|| ڤولكر ||

١٠

أخيراً حل الصباح وسأتخلص من هذا الهَم، استحممت سريعاً ورتبت شعري وملابسي، تناولت الإفطار وسمعت أن كبير الخدم وبّخ الطهاة بقسوة وقرر أن يتأكد من صحة طعامي بنفسه كل يوم، هذا مطمئن في الحقيقة ثم عدت لغرفتي لأعاود فتح صندوقي فسمعت صوت طرقات من داخل الخزانة

كل شيء مقفل أعتقد أني سأتخلص من كل المفاتيح التي بحوزتي عندما أنهي عملي مع ألدراي، اتجهت هناك وفتحت الخزانة فصرح ببرود "لقد كنتِ تُهذين في الأمس و أنتِ نائمة"

عقدت حاجبي باستغراب فتابع "على كل حال ليس هذا ما أردت قوله، بما أنكِ تجيدين السحر أحلامكِ مهمة أيضاً فهي إشارة أو إنذار لأي شيء سيحدث بالمستقبل لذا قومي بكتابتها إن استطعتِ"

همهمت لأتلفظ "أنت محق... سأفعل هذا ولكني نسيت الحلم الذي راودني اليوم لذا آمل أن أتذكره لاحقاً"

عاودت قراءة الكتاب ووجدت أنني أستطيع جلب جميع المكونات بسهولة ما عدى واحدة والتي هي شعيرات قليلة من فرو مستذئب

أخذت نفساً عميقاً بينما أفكر ممن سأجلب تلك الشعيرات فلم أتوصل سوى لكريستوف وڤولكر، علي دراسة الموضوع جيداً قبل أن أفعل

أعتقد أني اتخذت قراري، سآخذها من كريستوف فهو فتى جيد ولن يضرني، أطللت على الشرفة لأجده في الساحة على هيئة ذئب مع فتاة صغيرة من قطيعنا

زفرت أنفاس الراحة فالخطوة الأولى قد نُفِذت، هبطت سريعاً إليهما وقد كانا مستمران باللهو

اقتربت من كريستوف ذو الفرو الأشقر لأربت على رأسه فحصلت على بعض الفراء فصرخت تلك الصغيرة بلؤم "أنتِ! لا تقتربي من رفيقي"

ابتعدت خطوتين قائلة "أعتذر" ، عاد كريستوف لهيأته فتلفظ "صغيرتي لا تتحدثي هكذا مع سيلڤر إنها فتاة طيبة"

نظرت نحوي بعبوس قائلة "هكذا إذاً، أنا آسفة"

تبسمت لأسألها "إذاً... أخبرتني أن كريستوف رفيقك؟"

كلاهما رفعا لي ذراعهما ليرياني العلامة المتطابقة، الفرق بين عمرهما ثلاث سنوات في الحقيقة لكن رفيقة كريستوف مدللة وحجمها صغير وهذا يجعلها تبدو طفلة وتتصرف على أنها هكذا، تبسمت متقهقرة "حسناً علي الذهاب" ثم اصطدمت بأحدهم فاستدرت لأجده ڤولكر مجدداً

"تعلّمي السير أيتها الحمقاء" صرح ببرود ليتفاداني ذاهباً نحو كريستوف

فعقدت حاجبي متمتمة "حمقاء مثلك" فالتفت لي بأعين حادة قائلاً "إرحلي قبل أن أقطع لسانك"

نهض كريستوف ليتفوه بغضب "لماذا تتحدث معها هكذا!؟"

"لا تتدخل أنت!" أجابه فتبسمت قائلة "هذا أنت... تصب غضبك على الآخرين كما يفعل جميع الضعفاء"

استدار لي مجدداً وتقدم نحوي، رفع يده وأعتقد أنه أراد صفعي فأنزل يده ليصرخ بي "إرحلي!!" دفعني ليختل توازني لكني لم أسقط

رمقته بغضب فصرخ مجدداً "ألا تفهمين!!"

ابتسمت باستهزاء غاضب لأتلفظ "أنت لا تتغير أبداً... أكرهك ڤولكر" ، تركت المكان لأركض لغرفتي بينما ما تزال فراء كريستوف بقبضتي، لقد عكر لي مزاجي بدقائق وربما أسأت الحكم عندما ظننت أنه شخص جيد في الأمس

لحسن الحظ كانت باقي المكونات متوفرة لذا جلبتها سريعاً من مطبخ القصر ثم كان علي جمعها داخل قماش وترديد بعض الكلمات

لذا تأكدت من أن الرواق فارغ وجلست على أرضية الغرفة وأمامي تلك القماشة حتى أنني طلبت من ألدراي التزام الصمت كي لا يتشتت تركيزي فهذه الأمور يجب أن تتم بدقة

كان مزاجي متعكر لدرجة أنني قرأت تلك الكلمات والطلاسم بحاجبين معقودين بالإضافة لقلبي الذي ينبض خوفاً من أن يحدث شيء خاطئ وأقع في مصيدة السحر، لكني أنهيت ترديد الكلمات ولم يختلف شيء بي أو بالمكان لذا قمت بخياطة تلك القماشة المحشوة بالمكونات

"إنها جاهزة" تحدثت لأنهض عن الأرض متجهة نحو ألدراي

ابتسم ليهمس "أشكركِ جزيلاً"

نظرت نحو القماشة لأصرح "ليس عليك أن تشكرني الآن... مازال علي تجربتها فهذه ثاني مرة أستخدم فيها السحر ولست متأكدة من الأمر"

همهم ففتح فمه ليتحدث لكن قاطعه صوت ضجة كبيرة وصراخ من الأسفل

عقدت حاجبي بخوف لأتلفظ "إنتظر هنا" خرجت من الغرفة وعازل الرائحة بجيبي لقد كان الجميع يركضون نحو الأسفل

فتتبعتهم وقلبي يخفق بشدة بذعر

وبينما كنت أسير بالرواق اصطدم بي ڤولكر لأنه كان يركض فاختل توازني للحظات لكني وقفت باعتدال لأعقد حاجبي محدقة به لتتسع عيناي فلأول مرة بالحياة كانت أعينه على حافة البكاء لقد كان أمر صادم أن ترى دموع في عيني شخص بلا مشاعر، بقي ينظر لي ولم يتفوه بحرف ثم استدار سريعاً واستمر بالركض

انتابني شعور كبير بالسوء أتمنى أن يكون شعوري خائب فبعدما اكتشفت أن أحلامي تتحقق لم أعد أرغب بالنوم، ركضت أيضاً كما يفعل الجميع للأسفل فوجدت هال المخضب بالدماء يسير مستنداً على كتف كريستوف وجسمه مليئ بالجروح والخدوش كأنما هاجمه قطيع كبير

شحب لون وجهي وتوقفت عن السير أراقبهم من فوق الدرج ومعدتي بدأت بالإحتراق من الداخل من شدة الخوف

اجتمعوا حوله بمحاصرة فاندفع ڤولكر بينهم ليقوم بإسناده على نفسه من جانبه الآخر، كان قلقاً للغاية وأعلم ما هو شعور فقدان ضلع من العائلة فقد انتابني مرتين وهو السيء الحظ قتلوا إخوته الخمسة ووالديه ولم يتبقَ له سوى هال

صرخ ڤولكر فاقداً أعصابه "فلتتنحوا جانباً ألا ترونه ينزف! فليطلب أحدهم الطبيب لا تقفوا مكتوفي الأيدي!"

لكن الطبيب جاء بنفسه وأمارات القلق على وجهه هبط السلالم باستعجال بينما يبعدهم عن طريقه فصرخ "إجلباه لغرفتي سريعاً ورجاءاً منكم جميعاً أن تهدأوا هو سيكون بخير!"

تساقطت دموعي بخوف، أعتقد أنه حان الوقت الذي ستساعدني فيه قدرتي فعلياً فتتبعت الطبيب المُستعجل لأتلفظ "يُمكنني إنقاذه!"

تحدث "أرجوكِ سيلڤر ليس الآن"

أوقفته متمسكة بذراعه لأهمس بشهق "صدقني لن يتمكن أحد من علاجه غيري!... أرجوك فقط أعطني فرصة لأعالجه وبعدها إفعل ما تشاء!"......