و كنا مسافرين في تلك اللحظة في طائرة الذكريات، مغتبطين وقد ضحكنا من اعماق قلوبنا و كأننا في الثامنة من عمرنا.
إلى أن جاء أبي وأفسد كل ذلك ...فقد كان في حالة سكر شديد ،فبدأت أمي بالصراخ في وجهه ،و تمنعه من الوصول إلي ، فلطالما سعت أمي إلى ذلك منذ لحظة انفصالهما، و كان ذلك في عيد ميلادي العاشر، الذي اكتشفت بعده مباشرة اصابتي بالسرطان.
و قد كافحت أنا و أمي سبع سنوات المرض، و عانت امي كثيرا ،لكنها لم تظهر امامي يوما شقائها .فكانت دائما مبتسمة و لكنها لطالما لامت أبي على ما اصابنا ... !
وفي تلك الاجواء شعرت بخليط غريب من الحزن تجاه امي، و الاشتياق و الكره تجاه أبي ، و الإحراج من الحاضرين ، فأحسست أنني يجب أن اضع حدا لما يجري فسحبت أبي إلى الخارج !
صاحت امي : ليلى , إلى أين عودي في الحال !
تجاهلتها و أغلقت الباب. فجأة حضنني أبي بشدة و كأنه يحمل اِعتذارا ثقيلا لاتعبره عنه الكلمات، و كنت أنا جامدة في مكاني مترددة في احتضان أبي ،و هو شعور قاتل لكنني لم استطع كبث نفسي و سرعان ما اِحتظنته بحضن أثقل من الذي يحمله
قال :سامحيني يا ابنتي !
قلت : لست أنا من علي أن أسامحك , إنها أمي , أَ تذكرها تلك المرأة التي حاربت العالم من أجلك اتتركها لأجل ... ( لم أستطع إتمام الكلام ليس فقط للأنني أحسست أنه أبي و لا يحق لي بالاساءة اللفظية إليه رغم أنه إستعمل كل أنواع الإساءات تجاهي بل كانت تلك الكلمات تؤذيني) !
كان أبي مطئطئا رأسه إلى الأرض و لم يقل شيئا ٠
فقلت : و اللآن أبي من فضلك اِذهب فلا أريد أن تأتي أمي الآن و تتشاجرنان و تسببان لي إحراجا أكثر من هذا
قال : حسنا !عزيزتي لكن تذكري يا عزيزتي أنني أحبك و أريدك أن تسامحيني ( قبًل جبيني، و اِنصرف بينما كنت اُراقبه يبتعد ! )