لا تقل ابدا ... ابدا

627 26 4
                                    


لم تعرف كيف خرجت من المنزل إلا وهي تقود سيارة والدها ولم تتوقف بها إلا عند الشاطئ .كان الوقت يقارب الغروب ..تريد أن تبكي لكنها لم تستطع ولم تعرف لماذا ..تحتاج أن تفرغ طاقتها المكبوتة ..أرادت أن تصرخ ,,تبكي ,,أو حتى تجد أحدا لتتكلم معه ..

جلست على صخرة قرب الشاطئ ..كانت عالية تقريبا .

توقف على بعد منها وحدق إليها ..كانت تجلس وحدها على تلك الصخرة الضخمة ..لقد توقع أن يجدها هنا ..كان يعلم أنها لن ترحب بوجوده إلا أنه كان عليه أن يطمئن عليها ليس فقط لأن والدها الذي شحب وجهه كالأموات بعد خروجها العاصف طلب منه ذلك بل لأنه أراد ذلك ..

أخذ نفسا عميقا وتوجه نحو الصخرة التي تجلس عليها بخطوات ثابتة على رمل الشاطئ ..إذا كانت انتبهت إلى وجوده فهي لم تظهر ذلك لأنها لم تحرك ساكنا بل ظلت تحدق إلى البحر المتلاطم الأمواج ...

توقف وهو يقف إلى جانبها وحدق هو الآخر إلى البحر ...

ساد صمت قصير ,عندها التفت إليها وقال بكل هدوء (توقعت أن أجدك هنا!)

خلعت حذاءها وهي تقول بسخرية (وإلى من أدين شرف هذه الزيارة الغير متوقعة ؟)

ابتسم قائلا (إن العائلة كانت قلقة عليك ,وخصوصا والدك !)

(حقا؟) نهضت ونفضت تنورتها الطويلة ثم تقدمت إلى مقدمة الصخرة ,,كان يضع يديه في جيبيه ..أسرع يمسك بذراعها قائلا بتوتر (ماذا تفعلين؟)

التفتت إليه مبعدة يده عن ذراعها قائلة بابتسامة حزينة (لاتقلق ,لستُ يائسة وحزينة لهذا الحد لأرمي نفسي ..إذن والدي قلق علي؟!)

نظر إليها وإلى وجهها الحزين ..وأراد أن يمسح هذه النظرة البائسة الحزينة من عينيها الزمرديتين ..

(كلمة قلق لاتعبر عن الحالة التي يمر فيها الآن !)

لم ترد عليه بل أخذت تبتعد عنه تنزل حيث الصخور القريبة من البحر ..تبعها رايان بصمت إلى أن توقفت عند صخرة منبسطة ,كان بإمكان زبد البحر أن يلامس قدميها الحافيتين وكان بالإمكان أن تنزلق قدميها لذا اقترب منها أكثر لكنه توقف أولا ليخلع سترة بذلته الكحلية التي يرتديها ثم خلع حذاءه وجواربه ورمى بها مع السترة إلى رمال قريبة ..

ساد صمت طويل لم يقطعه أي منهما ..كانت هي غارقة في أحزانها وهو ينتظر ..لايعرف ماذا ينتظر ..

أخيرا قال (ألن تتكلمي معي عن الأمر؟)كان هادئا جدا ويبدو أن هدوءه أغضبها لأنها انفجرت غاضبة (أتكلم عن ماذا يا رايان؟عن طفولتي السعيدة ؟أم عن مرض والدتي الذي لاأعرف شيئا عنه ؟أم عن معاملتي كطفلة حمقاء لعينة لاتعرف كما يظنون أن تحفظ الأسرار ؟ماذا تريدني أن أفعل ؟)

اجاب بهدوء (افعلي ماتريدين فعله ,المهم ان تخرجي ما بداخلك )

نظرت إليه وأحس بأن الدنيا ضاقت به عندما رأى عينيها المغرورقتين بالدموع فاقترب منها ,,قالت(أتعرف ماأريد؟)

عيناك عذابيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن