الجزء الثامن

155 11 2
                                    

حملتُ أمل ووضعتها علي أريكة أحاول أن جعلها تفيق من الإغماء ..وصديقتها تصرخ بإنفعال:"ماذا فعلت ومن أنتَ..أخرج حالاً من هنا!"
أجبت بغضب:"أصمتي أنا أخوها"
هتفت بإستنكار:"أمل لا أخوة لها ..فأين كنت كل تلك المدة عنها!"
ولم أجب عليها عندما بدأتِ بالإستيقاظ من غيبوبتك ..قُلت لصديقتك :"أنا سأذهب"
سمعتها تقول من خلفي:"تفعل المصيبة وتذهب!"
ومن وقتها وأنا لا أرغب برؤيتك أبداً أبداً يا أمل وكرهت أننا أخوة في الرضاعة وكرهت كوني أعرفك..!
لكنكِ رغبتي برؤيتي عندما سمعت طرقات علي باب المنزل وفتحت لكِ غدير لم تُلقِ التحية بل قُلتِ بتعجرف:"أين زيد!"
ولأن غدير لم تتعرف على شكلك من قبل سألتكِ بقلق:"من أنتِ؟!"
وخرجتُ أنا على هذا السؤال مُندهشاً وأنا أقول:"عرفتي مكان منزلي؟!"
لم تردي ولم تعيري كلامي أي انتباه بل قُلتِ غاضبة:"أنتَ تعرف مكان أخي؟هل تعرف مكان أمي؟؟"
وكأنني كُنت عديم المشاعر في تلك اللحظة الجريدة التي ألقيتُ بها في القمامة سردتها عليكِ والتي أخبرتني أمي كثيراً بألا أخبركِ...
لكنكِ ...
لكنكِ أغضبتيني بطريقتك بكل شئ فيكِ ..قُلت ببرود :"والدتك توفيت في حادث وهي ذاهبة للعمل ..بعد قدومك عندنا بشهرين..أخفيتُ أنا وأمي عنكِ هذا الخبر ..بعد أن أعطت أخوكِ لإحدى صديقتها لحين عودتها من العمل ..ولكن الصديقة عندما علمت بالخبر كانت تعرف عن والدك فأعطت أخيكِ الرضيع إلي والدك ..أتمنى عند إستيعابك لكل تلك الأحداث أن ترحلي من هنا وأحذركِ من أبيكِ.! وبالنسبة لأخيكِ لقد مات مقتولاً بالأمس !."
.
لم أخبركِ وقتها أي شئ عن والدك والجرائم المعروف بها ..لقد حذرتك فقط وأظن أنني فعلتُ اللازم..
غدير لم تتحمل تلك الأحداث فبكت وكم وددت لو أبكي أنا ..أبكي كل شئ مُنذ وفاة أمي وإنهيار اليد التي كُنت أتشبث بها..
جعلتكِ غدير تجلسين ونظرت إلي بعتاب وهي تُعطيكِ عصير الليمون..
لكن نظرتها تغيرت عندما نظرت إليها والدموع تلمع بعيني وهمست تواسيني:"زيد"
فغادرت المكان وعكفت علي مكتبي أقرأ في كُتب دراستي لعلها ترحل ولا تراني مُجدداً وأكون قد عُفيت من تلك المهمة...!!
.
إن الحُزن يأبى المُغادرة وحدي من كُنت أحاول ابهاج نفسي إنني لا أكون سعيداً إلا إذا أردت ذلك ..أما الحزن فأنا حزين في كل الأوقات!
..
عندما سمعت صوت إغلاق الباب عرفت أنها رحلت..
وعند سماعي صوت باب الغرفة يُفتح علمتُ أن غدير دخلتها وبالتأكيد تحمل لي أنا الآخر كوباً من عصير الليمون..
وضعت الكوب على المكتب ..سألت بصوت أجش:"رحلت..؟!"
أجابت غدير بصوتها الحنون:"أجل"
همهمت:"جيد"..
وتبعت همهماتي آهات وإلقاء جسدي على مكتبي لكن تلقفتني يد غدير وهي تضمني وكم أحتاج لهذا ..لم اتربى أبداً على الشدة ..الشدة الوحيدة التي كانت في حياتي أحياناً الفقر وذبح أمي لفراخي عدا هذا كُنت دائماً في أحضان أمي وكنت مُدلل لديها ..!!
قالت غدير هامسة:"لقد قسوتَ عليها"
قُلت بصوت أجش مكتوم:"هل تلومينني؟"
ردت غدير بضحكة خافتة وهمست:"لا لا ألومك!"
وانتهت تلك الليلة العنيفة التي بدأت بدخول أمل منزلي ..آخيراً انتهت لكن الليالي التي تلتها لم تكن أقل عُنفاً ..ما زلتُ أنا في أول الطريق وما زالت أمل تقف في نهاية الطريق ولا لقاء بيننا ف الوسط دائماً فارغ..فارغ كقلوبنا تماماً!
....
في اليوم التالي..
استيقظت بفزع علي صوت بكاء غدير قُلت قلقاً وأنا أحاول فتح عيني والجلوس على الفراش معتدلاً:"م..ماذا هناك؟لما البكاء عزيزتي"
ردت وهي تمسح دموعها وتبتسم بإشراق:"أنا حامل يا زيد!"
قُلت بعدم تصديق:"حامل!!!"
ضحكت قائلة :"أجل بطفل لي ولك!"
قُلت ضاحكاً:"لما البكاء؟"
ردت بخجل:"لكوني أصبحت أماً..إنها بكاء سعادة!"
وكم فرحت وابتهجت أساريري وسجدت لربي شاكراً ..
سأصبح والداً أخيراً..
وأتفقت مع غدير أن تؤجل هذا العام لها في دراستها وهي فرحت بذلك!
إنه العمل المُحبب لدى النساء الطبيعية التدلل والعمل في خدمة زوجها ..والجلوس الآن في الفراش ووقوفي أنا في المطبخ أطهو الغداء لنا أي دلال هذا!!!!
.
#يتبع

أملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن