#مارد_من_الإنس
#الجزء_الثالث
{حسام جلال}
وكانت تلك من أحط حفلات مالك وأبيه . الليلة ذكرى ميلاد الفقيد الذي تركته فاقد الوعي بغرفة نومه مسجي عارياً على سريره بين فتاتين. تقريباً أنا الوحيد الذي حافظت على وعيي حتى أستطيع العودة بأخي وصديقي أمجد للمنزل, ألقيت الثاني أمام درجات بنايته بمدينة نصر علل أحد المارة يتعطف بإدخاله لغرفة البواب ثم إستأنفت رحلتي للتجمع الخامس, فلم أكن لأجازف بسماع لوم بخلاف لوم أبي وليس أم صديقي . بدأ الحفل ببار أندريا الزمالك وإنتهي بمركز الزمالك الثقافي, الدفعة بأكملها دُعيت ما عدا غبي لا يقدر المعنى الحقيقي للإحتفال على الطريقة المالكية وعلى الأغلب لم يخلق هذا الغبي بعد. البار بالكامل مؤجر بعماله وخموره وركلامه لذكرى ميلاد مالك نجل رجل الأعمال مراد المنشاوي الفرِح المتفاخر بنجله الوحيد رغم وجود أخر لا يحمل من أخيه ملمح؛ قصير, حيي, مهذب حتى أنه لا يشرب الخمر مثل أخيه وللعجب أنهى دراسته رغم أنه يصغر مالك.
الحفل لم يكن هدية مالك الوحيدة فقد كانت الأولى فحسب والثانية سيارة موديل هذه السنة والثالثة والرابعة سوف يأتوا تباعاً إذا ما كان مالك في حاجة لهديةً أخرى . الطبال صاحب الحظ الأوفر تحول بشهور قلائل من مطرب فاشل لطالب مجتهد مرشح وبقوة للبعثة لأمريكا وياليت الحظ السخيف توقف عند هذا الحد, فمالك محبوب من الفتيات والسيدات بمختلف أعمارهن, أبيه لا يعصي له أمراً, كل طلاب الكلية رهن إشارة من يده ليتكرم ويتعطف كي يضمهم لمجموعته حتى يكونوا من رفقاء الديب ولكن للحق لم يختار رفقة غير رفقتي - صديقه الصديقي - كلمته السخيفة لوصف الأقربون.
مالك لم ينكر فضلي عليه يوماً بعدما جذبته بالقوة الجبرية من حياة الليل لحياة أمجاد أبطال السماء. أقترض منه المال وما شابه ويسمح لي بالسداد على أقساط وبرغم من ذلك لم يتعالى علي يوماً رغم تعاليه على كل من حوله .
الساعة الان الرابعة فجراً ترى أمي بإنتظاري أم غلبها النعاس وتركتني لليلة سوداء سوف ينصهر سخامها على رأسي. ترجلت من السيارة ثم تحولت لأخي لإنزاله من السيارة أو حتى إفاقته من حالة السكر البين تلك ولكن لم أستطع فالاحمق فاقد الوعي بدوره بعد هجوم فيض من الفتيات عليه وإغتصابه منهن ومن ثم جرعات النصر من الفودكا التى شربها مثل السفن أب. تركته مجدداً بالسيارة لحين تفحص حالة البيت ومن ثم العودة لحمله كيلا يراه أبي بهذه الحالة المذرية وحينها يقوم بطرد كلانا من المنزل للطرقات. تمسكت بكل ما رأيته مشوشاً وأنا بطريقي للمنزل, الحوائط الترابزين حتى الباب الذي بحمد لله لم يكن موصداً من الداخل. فتحت الباب بتمهل ودلفت بهدوء فوجدت الحفل إنتقل لمنزل أبي أم أنني ثمل للغاية ولازالت تطاردني الرؤي الناعمة لنساء آل مالك.
ضحكات أكثر خلاعة وصوت متغنج يهدر:
- ماليش دعوه يا جو عايزه جبنه قديمه دلوقتي
أجابها جو:
- إنت بتتوحمي كفايه البيض والجبنه الرومي
عاد الصوت الناعم لمزيد من التغنج :
- يرضيك أنام جعانه
يبدوا أن أبي أو جو كما تناديه هنا أحياناً إستثقل المسافة من الشقة بالطابق الثالث للطابق الثاني الذي تضع به أمي مؤن المنزل وبلاص المش الذي لا تستغنى عن جدتي ولكن جو تخلى عن التكاسل بعد ليلته الخميسية الموفقة وأجاب بحماس :
- ما يرضنيش يا بدر الدجى
كم قديم أبي كما تنعته هنا كذلك وعليه جديًة أن يقوم بزيارة عاجلة لمركز الزمالك الثقافي ليجد مصطلحاً جديد بخلاف بدر الدجى. خطوات سريعة متلاحقة ترفض ما يقوم به جو حتى ظهر محدثها برداء نوم أحمر يشف القوام المياس, اللعنة وأماه هذه المشهد لن يفارق خيالي ما حيت, تباً أشعر إنني أريد إفراغ معدتي من التقزز فقد سهيت أن الأمهات نساء كذلك .
شهقت أمه متفاجأة بوجودي بالمنزل ثم عادت للأختفاء بمرر الغرف مجدداً ثوان وخرج جو عاري الصدر مترهل المعدة وهذه سابقة فأبي يرتدي كامل ملابسه صيفاً كان أو شتاء.
- حمدلله على السلامه, أخوك فين؟
كل ما أردت فعله هو الضحك بشدة ولكن تماسكت وأجبت أبي:
- بيركن العربيه وطالع
- أظن أنا وضحت اكتر من مرة مواعيد العودة, الساعة كام مع سيادتك ؟
جاء صوت أمي الحازم من الداخل تصيح ببابي فصاح بابي بدوره متمللاً - حاضر - ثم نظر إلي وأردف .. طيب نتكلم الصبح, خش نام
أنقذتني أمي مرة أخرى لتضاف لمئات المرات, نِعم أم رغم الأحمر الكاشف. دلفت لغرفتي للحظات وسكنت حتى يتثنى لي مماطلة أبي للنزول مجدداً للأخ الساكر بعرض الطريق. مزيداً من السكون إلى أن سمعت أمي تخاطب جو بأنها سهت عن جلب زجاجة المياة ليستكملا سهرتهما على ما يبدوا بينما أنا حبيس ليلة خميس لن تنتهي بالقريب . طُرق بابي لابد أن أبي أراد بعض السكينة بعيداً عن زوجته عن طريق مجادلتي فجراً, لم يكن أبي بل زوجته وقد إرتدت مئزراً ثقيل من أعلى الأحمر الكاشف وتقول معاتبة :
- ينفع يا حسام أربعه الفجر ؟!
- معلش يا ماما أخر مرة
- والخمره برضه أخر مرة زي ما قولت قبل كده
- أصلي كنت في حفله وشربت حاجه بسيطة
حدقت بعيناي الحمراوتين لتكذب إدعائي ثم قالت :
- فين آسر ؟
نقلت لها حال أخي بلا مغالطات سوف تكتشفها بأي حال فعادت للحدة :
- كمان, طيب إنزل هاته براحه من غير ما حد يحس, تصبح على خير
أمسيت عليها فذهبت لتحويل إنتباه أبي عما يحدث وإنتهت الليلة طيبة كما بدأت. باليوم التالي إستيقظ أبيه متأخراً على عكس عادته ولم يذكر سبب أو تأنيب لِما حدث أمس وتلك سابقة أخرى. شيئاً يدعوا للحيرة , فمنذ عادت زوجة أبي للمنزل مكثت بغرفتها إبنتها لشهور عديدة وليس بغرفة زوجها كما جرى العرف, لا تربطهما أي علاقة بخلاف توبيخ أبي لها المستمر والذي تتقبله بكل هدوء وبلا تعقيب ومرة واحدة لباس نسائي فاضح وسهرة لإطراف الصباح مع جو؛ لابد أن ترسبات الطلاق بنفس الزوجين لم تتنصل إلا تلك الليلة, فكما يردد مالك دائماً أن ليلة مولده ليلة عيد.
صعُبت على نفسي أن أقول لقاتلة أمي, أمي بل وحسبت إني سيقت إلى جحيم أخر؛ جحيم زوجة الأب ولكن تفاجأت بأم بديلة تفوقت على الأم الحقيقية التى إنشغلت بالكيد وأهملت أبنائها وبالنهاية ذهبت وتركتنا لدروب عسرة. عملت فدوى على راحتي وراحة أخي, سهرت معي في ليالي المذاكرة الطويلة والمرض, أعادت أخي لمساره الصحيح بالدراسة حتى إستطاع الإلتحاق بأكاديمية الشرطة, تغاضت عن لهجة آسر الحادة المتهكمة من كل فعل يصدر منها أو من إبنتها فحفيدات الإتربي باشا ليلاً نهار بكامل زينتهن وكأنهما مدعوتين لحفل راقص لا يغادر المنزل وذلك أنزل الريبة بقلبي وحينها نقلت ريبتي لأبي ليقوّم نسائه إنما لما سألت أبي متبرماً عن السبب الذي يجعل فتاة لم تتعدي الثانية عشر من عمرها بكامل زينتها ومساحيقها التجميلية أجابني بأن أمها تعدها لتكون إمرأة جميلة ترضي زوجها مستقبلاً, كما أن العطور والمساحيق والملابس الجميلة تبدل من مزاجية النساء للأبهج دائماً ولذلك أمي رحمها الله كانت عكرة المزاج على الدوام .
ضحكت حينها وشاركني أبي حتى قال:
- انت كبرت دلوقتي يا حسام وبقيت راجل وفاهم الفرق بين ست بجد وست عقبال ما تفرج
وبين ضحكاتي التي تزايدت إنحزتُ لأمي قائلاً :
- والله أمي كانت طيبة
- طيبه يا سيدي وست الستات ما قولناش حاجة بس انت – صمت أبيه لبرهة ثم أردف بخجل .. أكيد فاهمني ما إنت وسخ والبطال بقه دمك
- فاهم يا بابا
ومن حينها بتُّ أنا الأخر من يشتري لجميلات البيت العطور والفساتين المبهجة من كل سفرة ليتألقن ولكن بالمنزل. دام الهدوء في البيت الجديد إلا من بعض المنغصات والتي كان مسببها آسر وإنغلاقه الدمياطي المنشأ الذي أدى لصفع الصغيرة بمرة لمجرد إنها دخلت غرفته لتصفح الإنترنت لأنه أصر أن لا يكون لفتاة إنترنت خاص بها. لم يحدثها لم يعاتبها حتى وصفعها على وجهها مباشرة, وبالرغم من ذلك لم تشطر هنا صافعها إلى نصفين أو ألقت عليه إحدى تعويذاتها وسارعت إلي أخيها الاكبر للشكوى وذلك نال من قلبي كثيراً فقد أيقنت إنها بالفعل تحبنا وليس في وسعها إيذائنا مهما تمادينا في إيذائها ومن أجل هذا الحب الأخوي الكبير أمسى لها إنترنت خاص بها رغم أنف كل دمياطي.
- قوم يا بني إنت ميت, قوم بقه
ثم الدغدغدة التى أيقظتني رغماً عني فإعتدلت ونظرت للصغيرة المزعجة وقلت :
- عايزه إيه ؟
مالت لأذني هامسة :
- ميرا بترن عليك من الصبح
إنتفضت عن السرير ونظرت لمنبه غرفتى وجدت أن الساعة تجاوزت الرابعة والربع وكان لدي موعد بالثالثة وحينها سارعت لخزانتي أخرج ملابسي وشرعت بإرتدائها بينما أقول:
- أبوكي فين ؟
- خرج مع ماما, ما تاخدني معاك المره دي كمان ؟
- خدك عريس وريحني منك, هاتي الفلوس إللي معاكي
صاحت بي:
- يوووه بقه إنت ما بترجعش اللي عليك
- هرّجع والله روحي ياللا
ضربت يدها بجيب بيجامتها بتملل وأخرجت النقود وناولتها لي بينما تقول:
- لما تجوز ميرا, خلي كريم يطلق الست الرخمه دي ويجوزني
- أه منك يا خرّابة البيوت, ما ينفعش يا نوننا كريم صغير عليكي شوفي حد قدك
خرجت وتركتني يسكنها الغضب والدليل القاطع تلفظها بـ - أوف بقه - بوجهي . تريد التزوج من رجل يكبرها بعشرون عام ومتزوج وعلاوة على ذلك بكر زوج أمها الأول. كم أشعر بالشفقة تجاه أبي الذي دفع مبلغاً طائلاً بالعملية الجراحية التي خضعت لها هنا لتنسي ماضيها ورغم ذلك لا تذكر من الماضي إلا أبشعه؛ أخويها وكريم وتمزيق أوردتها كلما رأت عراك دائر بين أبي وأمها فهي مريضة متلازمة إيذاء والأمراض النفسية لها ذاكرة صلبة لا تمحى .
عودة للجميلة ببلكون فيلتها وتنظر لي بتوعد جزاء تأخري عن موعدنا . إتخذت طريقي لها وما أصعب طرقها بالبداية مصادفات لم تؤدي لنتيجة حقيقية فإضطررت للإستعانة بالصغيرة, وهى من مهددت الطرق الوعرة للجميلة الغاضبة بسيارتها البورش. ركبت بجانبها وقلت:
- راحت عليَّ نومه
نظرت لي والغضب بعيونها الخضراء وقالت :
- أكيد, راجع وش الصبح, بدِّل
ترجلت من السيارة وتوجهت للجانب الأخر لأتولى القيادة عن الجميلة وإنطلقت للرحلة اليوم. ما إن إنتزعت رقم محمولها حتى أمست الليالي أشد بهائاً فصوتها الغنّاء يسحر سامعه الوحيد, شكواها بالحياة بسيطة؛ وحيدة بدورها منذ ماتت أمها أما أبيها وأخيها شاغلهما الشاغل العمل والذي بأغلب الأحيان يكون خارج البلاد. ليس لها أصدقاء غيري حتى الان ولن يكون فكل من يراها طامع بجمال يأسر العيون ومال لا حصر له. كل ما إستطعت التكفل به رحلات للواقع المصري الذي لا تعرف عنه الجميلة الكثير لتملأ فراغها وتضحك كما لم تضحك من قبل . اليوم رحلتنا لحي الحسين بعيونها الحزينة بعض الدهشة لتشابه الحى بأخر رأته بجنوب لبنان إنما تهدم إثر الهجمات الإرهابية الأخيرة.
أكملنا طريقنا بخان الخليلي لتفقد باقي الشواهد الأثرية فسألتني عن الفيشاوي بعدما سمعت الإسم يتردد بين زملائها فقدتها إليه. ومن أجل صداقة الديب المثمرة سارع إلي النادل ورحب بي بحفاوة شديدة تعجبت لها الشامية إنما لم تتعجب كثيراً بل وإستوطنت وطلبت من النادل – تفاحة و شاي بالنعناع – مما جعل النادل يصيح للتلبية – أرجلتين وكاستين شاى بالنعناع وأيد ع الديب. هذا ما ينقصني التجريس من النادل .
- شكلك مضياقك ؟
بالفعل حانق ولكن قلت مغايراً :
- لا أبداً, بس الشيشا مضرة جداً والشاي برضه وعيب أصلاً
عبس وجهها الرائق من تدخلي فيما لا أملك وإن كانت تعي ما أعانيه وبالرغم من ذلك تزيد من أعبائي بتجاهلها المستمر لمشاعري الناضحة. حاولت التماسك وأرخيت ملامحي الغاضبة وقلت:
- إنتي حرة أنا بنصحك, إنتي زي هنا بالنسبالي
أومأت بإستحسان لم يرقى لتفهم وراحت تداعب جديلتها الشقراء على كتفها الأيسر حتى أتى النادل بالنارجيلة وكاسات الشاى, تناولت الجميلة العليمة بالنارجيلة اللاي من النادل ووضعته على شفتاها المكنتزة بالرحيق, وسحبت أنفاس طويلة المدى عابرة للقارات ثم زفرتها للخارج ليضطرم حريق قلبي أكثر فأكثر وقبل حسابات العقل للتروي سحبت اللاي عن شفتاها بعصبية قد لا تحمد عقباها وقلت بتجوس:
- ميرا عايز أقولك إني, ميرا أنا
أجابت تلعثمي:
- أنا مطلقة
حدجتها بتعجب إنتظرته فقد رقبت بهدوء قسماتي التي إنكمشت وبسطت لعشرات المرات من وقع الصدمة الغير متوقعة بالمرة, بالهدوء ذاته من ناحيتها سحبت اللاي من يدي مجدداً وعادت لتدخين نارجيلتها على مهل فقد ضربتني الصدمة بكل هول كما أرادت وكما إنتظرت إنما نطقها قلبي دون عقلي :
- أنا بحبك
أجابتني ببرود بينما تلفظ أدخنتها بوجهي :
- بس أنا مقدرش أحبك, على الأقل الحب اللي شايفاه في عنيك
- ليه يا ميرا ؟
لأنها لن تكوت عشيقة وتعي جيداً إنني لن أتزوج بمن مثلها؛ تزوجت من قبل, تكبرني بسنوات عديدة وبالنهاية قصة مفزعة تجعل من كلتا العائلتين ألد الأعداء . لذلك أختي دائماً تهمس إسم ميرا حتى بغير وجود الوالدين وترسم خطيبها بالخفاء من بعد العلن ولكن أجد نفسي أقول برعونة :
- حتى لو لسه ما حبتينش محبش حد قريب مني يشرب شيشا
أضحكتها كلماتي وتركت النارجيلة بملأ إرادتها إنما تجاسرت الحبيبة ومدت يدها لكوب الشاي ولكن كنت لها بالمرصاد :
- ولا شاى من هنا ورايح مش هتشربى غير توت
- التوت, عصير فدوى هانم, ماشي حسام
بعيونها الإجابة وتبخل أم الخوف ألزمها الكتمان حتى يوم لا خوف به وإلزام. البداية تأتي صحيحة عبر التعارف الواجب على باقي عائلتها ولم يتبقى لها مخلوق غير أخيها, لذلك إنتظرت عودته من الخارج وإصطدمت به بدوره وتم التعارف وتمنيت أن نكون صديقين وحدث ما تمنيت فأخيها وحيد بدوره فأغلب رفقائه بالخارج وباقي الرفقة ليست رفقة في الواقع فما يربطه بأي مخلوق هو نشاطات العمل والمال والتى لا تستلزم صداقة .
وكما تمنيت تسحب الحب على مهل وجائت شروط الحبيب, التوقف عن ملابس الجميلات الملفتة وتلزم الجينز إلى أن تلتزم بالحجاب فهي مسلمة لأبيها وإن كانت أمها مسيحية, هذا الشعر الأشقر البراق لا يسدل إلا برفقتي, هذه العيون الفذقية اللامعة صنعت لها نظارات شمسية تخفي هذا البريق الأخاذ, الدراسة لا بأس بها ولكن بكل خميس أذهب إلي جامعتها الأمريكية المنشأ والصنع لأُنبه الجميع أن الجميلة معي ولي بلا منازع وعيونهم المحدقة تلك تلزم أحذيتهم المكلفة التى لا يستطيع إرتدائها إلا ديب .
الديب نائم بأول محاضرة والمعلم يناديه ولا منادي ولأنه صديقي الأقرب نكزته بكتفه فإستفاق ووقف منتبهاً وقال:
- أفندم
سأل المعلم مالك:
- كنا بنقول إيه يا كلوديا ؟
أجابه بريبة :
- أنا ماقولتش حاجه يا فندم
قال المعلم بحدة:
- أنا كنت بقول إيه يا طالب ؟
- والنعمه يا فندم كانت على لسانى بس نسيت
- نسيت ولا كنت نايم, إنت إيه يا إبنى اللى دخلك جوية ما كنت إشتغلت مع أبوك أضمن
- عشان أشوف حضرتك كل يوم أصلك مثلي الأعلى
- وكنت ساهران إمبارح ليه, أأأأه, أكيد ماما أخرت العشا مع إني خليتها ترووح بدرى, أكيد كان وراها مصلحه تانيه
ضحك الطلاب من مزحة المعلم وأنا معهم ثم أردف المعلم بجدية :
- أنا مش فاهم إزاى واحد حمار زيك من أوائل الكليه ركز شوية يا مالك لو عايز تتخرج
- تحت أمرك يا فندم
- إتنيل أقعد
وبحمدالله لم ينهي المعلم المحاضرة لانه قطع إسترساله مثلما يفعل أبي مع أي شغب يواجهه بالمحاضرات لو أحتسب ما يفعله الطلاب المساكين شغب. إنتهت المحاضرة وخرج المعلم فتفاجأت بضربة يد أعادت هيكلة أحشائي من معدتي لحلقي مما جعل الألم يتموج بقفصي الصدري ومحدث الضربة يقول بعصبية:
- إنت صاحبي يا أخي تضحك عليَّ زى بقيت الزباله ؟!
تقدم منا أمجد وقال بحدة :
- مين الزبالة يا طبال ؟ إكلم على قدك يا إسمك إيه
- إسمي الديب يا قطة وأتكلم على قد ربنا ما إداني وأخرك هاته
مناوشات معتادة بين الزملاء رغم الصداقة التي تربطهما إنما كلاهما مبتلى بمزاج صباحي سيئ بعد سهرة أمس التي إمتدت لأطراف الصباح ويتوقا لعراك داخل المدرج ليتم حبس كلاهما سوياً بالإجازة الأسبوعية القادمة إن لم ينتهي المطاف بأحدهما بمشفى الكلية, إصر ذلك إضطرت لسحب مالك خارج المدرج حيث أمجد أصلب رأساً ولا يترك جدال أبداً. تمشينا بالممر حتى المدرج الأخر للمحاضرة التالية فقال مالك بحنق:
- أنا عايزك تشوفلي حل فى العميد مدحت مش كل ما يشوفنى يجيب سيرة أمى
- إمشى عدل وهو ينساك
- هو انا فتحت بُقي ؟!
- انت كنت نايم يا جدع كنت عَايزُه يعمل إيه ؟! ده لو أبويا كان علقك خميس وجمعة
- مش كنت سهران إمبارح وإنت معايا !!
- وإفرض ما أنا صاحى أهوه إشمعنى إنت ؟!
نظر لي مالك بتعجب وقال متسائلاً:
- أه صح إنت فايق إزاى كده ؟!
مدلل الزمالك العتيد ماذا يعرف عن الحياة غير النساء والخمر أما أنا عملت منذ الرابعة عشر ومررت علي أيام بلا نوم لأتحصل على راتبي من عمي الأكبر إنما أجبت مدلل الزمالك:
- ده سر المهنة أنا واخد على كده, إنت اللى عيل
قال مالك بإبتئاس :
- ما تشوفيلى حد يتوسطلي عند العميد مدحت عشان يحل عنى ؟
- و تشوف ليه حد غريب مش أمك بتروحله وصيها هى
نظر لي مالك بغيظ لثوان إنتهت لما حملني بين ذراعيه لأعلى إرتفاع ممكن ومن ثم هم بإلقائي أرضاً من على مسافة مائتان سنتيمتر؛ قامة مالك الفارعة فقلت متوسلاً رحمته:
- لا يا طويل لو رمتني هتكسر الله يخرب بيتك, أمى أنا اللي بتروحله
ألقاني من بين يديه نترًا وقال:
- خلاص وصى أمك إنت بقى
- يا إبنى الراجل بيحبك ... ده دايماً يحكى عنك للدفع الجديدة ويقول مالك ده أنا اللى عملته راجل , كان داخل الكلية مَرَه وأنا خليته راجل ومن أوائل الكليه ركز إنت بس و هو يسيبك فى حالك
يا لها من كلمات ملهمة تشعره بالفخر والصبر والسلوان على ما إبتلى جزاء بر الوالدين كما يردد دائماً سبب إنتسابه للكلية الجوية ألا إنه نظر لي بضيق وقال:
- مَرَه !!! ذوق منك ومنه ومنه لله اللي كان السبب, كان يوم إسود يوم ما دخلت جوية
كان أقرب لضعف ووهن النساء بالفعل إلى أن إشتد عوده وصلحت أحواله بعدما إنتظم مثل باقي زملائه لكن من يعترف بحق أو فضل. أنهينا المحاضرات وهناك ساعة باقية تكون خاصة بالطالب, له بها مطلق الحرية لإختيار نشاطه والديب لا يهدر وقت لإصقال عضلاته البارزة منذ رأيتها للمرة الأولى لذلك ذهبنا لقاعة الألعاب الرياضية لمزيداً من الإصقال وكأن التدريبات اليومية التي يقوم بها طلاب الكلية لا تكفينا ولكن ذلك ما يرجحه الديب لأن النساء تنجذب دائماً للأكبر, للأطول, للأضخم ونهاية للأكثر ثرائاً كما الديب تماماً.
- هتلعب إيه ؟
كان الديب يتسائل فأجبته :
- رِجل
- انا هعلب رجل وضهر, سحر, خيال مع بعض
- خِف على نفسك .. خطر الرجل مع الضهر
- وأضيّع صحتى فى إيه ؟
بدء التمرين لي ثلاث دورات من خمسة عشر تمرين أما مالك خمسة دورات, رقبته متحيراً من قدرته العجيبة على التحمل فمالك لا يكل أو يمل أو يمرض وإذ حدثت المعجزة ومرض يمرض لساعات قليلة وينام ليلته ويصحوا أفضل مما كان عليه, أقوى من رأيت لكن أقلهم حيلة فعصبيته الشديدة تذهب عقله ويسقط أسرع من مثيله السوي القوى على حلبة المصارعة إنما للحق لا يسقط إلا بعد تأكده من تهشيم عظمة أنف زميله لتكون تذكاراً جديداً من التذكارات التي يجمعها من أجساد زملائه لمجرد إذلالهم فيما بعد.
توقف الديب لإلتقاط أنفاسه ومسح زخات العرق المتصببة على كامل جسده بينما يقول :
- خطيبتى عامله إيه ؟
- خطيبتك مين؟؟ إنت خطبت ؟!!!
- إختك, إنت نسيت ؟
- ماليش إخوات بنات أخويا الوحيد آسر
- هى إسمها إيه ؟
- آسر
عاد مالك لتمرن ثم قال :
- ماشى براحتك, أنا ممكن أخطفها وأجوزها بس عامل حساب للعِشرة
ضحكت ثم قلت بمرح :
- تمام خلّص الخميس بدرى وروحلها الحضانة إخطفها, أصل أنا اللى بجبيها كل خميس, بس أوعى تنسى أمك تعملها الرضعة
قال مالك مستبشراً :
- يا صلاة النبى, فى الحضانة كويس جداً يعنى على ما أرجع من البعثة تكون إعدادى أخطبها على طول
لم يكن مالك مستشبرا بل متهكماً فأجبته بجدية :
- بطَّل تتكلم فى الموضوع ده يا مالك مفيش هزار فى البيوت
- والله ما بهزر أنا عايز أخطبها فعلاً ومش عارف إنت مش راضى ليه
- صغيره يا مالك فى كي جي وإنت مستعجل
- كداب, الواد عادل صبي القهوة قالي إنك بتخرج مرة واحدة مع إتنين شقر واحدة لبناية والتانية مصرية وآسر أشقر يعني الحلوة التانية تبقى أختك, حد في الدنيا يخَّرج أخته مع صاحبته مش خايف تقلدكوا ؟
- تقلد إيه .. أنا هجوز ميرا
- برضه غلط أنا حريمي ما يروحوش قهاوي
- ده بعيد عن شنبك .. روح للبت اللي فضحتها وأجوزها تاخد ثوابها
أجاب مالك بسقم قلة حيلته أمام أبيه فقط :
- أنا لو وقفت على راسي أبويا مش هيجوزهالي شافها فى شقة الزمالك ودماغه قديمه ومش مصدق إني number one
- يعنى هتسيبها بجد ؟!
ضاعف مالك من أثقال جهاز الساقين ثم جلس عليه يقول وقد إنتفخت أوداجه لحمل الوزن الجديد :
- انا ولا هسيب ولا همسك سيبقى الحال على ما هو عليه وقولتها أى وقت تحب تشوف حالها تحت أمرها تقبض تظبط وترجع أحسن من الأول, بس هى بتحبنى ومصره تكمل, المهم هتاخدلي ميعاد من أبوك إمتى ؟
وكان الصمت أبلغ جواب للصديق الحقير معدوم القلب والأخلاق ماهي تلك كانت عذراء وهو من أفقدها عذريتها, أحبته الفتاة لسنوات بلا قيد أو شرط ولم تطلب غير إصلاح ما تلطخ, لا زال على علاقته بها وبأخريات والان يريد خطبة أخرى إرضاءاً لرغبة أبيه الآمل بتزويجه من فتاة من عائلة عريقة أصولية مثل عائلتنا أو أياً من الأخيار, أما عن ما كسر يلقوه من وراء ظهروهم وإن إبتغوا نظرة للوراء تكن نظرة خاطفة مع حفنة من النقود؛ لكلاً عقله كما يردد أبي بسقم عند المصائب.
إنتهى التمرين ويليه نصف ساعة للعشاء والإستحمام ثم إلى العنابر رأساً للنوم ولكن لأمجد ثأرًا مبيت لدى الديب ويريده اليوم لذلك تقرر نصب طاولة البوكر بعنبر النوم . جلس ثلاثتنا إلي الطاولة ثم صاح مالك بطلب خادماه مازن ورأفت فقلت مترئفًا بحالهما :
- زمانهم ناموا يا إبني سيبهم حرام
- أومال مين اللي هيخدم على القعدة ؟ إنت ؟
صمتُ فوجهة نظر الديب في محلها كذلك هما خادميه وله مطلق الحرية لتقرير مصيريهما. تقليد سخيف لم أتبعه ؛ طلاب السنة النهائية يتخذوا من الطلاب المستجدين خدام لهم مقابل شرح ما صعب عليهم من دروس أو إشراكهم في أنشطة تثقل مهاراتهم لتيهيأهم للسنوات القادمة . أغلب الطلاب بالسنة الأولى والثانية أعرفهم تمام المعرفة فمنهم من مسقط رأسي بدمياط ومنهم أبيه صديقاً لأبي مثل رأفت ومازن المسكينين والعديد من المساكين المسخرون لخدمة طلاب السنة النهائية. أنا الوحيد تقريبًا الذي لم أقوى على إستغلاهم ونشرت مجهوداتي بينهم بلا مقابل والأجر على الله.
جائا خادمي الديب يتمموا على طلبات سيدهما متثابين فقال الديب أمراً :
- إعمل إتنين شاى و هات الآيش ( الآيش حزام خصر عسكري ثقيل )
سأله مازن بريبة:
- عايز الآيش في إيه ؟
إفتتح مالك الورق للعب ثم قال:
- هنسمّع القوانين
- ما لحقتش أحفظهم يا مالك بيه
- سمّع اللي حفظته بترتيب الكتاب ومتنساش الآيش
نظر مازن لي مستجير فقلت:
- ما تسمعوا كده من غير آيش الجو ساقعة
قبل مالك شفاعتي فذهب مازن مسرعاً لعمل الشاى وحينها نظر أمجد لمالك مستنكراً وقال:
- وأنا ؟
- ما تبعت الواد بتاعك أنا بحافظ على ولادي ..ثم تحول مالك لرأفت وأردف ..
- هات كريم المساج وتعالالي
وبعد نظرة كراهية شديدة من أمجد لمالك سارع رأفت بدوره لتنفيذ أمر سيده الذي بدى أخيراً من البشر وأرهقه التمرن حتى أنه تأوهه ألماً بينما يقوم بتوزيع ورق اللعب علينا.
جاء الشاى لي ومالك فقط وحينها تذوق الديب كوبه ثم قال :
- سمع قوانين الديناميكا يا ميزو
ما إن بدأ مازن بإلقاء أول قانون حتى صاح أمجد مستنكراً :
- إحنا في كُتّاب؟! مش عارف أركز
قال مالك بهدوء :
- مصلحة الطالب أولاً وبعدين إنت بتعمل عملية قلب مفتوح؟! مش عجبك قوم روّقنا
صمت أمجد وأكمل لعب بين الصخب في إمتعاض لم يأبى مالك له, مازن يلقي قانون بالفيزياء ثم يتبعه رأفت بأخر حتى أتى الشاى الثالث لأمجد من خادمه المطيع عمرو الذي إنتصب واقفاً بجانب أمجد في إنتظار أمراً أخر فجاء أمراً منكرَ إتهز له وجداني, صفعة نزلت على قفا رأفت لأنه أخطأ بقانون مما جعله يقول بينما يمسح بيده على قفاه المصفوع بتوجع :
- خف إيدك يا مالك هتعمي
قال مالك بقلب أبًا رحوم :
- عشان تعرف إن قلبي عليكوا, مش كان الآيش أرحم
ظهرت الدموع بعيون رأفت من قوة الضربة فقلت أسفاً على حاله :
- كفايه يا مالك خليهم يروحوا يناموا كان عندهم تدريب إضافي الصبح وزمانهم هلكانين
لم يبالي مالك بكلماتي وعاد للعب حتى إنتهت الدورة الأولى لصالحه فصاح جزلاً قال:
- تخسروا إيديكوا على السُبيب (السبيب كلمة دارجة يستخدمها الموسيقيون تدل على حسابهم بنهاية السهرة )
صاح أمجد بعصبية:
- إنت هتخم يا طبال ؟
- إنت كل مره تخسر تعمل الحبتين دول, طلّع الفلوس بالأدب
نهض أمجد بعصبية كادت أن تطيح بالطاولة وقال:
- نلعب تاني وأنا هفوقلك المره دى
أجابه مالك :
- فلوسك الأول وإلا مفيش لعب وبرضه هاخد فلوسي
قلت ملول :
- إدفع يا امجد
لم يستمع أمجد لنصحي بل صاح :
- إبن الحرامية ده ما يتضحكش عليَّ
أجابه مالك بميوعة للإستهزاء :
- أهو إنت يا وحش, إنت ما تعرفش إن الأباحة بتلف وترجع لخالتي أم أمجد
تكالبت على أمجد الخسارة والان الإهانة فأمسك بتيشرت مالك بعدائية وكاد أن يلكمه ولكن أمسكت بقبضته قبل أن تلتصق بوجه مالك وقلت :
- انت اللي غلطان, أقعد بقه فى ليلتك دى
إتنزع أمجد قبضته من قبضتي وقال بحدة :
- ده حرامي, خمّام
وبعد قصيد من السباب الذي كاد أن يؤدي لعراكً بالأيدي لولا تدخل باقي الزملاء المتخوفين من الجزائات التي قد تسقط علي الجميع إن وصل صوت العراك للضابط النوبتجتي لتلك الليلة, هدأ الخصمين وإستئنافا اللعب المتقلقل. أحمقين وهذا أقل ما يصفهما من صفات فقد عادا للعب الورق مرة أخرى بكل أريحية, السخفين لا يتوقفان عن العراك لأتفه الأسباب وأسخفها وسبحان الله المانع المانح بلحظة أخرى يتفقا على أخر ويذيقاه الويلات فطالما شكلا ثنائي غير جامع.
أخرج أمجد النقود من جيبه بحذر شديد وناولها للديب الذي قال :
- سمعتوا شريط حبيبي الجديد عامل له فيه بس تلات أغاني
لم يحدث على الإطلاق فالمطرب الفاشل فاشل بحق, حيث يمتلك حنجرة تتربع على عرش النعاق العربي وإن كان عازف لا بأس به, كذلك ليس في وسعه تأليف المقطوعات الموسيقية وعندما عرض على صديقه المطرب الشهير المساعدة في ألبومه الجديد سايره ألا إنه لم يتلف لإرشادته أبداً.
- إنت هتنخع, عمرو مصطفى-1 إللي عامله كله أدامنا
( هتنخع تفيد الكذب حتى الخيال الجامح )
قالها أمجد مستنكراً بشدة فقد كان ثالثنا لما إجتمعنا بالمطرب الشاب بغية إنتزاع توقيعه لمعشوقته هنا, رحب بنا المطرب بحفاوة لأننا من صحبة الديب فقد كانا زملاء دراسة وجعلنا بكل الفخر ننضم لمجلس الإعداد لألبومه القادم وإستمعنا للألحان الحالمة وصوت المطرب الشجي ونهاية إعتراضات مالك على كل شيء.
قال مالك مؤكداً كذباته :
- ساعدته يعني, ما يعرفوش يعملوا حاجه من غيري, لولا القدر الأسود كان زمان حماقي2- بيغني ورايا
ولمزيداً من التأكيد والإزعاج سوياً أشدى مالك بصوته المزعج أغنية أحلي حاجه فيكي حتى المقطع الثاني الذي قطعه أمجد لما ألقى ورق اللعب في الهواء بسقم وقال:
- هنام, إتخرس الله يخرب بيت أم حنجرتك
************************1- عمرو مصطفي ملحن مصري شهير
2- محمد حماقي مطرب مصري شهير للغاية
أنت تقرأ
مارد من الإنس
Paranormalتتناول الرواية رحال شاب قاهري, نشأ في بيئة مترفة, ولد لرجل أعمال ناجح من أصول صعيدية عريقة, الشاب يدعى مالك يهوى الموسيقى والغناء حتى أنه حاول إمتهانهما والإنتساب لمعهد الموسيقى العربية ولكن رفض الأب بشدة فهو إستنكر أن ينبت مطرب من بين عائلته العري...