الجزء الثاني..

315 15 8
                                    

أنا أمل فى الصف الخامس الإبتدائي..يعني عمري تسع سنوات تقريباً..وعقلي أكبر بكثير أعلم..
أدرس في شبه المدارس تلك المنازل القديمة التي يتم تحويلها إلي مدارس للقضاء على محو الأمية..
ولولا أن أمي تذاكر لي ما كنت لأفقه شئ من المُعلمات ..
الذين لا أدري كيف حصلوا علي شهادات تؤهلهم للتدريس..
.....
مرت الأيام وأعتقد أن أمي على وشك الولادة وهذا شئ يقلقني كثيراً ..أصبحت أمي تتأوه بشدة وأجهل أنا مصدر ألمها ..أجهل كل شئ ..كُنت أتمنى وقتها في اليوم مائة مرة أن أصبح طبيبة ..
جاءت أمي توقظني من النوم :"حبيبتي ..يا أمل انهضي لأتحدث معكِ"
نهضت سريعاً بفزع في اعتقادي أن أمي ستلد..وجدتها تضع يدها اليمنى علي بطنها ..وباليد الأخرى تنشل شرشف السرير المُتهالك..نزعت الخيط بسكين وذهلت لرؤيتي هذا العدد من النقود..نقود كثيرة!
كم من المرات جمعت أمي هذه النقود!
أخذت أمي تجمع المال في حقيبة قماشية تم تخيطها مرات كثيرة كما يبدو..
وألبستني فستان جميل بدوت فيه كالأميرات وارتدت هي حجابها وعباءتها..
وأنا اقف وأشاهد ..واصمت!!
قلت ونحن نخرج بصوت هامس:"أين سنذهب!"
ردت أمي وهي تتطلق شهيقاً يتبعه زفيراً أسرع منه..:"أظن أنه حان موعد الولادة فأنا فى التاسع.."
قلت وأنا أحاول اللحاق بخطواتها:"ما هو التاسع!"
ردت مُختصرة الكلام:"الشهر التاسع"
بتساؤل قلت:"جميع النساء تلد فى الشهر التاسع!"
ردت وهى سارحة:"ربما!"
صرخت مُنفعلة:""أمي!"
نظرت لي بحنان وهي تمسح علي شعري:"أسفة بنيتي لإجابتي القصيرة فأنا متعبة بشدة"
قلت بإبتسامة :"لا بأس فأنا ثرثارة "
وانتهى حديثنا لدخولنا المشفى ..أو ما يشبه المشفى!!
وأقسم أنني لن أصبح طبيبة هنا أبداً ..
دخلت أمي للطبيب كما قالت ..قرأت الإسم عنوة:"أمجد عبد الرؤف..
أي طبيب هذا!!
توقفت عن التفكير عندما رأيته يأكل بشراهة وضخم البنية ويرتدي الازار الأبيض الذي دخلت فيه العديد من الألوان العجيبة كغرفتي تماماً..
ضغطت علي يد أمي بخوف ..وجدت أمي تفتح حقيبة النقود و وضعت بعضاً من المال أمام هذا الطبيب!..
وقالت بصوت مُتعب:"هل ستجري العملية الأن!"
مسح الطبيب يده في ملابسه!وقال بضيق:"ولكن هذا المال قليل !"
إنه يثير اشمئزازي..
قالت أمي بقوة لم آراها تملكها من قبل:"هل ستفعل بتلك النقود أم لا!!"
و وافق الطبيب علي مضض قائلاً:"موافق حسناً سأحضر غرفة العمليات.."
قبل دخول أمي لتلك الغرفة وقفت أمامي وقالت بحنان وهي تعطيني الحقيبة :"لا تدعي أحداً يأخذ منكِ تلك الحقيبة يا أمل..إن حدث شئ فلا تجزعي..لا تبكي غاليتي..أفهمتي!!"
قبلتني بحنان وهي تقول بصوت مرهق:"لكَم أحبكِ كثيراً غاليتي"
فهل أكون سعيدة لتلك الكلمة أم حزينة علي وضع أمي..هل تهبط الكلمات الرائعة من الشخص الرائع فتزيل كل الإرهاق والتعب ..و الحزن!!
حضنت الحقيبة وجلست أرضاً وأن أرى أمي تدخل الغرفة..مُنتظرة بخوف وحظر وتوجس اترقب الساعات..وأريد الصراخ..انتظر و......خرج الطبيب وهو ينظر إلى..
"ويحك..أين أمي!!!"
#يتبع..

أملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن