في مملكة إيڤان/
بعدما تأكد ڤيالوس من إنتقال چايدن لكوخ الأوكانا إستدار ناظراً إلى الأم ريڤا التي كانت تقف ومئات الأسئلة تدور في رأسها وبادرت هي بالحديث قائلة بقلق : منظره المُتْعَب يخيفني عليه كثيراً يا ڤيالوس
إقترب منها ڤيالوس ثم أمسك كفها وجلس معها على الفراش قائلاً بجدية : أنا تركته يذهب حيث يوجد من سيخفف عنه هذا التعب..صديقه المؤنس ينتظره أمام الكوخ وهو لن يستريح إلا بين قوائمه
سألته الأم ريڤا عن الأمر الأكثر ريبة قائلة بذهول : كيف نسي هيلينا؟..وماالذي يحدث معه في هذا الشأن ؟ ولماذا بعد كل ما مرا به يفقد ذاكرته تجاهها؟
أجابها ڤيالوس مبتسماً : نسيها لأنها أكثر الأشياء التي أحزنته قبل قتله لإيلار .. من شدة شعوره بالذنب وتفكيره الزائد فيها حذفتها ماسات سانجويس من عقله لكن قلبه مازال محتفظ بها وهذا التناقض سيؤلمه بعض الشيء إلى أن يراها وبقبلة من شفتيها سيتذكرها كاملة
تنهدت الأم ريڤا واضعة كفها على صدرها تقول بألم : هذا الولد أُرهَق وإستُنزِف كثيراً ولم يكن ينقصه هذا الوجع أبداً .. كم أتمنى له الراحة والسعادة لكنه لا يجدها ويظل دائماً مهموماً من جانب ما
حاول ڤيالوس طمئنتها : يُقال أن الحب الذي يولد وسط المتاعب يكون قوياً .. ثابتاً لايبرح مكانه داخل القلب وحب چايدن لهيلينا وُلِدَ من رحم الشقاء حرفياً .. تمسكه بها نبت من نقطة مؤلمة بجحيم فُرِض عليه وهو الشيء الوحيد الذي إختاره بملأ إرادته ونسيانه لها إختبار لقوة مابينهما وأعتقد أنهما سيتجاوزاه.. هيلينا زرعت عشقها في قلبه وهو كاره للحياة فلا تقلقِ نور ليبرا تجيد إضاءة الظلام لأميرها
إبتسمت الأم ريڤا قائلة : إستطعت إقناعي يازوجي العزيز.. صدق من سمَّاك حكيماً
ضحك ڤيالوس على حديثها قائلاً : حسناً ياساحرة المملكة لنخرج على أنورين ونحاول تبرير ذهاب چايدن بهذا الشكل المفاجئ
نهضت الأم ريڤا من مكانها قائلة : إذن هيا بنا لنسرع حتى نعود إلى ميجرات
وأثناء جلوس أنورين على عرشه ممسكاً بصولجانه والسعادة تعتلي وجهه لرجوع أميره بعد غياب طويل .. إنتبه لخروج ڤيالوس وزوجته من الجناح بمفردهما متوجسين من رد فعله على ذهاب چايدن دون مقابلته.. إبتسم لهما فيرات الذي كان يجلس قبالة والده متسائلاً : كيف حال سمو الأمير الآن؟
بادله ڤيالوس إبتسامته ثم قال : بخير حتى أنه إستيقظ وغادر
تدخل أنورين في الحديث يسأله بتعجب : غادر؟..قبل إعطائي المعلومات الخاصة بإبنة أخي؟
نظر ڤيالوس إليه قائلاً بثبات : لا تقلق يا أنورين.. چايدن سيفي بوعده لكنه متعب الآن ويريد الراحة في مكان يحبه
شعر أنورين بالخجل من كلمات ڤيالوس وقال له : معذرة ياصديقي لم أقصد مضايقته.. بالعكس أنا مدين له بإعادة ولدي سالماً .. ليأخد وقته كما يشاء
أومأ ڤيالوس برأسه إيجاباً يقول مبتسماً : شكرا لتفهمك الوضع .. صمت لثواني ثم وجه سؤالاً لفيرات : أين تاج الكورونام ياصغيري؟
رد عليه فيرات بتأكيد : موجود في مكان آمن لن يستطيع أحد الوصول إليه
_ أحسنت ياسمو الأمير
قالها ڤيالوس بنبرة ممتنة وتراجع خطوتين للوراء موجهاً حديثه لأنورين : نحن مضطرين للعودة إلى ميجرات.. شكراً ياجلالة الملك وأتمنى أن تسترد ڤيرونا قريباً
إبتلع فيرات ريقه بصعوبة قائلاً لڤيالوس : سيدي الحكيم.. أنا سآتي معكما
أمسك ڤيالوس كفه قائلاً بنظرة ذات مغزى : على الرحب والسعة
قاطعهما أنورين يسأل إبنه بعدم فهم : لماذا ستذهب معهما؟
أجابه فيرات بهدوء زائف : كي أكون قريباً من چايدن
أذن له والده بالذهاب قائلاً : حسناً ياولدي كما تريد
تدخلت الأم ريڤا قائلة : هيا بنا الوقت ينفذ ولوكا لن يظل ساكناً لفترة أطول
أنهت حديثها ثم أمسكت بكف ڤيالوس الحر ومثلما خرجا من كهف ميجرات عادا إليه لكن هذه المرة برفقة إبن ملك الجان الذي فقد حبيبته ظلماً واليوم وجدها على قيد الحياة.. فغر فيرات شفتيه عندما وقعت أنظاره على أوريانا.. هي بشعرها الغجري الأسود الثائر وبشرتها البرونزية التي تشبه قطعة بلور ناعمة.. بوجهها المغوي وشفتيها المكتنزتين وجسدها الذي رآه يتهاوى غارقاً في الدماء بعدما أخذوا روحها.. لم يستطع فيرات السيطرة على إنفعالاته وركض نحوها يحتضنها قائلاً باشتياق شديد : أوريانا حبيبتي.. أنا لا أصدق أنكِ مازلتِ حية
أحاطته أوريانا بذراعيها تضمه إليها بقوة قائلة : فيرات.. أنت تحررت
أبعدها قليلاً عنه يمسك بكتفيها قائلاً : أنتِ تتنفسين.. لم يقتلوكِ كنت أعلم أنها خدعة منهم حتى يبعدونكِ عني
أغمضت أوريانا عينيها تحاول كبح غلالة دموع وخزت جفنيها ثم قالت بصوت مرتجف : لم تكن خدعة.. أنا قُتِلتُ بالفعل ومن تراها أمامك الآن جسد فقط والروح التي تسكنه لا تنتمي إليه
حرك فيرات رأسه يميناً ويساراً مستنكراً لحديثها : أرجوكِ لا تقولِ هكذا
رفعت أوريانا أكتافها قائلة بقلة حيلة : تلك هي الحقيقة
قاطعهما ڤيالوس قائلاً بشفقة : من الأفضل أن تتحدثا بحرية في مكان أكثر أماناً وأرجو منك إتخاذ قراراً صحيحاً يافيرات..
وبحركة من إصبعيه قام بنقلهما إلى حديقة واسعة يتوسطها منزلاً خشبياً صغيراً .. وقف الثنائي يتأملان المكان حولهما بتعجب وكانت المبادرة بالحديث لفيرات : الآن أستطيع التعبير عن شوقي إليكِ بحرية أكثر.. وقبل أن تهم أوريانا بالرد عليه كان يغرقها بقبلة عميقة .. يشرح لها من خلالها أنه وجد ضالة فقدها منذ زمن بعيد لكنه لا يعلم أن من يحتجز أنفاسها داخل صدرها ليست حبيبته وإن كانت الهيئة تخصها فالروح روح أنثى أخرى أكثر قرباً وشرعية لعالمه.. وبعد وقت طويل من هذا الإقتراب الحذر إبتعد عنها قائلاً بخفوت : إشتقت إليكِ كثيراً
ردت عليه أوريانا بأعين مغمضة : ڤيرونا أيضاً تشتاق إليك
عقد حاجبيه الكثيفين يجيبها بضيق : لكنني أشتاق لأوريانا حبيبتي
ولته ظهرها قائلة بحزن : أوريانا ماتت والتي تحدثك الآن الأميرة ڤيرونا إبنة عمك جوبان
أمسكها من ذراعها يعيد وجهها إليه هادراً بها : لا أحد يعلم هذا السر
جذبت ذراعها من بين أصابعه قائلة بتحدي : بلى.. الأم ريڤا تعلم وچايدن أيضاً .. صمتت لثواني ثم تابعت بألم : وأنت تعلم يافيرات
زفر قائلاً بغضب : نستطيع إخفاء الأمر
إشتعلت عينيها وردت عليه بغضب أكبر : لماذا نخفيه؟.. من احتجزت روحي داخل هذا الجسد لم تعد موجودة حتى أخافها ومن حقي أن أتحرر مثلما تحررت ياسمو الأمير
رفع سبابته أمام وجهها يقول بتحذير : لا أريد سماع هذا الهراء مجدداً .. لن أسمح أن تُراق دمائك ثانيةً
إنفجرت فيه بعنف قائلة : أنا ڤيرونا.. أوريانا قُتِلَت على يد ساحرات إيلار.. حاول تقبل الحقيقة كاملة لأنني اتعذب منذ سنوات طويلة
صرخ بوجهها وكأن حديثها ضغط على جرح قديم لم يلتئم في صدره : لن أتقبلها.. لأنني بالفعل لم أتقبلها وقت حدوثها
لم تستطع أوريانا السيطرة على دموعها فبكت بحرقة قائلة : تقبلك لها من عدمه لن يغيرها وصدقني أنا أخاف عليك لأن عمي أنورين إذا إكتشف الأمر سيكون مصيرك مثل أبي
وضع فيرات كفيه على آذانه يصمها عن سماع كلماتها قائلاً بصراخ : كفى.. أصمتِ
تعالت صرخاتها بوجهه قائلة : لن أصمت وسأظل أقولها حتى تصدقها.. أنا ڤيرونا وهذا الجسد لفتاة ماتت منذ أكثر من عشرون عاماً
دفعها بقوة اسقطتها قائلاً بصوت جهوري : قلت لكِ ..أصمتِ
تأوهت أوريانا بشدة عندما إرتطم جسدها بالأرض من تحتها ولم ترد مكتفية بدموع صامتة جعلته يجلس بجوارها على ركبتيه مغطياً وجهه بكفيه قائلاً بنحيب : أصمتِ أوريانا.. كفاكِ تعذيباً بي
إعتدلت أوريانا في جلستها ثم مسحت دموعها قائلة بعتاب : أنت أناني.. لا تريد الإعتراف بهويتي من أجل حبك المفقود.. لكنني لست هي والدليل على كلامي أنني أحببت چايدن.. لو كنت أوريانا لما إنجذبت لرجل غيرك
نظر إليها قائلاً والشرر يتطاير من مقلتيه : إخرسِ وإلا قتلتك بيدي
رمقته بنظرة جانبية قائلة : ياليتك تفعلها وتخلصني من جسد حبيبتك الذي يشبه القبر
نهض من مكانه ممسكاً بذراعها يسحبها بعنف نحو المنزل وسط مقاومة ضعيفة منها ودفعها بقوة للداخل يقول بصك على أسنانه : لن تخرجِ من هنا
سألته وهي تدلك مكان أصابعه التي سحقت عظامها : هل ستحتجزني في هذا المكان؟
أجابها هادراً بها : أجل.. سأخفيكِ عن أعين الجميع.. سأحافظ عليكِ من القتل مجدداً وإياكِ وإرتكاب فعل مستفز لأنني على وشك قتلك والإنتحار
شعرت ببعض الخوف عليه عندما هددها بقتل نفسه وردت عليه بحزن : أرجوك يا فيرات.. أخرجني من هذا الظلام
أطبق على جفنيه قائلاً بضغط على كلماته : لن أفعلها يا أوريانا... أنهى حديثه بأنفاس متسارعة وخرج من المنزل غاضباً محكماً الباب وراءه وجلس على درجة سلم خشبية مستنداً بظهره عليه يقول ببكاء : لن أتركك للموت مجدداً.. ولن أسمح لأحد أن يأخذكِ مني
أنت تقرأ
خادم الوشم (Jayden)..(مكتملة)
Fantasyفانتازيا خيالية أنا لم يشفني السحر.. لا قطرة ليمون ولا نجمة أطفأتِ نورها فوق وجعي.. لم توقظني رشفة ماء من زبرجد البحيرة ولا ماسة حمراء تدفقت من شلال آجنوس... فقط أنتِ .. حبكِ أزال لعناتي.. روحكِ فصلت وشمي عن وريدي.. قبلتكِ معافاتي وجسدك ماء محايات...