قلَّب چايدن عينيه يميناً ويساراً يوزع نظراته المترقبة بينها وبين هيلينا التي كانت تنظر إليها بشفتين فاغرتين رافعة حاجبيها.. تبرق كمن لسعته أنثى العقرب بالفعل وحينما طال صمتها وضع كفه على فمه ثم مال برأسه عليها يهمس بخفوت : الفتاة ستبكي من ردة فعلك البلهاء ..
أجابته بهمس مماثل : لا أستطيع التحدث من الصدمة
إستمر في متابعة حديثه بنفس الطريقة : حاولِ بدلاً من إتخاذ وضعية الأصنام تلك
حركت هيلينا شفتيها الفاغرتين ببطأ ثم قالت بابتسامة مُحْرَجَة : أين ستنامين يا عزيزتي؟.. المكان لا يحتوي إلا على فراش واحد.. صمتت لثواني ثم أشارت إلى جانب السرير قائلة : وهذه الطاولة الصغيرة وأعتقد أنها لن تكون مريحة في النوم
رمقها چايدن بنظرة جانبية مستنكرة قائلاً : ياليتك ماتحدثتِ يابلاء الرأس
ضربته بكوعها في معدته تصك اسنانها : قلت لك لا تدعوني بهذا الإسم أمامها
تأوه چايدن بشدة قائلاً بصوت مكتوم : آسف لن أكررها
قاطعتهما أوريانا بخجل : لا توجد مشكلة..سأفترش الأرض وأنام
شعر چايدن بالشفقة عليها وإضطر أن يُحَسِّن من صورة الحمقاء التي أحرجتها ثم قال متعمداً إغاظتها : كلاَّ يا عزيزتي.. تستطيعين مشاركة هيلينا الفراش.. أنا من سينام على الأرض
تهللت أسارير أوريانا كثيراً ولم تعطِ فرصة لهيلينا أن تعترض ونهضت سريعاً تسحبها من كفها .. إستقامت هيلينا في وقفتها تحاول إستيعاب الصدمة بينما تسمر چايدن مكانه لا يستطيع النطق..
خلعت أوريانا عباءتها لتظهر برداء شفاف يظهر مفاتنها بسخاء واتجهت نحو الفراش تجلس عليه بإغراء قائلة : عذراً أنا غير معتادة على النوم بكامل ملابسي
برقت عيني هيلينا وهي تطوف على جسدها الشبه عاري وإستدارت تلوح لچايدن بسبابتها أن يلتفت بوجهه بعيداً عن مرمى تواجدها ثم إتجهت نحوها تزيحها للجانب الآخر من الفراش قائلة بنبرة مريبة : ثكلتكِ أمك يا أنثى العقرب.. حتماً ستثكلكِ لأنني أفكر جدياً في قتلك وتوزيع دمائك علي الممالك الخمسة..
تمددت أوريانا بجوارها تسألها بلامبالاة : هل ستنامين بهذه الملابس؟
أجابتها بنظرات مصعوقة : أجل سأنام هكذا .. المكان لا يتحمل جسدين عاريين.. الرجل سينهار وسط هذا الكم من اللحم المكشوف
ضحكت أوريانا على حديثها قائلة : حسناً ..تصبحين على خير
ردت عليها هيلينا متخذة وضعية الجنين لتنام : ليس من شأنك .. نامِ ودعِ هذه الليلة الغريبة تمر بسلام...
مكث چايدن مكانه يراقب الموقف بأنظار ذاهلة مما يحدث وما أن تأكد من نومهما حتى فرد جسده المتعب على الأرض واضعاً ذراعه فوق عينيه يحدث نفسه : البشر يقولون شكراً .. يالكِ من جلفة يا أوريانا.. سكنت حركته لبضع دقائق قبل أن يغير وضعية نومه لينقلب على جانبه يقول بغيظ : وينادوني بسمو الأمير.. أي أمير ينام هكذا.. بالتأكيد أنا أمير المتسولين .. ظل الوضع هادئاً لبضع دقائق لكنه لم يستطع التحمل أكثر من ذلك ونهض بعصبية متجهاً نحو الفراش ثم قام بحمل هيلينا بين ذراعيه قائلاً بخفوت : تباً لكِ يابلاء الرأس لن يغمض لي جفناً وأنتي بعيدة عن أحضاني
سألته بفزع من حركته المباغتة : ماذا تفعل ياسمو الأمير؟
سار بها بضع خطوات ناظراً إليها بغضب ثم قال : أمير؟!.. أنا لا أرى أمراء في هذا المكان
أحاطت عنقه بذراعيها هامسة : أنت أمير وسيد سادة الأمراء
رمقها بغيظ صاكاً أسنانه : هذا الحديث هناك في ليبرا حيث يوجد والدك
ضحكت هيلينا قائلة : حقاً بدأت أشك في الأمر
أنزلها بخفة على الأرض ثم جلس بجوارها ينظر إلى أوريانا قائلاً : لقد نامت غير مبالية بشيء
خبطته هيلينا على كتفه تقول بضيق : كف عن النظر إليها
دلك موضع خبطتها يقول متأوهاً : لا أنظر إلى جسدها ياغبية.. أنا أحقد عليها لأنها نامت مكاننا
خبطته مجدداً ولم ترد عليه بينما هو جذبها ليتمددا على الأرض مولياً ظهره إلى الفراش حتى يتجنب النظر نحو أوريانا التي باتت تشكل خطراً على هدوء ليلتهما يقول بهمس واله خلف أذنها : عيناي لا تبصر أنثى سواكِ .. كل النساء عندي سواسية فلا تخافِ ياقلب چايدن..
فردت ذراعه لتتوسده واضعة كفها الصغير على شقه الأيسر قائلة بحب : أنا في أمان هنا لذا لا أخاف أبداً
أحاطها بكلتا ذراعيه يضمها إلى صدره قائلاً بتنهيدة حارقة : هيلينا!.. أريدك بشدة
دفنت نفسها أكثر بين أحضانه تسأله بعدم فهم : ماذا تقصد؟
طبع قبلة عميقة أعلى رأسها يجيبها بصوت واهٍ : سأخبركِ عندما نتخلص من آلامنا بشكل عملي وحينها لن تغادرِ فراشي أبداً وسأنهل منكِ كيفما أشاء يامغوية
ضحكت بخجل عندما أدركت معنى حديثه ثم قالت : أنا لم أفعل شيئاً لأغويك
تنهد قائلاً بانفاس تمر على شفتيها : بلى فعلتِ .. تزدادين جمالاً من مملكة لأخرى .. صمت لثواني ثم أردف متأوهاً بخفة : أرى في وجهك نوراً لم يصل القمر إلى بهائه.. وقدكِ .. آه من قدكِ ياحبة الكستناء أصبح مُهْلِكاً لأعصابي بالمعني الحرفي للكلمة بينما تتلاعب خصلاتك التي تشبه أشعة الشمس بقلبي.. يميل أينما مالت ويستكين أينما إستكانت ويشرق أينما أشرقت وبعد كل هذا تقولين لم أفعل شيئاً لأغويك؟..
ترقرقت دموعاً فَرِحَة داخل مقلتيها تقول : كم أحب وصفك لي.. أشعر أنك تُحَلَقَ بكلماتك فوق السحاب عندما تغازلني .. لكنني أتسائل دوماً هل أستحق كل هذا الحب؟
أغمض عينيه مستسلماً لدفأ أنفاسها التي تدغدغ مشاعره قائلاً : وكيف لفتاة خُلِقِت من ضلع نور القمر ألا تُحَب هكذا؟.. أخبريني كيف للشمس أن تنسج خصلات شعرك من خيوطها ولا أعشقك عشقاً كالذي يسكن حشا روحي؟.. أنتِ إمرأة شارك في تكوين قوامها الشمس والقمر فقولِ لي كيف لا أذوب بكِ وأُدَلْهُ في فتنة مُحَيَّاكِ؟..
أجابته بصوت هارب من أثر حديثه الذي أصاب رأسها بدوارٍ لذيذ : كفاك غزلاً بي ياسمو الأمير أعصابي لن تتحمل المزيد
عض على شفتيه قائلاً بابتسامة عذبة : غزالي لا يليق به إلا الغزل
ضحكت بشدة على تشبيهه الجديد لها ثم قالت : سأضيف هذا اللقب إلى جانب الألقاب التي تناديني بها
وضع سبابته على شفتيها قائلاً بهدوء : أخفضِ صوتك يابلاء الرأس ستوقظين أنثى العقرب
إستدارت للجهة الأخرى تستند على صدره برأسها قائلة بضحكة متوجعة : لقد حزنت من أجلها كثيراً ومن أجل إناث هذه المملكة.. ملكتهم الحقيرة إنتهكت أعراضهم بطريقة بشعة
لفها بدفأ أحضانه أكثر يقول مطبقاً جفنيه : أحببت ردة فعلكِ حيال ألمها.. قلبك غاية في الرقة والطيبة ياقلب چايدن
وضعت كفيها على ذراعيه قائلة بحزن : الأمر مُفْجِع بحق
دفن وجهه بين خصلات شعرها التي إفترشت الأرض بينهما كحاجز حريري لامع يصل إلى كاحليها .. مستنشقاً رائحتها الربيعية يسألها بمرح زائف محاولاً تغيير مسار الحديث حتى لاتتطرق لأمر الملكة إيلار : هيلينا! ..هل تضعين عطراً على شعرك؟
أجابته بنفي متعجبة : كلَّا .. لم أفعلها طيلة حياتي
سحب نفساً عميقاً من بين خصلاتها يعبأ به رئتيه ثم قال : عجباً .. رائحته تشبه زهرة الياسمين
إبتلعت غصة مريرة ملأت جوفها بطعم صدأ تقول بحزن : جدتي كانت تقول نفس الكلام عندما كنت أطلب منها تمشيطه لي بيديها
طبع قبلة رقيقة خلف عنقها متسائلاً : لِمَ كل هذا الحزن الذي يظلل حديثك عنها؟..
أجابته ببكاء : لأنني تألمت كثيراً لموتها أو كما كنت أظن.. واليوم إكتشفت خداعها لي
رفع أطراف أصابعه يمسح دموعها قائلاً : لا تصدرِ أحكاماً مسبقة.. ربما كان في الأمر شيئاً لا علم لكِ به وبالمناسبة هي تحبك كثيراً
إلتفتت إليه برأسها تسأله باندهاش : ماذا تقول؟.. هل رأيتها من قبل؟
رد عليها مبتسماً : رأيتها في ستيلاي ترسم لي على السماء صورة لعائلتنا مازالت عالقة في ذهني حتى الآن.. واليوم جاءت إلى هنا مفطورة القلب عليكِ حتى تعيدك من الموت وحينما سألتها عن هويتها أخبرتني أنها جدتنا ولو كنت في حالٍ يسمح لما تركتها ترحل بدونك
تسائلت مجدداً بحزن : هل تريد الإفتراق عني ؟
إحتضنها قائلاً بألم : أنا خائف من أن يصيبك مكروه.. الأمر يزداد خطورة كلما تقدمنا خطوة نحو ليبرا وبقائكِ بجانبي أصبح مهدداً لحياتك
إبتعدت عنه برفق واضعة جبينها أسفل ذقنه قائلة : حياتي ليس لها قيمة بعيداً عنك ياسمو الأمير.. فأنا لا حياة لي بدونك
ضمها إلى صدره بقوة أكبر يقول بصوت خافت : وتتسائل الحمقاء إذا كانت تستحق كل هذا الحب.. الحب هو من لا يستحقك ياقلب وروح ودماء سمو الأمير التي تحييه
أجابته مغمضة العينين : أحبك ولا أتخيل العيش بعيداً عن ذراعيك
دمغها بقبلة رقيقة على رأسها القريبة من نبضات قلبه ثم قال : الذراعين وصاحبهما ملكاً لطرف لحظيكِ يا أميرتي
رفعت أنظارها العاشقة تتطلع إلى وجهه الجميل قائلة بابتسامة عذبة : لطالما دعاني والدي بهذا الإسم ..كان لا يناديني إلا بأميرتي
زم شفتيه بإعتراض طفولي : أنا أغار بشدة ولا أحب أن يشاركني أحدهم في ممتلكاتي
إنفرجت شفتيها بابتسامة إكثر إتساعاً قائلة : راق لي كثيراً أن تخصني ضمن ممتلكاتك لكن غيرتك من والدي غير منطقية
رفع أطراف أصابعه يمسك بطرف لثامها ثم سألها : أترين قطعة القماش تلك؟
أومأت برأسها إيجاباً قائلة : أجل
أجابها وعينيه لا تفارق مرمى ثغرها : أغار منها حد اللعنة لمجرد أنها تلامس بشرتك الغضة
ضحكت بخفوت تمزح معه قائلة : كم كنت أقرأ في عينيك غضباً وكرهاً لها.. حقاً لم أرى غيرة حمقاء بهذا الشكل
فغر شفتيه قائلاً بحاجب مرفوع : ليروا من يتحدث عن الغيرة الحمقاء .. أنا كنت سأفقد حياتي بسبب غيرتك يابلاء الرأس أم نسيتِ زهور الكوروناريا السامة التي نويتِ قتلي بها؟
صكت أسنانها تجيبه بغيظ : أنا أغار من أشياء مبررة.. أنثى مثلي مثلها .. صمتت لثواني ثم أردفت مشيرة نحو أوريانا التي كانت تغط في نوم عميق : كتلة اللحم النائمة تلك تنافسني على كسب قلبك بكل الطرق الرخيصة .. أتود ألا أقطع وجهها وأفقأ عينيها حتى لا تفكر في النظر إليك؟
إبتسم إليها قائلاً : خاسرة هي إذا فكرت في منافستكِ لأنكِ ربحتِ قلبي وعقلي وجسدي منذ زمن بعيد وإن كنت أنا ولي عهد ليبرا فأنتِ ولية عهد روحي ومليكتي التي تجلس على عرش أحلامي فلا تكترثِ بمن هم في بلاط مُلككِ جاريات
عضت على شفتيها قائلة مرح : أخجلت تواضعي يا سمو الأمير .. أنهت حديثها بقبلة رقيقة على وجنته ثم إستدارت مرة أخرى تقول بصوت ناعس : من الأفضل أن تنام الآن.. لديك غداً جولة طويلة مع أنثى العقرب
ضحك بخفوت ثم وضع ساقيها بين ساقيه قائلاً : أنتِ محقة .. تصبحين على خير
أجابته قبل أن تغيب في سُبَاتٍ عميق : وأنت من أهل الخير ياقرة عيني
أغمض چايدن عينيه يحاول النوم لبضع ساعات قبل انطلاقته مع أوريانا في صباح الغد لكنه لم يستطع أن يغفو ولو للحظة واحدة من فرط التفكير فيما هو قادم.. ينظر بين الفينة والأخرى إلى هيلينا التي تنام على صدره بكل أمان الدنيا.. كلما لمح وجهها البرئ يشعر بخنجر مسموم ينفذ إلى صدره .. تلك المُدَلْهَة في عشقه لا تعلم ماذا يخبأ لها القدر.. حبيبته الغيورة غافلة عما سيقوم به وللأسف سيفعلها صاغراً.. مُجْبَراً .. وعلى نياط قلبه المتوجع لأجلها.. صدره يمتلئ بالكدمات من الداخل عندما يتخيل رد فعلها.. يدور في رأسه سؤالين متناقضين وهما هل ستنظر لنصف الكوب المملوء وتفرح لانتهاء لعنته التى تقد مضجعها قبل مضجعه وتسامحه؟!.. أم ستعتبره خائن وتتركه يتجرع ويلات فقدانها؟!.. وبين هذا وذاك تطحنه ذكرياته .. التجربتين السابقتين تتمثلان أمامه وكأنهما كانتا البارحة.. ومنظر الدماء لا يفارق مخيلته منذ إخبار لوكا له بمهمته اللعينة .. مسح على رأسه في محاولة بائسة لتهدئة مايجيش به صدره ثم وضع شفتيه فوق رأس يقبلها قائلاً بألم : كيف سأفعلها؟.. كيف سأخونكِ ياقلب چايدن ؟.. كيف سألمس جسد أنثى غيرك ياغاليتي؟.. أقسم لكِ أن روحي تحترق ..وأتمنى أن يتسع قلبك وتغفرِ لي هذه الذلة الغير قابلة للغفران ... بينما هو على هذه الحالة كانت أوريانا تراقب مايحدث بعيون باكية.. كم أوجعها حبهما.. ليس لأنها تحب چايدن وحسب بل لأجل هذا الحب المؤلم.. مابينهما أثار في نفسها شفقة عليهما.. صغار هما ليواجها كل هذه العثرات.. وللحظة أيقنت خطأها لكن الأمر لم يكن يوماً بيديها فمن في هذا العالم يتحكم في هواه.. الهوى ضعف والضعف مذلة وهي تذللت في الماضي بما يكفي.. وبعد مناواشات بين قلبها وضميرها قررت الخروج من المنزل حتى تبتعد عن مجال عشقهما الذي عبأ المكان حولها برائحة ذكرى بعيدة أصبحت تراها مُرْتَسِمَة على وجه ولي العهد.. نهضت سريعاً ترتدي عباءتها وبخفة فتحت الباب ثم أوصدته خلفها تظن أنهما نائمان لا تعلم أن چايدن رآها.. زفر بتعب ثم نهض حاملاً هيلينا ووضعها على الفراش بهدوء.. وقف لثواني يتأملها في غفوتها والعبرات تظلل مقلتيه .. رغماً عنه أطلق شهقة بكاء خائنة لثباته الزائف وبدون مقدمات إتجه نحو الخارج ليطمئن على أوريانا.. وجدها تجلس على صخرة كبيرة.. ممسكة ببعض الحصوات تتلاعب بها بين يديها واليأس يكلل ملامحها.. إقترب منها يسألها بصوت خفيض : ماذا تفعلين خارجاً في هذا الوقت؟
إنتفضت شاهقة بذعر لكن سرعان ماانتظمت أنفاسها عندما لمحته ثم أجابته مبتسمة : أردت إستنشاق بعض الهواء
وقف قبالتها متخصراً يطرق برأسه لأسفل قائلاً : أفسحِ لي مكان بجوارك.. أنا أيضاً أشعر ببعض الاختناق
أطاعته والابتسامة تزين وجهها قائلة : انا غير مسئولة إذا إستيقظت هيلينا ورأتنا
جلس بجوارها يتناول بعض الحصى بحركة مماثلة لحركتها يقول ضاحكاً : لا تخافِ إنها نائمة بعمق كالأطفال
نظرت إليه أوريانا تسأله : وأنت لماذا لم تنم أيضاً؟
أجابها مطأطأ الرأس : لا أستطيع النوم .. التفكير يضرب رأسي منذ قدومي إلى هنا
أسبلت أوريانا جفنيها تقول بحزن : الأمر غاية في الصعوبة لكن لا تقلق سأتدبر أمر دخولك إلى قصر إيلار
رفع چايدن أنظاره إليها يسألها بتوجس : متى تأكدتِ من حبك لي؟
أجفلت أوريانا من سؤاله المفاجئ وأجابته تنظر للحصى بين يديها : تأكدت عندما رأيتك للمرة الثانية في ستيلاي
رمقها بنظرة جانبية قائلاً : أنتِ لا تحبيني يا أوريانا
رفرفت بأهدابها تسأله بخفوت : لماذا تقول هذا الكلام؟
إستدار بكليته ينظر إليها متفحصاً لملامحها الحزينة متحدثاً بحدة : لأنكِ تتعاملين مع أمر إيلار بأريحية شديدة.. من يحب ياعزيزتي يغار وأنتِ لا تغارين حتى من هيلينا والحقيقة أنني لا أدرك لماذا تقحمين نفسك ومشاعرك في هذه الهوة السحيقة بالرغم من صراحتي معكِ منذ لقائنا الأول.. صمت لثواني يتأمل سحابة الألم التي طافت على وجهها ثم أردف : أنا لا أحب الغباء وأنتِ غبية بشكل مستفز.. وللأسف أرى حزناً ساكناً في عمق عينيكِ يجعلني أشفق عليكِ
حاولت التحدث لكنه منعها بسبابته يقول بصرامة : الإنسان يخاف على قلبه من الكسر لا يبحث عمن يكسره ويركض خلفه ..
إبتلعت غصة مريرة وردت عليه بنبرة تقطُر وجعاً : أنت محق لكنني لم أستطع التحكم في نفسي
أشاح بوجهه عنها قائلاً بسخرية : أحياناً يخيل لي أنكِ تحاولين نسيان ماضي مؤلم بإدعائك حبي..
سألته بتلعثم : ماذا تقصد؟
أجابها بتنهيدة يائسة : أقصد أن من الحماقة محاولة نسيان الألم بألم صدقيني أنتِ تتعاملين مع قلبك كمن يتلاعب بدمية بالية.. تفسدين حياتك بيديكِ وأنا بدأت أشعر بالاستياء لأنني وبكل صراحة لا أريد شعوراً إضافياً بالذنب تجاه أحد يكفيني ما أعانيه ويكفي حبيبتي ماتلاقيه في عشقي المشئوم .. لذا رجاءً يا أوريانا أكملِ مهمتك التي كُلِفتِ بها وأمضي في حياتك بعيداً عن الوجع
مدت أطراف أصابعها تمسح دموعها قائلة بصوت مهزوز : لماذا لا أحظى بفرصة مثل هيلينا؟..
رد عليها بغيظ : حبي لهيلينا ليس مقرون بفرص.. إنه مقرون بأنفاسي.. ورئتاي لن تتقبل هواءً سوى الذي يخرج من بين شفتيها.. هكذا يكون الحب لا يعطي فرص إلا للمحبوب
أمسكت كفه قائلة بابتسامة : فهمت مقصد حديثك.. وأعدك أن أحترم مابينكما.. أنا اخطأت في تقدير الأمور وأعترف بخطأي وأعتذر عنه
بادلها إبتسامتها بأخرى يربت على وجنتها بكفه الحر قائلاً : قبلت إعتذارك ياعزيزتي.. وصدقيني أنا أُكِّنُ لكِ مشاعر صداقة وإمتنان لما فعلتيه معي فلا تؤاخذي قلبي وما يهواه لعل القدر يخبأ من أجلك الأفضل عوضاً عن الأحمق الذي أعرض عن حبك
ضحكت بخفة تنظر لأسفل قائلة : لا تقل هكذا ياسمو الأمير أنا الحمقاء
مازحها قائلاً : أنتِ بالفعل كذلك
تركت كفه ثم إستقامت في جلستها تسأله بجدية : والآن ماذا سنفعل؟
زفر بيأس قائلاً : إجابة هذا السؤال عندك؟
صمتت فجأة تتلاعب بالحصوات وبعد دقائق من التفكير تحدثت بحماس : أولاً يجب علينا إنهاء جولة التفقد داخل المملكة
نظر إليها متسائلاً باهتمام : وثانياً؟
أجابته بتأكيد : من حسن الحظ أن موعد مسابقة إيلار الإسبوعية على وشك الإقتراب..
تسائل مرة أخرى بقلق : متى سيكون؟
ردت عليه بثقة : غداً.. سأصطحبك إلى هناك بنفسي لتلحق بالمتسابقين .. أنا متأكدة أن إيلار لن تفوت رجلاً بمثل وسامتك
أطبق جفنيه بتعب ثم سألها مجدداً : وبِمَ سأبرر لهيلينا خروجي معكِ للمرة الثانية؟
جاوبته بتشجيع : سنخبرها أن جولتنا داخل المملكة لم تكتمل لأنها واسعة وسنضطر لتكملة الجولة في وقت لاحق ..
حك جانب رأسه يقول بتفكير : حسناً .. لنتحرك على الفور وهي نائمة حتى لا تحزن عندما أتركها وأرحل
نهضت أوريانا من مكانها تنظر إلى السماء قائلة : الخيوط الأولى من الصباح ظهرت وهذا وقتاً ملائماً للغاية
إستقام چايدن واقفاً يشير إليها أن تتقدمه قائلاً : إذن هيا بنا
![](https://img.wattpad.com/cover/165295882-288-k604886.jpg)
أنت تقرأ
خادم الوشم (Jayden)..(مكتملة)
Viễn tưởngفانتازيا خيالية أنا لم يشفني السحر.. لا قطرة ليمون ولا نجمة أطفأتِ نورها فوق وجعي.. لم توقظني رشفة ماء من زبرجد البحيرة ولا ماسة حمراء تدفقت من شلال آجنوس... فقط أنتِ .. حبكِ أزال لعناتي.. روحكِ فصلت وشمي عن وريدي.. قبلتكِ معافاتي وجسدك ماء محايات...