الجزء الرابع

207 14 3
                                    

نظرت إليه بخوف وترقب لما سيفعله بي..فإذا به ينظر إلي بعين ذات لون أحمر..و وجه أشبه بوجه ثور فقد رشده..وهرب من صاحبه..شعر أشعث وكأنه خرج لتوهِ من مشفى أمراض العقلية..ولن أنسى هذا الشكل ما حييت ..
ابتعدت خطوة لأستطيع الركض الركض سريعاً كل ما أريده الأن هو الهروب..لكن من سوء حظي أن قدمي كانت ترتجف كنت أتخيل أني أركض سريعاً لكن الركض كان تخبط بين الجدران ..!!.
و أقترب مني قُلت بحروف مقطعة.:"أين....أُ..مي!"
لم أكمل كلامي لأنه انقض علي يضربني بقسوة ..أمسكني من شعري بعنف بيد واليد الأخرى كانت تضرب حيث يريد..هو تكلم لكنني لم أفهم شئ..وضربني لكنني لم أبكي..كان الصراخ بداخلي..
هل هذه دماء علي يدي..!من أين مصدرها..!!
والأن ألقاني علي الأرض كقطعة قماش بالية أنتهت مُدتها في التنظيف!..
ورحل..أخيراً رحل بتلك البساطة!!
لم أكن أستطيع رؤية شئ بالعين اليُسرى فهل أصبت بالعمى..لم أستطع فتحها لكن اليمنى كُنت أرى بها بصعوبة..أين الباب أريد الخروج من هنا..!أين أمي!
أين الخالة سعاد!
زحفت لوصولي للباب ..أقنع نفسي أن هذا لا شئ مما تتلاقاه أمي تقريباً كل يوم..
جلست أمام الباب وفتحته وألقيت برأسي عليه ..مُتمنيه أن يكون هذا حُلماً استيقظ منه ..عندما استيقظ لن ابقى بمنزل الخالة سعاد..لن آرى أمي ثانية..ولن أسمع"أحبكِ غاليتي"مرة أخرى..لن تكون هناك مرة أخرى لأي شئ لا أحد لا بشر..
إنني أشعر بالشمس التي تغزوا عيني بشعاعها اللطيف..وأصوات بعض البشر المُتعجبة!
ستوقظني أمي الأن لأذهب لمدرستي ..!
في منزل سعاد...
صرخت(سعاد )بصوت مُرتفع :"زيد يا زيد استيقظ بُني"
استيقظت علي هذا الصوت وتململت في فراشي بتأفف:"أمي أتركيني لم أنم جيداً"
ردت أمي بصوت غاضب:"كلاا هيا استيقظ ..هيا إلي مدرستك"
نهضت بضجر وأنا أرجع شعري الكثيف للخلف لأرى أمي بوضوح :"ي الهي"
أصبحت أمي تتكلم سريعاً :"هيا هيا..سأعد لكَ الإفطار أذهب وأيقظ أختك "
رفعت حاجبي بإستنكار:"أختي!!"
وتابعت وأنا أنظر إلى أمي ببرائه وأنا أسألها:"أمي لماذا قبلتي بتلك الفتاه إنها مسؤلية علينا جميعاً"
ردت أمي:"أجل أمل تكون أختك من الرضاعة .."
نظرت إلى أمي بصدمة وعين لي مُغلقة من أثر النوم:"كيف ذلك هل كنتِ تعرفي والدتها من مدة طويلة!"
جلست سعاد وهي تتذكر ما حدث قبل سنوات...
وقتها كانت تصرخ في ياسمين وهي تقول:"هل جننتي يا ياسمين تتزوجين هذا الرجل!"
ابتسمت ياسمين وهي تقول بتعجب:"وما العيب فأنا أحبه"
ردت سعاد:"إنه لا يريدك أن تلتحقي بالجامعة..يريدك أن تجلسي خادمة له..كما أنكِ فقيرة عليكِ الزواج من غني ..الزواج ليس الحُب من متطلباته!"
ضحكت ياسمين وهي تقول:"المال ليس كى شئ يا سعاد!"
ردت سعاد بجدية:"لكننا نحتاج إلى المال..نحن فقراء نحتاج إلى المال وبشدة ولا انكار في ذلك!"
عاودت ياسمين ابتسامتها الحالمة وهي تقول:"لقد تم منعك من التعليم من قِبل أهلك..وأنا صديقتك لا بأس بأن يتوقف كلانا عن التعليم.."
دمعت عيون سعاد بخزي الفقر وهي تقول:"لكنني لو مكانك لما توقفت عن التعليم"
أخرجها زيد من ذكرياتها الحزينة وهو يقول بتعجب :"لم تكمل تعليمها بسبب أنها أحبت والد أمل!"
ردت أمي بحزن:"أجل"
قُلت مُتسائلاً:"لكن أمي لم أفهم كيف أصبحت أنا وأمل أخوة أليست هي أصغر مني..؟"
حركت أمي رأسهاتنفي كلامي وهي تقول :"بشهور فقط هي في مثل عمرك"
وتابعت:"زوجني أبي من والدك وكانت ياسمين آنذاك قد تزوجت...."
قاطعت كلامها:"لم تتزوجي أبي برضاكِ..هل كنتِ كالخالة ياسمين!"
نفت أمي وهي تقول :"كلا لم يكن عن حب لكنني كنت راضية بالطبع ..وقد كان أفضل.."
قُلت:"كيف؟"
ردت أمي ضاحكة:"لقد تزوجت والدك ولم أكن أرغب..أذكر أن أبي قد ضربني بشدة لأوافق..علي الزواج منه..وافقت في النهاية ..تزوجت والدك ولكنني أحببته"
وتابعت بحزن:"لقد أنجبتك بعدها بأيام توفي والدك وكنت مُتعبة آنذاك ..أخذتك ياسمين لترضعك ..وكانت قد أنجبت أمل..أرضعتك لأول تسعة أشهر في حياتك وأخذتك أنا من التسعة أشهر ثلاث شهور فقط"
ابتسمت بسعادة:"يعني أمل أختي؟"
ردت أمي بإبتسامة:"أجل"
وتابعت:"هيا أذهب وأيقظها "
قُلت وأنا انهض:"حسناً"
جلست سعاد تنظر للفراغ الذي تركه زيد وهي تتذكر كيف كانت العلاقة بينها وبين ياسمين..
عندما جاءت لها ياسمين تبكي:"لا أدري يا سعاد ما الذي يُريد فعله!!"
قالت سعاد:"إن الخطأ يقع عليكي أولاً ..لا تدعيه يستدين نقود من أحد ثانية.."
افاقت من أفكارها علي صراخ زيد :"أمل يا أمي ليست في الغرفة"
قالت بفزع:"كيف!!"
ذهبت أمي تبحث في أرجاء المنزل عن أمل بقلق واضطراب فلم تجدها..
قالت بخوف :"أرجوك يا زيد أذهب وأبحث عنها "
قلت بتعجب:"من الممكن أن تكون ذهبت لوالدتها"
ردت أمي بقلق ووجهها يتغير لونه:"كلا ياسمين ليست في البلدة كلها أذهب وأبحث عنها بسرعة"
..
قلت وأن أخرج:"حسناً ..حسناً"
إنه الشعور الذي ينتابك القلق ..رغم أنني قلقت قلق طفولي لكوني قد عرفت للتو أن لي أُختاً..فأفقدها في نفس اللحظة..وقد فرحت لدقائق..كنت أسير في الشوارع ولساني ينطق همساً:"أين أنتِ يا أمل.."
وتابعت أستشعر الكلمة الجميلة لأول مرة في فمي:"أختي..!"
جعلني هذا لا أتوقف عن البحث وأنه يجب علي أن أجدها..
#يتبع

أملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن