الفصل الخامس| كتاب التاريخ

27 0 0
                                    

تَفَتَّحّت عيني على صباح مشرق يغمره لحن العصافير، و صوت الراديو الذي فتحه والدي على إذاعة القرآن الكريم، و أمي بالمطبخ تُحَضِّر لي شطائر الجُبن الأبيض و البطاطا المقلية.

بينما كان والدي يستمع إلي صوت الشيخ الذي يقول "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"

و يبدأ والدي بهز رأسه مستمتعاً بقول الله تعالى، و يُمسك والدي المِكواه، يكوي قميصه ليرتديه.

مررت علي أُمي و قلت لها "صباح الخير" و لوالدي أيضاً، قبَّلت رأسها و قبَّلت يد والدي و بعدها ذهبت لأُنَظِّف أسناني و أخذت حمَّاماً دافئاً وذهبت لأُصلي صلاه الصُّبح، و بعد ذلك بدأت بإعداد حقيبتي، فتأملتها و وضعت بها مُفَكِّرة لأُدَوِّن بها كل جديد و أمسكت قلمي و وضعته هو الآخَر.

بعد أن أعددت كل هذا سِرت إلي الشرفة و صرت أتحدث إلى السماء و كأني أُخَطِب أخي و بعد قليل، دعوت له بالرحمة و النعيم.

و تذكرت هذه الجلسة التي كنا نجلسها سوياً أثناء قدوم ميعاد المدرسة، حيث أننا كنا نتحدث عن المعلمين و نتسائل في حماس، تُرى من مُعلمي لهذا العام، هل سيكون جيداً أم ماذا؟

تبقى علي ميعاد ذهابي إلى المدرسة حوالي رُبع ساعة، و في هذه الفترة أرتديد أخيراً هذا القميص الذي انتظر إرتداءه منذ زمن.

و تطيبت و أخيراً ارتديت حذائي الجديد، إلى أن أعلنت الساعة أنها وصلت السابعة.

أخذت مصروفي اليومي الذي كان لا يتعدى الخمس جنيهات.

سِرت في الطريق وحيداً أسير مع ظلِّي و أتخيل حوار بسيط بيني و بين أخي و أتذكر هذه الذكرى الجميلة، و لكني قلت لأخي أني تغيرت، مذ سماعي لصوت أذان الفجر، و شعرت بأن عقلي قد نضج كاملاً و لم أعد هذا الولد المعتوه كثير المشاكل.

أجل، لقد كنت مسبباً للمشاكل في الفترة الماضية.

وصلت أخيراً إلى باب المدرسة، ثم جلست على مقعد، وحيداً بعيداً عن كل الناس، لا أفعل شئ سوى الإنتظار إلى أن ينادى الى الطابور المدرسي.

مرَّ عليَّ أحد أصدقائي القدامى و تعجب من جلوسي هكذا و قال لي أن نذهب و نلعب مع بقية الأصدقاء بزجاجة المياه الفارغة كرة القدم، أو نلعب بالــ"كوتشينة" لعبة البصرة أو الشايب، و لكني كنت أرفض بشدة.

لكني كنت أتعجب من شئ، و هو أنه كيف لم يلاحظ أحد هذا التغير في شخصيتي، لهذه الدرجة وجودي مثل عدمه؟

أكملت جلوسي و أخرجت ورقة و قلم و دونت فيها الآتي:

هذا أول يوم لي في المرحلة الإعدادية، و يبدو ملئ بالملل و خالِ من التشويق، إلى الآن لم ألاحظ فرق أبداً في المرحلة الجديدة، رُبَّما لأن اليوم لم يبدأ بعد.

سيادة القاضىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن