كان وقت طويل قد مر منذ بدأت ابتهال في مباشرة عملها الذي أتت من أجله ... و لكن عنادها منعها من الحصول على فترة راحة قصيرة مثل الأخرين .
فقد رأت أنه لا يزال لديها الكثير مما لم تنجزه بعد من هذه المهمة الثقيلة التي أسندت إليها ... و لكن كان السبب الحقيقي الذي لم تعترف به هو رغبتها في إنهاء عملها و مغادرة هذا المكان بأسرع ما يمكن.
هي فقط دقائق قصيرة سوف تتوقف خلالها قبل أن تعاود الاستغراق في العمل ... حاول يوسف مساعدها إقناعها بهذا مراراً و لكنها رفضت بإصرار .
و ربما كان عليها الإستماع إلى اقتراحه فالإرهاق بدأ يزحف إليها بسبب الحرارة المرتفعة .
على كلٍ لم يبقى الكثير من العاملين بالمزرعة في الجوار ...معظمهم توقف عن العمل مؤقتا على أن يعاودوا عملهم بعد انقضاء فترة الظهيرة الحارة .
تنهدت ابتهال بعمق ... و قررت الإستسلام لإلحاح يوسف ... حيث خلعت قفازاتها الطبية و التفتت نحوه قائلة :
" حسنا هذا يكفي ... لقد انجزنا الكثير حتى الآن "
" هذا ما قلته منذ وقت طويل"
قال الفتى بتذمر جعل ابتهال تبتسم اشفاقا ... ثم تابع متسائلاً بحذر :
"هل سنواصل في فترة العصر مرة أخرى دكتور ابتهال؟ "
ربما يجب عليها التوقف و المتابعة في الغد كما اقترح ... فقد شعرت أنه لم يعد لديها المزيد من الطاقة للمواصلة و لكنها أرادت مشاكسته فقالت بغموض :
" ربما "
لم تزد عن ذلك حين رأت معالم الانزعاح ترتسم على وجهه .
كانت متفهمة لحالته تماما ... بالتأكيد فتى يافع مثله لم يتجاوز السادسة عشر يود أن يحظى بالمزيد من الوقت لنفسه ... و هذا جعلها تشعر بالذنب لأنها أغرقته في دوامة العمل معها بهذا القدر دون مراعاة صغر سنه فرغم كل شيء كانت ترى أنه لا يزال طفل .
لذلك أرادت تعويضه عن ذلك فابتسمت بلطف و هي تطمئنه :
" حسنا ... لن يكون هناك المزيد اليوم ... ربما غدا؟ "
قالت جملتها بما يشبه السؤال ... مما جعل أساريره تتهلل بفرح و هو يومئ موافقا .
تنهدت ابتهال قبل أن تتابع بجدية :
" حينها أرجو أن تكون الأدوية الناقصة قد وصلت"
هز الفتى رأسه بأسف ... ثم قال :
" أشك في ذلك .. بل من المحتمل أننا لن نحصل عليها في وقت قريب "
صاحت ابتهال معترضة و بنبرة كانت حادة أكثر مما أرادت :
" ماذا يعني هذا؟ ... ألم تخبر دكتور محمود بمدى أهمية هذه الأدوية؟ "
سارع الفتى بالرد لينفي عن نفسه شبهة الإهمال التي تلصقها به ابتهال :
أنت تقرأ
في الحب انتِ استثناء
Lãng mạn" إنه انت " زوا ما بين حاجبيه و هو ينظر لها بتعجب متسائلاً : " أنا ماذا ؟ " " أنت ذلك الرجل الذي كان يتصنع التشاغل بالتقليب في أوراقه داخل المصعد .. و ربما أنت نفس الملثم الذي ارتكب جريمة القتل و حاول اختطافي " أومأ برزانة و بعينيه تلك النظرة الجليد...