الآن عدت جَنا أشعر أنني والدك
المهم اليوم ذهبت إلى المسجد جلسنا حول معلمنا من أجل سرد الأربعة اجزاء كما اعتدنا كل واحدٍ فينا يتلو صفحة و هكذا حتى ننتهي إلا انه فاجئنا اليوم بأسئلته الوزارية فرأيت أمامه ورقة و كدافع ممتزج بين القلق و الفضول اختلست النظر دون أن يرني أحد و انصدمت بأنه كان قد كتب أسئلة على ورقة A4 على الوجهين من الورقة و في كل سطر آية من سورة معينة كتب بجانبها اسم السورة حقاً تفاجئت و ابتسمت ، كم هو مخلصٌ هذا المعلم قضى كل أمسه يكتب أسئلة لنا حتى يعلمنا بشكل ممتاز .بدأ بالسؤال من اليمين إلى اليسار كعادته كنت السابع في ترتيب الجلسة و عندما سأل سؤاله الأول للشخص الأول أخطأ الطالب في التلاوة هذا الطالب في الأربعين من العمر فنظر إلي و قال لي "فاني صحح له " و انا لم اقرأ من الأربعة اجزاء سوا أول 5 صفحات و لكن سبحان الله لا اعلم كيف كنت اعرف الإجابة فصححت لزميلي ثم جاء دور الذي بعده فأيضاً أخطأ فقال الأستاذ للشخص الذي بجانبي : "ردّه" فردّه بآية مختلفة فنظر لي الأستاذ وقال : "فاني ردّهم" فرددتهم !
و الله شعرت بالراحة و السرور بطريقة مفاجئة أعني أنني و الله لم أقرأ سوا 5 صفحات فقط لذا بقيت أحمد الله على كل ما حدث .أتى الدور علي فسألني فتلكأت و تأتئت فقال الذي يجلس بجانبي : " للتو كنت تردهم ماذا أصابك ام انك تصحح فقط لغيرك و عندما يأتي الدور عليك تخطئ ؟ "
فرد عليه الاستاذ : " إذاً رده يا فلان "
فلم يعلم ما الآية التالية فقال للحاضرين " ردوه " فلم يردني احد لانهم لم يعلموا ما هي الآية التالية فنظر إلي المعلم و قال لي : "فاني ركز بالآية و أعد من البداية" فقلتها كلها بشكل صحيح و بعدها سأل الذي بجانبي سؤال وزاري يا الهي كنت سأموت عنه قال له : " أذكر لي كل المواضع التي أتت بها آية كلوا و اشربوا هنيئاً في الأجزاء الأربعة مع ذكر اسم السورة"كان حقاً سؤالاً صعباً ، بعد مدة نظرت خلفي فوجدت المسؤول عنا يجلس لوحده فاغتمنت الفرصة و استأذنت معلمي للذهاب إلى الاستاذ المسؤول عنا و جلست معه على طاولة و بدأته الحديث قائلاً : " استاذ جئت لأكلمك انت تفهمني جيداً و انا افهمك و انت بمقامي والدي حفظه الله و إياك انا أحب هذا المسجد و احب الاساتذة القائمين على تحفيظنا و تعليمنا و لكن جو الطلاب هنا اكرهه بل امقته و لم اعد أقدر على تحمله لذا أريد أن أستأذنك بأن تعفيني من كل الطلاب الذين اساعدهم و أن تسمح لي بالتسميع و الذهاب فوراً "
فقال لي : " اسمع فاني بني انت شاب متعلم و اغلب الموجودين هنا من بيئات جاهلة و أميّة لا تدعم يأثرون عليك ، أنت لم تعش حتى ! مازلت شاباً و لم ترى شيئاً بعد "
استفزني قوله فقلت له : " لم أعش بعد ؟ كل هذا يا أستاذ و لم أعش ؟ الحياة تتعلق بالظروف و ليس بالعمر ، ثم إنني آتي بدافع حالة إيمانية معينة و كلامهم يعكر صفاء هذه الحالة ، اتيت لاختم القرآن لا لأن أخوض جدالاً تافهاً عقيماً لا طائل منه مع رجالٍ بعمر والدي ! "
اجابني : " معك حق لذا حجمهم أي اعطي كل إنسان حجمه ، الجاهل عامله كجاهل ، الأمي عامله كأمي ، و هكذا ، لا تتعب نفسك بهم اجلس لوحدك و ابتعد عنهم سمع جديدك لاستاذك و اذهب و انا كنت سأغير مجموعتك على أي حال و لكن إياك و ترك المسجد بسبب هؤلاء الجهلة ، تعلم القرآن لا يصل حتى إلى حناجر البعض لذا لا أريد أن يكونوا هؤلاء سبباً برحيل متعلمين و طلبة علم مثلك ، اصبر قليلاً و سأساعدك ، فحتى ان اتعرض لمضايقاتٍ منهم ، تخيل أن أحدهم صعد معي فجأة إلى السيارة و قال لي خذني إلى السوق أحتاج لشراء بعض الخضار ! الناس غريبون لذا ترفع عنهم و تحملهم "
فأجبته " أنا مازلت في العشرينات لما أتحمل من هم بعمر والدي و جدي بينما هم من يجب عليهم تحملي ؟! سأفعل هذا من اجلك فقط و لكن أعلم فقط يا أستاذي أنني أكاد أختنق من كل شيء في حياتي و هم يزيدون الوضع سوءاً "
تحدثنا قليلاً ثم عدت إلى مجموعتي استأنف مراجعتي ، فقال لي أحدهم : " هل انتهيت من التسميع مع الأستاذ المسؤول ؟ " فتجاهلته
نظر إلي استاذي و قال مازحاً : " فاني بما انك غادرتنا لتعقد اجتماعك مع الأستاذ المسؤول سأقتص منك لذا جهز نفسك " و سألني بعدها 8 أو 9 أسئلة كدت أموتفقال لي مراجعتك ممتازة !
و فيما كان زميلي يسرد بداية سورة الحديد أخطأ في اول آية فبدل قوله "سبح لله مافي السماوات و الأرض" قال " يسبح لله مافي السماوات و ما في الأرض" فأوقفه الأستاذ و صححنا له فشرحت لزميلي الفرق بين سبح و يسبح و الفرق بين الأرض و ما في الأرض فسمعني الأستاذ المسؤول و قال لي أعد ما قلته و جلس معنا فتوترت لأن منظري لا يوحي أبداً بأنني أقرأ او مسلم حتى فخفت أن (أجيب العيد) فأعدت على مسامعه ما قلته آنفاً فقال لي : " ممتاز ، هذا ما اريده من الجميع ، كل يوم مراجعة ستتحدث انت عن آيات متشابهة في علم البلاغة و البيان و تقوم بشرحها للطلاب "كنت ساضرب رأسي بالجدار و انا انظر له نظرة استغراب ، أعني اكنت تنصت إلى ما حدثتك عنه قبل دقائق ؟!
و زاد حنق بعض الرجال علي و اسمعوني بعض الكلام ، عن انني أدعي الفهم في امور دينية و انا لا صلة لي بالدين ظاهرياً ، فكما قلت لكم سابقاً شعري و أسلوبي في الملابس و منظري بشكل عام يوحي بأنني من الشباب الذين جل همهم هو الفتيات و المال .. أعلم انه شيء مهم بالنسبة لي في الحقيقة فأنا لا أستطيع العيش دونهما و لكن سأضحي بهما فوراً إن كان هذا في سبيل خلاصي من هذه الدنيا النتنة .
و في الأخير كالعادة بعد مغادرة الأستاذ قال لي أحدهم : "ما الذي كنت تفعله عند الأستاذ الكبير هاا قل لي ؟ "
فنظرت إليه مستهزءاً و قلت : " كنت أطبخ "
فسمعنا رجل قدير أحترمه بشدة هو معي في المجموعة فتشاجر معه مدعياً المزاح فقال له : " و أنت ما شأنك بما فعلاه معاً ؟! دع الخلق للخالق و اهتم بشؤنك الخاص و لا تتدخل فيما لا يعنيك مجدداً "تركتهما و خرجت مسرعاً قضيت بعض الأعمال و اشتريت بعض الحاجات و عدت لأروي لكِ ما حدث و أنا أشرب مشروب الطاقة .
أشعر بالراحة الآن .. يبدو انكِ تدعين لي .. شكراً لكِ و للجميع هنا .
فاني ..
أنت تقرأ
طريق سماوي {جنا}
Spiritualتجربتي مع حفظ القرآن الكريم خطوة بخطوة وكيف غير القرآن الكريم حالي من شخص فاشل منبوذ إلى شخص يتطلع له البعض هذا الكتاب لـ جنا سأذكر تجربتي بحذافيرها أنا لم اختم القرآن بعد و مازلت في بداية الطريق . لذا سأشارككم كل ما يحدث معي .