Part 16

242 8 1
                                    

(16)

كل شيء ساكن، كل شيء يصيغ السمع لصوت أقدامه على الأرضية!!

سقطت ظلاله عليها، شعرت بثقلها، بوطئتها كما لو كانت تتغلل عظامها، تسري في جسدها كالتيار!!!

لكنها لم تُزح رأسها، لم ترفعه، لازالت الوسادة الأثيرية تحتضنه، تحيطه كسياج!!!

وجلس على حافة السرير فاهتزَّ قلبها في عرشه...

- غدير!!!

لا صدى، لا صوت، لا إجابة!!

وضع يده برفق على كتفها وهو يردف بهدوء:

- أعلم أنكِ مستيقظة، فلا تتظاهري بالنوم!!

كفت عن التنفس، أم لعل الهواء انعدم، تلاشى، تسرّب كذلك الضوء الشارد الذي تسلل للغرفة دون استئذان!!

- أريد أن أعتذر عما بدر مني ظهر هذا اليوم...

وعادت لها ذكرى الصفعة، ذكرى الإهانة، ذكراها هي!!

من أين جاء؟!

دفعت يده بعيداً عنها دون أن تنظر إليه وهي ترد بصوتٍ مبحوح:

- ابتعد عني..

تنهد وبعد برهة صمت قال:

- أنا آسف، لم أكن أقصد، أحياناً لا أتمالك أعصابي..

- لا أريد أعتذارك، لا أريدُ شيئاً منك، من فضلك أنا متعبة..

وتهدج صوتها، اختنق في حنجرتها لكنها جاهدت كي يبقى موؤداً، في طي الكتمان...

- أرجوك لا تبكي، أقسم أني نادم على ذلك..

رفعت رأسها بسرعة، بأنفة لتواجهه:

- أنا لا أبكي.

- لا تكفين عن الكذب أبداً!! وهذه الدموع التي تغرق وجهك!!

- أنا عائدة للتو من "المأتم".. أجابت بعصبية.

- ومن أوصلك إلى هناك؟!

- وما شأنك أنت؟!

- غدير!!

- أنا لا أحب أن يتدخل أحد في خصوصياتي كما لا تحب أنت، أسمعت؟!

- ما هذا الكلام الأحمق!!

- هذا كلامك أنت!! و منذُ اليوم سأفعل ما يحلو لي، أنا لم يعد يهمني شئ، أي شيء!! أخذت تصيح.

جرها من ذراعها عنوة للأمام حتى بات وجهها قريباً من وجهه...

تلاقت عيناهما معاً، شعرت بأنها حطام، هشيم، يذوي بسرعة، يتردى في العاصفة ويتهاوى بضعف..

نسيت كل غضبها، كل العذاب الذي سببهُ لها فقط وهي تغوص في عينيه...

أيضحك علي؟!

لاحت ابتسامة ضئيلة على شفتيه وهو يهمس:

- يبدو أن الغيرة أفقدتكِ صوابك!!

أشعلت لقلبك شمعة ❤حيث تعيش القصص. اكتشف الآن