الجزء الثاني من الفصل و أحب اهديه للجميلة التي تسعدني دائما بتعليقاتها marwa_MA😘😘
***************
كوني كما تبغينَ
لكن لن تكوني
فأنا صنعتك من هوايَ
ومن جنوني
ولقد برئتُ من الهوى
ومن الجنونِ" كامل الشناوي "
*********
لم يزحف النوم إلى أجفان محمود إلا مع أولى خيوط الفجر ... و مع هذا لم يحظى سوى بدقائق قصيرة انتبه على إثرها مفزوعا .
حاول أن يستقبل يومه الجديد بذهن صافي فهو في أشد الحاجة لكل ذرة من قوته و تركيزه ليتعامل مع ذاك الوضع المتأزم الذي لا يعرف أبعاده بعد .
و لكن هيهات أن يحظى بهذا الصفاء و خاصة مع الصداع القاتل الذي كان يطعن جانبي رأسه .
قلة النوم و كثرة التفكير و التوتر كانت هي مسببات هذا الصداع الذي يكاد يكون مزمن ...رغم أنه تعافى منه في الآونة الأخيرة إلا أن كل الأحداث التي جرت دفعة واحدة خلال اليوم السابق جعلته يعاني من جديد .
و لكنه لم يتوقف كثيرا عند هذا الأمر بل سحب رزمة الأوراق المتراكمة على مكتبه منذ أسبوع ليتفحصها واحدة بواحدة .
كان قد أهمل هذه الأوراق طويلا .. و لكنها الأن تمثل مهرب مثالي من أفكاره المزعجة .
معظمها أوراق تخص حسابات المزرعة و إشعارات أرسلها البنك بالاخلاء في حالة لم يسدد ديونه المتأخرة و غيرها من الأوراق المهمة.
حاله الأن مثل رجل في عرض البحر مع مركب يتسرب له الماء من كل إتجاه .
فإما أن يلقي بنفسه إلى البحر و اما ان يغرق مع مركبه ... و لكن في كلا الحالتين مصيره لن يختلف كثيرا .
*****************
تعبت حقا من كثرة اصطناعها للنوم ... تلك كانت حيلتها الوحيدة للهروب من حصار النظرات المسلطة عليها .
فبعدما استفاقت بالأمس و وجدت هؤلاء الأشخاص محدقين بها شعرت بذعر حقيقي لم تجد سلاحا حينها سوى الصراخ .. أما الآن فسوف تكون غبية لو اتبعت هذا الأسلوب .
يجب أن تتحلى بالهدوء لتهرب من هذا الموقف الدقيق .. فهي لا تعرف فيم ورطت نفسها تحديدا.
هذا الرجل من المصعد .... لقد تذكرته ... و تذكرت نظراته المركزة عليها حينها .
اتراه له علاقة بما حدث لها؟ .
تلك الجريمة التي شهدتها و الرجل الملثم الذي كان يطاردها قبل أن تقع في قبضته كلها أمور غامضة لم تكن قادرة على استيعاب أي منها ...لتجد نفسها طرفا في هذا الوضع المريب .
ثمة ألم يلهب مؤخرة رأسها و لكن الأفكار التي تواردت إلى ذهنها عما سيفعله بها ذلك الرجل الملثم جعلت ذعرا حقيقيا يدب في أوصالها لتتغاضى عن أي ألم أخر .
كان الشيء الأغرب هو أن تستفيق لتجد جسدها ملفوفا بشيء ما يكبل حركتها حتى تقطعت أنفاسها و أوشكت على الاختناق ... ليس هذا و حسب بل شعرت بضيق المكان حولها لدرجة أنها كانت تسمع هدير أنفاسها و صوت دمدماتها المستغيثة ... حتى باتت لديها قناعة قوية أنها دُفنت حية ... لربما كان هذا الشيء الذي يضم جسدها هو صندوق و ذاك الذي يقيد حركتها هو كفن ؟
تلك الفكرة المريعة جعلتها تفقد عقلها حقا فزاد تخبطها عن ذي قبل ... كان عليها أن تقاوم ... ألا تستسلم بهذه الطريقة ... ان تقوم بمحاولة أخيرة تشبثا بالحياة .
و حينما أخرجها ذاك الرجل من المكان الضيق الذي كانت محتجزة به و الذي تبين لها أنه صندوق السيارة الخاصة به كان أول وجه يقابلها هو وجهه .
و رغم ما تمر به تذكرته على الفور... لذا لا تستبعد أن يكون هو أحد مختطفيها .
رباه ... ان كان الأمر هكذا إذن يجب أن تستغل الفرصة و تهرب قبل أن يعود أحدهم للغرفة .
لقد انتظرت هذه الفرصة و لا يجب أن تفوتها ... لذلك ألقت الأغطية جانبا و نهضت مسرعة بإتجاه الباب الذي خرجت منه تلك المرأة قبل قليل.
ثمة شعور ثقيل يجثم على أنفاسها... و دوار قوي ينتابها إلا أنها نبذت كل ذلك متجاهلة أي ألم تشعر به ... و قد تركزت أفكارها حول نقطة واحدة ... الهروب .
وقفت بحذر تسترق السمع و حين لم تجد أي ضجة قادمة من الخارج استعادت بعضا من هدوئها المفقود .
أنت تقرأ
في الحب انتِ استثناء
Romance" إنه انت " زوا ما بين حاجبيه و هو ينظر لها بتعجب متسائلاً : " أنا ماذا ؟ " " أنت ذلك الرجل الذي كان يتصنع التشاغل بالتقليب في أوراقه داخل المصعد .. و ربما أنت نفس الملثم الذي ارتكب جريمة القتل و حاول اختطافي " أومأ برزانة و بعينيه تلك النظرة الجليد...