توقفت أوريانا عن الضحك ومازالت إبتسامتها المستفزة مرسومة على ملامحها ثم إقتربت تهمس خلف أذنها بوقاحة : أوصلِ تحيتي إلى چايدن وأخبريه أنني إشتقت لقبلاته الحارة
جحظت عيني هيلينا بشدة من وقع كلماتها غير قادرة على الرد.. وضعت أوريانا كفها على فمها تتلمسه قائلة بحركات ملتوية : أوووه حبيبي چايدن كم كانت شفتيك لذيذة ومُسْكِرِة
لم تدري هيلينا بنفسها إلا وهي تهوي على وجهها بصفعة قوية جعلتها ترتد خلفاً قائلة بصراخ : إخرسِ وإلا قطعت لسانك وأطعمته لكِ
تفاجئت أوريانا من رد فعلها العنيف تجاه الأمر.. تحسست وجنتها بألم وإقتربت منها بملامح لا تحمل تعابير لكنها مصرة على إستفزازها متحدثة بثبات زائف : هذه الصفعة أكبر دليل على عدم ثقتك بنفسك..صمتت للحظات قبل أن تتابع متعمدة جرح كرامتها : كيف تتأكدين من عشق چايدن لكِ وأنتِ متخفية وراء هذا اللثام وترتدين ملابس رجالية لا تظهر من أنوثتك شئ.. الرجال ياعزيزتي يحبون الغنج والدلال وأعتقد أنكِ لا تجيدين هذه الأمور
حدجتها هيلينا بنظرات إحتقارية قائلة بغضب : بالتأكيد أنا لا أجيد أمور العاهرات.. صائدات الرجال وثقتي في چايدن بلا حدود
قهقهت أوريانا متحدثة من وسط ضحكاتها : إذن لماذا ترككِ في سوق الكوريدون ولحق بي لاهثاً خلف جمالي الفاتن؟
إقتربت منها ترمقها من أعلى لأسفل شزراً ثم قالت بلهجة خطرة : لأنه لم يكن متأكد من هويتي.. ولو كان فعل معكِ شيئاً لكنتِ الآن في عداد الموتى ياساقطة
تجهمت ملامح أوريانا قائلة بحدة : لم يفعل لكنه أمطرني بقبلات لن أنساها حتى أحصل على حقي به كاملاً
صرخت هيلينا في وجهها فاقدة للسيطرة على أعصابها التي إنفلتت رغماً عنها : أي حق لكِ به أيتها المختلة؟.. إبتعدي عنه وإلا سأجعله يضاجعك ويقتلك بلعنته ويأتيني لنعيش سوياً في سلام بعد أن تفقدي حياتك الرخيصة أسفله
ضحكت أوريانا قائلة : سنرى ياسمو الأميرة من سَتكون فدوته الثالثة.. أنا أم أنتِ؟
أمسكتها هيلينا من تلابيبها تهزها بعنف : كيف عرفتِ بأن لعنته مرهونة بثالثة؟..
أزاحت أوريانا يدها بهدوء زائف ثم إبتعدت ضاحكة دون رد بينما مكثت هيلينا في مكانها تتابع حركاتها المُسْتَعْرِضة بأعين غائمة من الصدمة وشفتين مرتعشتين.. لم تستطع متابعة إستكشاف باقي المملكة وتحركت راكضة لأبعد نقطة خالية من التجمعات البشرية وما أن تأكدت من عدم وجود أحد بجوارها حتى صرخت تستدعي والدتها بألم شديد .. أجابتها سيلڤيا بفزع من صوتها الذي ينبأ بوقوع كارثة : هيلينا! .. ما بكِ ياصغيرتي؟ .. لماذا تصرخين هكذا؟
سألتها هيلينا ببكاء لم يتوقف : ما علاقتكِ بالعاهرة التي تدعى أوريانا؟
أجفلت والدتها من سؤالها تجيبها : لماذا تتسائلين عنها؟
هدرت هيلينا بصوت يقطُر ألماً : لأنها تهددني.. الساقطة تتوعد أن تجعلني فدوة چايدن لتفوز به بعدما يقتلني بلعنته... أنهت حديثها بشهقة بكاء مريرة تعبر عما يجيش بصدرها ثم تسائلت بنبرة متوسلة : لماذا وضعتيها أمامه يا أمي؟.. وماهي مهمتها في حياته سوى سرقته مني؟
تحدثت سيلڤيا بإشفاق شديد على حالة إبنتها المنهارة : هي مكلفة بمساعدته في الدخول إلى قصور الممالك
سألتها هيلينا مرة أخرى من وسط دموعها : لماذا هي بالتحديد؟.. ولماذا لم تكلفي رجلاً بهذه المهمة؟
جاوبتها سيلڤيا بقلب مفطور على بكائها : لأنها من قبيلة غجر رحالة تمتد أصولها إلى مملكة آجنوس.. صدقيني يابنيتي أنا لم أقصد جرحكِ أبداً بهذا الشكل الذي أوجعني
مسحت هيلينا دموعها تحاول التوقف عن البكاء قائلة بصوت متحشرج : غجرية من آجنوس.. وهذا ماكان ينقصني.. على كل حال إن لم تخرسيها وتلزميها حدودها سيكون لي تصرف آخر معها
ردت سيلڤيا بتفهم : لا تقلقي ياصغيرتي سأردعها بشكل يرضيكِ
تحدثت هيلينا بلهجة هادئة نسبياً : حسناً .. سنرى إن كانت ستستمر في وقاحتها أم ستلملم عهرها وتبتعد عنه
قالت سيلڤيا بثبات رغم القلق الذي دب في نفسها : أعلم أن الأمر صعب لكن رجاءً هيلينا لا تخبري چايدن بما حدث بينك وبين أوريانا.. المرحلة حاسمة للغاية ولا مجال للتراجع
صكت هيلينا أسنانها قائلة بتوعد : موافقة إذا كنتِ قادرة على إخراسها أما هو فحسابه معي سيكون عسيراً
أفلتت ضحكة متسلية من بين شفتي سيلڤيا قائلة بمرح : ترفقِ به أيتها الغيورة الغاضبة.. ولي العهد متيم بسموك ولايرى سواكِ وإلا لم تبقى أوريانا على قيد الحياة بعد ذهابه معها
زفرت هيلينا متحدثة بغيظ : ياليته قتلها وأراحنا من وجهها الرخيص
تسائلت سيلڤيا محاولة تغيير مسار الحديث لتحتوي غضبها : هل إنتهيتِ من جولتك داخل المملكة؟
ردت هيلينا بضيق : كلّا ولن أستطيع المتابعة اليوم
قالت والدتها بنفاذ صبر : ومتى ستكملِ تفقدك ياسمو الأميرة ؟
أجابتها وهي تسلك طريق عودتها للمنزل : رجاءً يا أمي لا تضغطِ على أعصابي أكثر من ذلك وأتركيني أفعل مايحلو لي ولو ليوم واحد فقط
تنهدت سيلڤيا بقلة حيلة : حسناً ياصغيرتي كما تشائين..
تابعت هيلينا طريقها والدموع تغيم مقلتيها.. لم تستطع التوقف عن البكاء.. مفطورة القلب.. منهكة القوى.. ترتجف من الخوف.. لكنه خوفاً مختلف كلياً عما أحسته من قبل.. وإن كان هذا الشعور ملاصق بعشقها لولي العهد.. لكن كلمات أوريانا حولت مساره من خوفٍ عليه لخوفٍ منه.. أيعقل بعدما تقدمه له أن يتركها وينجرف وراء تلك الغانية؟.. هل تصدقها بأنه أمطرها بقبلاته التي تتوسلها منذ زمن؟.. هل طاوعه قلبه على فعل ذلك؟.. ولِمَ لم تكتمل العلاقة الحميمية بينهما؟.. هل خاف على حياتها ؟.. ألهذه الدرجة تهمه ولم يقدر على التفريط بها؟.. تساؤلات متتابعة تهاجم عقلها بضراوة.. لا ترحم دموعها التي أغرقت وجهها من خلف اللثام بل بللت اللثام نفسه.. توقفت فجأة غير قادرة على السير من فرط ألمها.. جثت على ركبتيها مُطْلِقِة لشهقاتها العنان في العلو.. إنتحبت وكأن الموت قريب منها.. رفعت قبضتها تضرب بها على قلبها صارخة : إهدأ أيها الأحمق.. إرحم ضعفي وهواني عليه ... ظلت على تلك الحالة المنهارة لوقت ليس بقليل حتى شعرت ببعض الهدوء بدأ يتسرب إلى أوردتها .. سحبت نفساً ثقيلاً تعبأ به رئتيها النازفتين ثم زفرته على مهل بتعب شديد و قررت إستكمال سيرها..لا تعلم بِمَ ستواجهه لكنها بالتأكيد لن تمرر ماحدث مهما كلفها الأمر.. تابعت الطريق بخطوات واهنة وساقين هلاميتين لكنها إنتبهت لتجمعات زهرية تغطي السهول المحيطة بها بشكل ملفت.. إقتربت لتتفحصها وجدتها.. (زهرة الدم) أو المعروفة بإسم (الكوروناريا السامة) .. تلك الزهرة البرية التي تنمو في منتصف فصل الربيع .. وقفت أمامها تتأملها بشرود قبل أن تمد كفها لتقطف عدداً لا بأس به قائلة بصوت غاضب : حسناً يا سمو الأمير لقد لاح عقابك في الأفق وها أنا قادمة إليك لآخذ انتقامي منك
*************
في كهف ميجرات /
كانت سيلڤيا تغلي من الغضب.. تذرع الأرض تحت أقدامها ذهاباً وإياباً .. تطحن أسنانها بغيظ شديد.. حالة إبنتها المنهارة مزقت نياط قلبها.. والأمر الأكثر سوءاً هو كيف لأوريانا أن تتجرأ على تهديدها.. شعوراً بالغباء خيم فوق رأسها.. الإحباط والخوف ينهشان في خلايا روحها.. تلك الغجرية تعلم تفاصيلاً كثيرة.. وإقصائها ليس سهلاً أبداً خاصة أن الجميع الآن في مفترق طرق وأي خطأ بسيط قد يودي بحياة چايدن.. نظرت إليها الأم ريڤا قائلة بثبات : إهدئي سيلڤيا.. تلك العصبية لن تفيد في شيء
مسحت سيلڤيا على وجهها في محاولة منها لتهدئة أعصابها ثم ردت بأنفاس هادرة : انا قلقة حد اللعنة يا أمي .. إبنتي في خطر وهذه الغجرية لن تستسلم
أشارت الأم ريڤا إليها لتقترب منها قائلة بنبرة جادة : إجلسِ وإنتبهي لما سأقول جيداً
أطاعتها سيلڤيا وجلست على المقعد المقابل لها متحدثة بنبرة مهتزة : أنتِ تعلمين جيداً ألاعيب غجر آجنوس.. هذه وظيفة نساءهم منذ زمن بعيد .. إصطياد الرجال ونصب الشباك حولهم أمر يسير للغاية بالنسبة لفتاة مثل أوريانا
رمقتها والدتها بحاجب مرفوع ثم قالت بثقة : هذا إن كنت غافلة عنها.. أنا علمت بحبها لسمو الأمير بنظرة من عيناي فهل تتوقعين أن أتركها دون رقابة؟
تحدثت سيلڤيا بعدم فهم : أنا لا أفهم شيئاً..رجاءً يا أمي فسرِ حديثك.. القلق يأكل قلبي على إبنتي
ربتت الأم ريڤا على كفها تبث في نفسها بعض الطمأنينة : أنا لا أعطي ثقتي كاملة لأحد ياحبيبة والدتك.. خاصة لفتاة غجرية من نسل مملكة تضج بالعاهرات وأريدك أن تتحلي بالثبات وألا تفقدِ السيطرة على أعصابك حتى لايختل توازنك.. أما بشأن أوريانا فأتركيها لأوهامها تقتص منها وهذا أيضاً بأمرٍ مني
تسائلت سيلڤيا بخوف : وماذا عن هيلينا؟.. أخاف أن تقوم بفعلٍ متهور يؤذيها أو يؤذي چايدن
إبتسمت الأم ريڤا تجيبها بمرح : لن يطاوعها قلبها الذي أصبح مِلكاً لعزيز والدته سيلڤيا
ضحكت سيلڤيا رغم قلقها قائلة : أعلم أنها مُتَعَلِقَة بسمو الامير وكأنها وُلِدَت من بين ثنايا قلبه والحقيقة أنا مندهشة من عاطفتها الزائدة تجاهه
إتسعت إبتسامة الأم ريڤا ثم حدجتها بنظرات ضيقة قائلة بمزاح : تذكرني بكِ يا عاشقة مارسيل المدلل أم نسيتِ تسللك في الليل لتقابلينه في أروقة ليبرا متخفية مثل اللصوص
تعالت ضحكات سيلڤيا قائلة : أمازلتِ تذكرين تلك الحادثة؟
قرصتها والدتها من وجنتها بشقاوة : وهل لي أن أنسى؟... لقد تلقيت توبيخاً شديداً من والدك وقتها
أمسكت سيلڤيا كف والدتها تقبل ظاهره متحدثة بحب : دُمتِ لنا ياحبيبة
تنهدت الأم ريڤا بتعب : أتمنى أن يجتمع شملنا الممزق.. والدك وچايدن وهيلينا وچوليا والملكين المكلومين
نظرت سيلڤيا إليها باشفاق على إرهاقها البادي على تقاسيم وجهها قائلة : سيحدث وستحملنا أرض ليبرا العزيزة يوماً ما
*************
عودة إلى مملكة إيبريوس /
![](https://img.wattpad.com/cover/165295882-288-k604886.jpg)
أنت تقرأ
خادم الوشم (Jayden)..(مكتملة)
Fantasyفانتازيا خيالية أنا لم يشفني السحر.. لا قطرة ليمون ولا نجمة أطفأتِ نورها فوق وجعي.. لم توقظني رشفة ماء من زبرجد البحيرة ولا ماسة حمراء تدفقت من شلال آجنوس... فقط أنتِ .. حبكِ أزال لعناتي.. روحكِ فصلت وشمي عن وريدي.. قبلتكِ معافاتي وجسدك ماء محايات...