الفصل الثالث

532 28 4
                                    

كانت خطواتي مضطربة، وأنا أنتعل ناطحات السحاب تلك ،ولم ألبث أن وصلت آخر السلالم فإذا بي أفقد توازني ، و أسقط فجأة  أحسست بيدين دافئتين تمسكني و عطر ساحر يخطفني ...و إذا بي أبصر صديقي الصغير في شاب أشقر ،طويل القامة، شاحب البشرة ،ذو نظرة عميقة ، مألوفة لدي تحتويها عينان بنيتين ساحرتين  و رحنا مستمران في التحديق ببعضنا لمدة تفوق الأربعين ثانية .

بينما كنت أنا أتجول بين ملامحه مقارنة الصورة التي في مخيلتي بالواقع الذي أمامي، و كان هو يحدق بعيناي  , عيناي !! يا إلاهي يجب أن أهرب من هذا الموقف؛ فأنا لا أريده أن يكشف مرضي و أرى فيه نظرة إشفاق أخرى فهربت من الموقف قائلة بتهكم :

- انظر الى نفسك آدمي الصغير قد تغيرت كثيرا !

- و أنتِ أيضا لو رأيتك في مكان آخر لما تعرفت عليكِ بدون شك !

-طبعا! يجب ان تكونا شاكران لي -اضافت ملك

ثم اِنتبهت أن هناك ناسا في الصالة غيره ، يجب ان أُسلم عليهم  وراح الكل يهنؤوني على عيد ميلادي !

و مضت السّهرة بين اجواء من التسامر و كنت أنا و آدم و ملك منشغلين في استعادة ذكريات الطفولة .

و قد تمنيت اِسترجاع تلك الأوقات  السعيدة التي لم تحمل لنا أي هموم . فكل ما كان يشغلنا هو تنفيد ما تقوله المعلمة  و اِنجاز الواجبات و مشاهدة توم و جيري .  أيام ماضية سعيدة اِستحالت الى ذكريات حاضرة حزينة ، لم نكن نفهم ما الخبث ما الخيانة وما  غدر الزمان،  نحس دائما بالأمان نعيش اليوم بيومه غير آبهين لما قد يحمله لنا  الغد ؛ايام كنا فيها أحباب الرحمان أيام كانت فيها صفحة أعمالنا بيضاء ؛ مرتاحي البال ننام اول ما نضع رؤوسنا على الوسادة !

أيام  كانت فيها ملامحنا تعبر عن محتوى قلوبنا . فاِن أحببنا أحدهم حضناه و قبلناه و اِن كرهنا أحدهم عبسنا في وجهه  .أما الآن فالكل يضع الأقنعة البشوشة . حتى النقود كانت بالنسبة إلينا مجرد أوراق و اليوم إستحالت إلى سكين يقتل الأخ أخاه به و من أجله  .

A december to remember ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن