قصة قصيرة

6 0 0
                                    

حمل الكرسي الصغير البلاستيكي والدرجة الخشبية القديمة تحت إبطه، واتجه نحو الزقاق الخلفي للجامع. الأصوات المختلفة تخف رويدًا رويدًا، لكن في رأسه ما زال ضجيج الساحة المليئة بالباعة يطن طنينًا مشوشًا. شمس المغيب قد رحلت منذ فترة، وأذان العشاء ارتفع عاليًا في السماء، والزقاق الآن فارغ، لا ينيره سوى مصباح قديم معلق يسارًا. يمشي بخطى متزنة، وكأن العصور التي سبقت موطنه لا تهمه. يصل بابًا قديمًا من خشب، يتسلل من أسفله نور خافت. يتوقف قليلا وينظر إليه، وإلى ما تحمله يداه، ويستشعر الدراهم في جيبه. يسمع ضحكات وراء الباب، وصوت أنثوي هادئ رزين. يدفع الباب بصمت وينظر من خلفه. ينطلق الطفلان في صخب نحو القادم، متبوعين بأمهما التي تبتسم بلطف وهي تمسح عن يديها مرق الطعام. يصرخ الطفلان ويجريان ليحسبا الدراهم التي أعطيت لهما، ثم تجتمع العائلة على الطاولة المنخفضة.
في المساء، يخلد الطفلان بعد شقاء وطول عناد إلى النوم، بينما لا يزال الوالدان جالسان حول المائدة الصغيرة.
- هل من جديد؟
- ليس بعد...
- متى سننتقل؟ بدأت الدار تديق بنا...
- أعدك أننا سننسى هذه الأيام. 
يقولها ويبتسم ابتسامة دافئة. تمسك بيده وكأنها تقول " أعلم أن ذلك بمقدورك."
في الليل، يخلد الزوجان أخيرًا إلى النوم. تستغرق الزوجة في سبات عميق، بعد نهار طويل من العناء من أجل عائلتها. يبقى الرجل مستيقظًا، لا يدري كيف لدراهمه المعدودة أن تسمح لعائلته بالعيش الرغيد. تلتصق به زوجته. يخطر بباله أمر واحد، الحب في هذا المنزل هو أساس كل شيء.

جُـــنُـون Madness حيث تعيش القصص. اكتشف الآن