التمس محمود طريقه في الظلام المحيط بمنزله ... بحثاً عن تلك الكارثة التي هبطت فوق رأسه من حيث لا يدري.
لم يترك لعنة في قاموس لعناته لم يرمها بها هي و شقيقته .
و خاصة شهد التي بلغ حنقه منها مبلغه ... بسبب محاولاتها المتكررة للتذاكي عليه و تعاملها معه على أنه غبي ينساق خلف تدبيرات و مؤامرات ساذجة لا تقنع طفل صغير .
يا الله.. و كأنه لا يفهما !.
رغم أنه كان على دراية باللعبة التي تلعبها إلا أنه لم يجد ضير من أن يجاريها ... فلم يكن ليطرد هذه المرأة لتهيم على وجهها بالصحراء المحيطة بمزرعته .
قطعاً سوف يجدوا جثتها مع الصباح ... هذا ما أكده لنفسه.
و لهذا هو الآن بالخارج بعدما تعدت الساعة منتصف الليل بكثير يبحث عن امرأة تبخرت و كأنها شبح .
***************
و على الجانب الأخر كانت فريدة تسير على غير هدى ... قدم تتأخر و أخرى تتقدم ... تتنازعها قوتان .
رغبة متمردة تدفعها للهروب حتى لو كان هذا الهروب مآله إلى صحراء رحبة لا تكاد ترى لها نهاية .
تفر من فظاظة ذلك الرجل هناك .. و اهانته لها ... من حلم روادها بالبقاء .. من نفسها الحائرة .. أو ربما الفرار من كل شيء .
و قوة أخرى تكبلها.. تشدها إلى هذا المكان و تدعوها للبقاء .. خوفا من مجهول يتربص بها .
ليس فقط بسبب هذه الصحراء المتسعة و لكن لما يكمن خلفها من أهوال كانت نهايتها مع ذاك المشهد المريع الذي حفر في الذاكرة بعمق .
فهي شاهد وحيد على جريمة قتل مروعة.. و لا ريب أنها سوف تكون الضحية التالية للقاتل لو عثر عليها .
لقد كتبت لها فرصة جديدة في الحياة بعدما أيقنت أن موتها أمر محقق ... هذا هو السر وراء رغبتها في البقاء .
هذه فرصتها في حياة جديدة ... و سوف تتمسك بها.
نفضت فريدة كل شعور بالتخبط و الارتباك و معهم أفكارها المتناقضة .
و تساءلت .. كيف انتهى بها الأمر وسط اللا شيء ؟.. كيف ضاعت كل امالها العريضة في التحرر من سطوة أشخاص كانوا يسعون للسيطرة على حياتها لتجد نفسها أسيرة هذه البقعة النائية من الصحراء ... تتزلف إلى عطف رجل شرس ليستقبلها كضيفة في منزله.
و لكن ماذا لو لم يأتِ؟ ... ماذا لو كان نذلا و نفذ تهديده و لم ينساق خلف الخطة التي رسمتها شهد ؟.
من الواضح أن هذا ما سوف يحدث.. فها هي تسير منذ بضع دقائق ... تتخبط وسط عتمة متواترة و ضوء القمر الشاحب الذي يخبو حينا و يسطع حينا .
تلفتت حولها بحذر.. بوجل من مجهول ينتظرها و الفضاء الرحب أمامها يستقبلها بأذرع واسعة .. لا تدري ما خطوتها التالية و لكنها لا تستطيع منع قدماها من مواصلة المسير .
أنت تقرأ
في الحب انتِ استثناء
Lãng mạn" إنه انت " زوا ما بين حاجبيه و هو ينظر لها بتعجب متسائلاً : " أنا ماذا ؟ " " أنت ذلك الرجل الذي كان يتصنع التشاغل بالتقليب في أوراقه داخل المصعد .. و ربما أنت نفس الملثم الذي ارتكب جريمة القتل و حاول اختطافي " أومأ برزانة و بعينيه تلك النظرة الجليد...