Part 14

271 8 2
                                    

(14)

لاح هلالُ محرم كقاربٍ وحيد تائهٍ في لجة لا متناهية من الظلمات....

بدت السماء شاحبة، مائجة كمحيطٍ في عينيها السوداوين...

ابتعدت عن النافذة وهي تتنهد، وجلست على حافة السرير تنظر للباب بإستغراق...

أتجرؤ؟!!

و وقفت على قدميها بتصميم...

توجهت إلى غرفته و رفعت أناملها لتخدش بابه...

وقبل أن تطرقه انفتح على مصراعيه ولاح لها صاحب العينين الخضراوين..

تبخرت شجاعتها وهي تتراجع للوراء، أخفضت يدها وضمتها خلف ظهرها وهي تطرق للأرض.

قالت بسرعة وبصوتٍ هامس:

- أريد أن أزور خالي إن لم يكن لديك مانع.

وعادت لتتنهد وكأنها أزاحت حملاً ثقيلاً عن صدرها...

وانتظرت رده لكن لا جواب...

وأخيراً رفعت رأسها إليه بتوجس....

كان يجول ببصره حول ملابسها المكونة من قميص وبنطالٍ أسودا اللون ما خلا من ورود بيضاء صغيرة ناعمة زينت حاشيته...

خشيت أن يطلب منها أن تغير ملابسها كما حدث في ذلك اليوم، لكنها لن تقبل هذه المرة، هذا من معتقدات مذهبها بل من صميمها ولا يحق له أن يفرض رأيهُ عليها...

و رفعت نظرها إليه بتحدي لكن عيناه بدتا حينها خاويتان من أي تعبير، سأل بجمود:

- الآن؟!

- أ...لا، بل في الغد، كلهم يجتمعون يوم الجمعة.

وأوصد غرفته ولم يعلق وكأن في صمته الإجابة، فشعرت بالإحباط دون أن تدري السبب..

وسار عنها وهي تتابع خياله، فنادته بإنكسار :

- عمر!!

التفت إليها وهو يرفع حاجبيه بتساؤل:

- نعم؟!

ولم تدر ما تقول وحين أحست بطول صمتها أردفت:

- أريدُ أن أذهب هناك طيلة الأيام العشرة من محرم.

- لا مانع لدي حتى لو بقيتِ لديهم للأبد !!!

وصفق الباب خلفه...

===========

أينما رأته تحاشته وأخذت تمكث ساعاتٍ طوال في غرفتها على غير العادة، حتى أن "ناصر" لا حظ ذلك...

- ما بك؟!

- لاشئ..

- هل أنتِ مريضة؟! أتريدين أن أذهب بك إلى الطبيب؟

- قلتُ لك ليس بي شئ.

ونهضت من سريرها لكأنها تريد أن تثبت ذلك...

أشعلت لقلبك شمعة ❤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن