Part 17

274 9 0
                                    

(17)

خرج من بيت والده وهو يُدخل هاتفه الذي لم يتوقف عن الرنين في جيب بنطاله...

ساق سيارته على عجل وهو يضرب يده اليسرى على رجله بقلق...

ما بالها لا تكف عن الرنين ولا تُجيب حين يتصل!!!

ووصل بسرعة حيثُ أفواج من النسوة يزدلفن من ذلك الصرح الكبير ذي القبة الخضراء...

عجيبة تلك القبة بنصلها الفولاذي الصاعد للسماء في خشوع، وقد تدلى منها هلال صغير بدا كثغر طفلٍ يبتسم على استحياء..

و عاد يتطلع في الوجوه التي تعترضه علّه يلمحها في ذلك الزحام...

وميزها رغم سمرة الليل، بعودها النحيل، بخمارها الذي تجعل طرفه يتدلى على جانب وجهها وتزيحه كل حين دون شعور....

ضغط على بوق السيارة عدة مرات ليُعلمها بقدومه، فالتفتت إليه برهةً خاطفة ثم عادت لتخاطب تلك الفتاة الواقفة بجانبها...

و لمَ هذه الضجة التي افتعلتها، وهذا الرنين ما دامت الآنسة لم تُكمل أحاديثها بعد؟!

و ابتسم بتهكم، كم هي مكشوفة تلك الصغيرة، تُحاول أن تستفزه، تعانده، ولكن...

على هامان يا فرعون!!

عاد صوت البوق ليرتفع فصافحت "غدير" الفتاة ثم توجهت للسيارة حاملةً في يدها بعض الأشياء...

ودخلت دون أن تنظر إليه أو تنبس حتى ببنت شفة...

تطلع إليها وهو يرفع حاجبيه بتساؤل مصطنع، ثم هزّ رأسه وأدار محرك السيارة من جديد...

وانتشرت رائحة الورد لتضوع المكان بطيبها، لتمنحها شيئاً من العذوبة، شيئاً من الجمال...

وأدارت إحداها بين يديها بشرود وهي تنظر لأوراقها التي لم تتفتح بعد..

وامتدت يد لتختطفها من بين يديها، حينها فقط دارت إليه..

- شكراً!!

- هذه ليست لك. ردت بحدة.

- حقاً!! لا تنطلي علي حركاتكن!!

وقرّب الزهرة من أنفه وهو يشمها بعمق، فشعرت بالغيظ، تصرفاته في الآونة الأخيرة تكادُ تُصيبها بالجنون!!

- انتبه، للورد أشواك!! علقت بسخرية.

- ما دامت من يدك، فأنا لا أُبالي بشيء.. قالها بحرارة و عيناه تشعان دفئاً غريباً..

صدت للنافذة و قد عاد الإضطراب ليعتمل صدرها من جديد...

لمَ هذا الكلام؟!

لم تفتأ تقول لي ذلك؟!

ألست مسافراً إليها؟!

ألن تتركني وتذهب إليها؟!

أشعلت لقلبك شمعة ❤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن