في كهف ميجرات/
جلست سيلڤيا تشاهد مايحدث في سماء مملكة " ستيلاي " بترقب ممزوج بالإندهاش.. فمازالت تنبهر بكل ماتقوم به تلك التي تتقن فنون السحر بشكل يحبس الأنفاس وبالرغم من مرور السنوات وتقدم العمر بها إلا أنها ستظل في نظرها أعظم سحرة ليبرا وأقواهم على الإطلاق.... وبعد لحظات قليلة إنطفأت البلورة أمامها معلنة عن قدومها.. إنبثقت من شعاع نور بملامحها الهادئة وتعابيرها التي تحولت من الجمود إلى التعب والخوف الحقيقي.. إقتربت الأم ريڤا من ابنتها لتجلس بجوارها بإنهاك شديد قائلة : لقد تم الأمر بنجاح.. سيلڤيا
أمسكت سيلڤيا كفها المجعد تربت عليه بحنان : مازلتِ تخطفين أنظاري عندما تقومين بآداء عملك يا أمي نظرت إليها بابتسامة حانية ثم أردفت : لذلك إخترتِ لقب إبنة الساحرة..
رفعت سيلڤيا كف والدتها إلى فمها تقبله قائلة بفخر : لي كل الشرف يا أعظم سحرة ليبرا
مسحت الأم ريڤا على وجه إبنتها والإبتسامة مازالت مرسومة على ثغرها قائلة : وجودك يهون على قلبي الكثير يا بنيتي
بادلتها سيلڤيا إبتسامتها بأخرى تقول بحب : وهل لي أن اترككِ ياحبيبة؟
أرجعت الأم ريڤا ظهرها تستند على الوسادة خلفها قائلة بخوف : يجب علينا مراقبة الأمور في ليبرا جيداً حتى لا ينكشف أمرنا أمام لوريس ومارسيل
حاولت سيلڤيا بث الطمأنينة في نفسها : لا تقلقي.. چوليا تسيطر على الأمر هناك
أغمضت الأم ريڤا عينيها قائلة بألم : آه ياصغيرتي.. لو تعلم كم إشتقت إليها
حاوطتها سيلڤيا بذراعها محاولة للتخفيف عنها تقول بحنوٍ بالغ : هي أيضاً مشتاقة إليكِ كثيراً .. وتنتظر عودتنا بفارغ الصبر
أومأت الأم ريڤا برأسها إيجاباً قائلة بتأكيد : سنعود وحينها ستنكشف الحقائق كاملة أمام الجميع لكن الأهم الآن ماسنقبل عليه في المرحلة الثانية لشفاء چايدن
إنتبهت سيلڤيا لحديث والدتها متسائلة بتوجس : إذن مالخطوة التالية؟
أجابتها والدتها بثقة : الأمر يتوقف على تركيز هيلينا وثباتها.. الإشارات التي بدأنا في إرسالها إليه ستساعده كثيراً
سألتها سيلڤيا : متى سيعلم أن هيلينا ابنة عمه وخالته؟
جاوبتها بثبات : ليس الآن .. يكفي علمه بأنها مرسلة من ليبرا والصورة التي أوضحتها له اليوم بمثابة خارطة سيفهمها لاحقاً... صمتت للحظات ثم أردفت بلهجة آمرة : قومِ بإيقاظ هيلينا الآن لتتفقد المملكة قبل أن تصطحبه إلى الشمال***************
في مملكة ستيلاي /
فتحت هيلينا عينيها وجدته نائماً بجوارها كالملائكة.. ظلت تتأمل ملامحه الهادئة بشغف شديد.. تحاول أن تتشرب تفاصيل وجهه بأنظارها.. تنحت تقاسيمه نحتاً.. ترسمه بين هدبيها لعلها تحميه مما يعانيه..
إبتسمت عندما لاحظت إستطالة خصلات شعره الناعمة بعض الشئ لتصل لمنتصف عنقه مغطية جبهته بمنظر خاطف للأعين .. مدت أناملها الرقيقة تتحسسها لكنها إنتبهت إلى صوت والدتها يناديها بخفوت : هيلينا!.. أخرجِ الآن إذا كان يصلك صوتي
نهضت بهدوء حتى لا توقظه متسللة إلى الخارج بعد أن إرتدت معطفها تحسباً لحالة الطقس السيئة.. إبتعدت مسافة لا بأس بها عن المنزل ثم أجابت والدتها بتحفز : حسناً أمي أستطيع الرد عليكِ الآن
وصلها صوت سيلڤيا تجيبها بهدوء : يجب أن تتفقدِ المملكة جيداً قبل خروج چايدن إلى المرصد وبعدها ستقومين بإصطحابه نحو الشمال لإتمام مهمتكِ التالية
وضعت هيلينا كفيها في جيوب المعطف تستمد بعض الدفأ قائلة بحذر من خلف لثامها : هل سيجتاز المرحلة الثانية من العلاج اليوم؟
أجابتها سيلڤيا بتأكيد : أجل.. لكن هناك أمراً يجب عليكِ معرفته.. هذه المرحلة أصعب من سابقتها ..تحلِّي بالثبات مهما رأيتيه يتألم أو ينزف ولا تنهارِ لأنك ستقومين بالأمر دون أي تدخل مني..
سألتها هيلينا بخوف : هل سيتألم كثيراً؟
تنهدت سيلڤيا ثم أردفت بحزن : الألم جزء من شفائه.. جسده مملوء بدماء الثعابين والتخلص منها ليس سهلاً ولا تنسي أن الآنجيوس يعيث بأوردته فساداً قرابة العشرون عاماً وأكثر
شعرت هيلينا بالدموع تغيم مقلتيها لكنها تمالكت نفسها قائلة بصوت مهزوز : سأحاول ألا أضعف
حذرتها سيلڤيا : قوتكِ ستحميه وتساعده لكن ضعفك سيؤذيه.. تذكري هذا جيداً
كبحت هيلينا دموعها قائلة بثبات زائف : سأتحمل مهما كلفني الأمر
تحدثت سيلڤيا بترقب : الآن تجولِ قليلاً لتتعرفِ على تفاصيل ستيلاي.. ورجاءً عودي قبل إستيقاظه
هتفت هيلينا عليها بلهفة : أمي.. لي طلب عندكِ
سألتها سيلڤيا بتعجب : ماذا؟
جاوبتها برجاء : أريد معطفاً إضافياً حتى يرتديه چايدن أثناء الخروج.. الطقس مازال بارداً
ضحكت سيلڤيا قائلة : لا تقلقي يا عزيزتي ستجدينه معلقاً على مقبض الباب من الخارج
تأكدت هيلينا من إنقطاع صوت والدتها تماماً ثم تحركت متجهة نحو مرصد ستيلاي الكبير بواسطة إشارات العصا كما إعتادت..و بعد وقت ليس بقليل وصلت إلى مكان لم ترى مثله من قبل.. مساحة واسعة نسبياً مبني عليها صوامع حجرية متوسطة الحجم.. مثبت أعلى كل صومعة إسطوانة طويلة، مفرغة من الداخل في نهايتها حاجز شفاف مقعر ليساعدهم في النظر إلى السماء بشكل أوضح يطلقون عليها إسم الأنابيب الفلكية..
أما عن أهل المملكة فكانوا يجلسون كلٍ أمام صومعته الخاصة في نظام إلى حدٍ ما.. مشغولون إما بقراءة الكفوف أو بالنظر إلى النجوم بشكل مريب.. يرتدون حُللاً من لون واحد وهو الأزرق القاتم منقوش بنجوم بيضاء صغيرة تيمناً بما هم عليه.. يغطون رؤوسهم بقلنسوات من نفس لون ملابسهم.. لا يعملون..ولا يوجد ماينتجونه.. لا تجارة، ولا صناعة ..فقط بعض شجيرات صغيرة تحيط بهم من جوانب قليلة تحمل ثماراً عجيبة كأصحابها.. يميزهم هدوء مستفز لدرجة الإستياء على النقيض البعيد من أهل الكوريدون.. لا يُسْمَع لهم إلا همساً يشبه حفيف الغابات المخيف.. تعجبت هيلينا كثيراً مما تراه متسائلة في نفسها عن غرابة مايحدث.. هل الممالك التي تجاور ليبرا تمتلك أناس غريبين الأطوار هكذا؟.. زفرت بضيق رافعة كتفيها باستسلام عندما تذكرت أن كل مملكة تستمد صفاتها من إسمها و"ستيلاي" في اللغة اللاتينية القديمة تعني (النجوم).. إنتهت من جولتها بعد وقت لا بأس به وأثناء عودتها إلى المنزل وجدت في طريقها شجرة كبيرة ، أغصانها منبسطة ، ملساء القشرة ، فضية اللون ، أوراقها ذات عنق قصير تحمل ثماراً شهية تزيد آكلها دفئاً وحميمية في فصل الشتاء على وجه الخصوص.. تهللت اساريرها عندما تأكدت من أنها هي ( شجرة الساهرين) أو كما يطلق عليها في ليبرا (شجرة الخير) المعمرة لألف عام.. ثمرتها تسمى ( الكستناء) او ( الشاهِبلوط)..
إبتهجت هيلينا كثيراً حيث أن لثمرة الكستناء مكانة مميزة لديها وقررت جمع بعضاً منها لتقوم بشيها على حطب المدفأة.. تسلقت الشجرة بخفة وقامت بقطف كمية كبيرة.. قربت إحدى الثمار من أنفها تشتم رائحتها الطيبة بتلذذ قائلة والإبتسامة تعتلي ملامحها : يبدو أنكِ لذيذة للغاية.. آمل أن يحبك سمو الأمير
أنت تقرأ
خادم الوشم (Jayden)..(مكتملة)
خيال (فانتازيا)فانتازيا خيالية أنا لم يشفني السحر.. لا قطرة ليمون ولا نجمة أطفأتِ نورها فوق وجعي.. لم توقظني رشفة ماء من زبرجد البحيرة ولا ماسة حمراء تدفقت من شلال آجنوس... فقط أنتِ .. حبكِ أزال لعناتي.. روحكِ فصلت وشمي عن وريدي.. قبلتكِ معافاتي وجسدك ماء محايات...