الفصل الثالث

494 32 18
                                    

كان وقت طويل قد مر منذ بدأت ابتهال في مباشرة عملها الذي أتت من أجله ... و لكن عنادها منعها من الحصول على فترة راحة قصيرة مثل الأخرين .

فقد رأت أنه لا يزال لديها الكثير مما لم تنجزه بعد من هذه المهمة الثقيلة التي أسندت إليها ... و لكن كان السبب الحقيقي الذي لم تعترف به هو رغبتها في إنهاء عملها و مغادرة هذا المكان بأسرع ما يمكن.

هي فقط دقائق قصيرة سوف تتوقف خلالها قبل أن تعاود الاستغراق في العمل ... حاول يوسف مساعدها إقناعها بهذا مراراً و لكنها رفضت بإصرار .

و ربما كان عليها الإستماع إلى اقتراحه فالإرهاق بدأ يزحف إليها بسبب الحرارة المرتفعة .

على كلٍ لم يبقى الكثير من العاملين بالمزرعة في الجوار ...معظمهم توقف عن العمل مؤقتا على أن يعاودوا عملهم بعد انقضاء فترة الظهيرة الحارة .

تنهدت ابتهال بعمق ... و قررت الإستسلام لإلحاح يوسف ... حيث خلعت قفازاتها الطبية و التفتت نحوه قائلة :

" حسنا هذا يكفي ... لقد انجزنا الكثير حتى الآن "

" هذا ما قلته منذ وقت طويل"

قال الفتى بتذمر جعل ابتهال تبتسم اشفاقا ... ثم تابع متسائلاً بحذر :

"هل سنواصل في فترة العصر مرة أخرى دكتور ابتهال؟ "

ربما يجب عليها التوقف و المتابعة في الغد كما اقترح ... فقد شعرت أنه لم يعد لديها المزيد من الطاقة للمواصلة و لكنها أرادت مشاكسته فقالت بغموض :

" ربما "

لم تزد عن ذلك حين رأت معالم الانزعاح ترتسم على وجهه .

كانت متفهمة لحالته تماما ... بالتأكيد فتى يافع مثله لم يتجاوز السادسة عشر يود أن يحظى بالمزيد من الوقت لنفسه ... و هذا جعلها تشعر بالذنب لأنها أغرقته في دوامة العمل معها بهذا القدر دون مراعاة صغر سنه فرغم كل شيء كانت ترى أنه لا يزال طفل .

لذلك أرادت تعويضه عن ذلك فابتسمت بلطف و هي تطمئنه :

" حسنا ... لن يكون هناك المزيد اليوم ... ربما غدا؟ "

قالت جملتها بما يشبه السؤال ... مما جعل أساريره تتهلل بفرح و هو يومئ موافقا .

تنهدت ابتهال قبل أن تتابع بجدية :

" حينها أرجو أن تكون الأدوية الناقصة قد وصلت"

هز الفتى رأسه بأسف ... ثم قال :

" أشك في ذلك .. بل من المحتمل أننا لن نحصل عليها في وقت قريب "

صاحت ابتهال معترضة و بنبرة كانت حادة أكثر مما أرادت :

" ماذا يعني هذا؟ ... ألم تخبر دكتور محمود بمدى أهمية هذه الأدوية؟ "

سارع الفتى بالرد لينفي عن نفسه شبهة الإهمال التي تلصقها به ابتهال :

في الحب انتِ استثناءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن