أكون منهم شخصيات اكلمها في منزلي و أضحك على نفسي ..
لا تظنوا ان مجتمع الرجال يختلف كثيراً عن مجتمع النساء ، صدقوني بعض الرجال أسوأ من مئة جلسة نساء يغتبن بعضهن بعضاً ، اليوم كنت جالساً وحدي - بعد ما قررت أن أعزل نفسي بما أنني لم أجلس يوماً وحيداً في المسجد إلا اليوم - فجلس بجانبي ثلاث شباب من غير العرب تتفاوت اعمارهم بين أواخر العشرينيات و منتصف الثلاثينيات ، يحاوطونني و أنا على دراية بما جاءوا من أجله ، ليطلبوا مني طلبهم المعتاد : السلام عليكم فاني - اسمي الحقيقي ليس فاني ولكن لأضعكم في الصورة- هل يمكنك أن تنصت لقرائتنا ؟
هنا توقف بي الزمن و سألت نفسي .. من أين بدأ كل هذا ؟!
تذكرت من إسبوعين او أكثر تقريباً أتى إلى أستاذنا أستاذٌ قديرٌ هو المسؤول الحلقات و برامج الحفظ و كل هذه العمليات في المسجد و انا علاقتي معه جيدة نوعاً ما فهو شديدٌ جداً و أنا الوحيد الذي يمازحه و يتعامل معه بعفوية لدرجة انه معي فقط يضحك لدرجة إحمرار وجهه ، لذا أتى إلى أستاذنا و هو رائع بالمناسبة ، يعطيك طاقة إيجابية و روحية تتسع لمجرة درب التبانة أُس مليون ، فقال له نادي لي فاني
و بالطبع الأستاذ فعل و انا سمعت انه قال له نادي فاني و لكنني انتظرت ان يناديني و عندما حضرت ابتسمت و كانوا قد وقفا بعيداً عن الحلقة قليلاً و كانه حديث سري فاستغربت فقال لي المسؤول هل تعلم لما ناديتك ؟
فأجبته : أجل أعلم ، من أجل غيابي الزائد ، كنت سآتي و اعتذر منك صدقني أنا أصبحت اتعكر إن لم ادخل المسجد لذا يمكنك ان تقدمني أضحية العيد القادم ان غبت مجدداً ما رأيك ؟فضحك و قال لي و هو ينظر إلى استاذي: انظر كيف ان طالبك هذا شخصيته قوية يبدو انه سيأخذ مكاني قريباً ، على العموم فاني غيابك ان تكرر سأخنقك و لكن ليس هذا موضوعنا ، أحضرتك لكي آخذ رأيك بأمرٍ تناقشنا به انا و معلمك .
فنظرت له و قلت بثقة و تسرع كعادتي : إذا تناقشتما به كلاكما فأنا موافق قبل أن أعلم ما الأمر .
فضحك و قال لي : يا ابني انت غريب ألا تريد ان تعلم ما هو ؟ ربما أريدك أن ..
و لم ادعه ليكمل جملته فقلت له بكل ثقة و جدية : و الله إن أرسلتني إلى الموت سأذهب ، لن أرفض لك و لمعلمي طلب فبفضلكما بعد فضل الله انا هنا لذا انا معكما فأي قرار .
و عندها أصبح جاداً و قال لي : إذاً سأسجل اسمك عند الأوقاف لتسجل رسمياً كمعلمٍ للقرآن بدل طالب ، اي ستصبح انت و أستاذك في نفس المكانة .
أنت تقرأ
طريق سماوي {جنا}
Spiritualتجربتي مع حفظ القرآن الكريم خطوة بخطوة وكيف غير القرآن الكريم حالي من شخص فاشل منبوذ إلى شخص يتطلع له البعض هذا الكتاب لـ جنا سأذكر تجربتي بحذافيرها أنا لم اختم القرآن بعد و مازلت في بداية الطريق . لذا سأشارككم كل ما يحدث معي .