إتجهت إلى المقهي و أول ما دخلت كان المقهى شبه خال و رحت أجول بنظري و إذا بي أراه يلوح لي بيده و قد كان في أحسن حالاته ، كان يبدو وسيما جدا , كان يرتدي قميصا أسود وأبيضا مزركشا بشكل جميل و كانت مزررا كليا حتى إلى عنقه و كان ذلك يظهر جمال عضلاته مع سروال قصير أسود و كان يسرح شعره بطريقة *زين مليك * توجهت نحوه ، وألقيت التحية قائلة : هاي !
فقال : واو ، تبدين رائعة ! ( هل أنت متؤكد أنني أنا من أبدو رائعة )
قلت : شكرا لك ! ( وأنا أبتسم )
ثم قال : تفضلي !جلسنا و أخدنا الحديث في مواضيع شتى . و قد كانت طريقة كلامه تشعرني بالراحة، فكنت معه على طبيعتي ؛ و بدون تكلف و كأني أعرفه منذ زمن بعيد . و قد تعرفنا على بعضنا جيدا.
عرفت أنه يعيش مع والديه في الجو الذي كنت أتمناه ،و أنه يكره اللون البرتقالي و الكاتشب ! و أنه كان خجولا و إنطوائيا في صغره ، و هكذا الى أن جاءت النادلة و قد طلبنا *هوت شوكلت *. و إكتشفنا انه كان المشروب المفضل لكلانا و اسمرينا في الثرثرة الجميلة إلا أن وقع نظري على النافدة و انتبهت أن الليل قد فرش حلته ؛ و أنا لم أحس بشيء فكانت الساعات معه تمضي كالثواني ، و كانت نظرته جد مريحة و كأني أنتمي إليها ، و تمنيت لو بقيت على ذلك الحال للأبد .
أصر على إيصالي إلى بيت ملك و قد تمشينا في جو دافئ تحت ضوء القمر و كان خفيف الظل يجيد حس الدعابة ، كان يجعلني أضحك من قلبي .
و بينما كان يودعني رأتنا ملك من نافذة غرفتها و نزلت لتستقبلني ، دقيت الباب و فتحت أم ليلى ، إنها ألطف مخلوق على وجه الأرض ...
- مساء الخير سيدتي !
- عزيزتي الجميلة ، يا لها من مفاجأة ، تفضلي !
-شكرا خالة ،كيف الحال ؟
- أصبحت أحسن برؤيتك عزيزتي ، كيف حالك و حال أمك ؟
- بخير ... (قبل أن أتم جملتي قفزت ملك من الدرج و سحبتني إلى فوق قائلة ): - ستخبرك لاحقا أمي !
دخلنا إلى الغرفة و قالت ملك : ليلى من قيس الذي رافقك تحت ضوء القمر ؟
- just friends ! توقفي عن هذا !
- لم تحبي هذه العبارة قط ، ما الجديد ؟
- لا شيء، لا شيء ، أحظري لي ماءا ، إنه وقت شرب الدواء !
- تعرفين أين المطبخ !
-أجل ، لكنني متعبة ، هيا عزيزتي من فضلك !
- تصبحين لطيفة و مؤدبة عندما تحتاجين لشيء، حسنا لكن أريد سماع كل تفاصيل قصة قيس و ليلى !
-إلياس ، اِسمه إلياس !
- whatever !
غيرت ملابسي في إنتظار ملك ، تفقدت هاتفي و إذا بي أجد رسالة من إلياس : * لقد نسينا هدف اللقاء ! *
فأجبته : *ماذا ؟*
رد قائلا : *الكتب *
يا إلاهي ، لقد نسيت تماما الكتاب ، ماذا حصل لي ، لم أعرف ماذا أرد و فجأة رن الهاتف ، لا أعرف هذا الرقم !
و أول ما أجبت كان صوت شاب يقول: هاي ليلى ، كيف الحال ؟
- بخير، شكرا ،من المتصل ؟
-أنا آدم !
-آه ،كيف حالك آدم ؟
- أنا أفضل بسماع صوتك !
- أنا متؤسفة جدا على آخر موقف ... ( كنت أقصد ما حدث ليلة عيد ميلادي )
-آه ليلى ، لا داعي للتأسف ، إنها أمور عائلية تحصل في أغلب الأوقات ( دخلت ملك في تلك اللحظة وأخدت تهمس لي قائلة : أهو قيس ، أ هو قيس ؟ و أنا أشير لها أن تصمت ثم قال آدم ) : ليلى ، في الحقيقة اِتصلت بك لعزيمتك لتناول الغداء معا غدا ، فكنت أتساؤل إن كنت تستطيعين فعل ذلك ؟!
- لا أدري إن كنت أستطيع لكنني سأحاول (كنت مجبرة لزيارة الطبيب ككل أسبوع و لم أستطع إخباره فهو لا يعلم مرضي كما أنني لم أرد رفض دعوته فآدم صديق مخلص )
- بلى تستطيعين ، سأمر لاِصطحابك غدا من البيت !
- حسنا ، باي !
- باي !
ملك : أ يريد قيس موعدا آخر ؟!
ليلى : أ أنت من أعطيت رقمي لآدم ؟
ملك : أجل ، لقد أصر ثم إنه شيء عادي ، ماذا قال ؟
ليلى : دعاني لتناول الغذاء غدا !
ملك : إنه مهتم بك !
ليلى : لا أعتقد ذلك ، ثم إنه لا يعرف اِصابتي بالسرطان !
ملك : سيعرف على أي حال !
ليلى : مؤكد ،لكنني أعجز عن إخبار الناس بذلك ، أحس و كأنني أطلب الشفقة !
ملك : إذن أ قبلت الموعد ؟
ليلى : أظن ذلك !
ثم سمعنا صوت الخالة أم ليلى تنادينا لتناول العشاء ، نزلنا و قد كانت الطاولة مجهزة بأشهى الأطباق فلطالما كانت ماهرة في إعداد الطعام و لا أستطيع إنكار أنها تفوقت على أمي في ذلك ، لكن ربما لأن كل عملها كان ربة بيت أما أمي فقد كانت مديرة متحف و ربة بيت و أما و أبا و طبيبا ، كم أنت رائعة يا أمي !