الجزء الثالث عشر

51 1 0
                                    

#مارد_من_الإنس
#الجزء_الثالث_عشر
[ حياة المغربي ]
إبتسمتُ براحة لما بدى على خطتي هذه المرة النجاح فكل ما تبقى للحبيبة المستكينة؛ الموهبة التى شهد لها الجميع ولم تشهد منها فائدة وبالطبع صديقة مثلي تتمنى قتلها لتفسح لها الطريق لعرين الديب . ماهي كانت هي العقبة الوحيدة أمامي وعند إزاحتها سوف يكون ساحر النساء ساحري الخاص ليتلقى العناية التي يستحقها.
أنا حياة المغربي حلم يترائي لكل رجل إلا هو, يبغضني بلا أسباب واضحة, ولكنني لم أتنازل عنه وحضرت كل حفلات فرقته الموسيقية حتى بعد تخليه عنها وأصبح طيار ليتطاير السحر من حوله أكثر ليصيب قلبي السقيم بحبه . هذه اليد التي تبدأ المعارك وتنهيها منتصرة تمنيت أن تحقق أى نصر تريده على جسدي غير عابئة بحاضر أو مستقبل و لكن مبادئه غريبة غير متعارف عليها بهذا الزمان فعيونه لا ترى ما كان لصديق يوماً وأنا رأيته بأصدقائه حتى أكون بالقرب منه ولو لم يشعر بحضوري يوماً.
كان لابد من خطوة أكثر عنفاً حتى يكون لي رغماً عنه والخطة بسيطة كادت أن تنجح بالمرة الأولى لولا تجابن ماهي قبل نهايتها لكن هذه المرة لن تتراجع ماهي بعد أن خذلها مالك للمرة المائة . المنتج يحترق شوقًا لمشاركة المطربة الجميلة حلمها وسريره وسوف يقبل هذه المرة بكل شروطها بعد أن لعبت دور صعبة المنال إلا من مالك . لم يتبقى الان غير دعوة زيزو صديق مالك الاقرب وعشيقي الحالي إلى أن يحل الحبيب الأمثل وحينها لن يكون لي عشيق أخر ما حييت.
لبى دعوتي الأولى له لفيلتي وليس مركز الزمالك وتأثر للغاية من دعوتي الخاصة وبنى الآمال العريضة فالكل طامع بأبي رجل الأعمال والسياسي الأشد سطوة, ولذلك تركت زيزو يبني ما يشاء من سحب تحمله للسماء ثم سردت له بحزن مأسآة صديقتي العزيزة ماهي بعد أن رفض مالك أن يتزوجها وذلك إضطرها لقبول شروط منتج مدعي مقابل أن يرعاها بعدما أفلس مالك. سوف تتجه صديقتي لطريق الظلام لتنزلق حتى القاع العفن أما مالك آخر طموحاتها .
نظر لي زيزو بإستنكار وقال :
- انتِ متأكدة من الكلام اللي بتقوليه ؟!
- طبعا .. انا عرضت عليها وظيفة كويسة عند بابا بس هي مصرة تبقى مطربة
- مالك مجنون .. ممكن يقتلها و يروح في داهية عشان واحده ما تسواش زيها
وحينها نال مني القلق فقلت :
- وانت روحت فين لازم تكون معاه .. و أصلا انا بفضفض معاك ومش عايزاك تقول لمالك .. ماهي صاحبتي وأخاف عليها .. أوعى تقول لمالك إنت فاهم
إمتقع وجهه لآخر الأخبار ثم طلب مني شيئاً بارد ليشربه بعدما شعر بالعطش فجأة فتركته ليكمل الخطة . ما إن خرجت من غرفة نومي حتى قام عن السرير وتوجه إلى سرواله الملقى أرضًا وأخرج منه هاتفه ليتصل بمالك, نقل له أخبار من يحسبها حبيبته وليس ذلك فحسب فقد أخبره عن موعد اللقاء ليرى بعيونه الخيانة التى نكرتها ماهي من قبل وصدقها.
عدت بالعصير لزيزو العزيز وجدته يرتدي ملابسه على عجالة ويودعني للرحيل لأمراً هام للغاية طرأ فجأة وترك العصير والتظاهر بالعطش لأنه سوف يرافق صديقه  ليمنعه من إرتكاب حماقة لابد منها . مشيتُ من وراء زيزو لأودعه بصفة نهائية وحتى باب القصر الداخلي فإصطدم بباقي الخطة ؛ماهي أتت لتقترض مني ملابس تليق بجنازتها اليوم.
جزعت لما رأت زيزو وقالت متخبطة :
- إزيك يا زيزو
أجابها ببرود :
-  أهلًا
كادت ماهي تتوسل لزيزو قائلة :
-  زيزو ممكن ...
قاطعها بحدة :
-  عارف .. مش هقول لمالك
ثم خرج من القصر يملأه الإستياء من رؤياها. تقدمت ماهي مني والتوتر يحاوط ملامحها وقالت بعصبية :
- ماقولتيش إن زيزو عندك ليه ؟
- كبري دماغك .. ياللا عشان تجهزي
إصطحبتها إلى غرفتي وتركتها تختار أجمل الثياب لمقابلة راعيها الجديد, لم تبخل ماهي على نفسها بنهاية سوداء وإختارت فستان أسود لامع قصير يفصل منتحياتها بدقة متناهية لتطيح بما تبقى من عقل المنتج الذي أصابه الهوس منذ إلتقاها . بهذه الطلة لم يفكر مالك مرتين وسوف تُثبت عليها تهمة الخيانة هذه المرة ويتركها مالك بلا عودة.
إنتهت ماهي من تحضيراتها وهمت للخروج فإستوفقتها وأذعت عليها إنها لا يجب أن تذهب بسيارتها القديمة لأني سوف أقرضها كذلك سيارتي بسائقها لتكون على مستوى الحدث العظيم . مسكينة حقًا لن تستطع القيادة بعد طعنها على الأرجح لكن زيزو سوف يكون متواجد ليمنع مالك من قتلها .
شكرتني ماهي بشدة ونزلت مسرعة على الدرج الداخلي للفيلا ومنها للسيارة الفارهة ومن ثم النهاية السعيدة بعد مشاق ؛ ساحر النساء سوف يمسي ساحري الخاص.
[ ماهي مختار ]
اليوم يتحقق الحلم نجمة متألقة شهيرة, مكانتي التى ضلت عني لسنوات وآنت اللحظة أخيراً, أنه تعويض القدر أولاً يموت أبي بريعان شبابه ويتركني وأمي بلا عائل ولما خيل لي تجليه لم يجد بي ما يصبوا إليه ووجده بكل إمرأة غيري. حمداً لله إنني إلتقيتُ صديقة حقيقية مثل حياة تهتم بأمري وترشدني لطرق لم أكن لأتطرق إليها دون رعايتها . حياة من أرشدتني للمنتج الكبير هادي النشار لكن نال منه الطمع مثل غيره إلا أن حياة إستطاعت مساومته وإقناعه بأن صديقتها ليست بهذه الأخلاق المتدنية حتى درخ وينتظرني الان ليرسم لي الحلم.
عيونه معلقة علي منذ دخلت لبهو الفندق, قام من مجلسه وتوجه إلي ليصطحبني الى المطعم وحتى طاولة مميزة سوف تكلفه الكثير, فبالمرة الأولى ذهبت إليه شركته وحينها حاول التحرش بي مباشرة وحتى بلا مقدمات أو وعود, وبالطبع لم أستجب للزج عجوز يناهز الخمسون ولو من أجل الحلم الوحيد, أي حلم قد أجده بمستنقع قذر كأحضانه, صحت بوجه, وجهت له أقذع الشتائم فلم يجد إلا طردي من شركته ببرود وها هو الان يجلس وعيونه تحمل التوسل والرجاء ويقول :
- انا آسف يا ماهى لو كنت ضايقتك آخر مرة كنا فيها سوا
لم أشعر تجاهه إلا بالإشمئزاز تكفي نظرة واحدة لجراحته الغير دقيقة بالمرة ليخفي ما ضربه من هرم لما تكالب عليه العمر وأصابه الصلع فلجأ للزراعة, فجبهته المصطنعة كالنجيل الإصطناعي الآخذ في التدهور حد الجفاف لا تستطيع إلا التحديق بها للبحث عن حشرات الحقل لتأمن شرها. 
ابتسمت بدبلوماسية وقلت :
- مش مشكله انا عارفه ان كل المنتجين زيك .. ممكن نتكلم في الشغل ؟
- طلباتك ؟
- عقد بتلات سنين بس وهنمضيه هنا
- خليهم تمانية ؟
- خمسه وده أخر كلام
تم الإتفاق وأبرم بقبلة طبعت على ظهر يدي ثم صوت مألوف يقول :
-  سا الخير
سحبت يدي من يد هادي على الفور ورفعت ناظريًّ للصوت الذي أدرف :
- إسم الله عليكِ إتخلعتي
سأل هادي عن من يكون هذا فأجاب الصوت :
-  القنطرة اللي قبليك .. المحفظة
( مالك مراد )
وقبل أن أعتصر عنقها المزان بعقد ماسي لن تمتلكه يومًا سحبني صديقي عن الخيانة الموجعة وحتى خارج الفندق وعرض علي إيصالي لفيلتي ولكن رفضتُ وركبت سيارة أبي الوحيدة المتبقية من أسطول مراد المنشاوي وإنطلقتُ متخذاً طريقي للهاوية. إكتملت معالم مأسآتي وضاع كل شيء حتى الحب, وماذا إنتظرت من ساقطة تطمع بإمتهان الدعر بتوسع. لوهلة فكرتُ بالزواج والسفر بها لنواجه الصعاب سوياً كما وعدت ولم تفي حتى أتى التوقيت الأمثل ورأيت خيانتها بعيناي. ياللحماقة فقد كانت ماهي بعيوني قطة شيرازية ليس في وسعها غير التثائب في ظل شمس حبيبها ولحس فرائها إنما قطة بلهاء تلعب بالخيوط بحاسة حمق القطط فتصنع منه أنشوطة من حول رقبتها ولا خلاص إلا براشد يعيد لها حريتها . قطة لا تملك من العلم إلا الخوف على فرائها الأبيض من غبار كل من لامس حنوها إنما لازالت قطة كبقية معشرها لا أمان من ناحيتهم . كم كنت مغيبًا لما ظننت أن المسافات كفيلة بخلعها من قلبي والعودة لبداية الخليقة قبل خلقها, فقد وجدتها بكل حقيبة حملت بها إمتعتي وكان لها المتاع وكل قميص تلحفت به لأنها الدثار, ولكنها ككل النساء من بعد شتائي ستجد صيف يحملني عنها ولا يحملها عني.
بالأيام ما قبل اليقين كنت أقفز عن كل ذِكر وذكرى لأخرى وأعود لحظيرتي وربتي تسقيني وتداويني وتفترش عشي بحشائها فالوفرة بالنساء لم تحررني من عشقها خاصة لما يأتيني صوتها مرة شهرية فهذا كان كل ما إستطعت التكفل به بعدما فصلت بيننا حدود القارات باردة وحارة, وثبت لعناق صوتها العاري إن تلهف لصوتي ونسيت نسائي وراعياتي بغيابها فقد وجدتُ بالصوت المتاع لما حسبته صوتي؛ ملكي؛ مالكي. 
أنهيت دوائري في أندريا وجلست إلى طاولة جانبية بعيداً عن البار علّني أختفي عن عيون الشامتين والمشفقين, فهذه الضربة لم تسقطني فحسب بل سوتني بالأرض وداستني الارجل بلا رحمة. أكلتُ أوساخ عرضت علي في هيئة طعام أمريكي , نمتُ بعنبر طلاب لا يرتقي لسجن مشدد برفقة أدنى مستويات البشر, قبلتُ صدقة وأصبحت يدي السفلى بعدما كانت العليا دائماً وكلاً من أجلها؛ النقود التي كان يرسلها أبي لي كانت لتكفيني لمعيشة كريمة ولكن فضلت الكرامة لها وأنا من خشيت على سمعتها من أن تتلطخ من رفقتها الدائمة لأسطورة السقوط حياة ولكن تغلبت على أستاذتها بالعهر؛ إبنة المغربي.
أستاذتها سقطت أمامي مبتسمة تطلب ما طلبته مراراً ولم ألتفت يوماً لطلبها فقد كانت لصديق وأخر وأخريين .
تمسح على ظهر يدي برقة وتقول بنعومة : 
- ياما قوتلك ما بتحبكش و ماصدقتنيش .. تستاهل كل اللي يحصلك
صحت بالشامتة :
-  قومي غوري من هنا
سحبت يدها عن يدي وأسندت رأسها عليها وقالت :
-  مقدرش أسيبك في الحاله دي .. هسبقك و إنت تيجي ورايا عاملالك مفاجأه
- وزياد .. زيزو .. هنبقى ضراير
- إعتبرني سيبته وبقيت ليك أنت لوحدك
ما أرق قلبها المتخلي فقد كان صديقي برفقتها صباح اليوم بفيلا أبيها ونالت منه الأطماع فهو يريد الإقتران من المغربي ليتنعم بثراء فاحش أبدي بلا مخاوف من مستقبل نال من الديب ويستعد للنيل من المزيد في ظل أحوال البلد المتقلبة . يتساقط رجال الأعمال واحد تلو الأخر من كثرة الديون التي جلبتها مشاريع لا تأتي بنتائج مرجوة لأصحابها أما الشركاء من أعالي السلطة لا يعبئون بخسائر فحصصهم من الأرباح مقابل دعمهم الغير مرئي أو المحسوس؛ جزية لابد أن تدفع وإلا عليهم وعلى أصدقائهم قبل أعدائهم . أحوال بلد متردية إلا لمن فهم اللعبة ومارسها بتوسع المال إلى جانب السلطة والمغربي أدار لعبته منذ زمن وفهمها قبل الجميع وإبنته خير دليل نهاراً لصديقي لينقل إليها أخباري المأساوية وليلاً لمواساتي .
قامت عن الطاولة وخرجت من البار والخطوة الان لي, وحينها تضجرعتُ المرار لأخره وقمت لأسدد الحساب إلا أنني وجدته مدفوعاً من قِبل الهانم, يبدوا أن صديقي لم يبخل بمعلومة عني حقًا فما بجيبي ما كان ليسدد ما تضجرعته من مرار.
الحياة الرغدة بإنتظاري بلا قيود إلا من  قيدين النساء, بيدها زجاجتي الروسية وكأسين, تمشي للخلف حتى غرفتي وتشير لي بالمضي قدماً. بحوزتها مفتاح المركز, فهي لم تكن مجرد تلميذة فقد كانت أستاذة جليلة وفها التقدير كل طالب مرر على مركزي التعليمي . دلفتُ من خلفها رأيتها قد ملأت الكأسين وتناولني واحداً ثم أجلستني على طرف السرير وجلست تتأملني ,لازالت لا تصدق إنها نجحت بإستقطابي.
تأملها بدوري فهى جميلة؛ مثيرة؛ تريدني والمعضلة لا أريد أي شيء على الأطلاق ولا حتى هذا الكأس. طرحتُ الكأس أرضاً فتهشم وهربتُ قبل خيانة صديق نصحته مراراً بالإبتعاد عن حياة زائفة ونصحني هو الاخر بالإبتعاد عن النساء الطامعات خاصة الفنانات الحقيقيات كما ترى نفسها الحبيبة المتخلية.
جزعت حياة من صوت تحطم الكأس ولكن تماسكت سريعاً وإستطاعت اللحاق بي ثم واجهتني بالحقيقة القبيحة :
- انا الوحيده اللي أقدر أسعدك ومش أسعدك إنت بس
ولها فائق التقدير فهي تستطيع إسعاد الكتيبة الثالثة الميدانية بمفردها وقد يتساقطوا من حولها لاحول لهم ولا قوة ولكن ما قصدته حقيقةً عرض أبي الأخير لأبيها ليكون شريك ينقذه من الإفلاس إنما ظل الطلب معلق لأجل غير مسمى. جذبتني من ذراعي حتى الأريكة وأجلستني, لم تستسلم وإستسلمتُ, فعلت ما تريده بتأني ودقة جعلتني أصدق كل كلمة سمعتها عن حياة المغربي, تزوجت ثلاث مرات وجميع زيجاتها إنتهت بنهاية مأساوية للزوج بالطبع مثل موت بحادث مروع أو سجن بلا قرار, رتل ممتد من العشاق تغنوا بجرأتها وشبقها المتأجج, كلمات تتردت بأذني إمتزجت بصرخاتها وتأوهتها وكانت الخيانة الأولى لصديقاً صديقي. بين الصعود والهبوط يسقط إسمي عن شفاها كالبصاق المقزز من فمً ملوث تخاف المساس به وإلا بخ بوجهك سموم البوتكس, شعرًا أحمرًا متوهج يضرب وجهك مذكراً بموقفك القادم إلى الجحيم رأساً, بشرة صفراء كرمال صحراء جدباء تخشى التغوص بها وإلا إبتعلتك رمالها الناعمة وعليك بالهرب إنما أين المفر فقد كان إجبارياً إعتلائي فكلما حاولت التملص أعادتني من أسفلها ومارست مجونها علي إلى أن تمت الجريمة .
أنزلتها عني وقمت أغلق سحاب سروالي أما هى تراقبني في ذهول؛ تخشى أن أدائها المذهل لم ينال إستحساني فلمساتها إنقبض لها جسدي وتموج البرد صاعداً لعمودي الفقري حتى تيبست عضلاتي ورغبتي.
هممتُ للخروج منعتني مرة أخرى وقالت بحدة :
- إيه .. ما عجبتكش ؟
تفحصت ما لم ينل إعجابي بإذراء وقلت بتهكم :
- إزاي !! ده أنتي الباشا يا لالا
كلمات المديح أو التدليل من صديقي وباقي الرفاق لها. خرجت لم تمنعني هذه المرة, ترى ما بجعبتها؟ ماذا حسبت بعد تهديدها, مالك مراد الديب توقف عن الدعر الرجالي, ولن أبيع نفسي مجدداً حتى لو سفَّت تراب الجحيم فقد إعتدته بأى حال كما أن تراب الجحيم له مذاق الكرامة التي لا تضاهيها مذاق . عدت للفيلا فجراً لأكمل ليالي الزمالك الأخيرة برفقة العائلة, بهذا الوقت يكون البيت ساكن إلا من صوت أمي الهامس بشعائر صلاة الفجر لكن هذه المرة لم يكن هامسًا فقد كان صارخا وتصيح بأبي لأول مرة؛ وتسأله طلب الرحمة من الله عوضاً عن ما يطلبه من راقصاته علّ الله يستجيب ويذهب الضباب الذي عتم مستقبل العائلة  . مسكينة أمي هل يستجيب الله ممن مثلي وأبي, عليها التكفل وحيدة بالدعاء لو تمتلك بصيرة .
عدتُ لغرفة نومي وإستلقيتُ على السرير وقد جمعتُ كل الوسائد والدثور ووضعتها على رأسي علها تمنع عني صراخ أمي فجراً وتسكن الأغبرة المسمومة المتداخلة برأسي حتى صنعت زوابع أطاحت بما تبقى من أفكاري الجدباء بالأيام القادمة بسف التراب . العجيب عصفت برأسي أحلام عديدة كانت بطلتها حياة لابد إنها عاقبة القدر على خيانة لصديق أحمق أراد الإقتران بحياة بملأ إرادته, فطالما كانت عاقبتي الأشد فتكاً والأشد ضراوة.
أختي توقظني بعنفها الغير مبرر وترفع عني الوسائد والدثور, تتغنى بسعادة أن الغمة بطريقها للنزوح والمتسبب مالك الذي لا نفع منه بأي شيء . يدها الثقيلة تدق لحمي وصياحها المرح تبدل وأصبح غضباً وعلي النهوض بمفردي أو أنال حماماً بارداً بالسرير.
أمسكتُ زجاجة المياة عن يدها وطرحتها أرضاً وإنتظرت سبب إيقاظي فأجابتني ببرود :
- بابا عايزك تحت .. إنزله
مسحت وجهي بما تبقى من زجاجة المياة وذهبت لأبي, بغرفة مكتبه برفقة يوسف؛ أخي الأصغر. على وجه أبي الإستبشار حقًا لكن يوسف فقد وجهه ألوانه ونافس الأشباح شحوباً . طلب  أبي مني الجلوس وتفتيح أذني وعيوني العامسة ثم نقل لي مسبب الفرح .
اللعينة الساقطة ذلك فعيلها وافق المغربي على شراكة أبي بعدما تذلل أبي إليه لشهور لابد أن إبنته أقنعته بعدما أرضاها الديب وحثت أبيها على الموافقة. لأبيها العظيم شروط بالشراكة الجديدة عددها أمامي أبي, إنما لم أفهمها لأن التجارة لم تشغلني يوماً حتى بند هام ضمه المغربي لباقي البنود, يطلب شراكة أقوى من المال لتدوم المحبة فهو يطلب الإبن بكر رغم أنفه ليتزوج من عليلته .
اللعينه أمكر مما قد يتخيله ديب, تريدني رغم أنفي. أبي يسألني عن موعد يناسبني للزواج فنظرت لأبي وقلت :
- إجوزها إنت
نظر لي أبي في شك وعدم إستيعاب بينما صاح بي أخي :
- بيقولك الجوازه دي متوقفه عليها حياتنا كلنا
حدجتُ أخي بغرابة وقلت :
- انت يا إبني مش كنت بتسهر معايا وسمعت اصحابنا بيكلموا عليها إزاى ده غير اللى شفته بعيني
تبادل أخي وأبي نظرات واجمة ثم قال أبي بحزم :
- قُصره الخطوبه وكتب الكتاب والدخله الاسبوع الجاى العروسة هتسافر معاك عندهم بيت كبير فى لوس انجلوس  .. وموافقة تقعد فيه إنت وإصحابك لو عايز
ضحكت فاللعينة لم تكتف بي على ما يبدوا وتريد الرفاق كذلك فقلت مازحاً :
- كده وش .. عايزاني انا و إصحابي .. كان نفسي والله يا بابا لكن مش هقدر إعفيني
قام أبي من خلف مكتبه وتوجه إلي وقال بتوسل مال إلى البكاء :
- خليك راجل بجد مرة فى حياتك وبطّل أنانيه وفكر فينا .. فكر فى إخواتك وأمك اللى هيترموا فى الشارع  
أجبته بإستخفاف :
- وأبقى راجل لما أجوز حياه  .. ما فكرتش انت ليه فينا قبل ما توزع فلوسك على الرقصات ونساوينك والمنظره الفارغه .. انت الغلطان شيل لوحدك
بدى على أبي خيبة الأمل وقال بحزن :
- كنت عارف ردك بس إفتكرتك بنى آدم وطلعت تور .. لو ما إجوزتش بنت المغربي لا انت إبني ولا أعرفك وهاخد العزا فيك
- البقية في حياتك
قلتها وتركتُ مكتب أبي وصعدت لغرفتي لأجمع ملابس القتيل بأكملها معلناً موته اليوم على يد أبيه ومن ثم نظرة أخيرة على السنوات الفائتة, أسعد وأجمل السنوات كما نبهني الجميع, طفولة؛ مراهقة؛ وعنفوان الشباب كلاً من وراء ظهري لمجرد أنني تماشيتُ على ما تربيت عليه, الخليلة لا تمسي زوجة خاصة إن كانت خليلة الجميع.
إنتهت اللحظات فحملت حقيبتي من فوق ظهري وتوجهت لباب الفيلا ولكن أمسكت بي أمي من ذراعي قبل خروجي وسألتني والدموع بعيونها :
- رايح فين ؟
- في داهيه .. روحي خدي العزا مع جوزك

مارد من الإنسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن