(21)
وانتفضت في مكانها وهي تحاول أن تبعد الأيدي التي تريد الإمساك بها...
- كلاااااااااااااااااااااا، ابعدوه، أنا لا أريده، لا أريده. صرخت بهستيرية.
- اهدئي يا ابنتي، "عمر" ليس هنا.
- أبي لم يكن هنا، أنا لا أحب اللعب، لا أحبه..
- اذهبي ونادي الممرضة، بسرعة.. صاح بابنته بجزع.
وأحمل معولي لأحرث في ثرى الأيام...
لأنبش الماضي وأبحث عن حاضري..
أين الزهور، أين الجذور، أين البذور؟!
أين أنا وأين التراب!!
سأبني محرابي بنفسي وأهيل التراب على لحدي...
وألقي بنفسي هناك في الحفرة، في القاع حيث لا أحد، لا أحد على الإطلاق...
دعوني..
أتركوني..
أو..
دثروني!!
ها هو السراب قادمٌ إلي
يريد أن يحتويني
يمتصني
فأظل أنا دون بذور دون جذور بلا أزهار...
وانسابت دمعة حارة من عينيها المغمضتين بقوة والممرضة تسحب الإبرة المغروزة من ذراعها...
وقبل أن تستدر خاطبت الشخصان الموجودان بالغرفة:
- المريضة بحاجة للراحة أرجوكم، الإنفعال ليس جيداً لها فالزموا الهدوء..
وابتعدت بخطواتها الجامدة وهي تُغلق الباب خلفها بخفوت...
دفنت "ندى" رأسها في حُجرها وهي تشدُّ على الغطاء...
خاطبتها بصوتٍ هامس:
- سامحيني، سامحيني يا "غدير"..
وأشاحت تلك الأخيرة بوجهها للجانب الآخر بصمت وعيناها لا تتوقفان عن الذرف...
وتقدم الأب قليلاً فكفت "ندى" عن الكلام، قال بصوتٍ خافت كأنهُ يخاطب نفسه:
- لا حول ولا قوة إلا بالله، لو أعلم فقط ماذا حدث!!
ثم أردف لابنته:
- هيا معي، دعيها ترتاح.
- كلا، سأبقى ربما تحتاج لشيء. ردت بتهدج.
- أنتِ لن تبقي صامتة و لن تلبث أن تنفعل كما حدث منذُ ساعات.
- أعدك سأبقى ساكنة...
تنهد الأب بأسى وهو يُلقي عليها نظرة أخيرة..
لازال وجهها شاحباً وآثار الدموع تلمعُ في أطراف أهدابها المسبلة و قد اتخذت لها مجراً متعرجاً على خديها، وشفتاها لا تكفان عن التحرك لكأنها تود أن تقول شيئاً لأحد لكنها لا تلبث أن تصمت...
أنت تقرأ
أشعلت لقلبك شمعة ❤
Short Storyهي قصة تتحدث عن ثلاث فتيات.. الأولى: تعاني من ظلم زوج أمها.. تشاء الظروف أن تتزوج من إبن خالها.. تحاول الحفاظ على مشاعره وعدم جرحه.. فتلجئ لطريقة تسبب العذاب لها وله.. الثانية: أعتقد بأنه يجب عليكم أن تحضروا إبرة وخيط.. فأنا خائفة عليكم من تمزق شفاه...