8

2.4K 369 254
                                    

نزلتُ أخيراً لوجهَتي حيث طلبتُ من صاحب المكتبة طبع صورة معكوسة للموناليزا بحجم ٧٧سم × ٥٣سم على ورق جُلُوسِي مِمّا أثار شكه تلقائياً ولكنه لم يُبالي إلى هذا الحد ؛ فهو بالتأكيد لا يعلمُ أن زبونه هذا على  شك تزوير تلك اللوحة الأثرية بطريقة احترافية.

أخذتُ اللوحة المطبوعة ثم توجهتُ إلى متاجر أدوات الرسم بحثاً عن لوح خشبي مصنوع من الحور الأسود ولكنني لم أجده بسهولة ، استغرقني الأمر ساعة ونصف حتى وجدتُ واحداً مُقلّداً إلا أنه بدى ذو جودة مناسبة وطابع واقعي.

اشتريتُ ما احتجتُه من زيت التربنتين ومُنظفات كحولية وكذلك صمغ الخشب وبعض الاسفنج.

عُدتُ إلى الفُندق مُنهكاً تماماً رُغم أن مارلين كانت تحمل المُشتريات بدلاً عنّي ، لابد أنها مُرهقة للغاية ولكنها تستحق ذلك ؛ إن أرادَت أن تُزعجني فعلى الأقل لتكُن ذات فائدة.

صعدتُ إلى غُرفتي ومارلين لا تزال مُلتصقة بذيلي ، تخففتُ من بذلتي الخانقة ثم فرشتُ ورق الجرائد على الأرض لأضع فوقه الأدوات. قررتُ أخذ حمامٍ سريع ولكن فيما يبدو أن مارلين أخذَت حُريّتها في دخوله أولاً ، لماذا سمحتُ لها بمُرافقتي مُجدداً ؟ لأنني مللتُ من جدالِها ؟ هذا يبدو مُقنعاً.

طلبتُ كونياك إِيه دور نابليون والمُعجنات الهشة ، ثلاثة أشياءٍ لا أُمانع التبذير في الإنفاق فيها ؛ الكحول ، أدوات الرسم والطعام.

وصلَت الكونياك والمُعجنات لأسُكب لنفسي كأساً معقولاً يُنكّه عليّ المُعجّنات ، شغّلتُ السيمفونية الخامسة لبيتهوفن في سلم دو الصغير تصنيف Op. 67 وبدّلتُ ملابسي لملابس نومي المُريحة.

بعد رشفتين من الكونياك - فرشتُ الموناليزا المعكوسة بوجهها الملوّن على اللوح الخشبي وأخذتُ اُبلِّل ظهرها بالمُنظفات الكحولية ثم تركتها تتشربها وعُدت لتناول بعض المُعجنات إلى أن خرجَت القردة وأخذَت تستفسر حيال كُل شيء.

تاركاً مارلين مسحورة بالمُعجنات والكحول - عُدت للوحتي حيثُ أزلتُ الورقة لتظهر الطبقة الرقيقة وقد انطبعَت بشكلٍ عكسي على اللوح ، جففتُها بحذرٍ مما تبقّى عليها من مخاليط كحولية ثم بدأتُ أُمَرّر فُرشة ورنيش بقياس ٥٠ مغموسة في صمغ الخشب المُخفف بالماء والكحول إلى أن غطّيتُ كامل اللوح بطبقة رقيقة وتركتُ اللوحة جانباً لتجِفّ ، الآن يُمكِنُني أن أهدأ قليلاً في حمامٍ دافئ يمتد إلى حين تملّ مارلين وترحل.

توجهتُ إلى زُجاجة الإِيه دور نابليون لأجد أن مارلين كانت قد أنهَت النصف بالفعل ، لا أدري أي نوعٍ من النساء هذا ولكن بالتأكيد لن يكون من النوع الذي يدخُل الجنة.

أخذتُ كحولي ودخلتُ الحمام لأشربه بهدوء وأنا أنقع جسدي المُنهَك في الحمام المُريح ، جائع .. لربما سأطلب بعض الطعام عندما أخرج من هنا.

في أحضان اللوڤر | In The Louvre's Embraceحيث تعيش القصص. اكتشف الآن