عالم مجنون وجبن.

265 26 18
                                    

اليوم سأخبركم بحادثة غريبة حدثت بين أسوار منزل النقد المليء بالغموض، فالغموض الذي يكتنفه، لا يشمل فقط موقعه من هذا العالم وهويات سكانه، بل أيضا الأحداث الغامضة والعجيبة التي تجري بين جدرانه، لن أكلمكم عن تنانينه الأليفة الرابضة في إحدى باحاته، أو الأشباح المهذبة التي تلعب في أبراجه، ولكن سأخبركم سرا عن أحد قاطنيه وواحدة من مغامراته.

ذات مساء دخلت الصغيرة ميغيل المنزل بعد عودتها من المدرسة، كان الهدوء يعم المكان، لكنها رأت هاملت تحمل كتابا ضخما عن الحضارة الصينية وتتوجه به إلى غرفتها، فسألتها: "أين ذهب الجميع؟"

أجابت هاملت وهي تصارع لحمل كتابها الثقيل: لقد كانوا هنا قبل قليل ثم افترقوا كل إلى غرفته، من الواضح أنهم مشغولون.

قطبت الصغيرة من الجواب حاجبيها، ونفخت بغضب وجنتيها، وطفقت تصيح في الأرجاء بنبرة عتاب: أيها القساة، لقد اشتقت إليكم اشتياقا يمزق قلبي، و أنتم لا تبالون بي.

كانت الصيحة مدوية، جعلت الأفراد كلهم يخرجون من غرفهم ويقصدون مصدر الصوت. على كل، كانوا يتوقعون انفجارها، ففي الأيام الأخيرة، كانت المسكينة تفوت معظم المرح معهم.

وعلى بعد خطوات من الجمع الملتف حول ميغيل، وقف كريس بصمت يراقب.
الفوضى التي حدثت قبل قليل شتتت تركيزه، فأتى ليلقي محاضرة على المذنب، لكنه سامح الصغيرة رفقا بها عندما رأى ابتسامها البريئة تزين وجهها، ورأى رضوخ سكان المنزل لمطلبها.

عاد الحماس للمجلس من جديد، واتخد كريس لنفسه مكانا بين الجالسين. استهلت الأحاديث المتنوعة وقلب ميغ يرقص فرحا، ومازلوا على ذلك الحال حتى دخل مونستر الذي كان غائبا.
وكالعادة تلا إعلانه المعهود: "لقد أتى البيغ بوس، قدموا له تحياتكم، دعكم من أحاديثكم التافهة، وتحدثوا عني، امدحوني😎"

لم يلتفت أي من السكان إلى ما قاله مونستر، بل تجاهلوه إلا من بعض الترحيبات القصيرة والمتفرقة، خصوصا ميغ التي عبرت له عن اشتياقها بكلمة، ثم عادت إلى الحوار.

قال مونستر بإحباط: لا أحد يهتم بي، سأذهب إلى من يعرفون قيمتي من الفرق الأخرى، وخرج من الغرفة.

ردد كريس كلمات لأخيه الحزين: توقف يا مون، أنا أريدك أن تبقى.
لكن للأسف، مون لم يسمع كلام كريس مع فوضى المحادثة.

غضب كريس، وقام من مجلسه على عجل. كل شيء يتحمله إلا إحزان أخيه مونستر. وتمتم: "سأريكم أيها الفئران ماذا يحل بكم عندما تحبطونه".

لطالما نادى كريس الجميع بالفئران، ولديه سبب وجيه ليناديهم بذلك.

أخذت الجدران تردد صدى خطوات الفتى الملتحف بالسواد، وهو يتجه نحو معمله السري. مختبره الذي لن تجد بابه مهما حاولت. بعد عدة التفافات في أروقة قلعة النقد الشبيهة بالمتاهة وصل كريس إلى طريق مسدود، تقدم نحو الجدار المزين بلوحة زيتية كبيرة رسم عليها تنين أحمر ناري متوحش، أزاحها قليلا، ثم ضغط على نقطة ما خلفها، فتحرك جزء من الأرضية، كاشفا عن مدخل يؤدي إلى غرفة سفلية سرية.

عن كثبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن