في ليبرا /
وصلت سيلڤيا بإبنتها إلى قصر ٱلابيستر عن طريق الباب الذي أخرجهما مباشرة داخل جناح هيلينا وبعد مشقة إستطاعت رفع تلك الغافية لتضعها على فراشها الوثير.. مكثت بجانبها لبضع دقائق تتأمل شحوب ملامحها بحزن شديد وبرغم نومها القسري إلا أن دموعها لم تتوقف.. راسمة خطاً عميقاً من الألم والصدمة فوق وجنتها المخملية.. مدت سيلڤيا أطراف أصابعها تتلمس وجه غاليتها قائلة بأسى : أتمنى لك راحة القلب ياعزيزة والدتك..تحملِ قليلاً وسيكون كل شيء على مايرام .. أنهت حديثها بقبلة عميقة أعلى رأسها ثم نهضت من مكانها تهتف على الجارية التي فغرت فاهها مصدومة من وجود أميرة المملكة برفقة تلك المرأة التي لا تعرفها بعد كل هذا الغياب الغامض.. رمقتها سيلڤيا بنظرات تحذيرية ألا تتدخل فيما لا يعنيها ثم أمرتها بمساعدتها في تبديل ملابس هيلينا.. أنجزت عملها بٱلية تامة وأذنت للجارية بالإنصراف.. وقفت تطالعها والألم يدق نحرها.. رفعت كفها تمسح دمعة فرت من مقلتيها وقررت الذهاب لجناح مارسيل لتخبره بأن أمانته وأميرته نائمة بسلام في فراشها .. وأثناء جلوسه في جناحه الخاص بمتابعة شئون المملكة تفاجئ مارسيل بدخولها عليه.. نهض من مكانه جاحظ العينين وإبتسامة مندهشة تعلو وجهه وبدون مقدمات إتجه نحوها بخطوات مسرعة.. وقف أمامها يتأملها بإشتياق ثم جذبها إلى أحضانه.. يغمرها بين ذراعيه قائلاً بلهفة : سيلڤيا حبيبتي..أنتِ هنا أم أنني أتوهم؟
شددت سيلڤيا عناقه قائلة بصوت مهزوز : بلى..أنا هنا ياجلالة الملك
أبعدها عنه قليلا لكنه أجفل عندما إنتبه لملامحها الحزينة وعينيها الدامعتين متسائلا بخوف: ماذا بك؟.. لماذا تبكين؟
لم تتحمل سيلڤيا نبرته الخائفة وإنتحبت بالبكاء قائلة : هيلينا
فغر مارسيل شفتيه يسألها بذعر: إبنتي..ماذا أصابها؟
أجابته بصوت متقطع : إنها هنا.. تنام بقلب مكسور ولن يجبر هذا الكسر إلا وجودك بجانبها
لم يستطع مارسيل السيطرة على أعصابه وأمسكها من كتفيها يهدر بها : ماذا حدث لأميرتي؟.. هل هذه أمانتي التي أوصيتك بها؟
تعالت شهقاتها أكثر وردت عليه بقلب مفطور : لم يحدث لها شيء..إنها فقط حزينة وهذا يؤلمني كثيراإحتضنها مارسيل مجددا يقول بألم ممزوج بالعتاب : أما كنت تعلمين أنها ستحزن عندما إقترحت خروجها من ليبرا لتعود بولي العهد؟.. وها هي عادت بدونه لكنها مكسورة وستكسر قلبي معها
إبتعدت سيلڤيا عنه برفق محاولة استجماع نفسها ثم أمسكت بكفه قائلة : إذهب إليها.. أنت فارسها الأول ومليكها ولن يساعدها أحد سواك يامارسيل
أومأ لها إيجابا وقبل أن يتركها سألها : وماذا عن چايدن؟
مسحت دموعها بجانب كفها وأجابته بهدوء مصطنع : بخير.. سيعود قريبا.. صمتت لثواني ثم أردفت بإبتسامة مجروحة : سأذهب إلى قصر أمي حتى أبلغ چوليا ولوريس بعودتنا
**************
في جناح هيلينا/
إتجه مارسيل ركضاً نحو جناح ابنته.. يتسابق مع ضربات قلبه الذي يهفو لرؤية قطعته الغالية التي عادت بعد فراق أضناه وزاد على سنوات عمره عمراً آخر.. منذ رحلت أميرته عن ليبرا والظلام فرد أضلعه فوق صدره وكأنها أطفأت الشمس بغيابها.. والآن ردوها إليه فاقدة للوعي والحزن يتقافز حول فراشها.. وقف أمامها يتأمل شحوبها بأعين دامعة ولم يشعر بنفسه إلا وهو يجلس بجوارها.. يحتضنها بكل شوقٍ زُرِعَ في قلوب الآباء المكلومين على فلذات أكبادهم الذين فارقوهم عنوة.. ضم رأسها إلى صدره واضعاً ذقنه أعلاه يقول ببكاء : ياروح أبيكِ .. يانور قلبي .. إشتقت إليكِ كثيراً يا صغيرتي
أبعدها قليلاً عن أحضانه يحتوي وجهها بين راحتيه قائلاً والدموع تتساقط زخات على لحيته الفضية : إفتحِ عينيكِ .. أريد التأكد من سلامة زمرديتيكِ ..
ضمها إليه مجدداً عندما لم يصله منها رد وظل يتأرجح بجسدها بين ذراعيه يغني لها كما كان يفعل وهي صغيرة بحجم العصفور حتى تنام.. خرجت الكلمات منه حزينة.. مشتاقة.. تعانقها بلهفة.. تسألها أين كنتِ يا هيلينا؟.. بدء صوت مارسيل في الإرتجاف مُرَنِماً بنشيج مرير : ياهيلينا.. يا أميرة قلبي الفقير.. يا هيلينا.. يابسمة تجعلني أطير.. إلى البعيد فوق سماء.. مافيها إلا أنتِ .. وماكانت لولا كنتِ .. هيلينا.. يا أميرة عمري بهذا الزمان.. يابلسم لقلبي الظمآن.. ياهيلينا .. يامزروعة بجروح روحي.. كم أصلي للسماء أن تحميكِ وتدوم ضحكة الطفولة فيكِ.. ياهيلينا..
أنهى مارسيل ترنيمته بشهقة بكاء غادرة وما أصعب غدر الدموع بملك عاش حياته يحمل على كاهله ذنوب أحنت ظهره وجعلته مطأطأ الرأس عشرون عاماً وأكثر.. دفع من روحه ثمن آثام إقترفها ولم يقترفها.. حُوسِبَ إجمالاً على مافعله ومالم يفعله.. هذا الدين الذي طوق عنقه لسنوات اليوم سددته صغيرته من نبضاتها .. حررته ورفعت هامته مجدداً أمام شقيقه .. خلصته من العتاب الصامت الذي كان يدور بينهما ولن يقبل منه لوماً بعد اليوم .. وبعد وقت ليس بقليل حدثها قائلاً بوجع : سددتِ ديني يا بنيتي.. سددتيه من روحك ياروح أبيكِ .. إستيقظِ حتى تري فخري بكِ يا أميرتي
بينما هو على هذه الحالة وصلت سيلڤيا الى قصر الأم ريڤا لتلتقي بچوليا ولوريس.. دلفت إلى الداخل بخطوات مسرعة وما أن إنتبها لوجودها حتى نهضا من مقعديهما بتحفز شديد.. اتجهت مباشرة نحو شقيقتها ترتمي بين أحضانها شاهقة بالبكاء مما أفزع چوليا كثيراً .. شددت على عناقها تسألها بنبرة قلقة : سيلڤيا حبيبتي.. ماذا حدث؟.. هل أصاب أحد الصغيرين مكروه؟
إقترب لوريس منهما بأنظار مذعورة محاولًا إستجماع الكلمات على لسانه قائلاً بخوف : سيلڤيا.. چايدن بخير؟
إبتعدت سيلڤيا عن شقيقتها برفق تمسح دموعها بجانب كفيها قائلة بصوت مبحوح : لا أعلم .. أنا إضطررت للقدوم بهيلينا من آجنوس نائمة
أمسكها لوريس من مرفقها متسائلاً بقلق : ماذا تعنين؟.. هل تأذت هيلينا؟
أومأت برأسها نفياً قائلة : إنها بخير لكنها في حالة صدمة شديدة لأن چايدن لم يخبرها بأمر إيلار
نظرت إليها چوليا بأعين دامعة تسألها بصوت مهزوز : وماذا عنه ؟
أجابتها سيلڤيا بإبتسامة حزينة : سيعود قريباً
رمقها لوريس بعدم فهم قائلاً : أشعر بوجود حلقة مفقوده في حديثك يا توأم زوجتي
إبتلعت سيلڤيا ريقها الجاف بصعوبة تحاول الرد عليه لكنها لم تستطع .. هم لوريس بتكرار كلماته مجدداً لكن صوت أحد الحراس إستوقفه يهتف بنبرة عالية : مولاي الملك لوريس يوجد استدعاء لجلالتك من قصر لابيدوس..الأب بيتر يريد مقابلتك لأمر عاجل
أومأ للحارس برأسه دون كلام مشيراً له بالإنصراف ثم أعاد نظره نحو سيلڤيا قائلاً بملامح ثابتة : أعتقد أنني سأجد إجابة تساؤلاتي بين يدي كاهن السحرة فإما سيبشرني بخلاص ولدي أو سيحاول مواساتي في فقده للمرة الثانية
شهقت چوليا بذعر واضعة كفها على فمها بينما أمسكته سيلڤيا من ذراعيه تطالعه بأعين غائمة قائلة بقلب أم ثُكلى على ربيبها الغالي : اقسم لك أنني فعلت ما بوسعي لأعيده إلى أحضاني قبل أحضانك وبحق الدم الذي يربطنا إذا أصابه مكروه لن أحيا يوماً بعده
أطبق لوريس جفنيه قائلاً بألم : لا تسبقِ الأحداث لعل القادم خير
أنهى حديثه بثبات زائف وتراجع خطوتين للوراء ثم إستدار ليلبي أمر الكاهن الأعظم .. وما أن تأكدت چوليا من إختفاء أثره حتى توجهت بالسؤال لسيلڤيا قائلة بنبرة متلهفة : أتوسل إليكِ أعطيني خبراً يهدئ من روعي.. كيف حال أمي؟.. وماذا حدث لچايدن؟
إنهارت سيلڤيا على المقعد مطرقة برأسها لأسفل قائلة : كنا نتابع مايحدث داخل قصر إيلار إلى أن وصلتنا إستغاثة أوريانا فأضطررنا لترك البلورة والذهاب إلى آجنوس على الفور حتى ندرك هيلينا وعندما فقدنا السيطرة عليها قامت أمي بتنويمها وأمرتني بالعودة معها وهي إتجهت مرة أخرى إلى ميجرات وللأسف الخبر اليقين لدى الأب بيتر الآن
جلست چوليا على المقعد المقابل لها تضم قبضتيها نحو صدرها قائلة بنشيج مرير : ياحبيبي ياولدي.. لقد عانيت كثيراً داخل هذه الهوة المظلمة.. لتحفظك السماء وتردك لأحضاني سالماً
نهضت سيلڤيا من مقعدها وإنحنت على عقبيها أمامها ممسكة بكفيها قائلة : سيعود ياغاليتي وستقر عينك به.. أنا واثقة أن مجهوده وتعبه لن يذهب سُدى
حاولت چوليا التماسك وأجابتها بتنهيدة مرتجفة : أتمنى ذلك بشدة.. صمتت لثواني ثم أردفت بحنان : دعينا نذهب إلى آلابيستر حتى نطمئن على هيلينا
إستقامت سيلڤيا في وقفتها قائلة بموافقة : حسناً .. هيا بنا
**************
على صعيد آخر /
قطع لوريس الطريق إلى قصر لابيدوس بأقصى سرعة ممكنة.. واضعاً كل الإحتمالات نصب عينيه .. لا يريد التعلق بأمل زائف حتى يستطيع تلقي أي خبر سيئ واقفاً دون إنكسار .. لكنه يحاول الإبقاء على بعض التفاؤل داخل صدره لعل الأب بيتر يعطيه فرحة انتظرها طويلاً .. وقف الملك السابق أمام هذا البناء يفتش عن ولي عهده بين نقوش جدرانه المقدسة.. ينظر للرسوم المتحركة بحسرة شديدة.. تلك الرسوم التي تحكي تاريخ طويل لمملكة عظيمة.. ليبرا الأرض الحكيمة.. يتسائل في نفسه أي حكمة إستوجبت إفتراقه هو وشقيقه عن صغارهما ؟ .. أي حكمة تلك التي تقتل أحلام أبوين لم يقترفا أخطاء سوى أنهما ينتميان إليها ؟.. قطع شروده صوت البوابة تُفْتَحُ على مصراعيها آذنة له بالدخول.. سار لوريس على الأرضية البلورية بخطوات ثابتة يتأمل الأعمدة التاريخية وإبتسامة فخر تعتلي وجهه.. إتسعت إبتسامته أكثر عندما وقعت عينيه على عامود والده الراحل ألبير.. وقف لثواني يطالعه بحب ممزوج بالحزن بينما هو على هذه الحالة كان الأب بيتر يراقبه من بعيد وبعد دقائق منحه إياها ليسترجع تاريخ سلفه العظيم نادى عليه بصوتٍ رخيم : إقترب بنيّ
نظر لوريس إليه وتقدم نحوه مكتفاً ذراعيه خلفه ..وقف أمام عرش (لابيدوس) رافعاً ذقنه بإباء ثم قدم التحية الملكية قائلاً بهدوء ظاهري : كيف حالك يا أبانا العزيز؟
مد الأب بيتر يده ليصافحه مبتسماً يقول بحب : بخير ياجلالة الملك
بادله لوريس المصافحة قائلاً : بُورِكْت لنا ياغالي
جذبه الأب بيتر يحتضنه قائلاً بشوق : تعالى ياولد لأحضاني فأنا مشتاق إليك كثيراً يا ابن ألبير
أحاطه لوريس بذراعيه مشدداً عناقه قائلاً : وأنا أيضاً إشتقت إليك كثيراً
أبعده الأب بيتر عنه برفق يحتوي وجهه بين كفيه المجعدين قائلاً بإبتسامة: أهلاً بالحبيب إبن الحبيب ووالد الحبيب
إنحنى لوريس على كفه يقبله إجلالاً له ثم إستقام قائلاً : دُمت تاجاً على رؤوسنا
أشار له الأب بيتر أن يجلس قائلاً بإهتمام : إجلس يا بنيّ .. لدي الكثير لأخبرك به
أطاعه لوريس قائلاً بتوجس : لعل مالديك خيراً
أومأ الأب بيتر قائلاً بتأكيد : خير ياولدي.. خير إنتظرناه طويلاً
تسللت إلى نفس لوريس بعض السعادة متأملاً أن يكون وصله المعنى الصحيح ثم قال بتنهيدة مرتجفة : حسنا كلي آذان صاغية
تحدث الأب بيتر وإبتسامة عريضة تشق ثغره حتى ظهرت أسنانه البيضاء : أمير ليبرا تحرر وعاد كما وُلِد بدون لعنات .. چايدن إستعاد هويته المطموسة ووشمه الذي ينتمي إلى دماء ألبير إكتمل
فغر لوريس شفتيه غير مصدقاً أن ولي عهده تخلص من الخطر وسأله بصوت مهزوز : حقاً يا أبانا؟.. هل ما تقوله صحيح؟.. ولدي تحرر من هذا الوشم اللعين؟
أجابه الأب بيتر بنفس إبتسامته : بلى أميرك تحرر وحرر وقاوم وإنتصر بشجاعة..إنه فخرك وفخر ليبرا جمعاء
سأله لوريس بعدم فهم : ماذا تقصد بـ حرر؟
رد عليه الأب بيتر : حرر جده ڤيالوس الحكيم
جحظت عيني لوريس متسائلاً بإندهاش : كيف؟.. والد زوجتي مات منذ زمن بعيد ويزورنا فقط في أحلامنا حتى أنه بشر چوليا بميلاد چايدن وهو من أثناني عن الخروج وراءه عندما إختفى
نهض الأب بيتر من مقعده متجهاً نحو عامود ڤيالوس ووقف أمامه قائلاً : هذا مايعلمه الجميع لكن الحقيقة أن حكيم ليبرا لم يمت
تبعه لوريس ومئات الأسئلة تدور في رأسه يقول بتعجب شديد : أنا لا أفهم شيئاً
وجه الأب بيتر أنظاره إليه وقال : سأحكي لك القصة كاملة فالوقت لكشف الحقائق قد حان.. صمت لثواني ثم أردف : منذ زمن بعيد قام ڤيالوس بتعيين مساعد له يدعى كيڤن وللأسف لم يكن يعلم أنه سيخونه ويخون ليبرا بأقذر الطرق وأبشعها.. هذا الحقير قام بإغتصاب ريڤا واضعاً بذرة شيطانه اللعين في رحمها ثم ألقى عليها تعويذة منعتها من إجهاضه وآنذاك إعتقد ڤيالوس أن لوكا ولده لكن ريڤا أخبرته الحقيقة وكرد فعل طبيعي ثار الرجل لشرفه وحاول قتل كيڤن ولسوء حظه أن الخائن كان أقوى منه واستخدم سحره الأسود ليسجنه في مكان لا يستطيع أحد الوصول إليه
حاول لوريس إستيعاب ما يسمعه فالأمر معقد للغاية لكن بالتأكيد أن الأب بيتر لم يقل إلا الحقيقة وسأله مستفسراً بفضول : أين هذا المكان؟
جاوبه الأب بيتر : حينما ذهب ڤيالوس لأخذ إنتقامه تبعته ريڤا خوفاً عليه ولولا تدخلها بالوقت المناسب لكان الآن في عداد الموتى صمت للحظات ثم أردف بهدوء : عندما رفع كيڤن عصاه بوجه ڤيالوس حالت ريڤا بينهما وكان جزاءها أن يُحْبَس زوجها في رأسها إلى الأبد لذا عاش حكيم ليبرا حبيس الخيال كل هذه السنوات لا يزوركم إلا في الأحلام
حرك لوريس رأسه إستنكاراً متسائلاً بعدم تصديق : هل عاشت الأم ريڤا تحمل عبأ ثقيل كهذا؟.. وإذا كان حديثك صحيح لماذا قتلتها إبنتها وإتهمتها بالخيانة؟
رد عليه الأب بيتر بثبات : ريڤا لم تكن يوماً خائنة.. إنها ضحية الخيانة لكنها إنتقمت لشرفها ولزوجها وقامت بإحراق كيڤن داخل صومعته بعد علمها بأنه يخطط للإستيلاء على الممالك الخمسة عن طريق ولدهما الغير شرعي وللأسف لم تستطع السيطرة على شر لوكا وإضطرت لمجاراته حتى تخرجه من ليبرا ولم يكن لديها حلاً للتخلص منه إلا السحر الأسود .. أولاً ضحت بسيلڤيا التي كانت على علم بجزء من الحقيقة ثم أخرجت چايدن وظلت تراقبه عبر بلورتها حتى موعد بدء التعويذة وخرجت بنفسها لتعيده
قاطعه لوريس قائلاً : الأم ريڤا ماتت منذ عودة سيلڤيا
حرك الأب بيتر رأسه نفياً وقال : تلك كانت خدعة حتى تخرج من ليبرا وتحارب لوكا بتعاويذ سوداء قوية لم تستطع ممارستها داخل قصرها بسبب الهالة الزرقاء المحيطة بالمملكة
صُدِم لوريس من الحديث الذي سمعه على لسان كاهن السحرة الذي لا يقول الهراء أبداً وسأله : لماذا لم تخبرنا سيلڤيا الحقيقة وجعلتنا نظن السوء في والدتها؟
أجابه الأب بيتر : لم تخبرك أنت ومارسيل حفاظاً على حياتكما لأن هذا السر لو علمه أحد سوى من يحمل دماء ڤيالوس يموت في الحال
تسائل لوريس مجدداً بترقب : هل تعني أن چوليا على علم بالأمر؟
أومأ الأب بيتر إيجاباً وقال : بلى.. تعلم.. سيلڤيا أخبرتها عندما أتت إليكما في قصر السولانا وأكدت عليها إخفاء ماتعلمه حتى لا تعرض حياتك أنت وشقيقك للخطر
تراجع لوريس للوراء ثم تهاوى على مقعده يسأله بخوف : وماذا عن هيلينا؟
جلس الأب بيتر قبالته قائلاً : هيلينا إكتشفت أمر بقاء جدتها على قيد الحياة مؤخراً لكنها لا تعلم شيئاً عن ڤيالوس
حدق لوريس به قائلاً بقلق : لن أسامح نفسي إذا تأذت إبنة مارسيل
ربت الأب بيتر على كفه يقول بنبرة مُطَمْئِنة : لا تقلق يا جلالة الملك.. هيلينا بخير وخروجها من ليبرا لمساعدة چايدن كان مقدراً لأن وشمها الملكي مرتبط بوشمه.. وخط الدماء بينهما متماثل
أطبق لوريس على جفنيه ثم سأله بلهفة : متى سيعود چايدن؟.. والأهم من ذلك أين يوجد الآن؟
إبتسم الأب بيتر قائلاً : هو الآن مع فيرات في مملكة والده وسيعود بعد أخذ إنتقامه
تسائل لوريس بعدم فهم : من يكون فيرات؟
رد عليه الأب بيتر بنفس إبتسامته : إنه الأمير الثاني الذي استغله لوكا من أجل خطته الحقيرة أو بمعنى أصح الذي كان ثعباناً موشوماً على ذراع سمو الأمير
فغر لوريس فمه متحدثاً بذهول : أنا لا أصدق.. هذا اللعين قام بأشياء مخزية لكن الأغرب كيف تم خداعه بعد كل المؤامرات التي حاكها ضد الجميع؟
جاوبه الأب بيتر بثقة : لوكا شرير لكنه غبي.. غروره وثقته الزائدة بنفسه هما من خدعاه ووقع في أخطاء كثيرة أولهما ربط جميع تعاويذه بالآنجيوس مما أضعفه وأقصى مايمكنه فعله الآن لن يتخطى حدود كهف آنتروم وما يحتويه .. صمت لثواني ثم إستطرد بفخر : والأهم من ذلك أن البلورة التي أعطاها لچايدن حتى يقوم بدور العراف من صنع ڤيالوس.. قدمتها له والدته عندما أقنعته أنها متحالفة معه.. تلك البلورة عكست له كل الصور والأحداث ولم يرى شيئاً سوى ما أردنا أن نريه إياه
تعجب لوريس مما سمعه قائلاً : أنا حقاً منبهر.. أنتم قمتم بعمل يستحق الإعجاب
ضحك الأب بيتر قائلاً : هل كنت تظن أننا سنضحي بولدك دون التأكد من سلامته؟.. أنت وأخيك وصغيريكما أمانة ألبير والحفاظ عليكم واجب
نظر له لوريس قائلاً بامتنان : رغم الألم الذي عايشناه أشكرك من كل قلبي
أمسك الأب بيتر بكفه يحدثه بعتاب : هذا الشكر يجب تقديمه إلى الشخص الذي أفدى الجميع بروحه.. نبوءتي الغالية .. ولي عهد المملكة وقاضيها العادل الذي سيعود منتصراً وستنام أنت وزوجتك قريرين الأعين به
سأله لوريس بلهفة : متى؟.. أنا مشتاق لرؤيته كثيراً
رد عليه الأب بيتر : في القريب العاجل لكن هناك شيئاً يجب عليك معرفته
تسائل لوريس مجدداً : ماهو؟
أجابه الأب بيتر بتوجس : چايدن إبتلع ثلاث ماسات من جوف شلال الدم في آجنوس قبل لقاء إيلار ساعدته على معرفة سر يخص الملك أنورين حاكم مستعمرة (إيڤان) للجان ومكافئة له جعلته ينسى أكثر شيء أحزنه قبل مواقعة هذه العاهرة ولسوء حظه أنه لم يكن يفكر إلا بهيلينا وحزن من أجلها كثيراً
شعر لوريس بأنه سكب دلواً من الماء البارد فوق رأسه ثم سأله بصدمة : أتقصد أنه نسي حبه لهيلينا؟
أومأ الأب بيتر برأسه نفياً وجاوبه : كلَّا لم ينسى حبه لها لكنه نسيها.. الحب محله القلب والماسات كان تأثيرها على رأسه.. عندما يستفيق لن يذكرها ولن يعرفها حتى لو رآها ..قلبه فقط هو من سيقوده إليها وإذا قام بتقبيلها راغباً بها سيتذكر تفاصيل علاقتهما وسيعود الأمر إلى طبيعته بينهما.. صمت لثواني ثم أردف : عليك شرح الأمر لهيلينا وحثها على الصبر
مسح لوريس لحيته بكفيه قائلاً بقلة حيلة : سأفعل مابوسعي رغم صعوبة الموقف
أرجع الأب بيتر ظهره إلى الوراء قائلاً : عندما تخرج من هنا إذهب إلى قصر الأم ريڤا أولاً وإنتظر إتصالاً من لوكا.. أريد أن تتلقاه بنفسك لترى إشتعاله وأثر مافعلناه به حتى تشفي غليلك منه
نهض لوريس من مقعده وإنحنى على كفه يقبله بإحترام ثم إستقام قائلاً بابتسامة : هذا أحب الأشياء إلى قلبي أن أرى الشيطان وهو يتميز غيظاً من الفشل
أشار له الأب بيتر بالإنصراف قائلاً : هيا ياجلالة الملك.. موفق أنت وولي عهدك الغالي
**************
في كهف آنتروم /
بينما كان لوكا مضطجعاً على عرشه واضعاً ساق فوق الأخرى يتابع مايحدث داخل قصر إيلار.. مستمتعاً بمشاهدة اللقاء الحميمي القاتل الذي جمع چايدن بها وكما أوضح الأب بيتر في حديثه مع لوريس أن البلورة تقوم بخداع هذا الشيطان بصرياً لذا لم يرى المشهد كاملاً وكل ماوصل إليه قتل چايدن لإيلار بلعنته وحسب لكنه أجفل بشدة عندما أظلمت بلورته وفجأة أضاءت لتظهر الصورة الحقيقية.. جثة ملكة آجنوس تطوف فوق مياه المسبح الذي تحول إلى بركة دماء والبلورة التي بحوذة چايدن محطمة لشظايا وچايدن نفسه غير موجود.. إختض جسده ونهض مسرعاً يحاول فهم مايحدث وبعد محاولات مع تعاويذه وأوعيته لم يصل لشيء أكثر مما يراه.. زادت حدة توتره واضطر للذهاب إلى هناك حتى يتحقق من الأمر وفي لمح البصر كان يقف في منتصف القصر يتلفت كالملسوع.. يفتش عن أي أثر لچايدن ولم يجد.. بدء في التحدث بهذيان : مستحيل أن تفلت مني بهذه السهولة ..لن أسمح لك بإفشال مخططاتي.. إستمر في الدوران حول نفسه.. يبحث ويبحث لكن دون جدوى حتى وقعت عينيه على الثعبان النافق بجوار جثة إيلار داخل المسبح.. تسمر مكانه للحظات ثم ركض مثل المجدوب وإنحنى يلتقط أيقونة شره بأيادي مرتعشة قائلاً بصوت أقرب لخوار ثور مذبوح : كيف تخلص ابن لوريس منك يا ثعباني العزيز؟.. أين تاج الكورونام؟ .. إستقام في وقفته يرفعه لأعلى بكلتا يديه صارخاً : أين أنت ياخادم الوشم؟.. أنهى صراخه بطريقة ماجنة وبدأت ضحكاته الكريهة في الإرتفاع كمن أصابه مساً من الجنون.. ظل على هذه الحالة لبضع دقائق ومن ثم قرر العودة إلى وكره القذر مستنجداً بمن يظنها شريكته وفي أقل من الثانية كان يقف أمام بلورته حاملاً الثعبان فوق كتفه وبنقرة غير متزنة من سبابته أعلاها أضاءت ليظهر أمامه عدوه الحقيقي جالساً بكبرياء وشموخ.. متكئاً بساعديه على ذراعي المقعد والصلف الملكي يحيطه من كل جانب بمنظر كان وقعه كالصاعقة على رأس لوكا ..بادر صاحب الجلالة بالحديث وإبتسامة نصر تعتلي وجهه : لماذا تأخرت أيها الساحر الأعظم؟ .. إنتظرت هذا الإتصال طويلاً
هدر لوكا به والكره يشع من بين أسنانه : ماذا تفعل بقصر ساحرة المملكة ياحقير؟
ضحك لوريس قائلاً بسخرية : الحقير هو الذي يختطف الأطفال ويستغلهم في خطط قذرة مثله.. ثم هل نسيت أن ساحرة المملكة تكون والدة زوجتي العزيزة؟
صرخ لوكا بعنف : وتكون أمي
تعالت ضحكات لوريس أكثر يقول هازئاً به : لا يوجد لدينا أمهات لشاذ مثلك ياعاشق شقيقتك
إزداد صراخ لوكا قائلاً بأعين مشتعلة : إخرس يا ابن العاهرة
تجهمت ملامح لوريس وإختفت السخرية من نبرته ثم قال بحدة : أقسم لك بحياة ولدي أنك ستدفع ثمن تلك الإهانة غالياً يا خائن يا ابن الخائن.. وللأسف لن أستطيع سبك بوالدتك لأنها أُكرِهَت عليك ولاذنب لها في خيانة والدك النجس
رد عليه لوكا بفحيح كريه : أنا أعظم من أنجبت ليبرا وسترى بعينيك ماذا سأفعل بكم جميعاً
إلتوت زاوية فم لوريس بإبتسامة متهكمة ثم أجابه : وهل يكون إبن الإغتصاب عظيماً ؟.. أنت لم ترقى حتى لتكون إبن زنا.. وليبرا أُرغِمَت عليك مُكرَهَة وكارهة
صرخ لوكا بقوة أكبر : أين أمي أيها السافل؟
أرجع لوريس ظهره للخلف بإباء قائلاً : ليست هنا.. الأم ريڤا خرجت من المملكة منذ بدء تعويذتك العظيمة التي أخضعت بها ولي عهدي لتخلصه منها وأعتقد أنها معه الآن تطببه وتطيبه وتؤهله ليستلم عرش أبيه مرتدياً تاج الكورونام
شعر لوكا بدوار يضرب رأسه وترنح قائلاً بصدمة : أنت تكذب.. أمي كانت على علم بالخطة حتى أنها أرشدتني وساعدتني كثيراً
ضحك لوريس قائلاً : يالك من معتوه.. أتظن أن ساحرة ليبرا ستساعدك يا إبن كيڤن؟.. سحقاً لغبائك الذي أوقعك في شرك أكبر منك ومن ثعابينك التي تتوارى خلفها وياليتك فلحت.. صمت لثواني ثم تابع حديثه بتشفي : أتتخيل أنك هُزِمت بواسطة من أنجبتك؟ .. هل ستصدق أن تعاويذك الجهنمية دُعِسَت تحت أقدام نساء المملكة؟ .. فما بالك برجالها؟
رفع لوكا ذراعيه عالياً مطلقاً صرخات مدوية تعبيراً عن غيظه وغله الشديد مما أثلج صدر لوريس كثيراً وقال له مبتسماً : أعصابك يارجل.. مازلنا نحتاجك لأن الحقائق لم تنكشف كاملة وسماعها من ولي العهد حينما يقوم بإذلالك مثلما فعلت به سيكون مُطرِباً للآذان
رد عليه لوكا بأعين تضخ الشر : سأدمر الممالك التي إستوليت عليها بواسطة ولدك الحقير وسأهدم سجن (ڤينكولا) على رؤوس الملوك المحتجزين به وسترى يالوريس من يكون لوكا إبن كيڤن
نهض لوريس من مقعده بثبات قائلاً بسخرية : تهديداتك لن تتعدى هدم ڤينكولا وهذا ثمن بخس لأفعالك القذرة
هدر به لوكا والنار تخرج من مقلتيه : سأقتلك يا إبن ألبير وسأقطع نسلك للأبد
_ لقد فشلت المرة الأولى في قطع نسلي وأعتقد أنك لن تنجح مجدداً ياخائب الرجا
قالها لوريس ضاحكاً قبل أن يطفأ البلورة بيديه تاركاً هذا اللعين يتقلب على نار أوقدها من جحيم إنتقامه وخرج من قصر الأم ريڤا بخطوات مسرعة متجهاً نحو آلابيستر ليزف بشرى خلاص چايدن للجميع
أنت تقرأ
خادم الوشم (Jayden)..(مكتملة)
Fantasyفانتازيا خيالية أنا لم يشفني السحر.. لا قطرة ليمون ولا نجمة أطفأتِ نورها فوق وجعي.. لم توقظني رشفة ماء من زبرجد البحيرة ولا ماسة حمراء تدفقت من شلال آجنوس... فقط أنتِ .. حبكِ أزال لعناتي.. روحكِ فصلت وشمي عن وريدي.. قبلتكِ معافاتي وجسدك ماء محايات...