بعيدان نحنُ ومهما افترقنا
فما زال في راحتيكِ الأمانْ ..
تغيبين عني وكم من قريب ..
يغيبُ وإن كان ملء المكان
فلا البعد يعني غيابَ الوجوه
ولا الشوق يعرفُ .. قيد الزمن."فاروق جويدة"
***************
هل من الحماقة أن تثق في شخص بالكاد تعرفه ؟ .. شخص رأيته فقط منذ بضع ساعات ... حتى يصل بك الأمر إلى طلب مساعدته.
نعم إنها حماقة مطلقة ... و خاصة فيما يتعلق بالثقة و لكن طلب المساعدة أمر آخر فليس من الضروري أن يكون نتاجاً للثقة بل ربما كان انعكاس لليأس ... يأسها في الحصول على مساعدة .
كان هذا هو الحال مع ابتهال و عمر.
ربما لم يجدر بها أن تطلب مساعدة ذلك الرجل على وجه التحديد .
فقد خلصت إلى حقيقة واضحة بعد فترة قصيرة من التجول بلا هدف بحثاً عن تيمور و كان مفادها أن التواجد مع ذلك الرجل الغامض مجرد مضيعة للوقت و خاصة مع ثرثرته التي لا تتوقف و كأنهما يعرفان بعضهما منذ الأبد و ليس منذ عدة ساعات فقط .
طريقته هذه وضعت المزيد من الضغط على أعصابها المتوترة بالأساس ... و ذلك ما دفعها إلى التوقف عن التقدم معه أكثر في هذا الطريق الذي بدا بلا نهاية و بلا فائدة تُرجى كذلك .
زفرت ابتهال بتعب و هي تعطيه نظرة اسبغت عليها كل الطاقة السلبية التي تطوف بداخلها .. ثم قالت بحزم :
" لقد ابتعدنا كثيراً و لا أعتقد أن تيمور وصل إلى هذا الحد"
التفت إليها عمر بعدما كان قد سبقها ببضعة خطوات .. و نظر لها للحظة مفكراً ثم هز رأسه بموافقة .. و قبل أن تقول شيء.. اقترح عليها :
" لنعد من حيث أتينا.. ربما وجده أحدهم"
قال هذا تحت تأثير إحساسه بالذنب و خاصة بعدما التمس ارهاقها البين .
و بالفعل قفل كلاهما عائداً على نفس الدرب الذي قطعاه قبل قليل .
كان عمر واثقاً من أن تيمور لم يبتعد إلى هذا الحد .. و لكنها كانت فرصته الذهبية ليحظى بمزيد من الوقت مع هذه الفتاة التي نجحت في إثارة إهتمامه منذ اللحظة الأولى لرؤيتها .
فحين استفاق من غفوته على صوتها لم يكن يظن أنها ستنجح في تفتيت هالة البرود التي يحيط نفسه بها .
و الفضل في ذلك يرجع إلى العفوية الصارخة التي بدت عليها و صورتها المتحررة من أي مظاهر للكذب أو النفاق الإجتماعي الذي عرفه مع غيرها من فتيات المدينة .
بدت مجرد امرأة ريفية بسيطة تمازح حصانها الجامح دون حواجز من الترفع أو الاشمئزاز .. بل للغرابة كانت تعامله كأنه إنسان حقيقي .
أنت تقرأ
في الحب انتِ استثناء
Romance" إنه انت " زوا ما بين حاجبيه و هو ينظر لها بتعجب متسائلاً : " أنا ماذا ؟ " " أنت ذلك الرجل الذي كان يتصنع التشاغل بالتقليب في أوراقه داخل المصعد .. و ربما أنت نفس الملثم الذي ارتكب جريمة القتل و حاول اختطافي " أومأ برزانة و بعينيه تلك النظرة الجليد...