الفصل الثامن والعشرون

6.8K 358 30
                                    

وبعد دقائق ثقيلة مرت على قلبه كالجاثوم إستدار ماضياً في طريقه إلى قدر مسلوب.. يسير بقدمين محترقتين .. متخلياً عن سفينته الباكية في مرفأ مقلتيها تتمزق فوق خليج هدبيها.. هو ألف يحبها لكنه مرساة بلا مرسى..جرح بملامح إنسان .. وجه غائم دائم الحزن.. ولايمتلك في دنياه سوى طاقة عشقها التي أنارت دربه واليوم بيديه سيطفأها مرغماً.. سارت أوريانا بجواره صامتة ولم تحاول جذب أي حديث معه.. مُشْفِقَة عليه.. تفكر في نهاية تلك المأساة التي يُسَاقُ إليها بلا إرادة ولا جدل.. ترى بعين قلبها الثقب الغائر الذي بدء في الإتساع داخل صدره .. هوة واسعة لا يحتلها سوى الألم وبعضٍ من أحلام بريئة والكثير من هيلينا.. وللأسف جفت كلمات المواساة وإختفت وسط كل هذه العثرات والمعارك التي يخوضها الجميع مُجْبَرين ُكلٍ يتمزق على ليلاه ..
أما عن هيلينا فبمجرد إختفائه عن ناظريها .. إختفى معه قناع القوة الزائف الذي جاهدت على إبقائه فوق صفحة وجهها الحزينة.. وإنهارت على الفراش باكية .. يختلج صدرها شعوراً بالخوف يمزق ماتبقى في رئتيها من أنفاس متعثرة .. وداعه المريب لها أسال دماء قلبها..كيف يهديها الشمس في كفيها بكل مأساوية ثم يقتل أحلامها ويرميها؟.. كيف يسكب البحر داخل عينيها ثم ينقش نيران الفراق فوق موجاته الهوجاء؟.. كيف يأخذ منها وعداً لا وجود له ثم يتركها ويرحل بوداعٍ واهن يشبه قيصر مقطوع النَفَس؟.. كيف يغتال سنابل شعرها التي جدلها بطوق من ياسمين طالبها بالإبقاء عليه حتى يعود؟.. وهل يا ترى سيعود؟.. إستقامت هيلينا في جلستها واضعة كفها الصغير على صدرها تقول بخفوت : ياوجع قلبي عليك ياقرة عيني.. ياوجعكِ ياهيلينا
************
بعد وقت طويل العنق كأفعى سامة لدغته من كل جانب تاركة أثرها المميت على قلبه وصلت به أوريانا أمام قصر (إيلار).. توقف رغماً عنه يتأمل المكان بعينين ضبابيتين ولسان معقود.. عاجز عن الكلام.. غير قادر على التقدم ولو لخطوة واحدة.. يشعر بأن الأرض تتشبث بأطرافه كي لا يفعلها.. لكن الأرض لا تمنع القدر والأطراف ترتجف مُسْتَسْلِمَة للعنات مقرونة بها منذ سنوات.. إبتلع ريقه الجاف بصعوبة ثم سأل أوريانا التي تطالعه بحزن شديد على حالته : هل ستدخلين معي؟
أجابته بإبتسامة متألمة : بلى.. سأرافقك
بادلها إبتسامتها بأخرى أكثر وجعاً يقول وخنجراً مسموماً مغروس في صدره : إعتني بهيلينا..
إقتربت منه بمقلتين غائمتين لكنها مازالت تبتسم وردت عليه بصوت مهزوز : لن يعتني أحد ببلاء رأسك سواك ياسمو الأمير
نظر إليها والدمع يترقرق داخل عينيه قائلاً : أنا أدفع من دمي جزاء آثامٍ لم أقترفها.. حياتي عبارة عن مأساة تُسَلِمُ مأساة.. ورطة تلو الأخرى .. صمت لثواني ثم تابع بنشيج مرير : هيلينا لن تتحمل.. لا تملك قوة كافية لمواجهة هذا الألم.. وأتسائل في نفسي لماذا تشاء السماء دوماً أن أبقى وحيداً؟
أمسكت أوريانا كفيه في محاولة بائسة للتخفيف عنه قائلة : لا تقل هكذا.. هيلينا لن تفرط بك.. وأنا بجوارك هنا
إكتفى چايدن بتنهيدة مرتجفة أفلتت من بين شفتيه ولم يجد في قاموس كلماته المطعونة وصفاً لانقباضة قلبه التي تعصر دقاته منذ رحيله عنها .. سحب راحتيه برفق يتقبضهما جانباً وأشار برأسه نحو القصر قائلاً : هيا من فضلك.. لايوجد لدينا المزيد من الوقت
أومأت له إيجاباً ثم قالت بنبرة مُتَفَهِمة : حسناً ..أنت محق
تقدمت أمامه متجهة إلى الداخل وسط أنظاره المتعجبة من إنفتاح البوابة لها تلقائياً دون سؤال أو إهتمام بهويتها .. لايعلم بصلة الدم التي تربطها بإيلار وأنها إستثنائها الوحيد .. تبعها بخطوات ظاهرها ثابت لكنها متعثرة في خيبات أمله وحجر ثقيل يطبق على صدره كمن يُساق لمنصة الإعدام.. دلفت أوريانا للجناح الخاص بإقامة المسابقة الإسبوعية.. وإستقبلتها وصيفة الملكة بحفاوة شديدة قائلة بترحيب : أهلاً بكِ أوريانا.. أي رياح طيبة ألقتكِ اليوم فوق رؤوسنا؟
إبتسمت لها أوريانا بمجاملة ثم أجابتها : لدي متسابق أخبرت الملكة عنه وطلبت مني أن يلتحق بالشباب
نظرت الوصيفة لچايدن الذي كان يقف خلف أوريانا مباشرة فاغرة فمها بانبهار ثم قالت : ماهذا بحق السماء؟.. إنه فاتن للغاية.. أقسم أن النتيجة قد حُسِمَت من الآن
إبتسمت أوريانا بتهكم تقول بحاجب مرفوع : وهل يعقل أن تفلت جلالة الملكة شاباً مثله من بين يديها؟
إبتلعت الوصيفة لعابها الذي سال من أثر رؤيتها لچايدن قائلة بتحسر : يالحظها الحسن.. إنه رائع.. تتمناه أي أنثى في فراشها
رمقتها أوريانا باحتقار قائلة : العاهرات فقط ياعزيزتي
تداعت نظرات الوصيفة وتراجعت للخلف قائلة بخوف : لا تسيئِ فهمي أوريانا.. أنا فقط أبدي إعجابي
زمت أوريانا شفتيها تجيبيها بملامح جامدة : أخشى أن تسمعكِ جلالة الملكة
حركت الوصيفة رأسها يميناً ويساراً برعب قائلة : لا أرجوكِ.. أنا لم أقصد
إلتوت زاوية فم أوريانا بشبه إبتسامة مُحْتَقِرَة ثم قالت : لا عليكِ .. والآن دعيه ينضم للشباب كي تتم المراسم بشكل صحيح
أفسحت الوصيفة المجال له قائلة وهي مطرقة برأسها لأسفل : تفضل ياسيدي .. إمتثل چايدن لطلبها بصمت يسير بملامح ثابتة وذقن مرفوع بإباء.. يحاول إخفاء مايعتمل بصدره خلف قناع من البرودة الزائفة.. يمشط المكان حوله بنظرات شامخة .. يطالع الجناح الضخم بأعين ذاهلة والذي كان عبارة عن صحن كبير مبلط بالرخام يلفه جدران سميكة جداً .. يتوسط أحدهم نافذة كبيرة مصنوعة من حديد صلب لايمكن تجاوزه .. يقف في منتصفه ثلاثون شاباً يضاهونه وسامة لكنه أوسمهم.. أجسادهم قوية .. يبرزون عضلات صدورهم من خلال قمصانهم الجلدية التي تشبه سترات الجنود .. يرتدون سراويل بيضاء تتسع من عند الحجر ثم تضيق نزولاً إلى الساق حتى تصبح محكمة على الكاحل برباط قطني .. يكتفون أذرعهم خلف ظهورهم بتحفز وكأنهم يتأهبون لخوض معركة ضارية.. إنتبه چايدن لصوت الوصيفة تهتف عليه وهي تمد يدها لتعطيه الملابس الخاصة بالمسابقة قائلة : يجب عليك إرتدائها قبل دخول جلالة الملكة
تناول چايدن الملابس منها قائلاً بتعابير ثابتة : شكراً
ظل واقفاً لبضع ثواني ثم إتجه إلى ركن بعيد عن الأنظار حتى يتمكن من تبديل ملابسه.. شرع في خلع سترته العلوية لكنه تذكر بلورة لوكا التي مازالت بحوذته.. أخرجها سريعاً ووضعها داخل جيب السترة الخاصة بالمسابقة ثم أنهى عمله سريعاً وعاد لينضم إلى أقرانه.. وقف في آخر الصف متخذاً وضعيتهم.. يكتف ذراعيه خلفه.. فارداً صدره بكل مايملكه من عنفوان رجولي .. ينظر بثقة سليل ملوك وثبات مقاتل يريد إنهاء هذه المهزلة المسماة بإيلار.. ولم تمضِ سوى بضع دقائق حتى دخلت عليهم الملكة .. تتبختر أمامهم بخيلاء وتعالي..تغطي أعلى رأسها بكوفية مصنوعة من قماش الذهب.. تعلق شعرها الأسود على كتفها بعقود من لؤلؤ صغير .. تلف عنقها بربطة ساتان حمراء تتدلى منها ماسة لامعة لتستقر على صدرها .. تغرس في أذانها قرطاً كبيراً من الزمرد .. لا يغطي جسدها سوى رداء أبيض كالثلج ..رقيق كالماء يسمح للناظر إليها برؤية مفاتنها كاملة بلا حياء ولا خجل .. مشقوقاً بالكامل من الجانبين لا يثبته على كتفيها إلا أربطة رفيعة للغاية تنتعل في قدميها حذاءً مخملياً يعلو عن الأرض بما يقرب لخمس أو ست بوصات بالإضافة إلى خلخال ذهبي يزين كاحليها.. وقفت أمامهم تشملهم بنظرات ثاقبة.. تتفحص بدقة تفاصيل أجسادهم.. تشبه في وقفتها لبؤة صيادة.. جائعة.. تختار فريستها بعناية فائقة وهذا خياراً مطروح في قانون الغابة العادية .. والوضع داخل غابة إيلار لايختلف كثيراً .. تلك العاهرة .. دائمة الشبق.. تصور الجنس لهم وكأنه غولاً بأنياب كبيرة.. يخنق الأطفال ويقتات العذارى.. تخيفهم من عذابها إذا باءوا بالرفض.. تهددهم بالموت في كل لحظة إن أظهر أحدهم إعتراضاً .. تضع سيف شهوتها على رقابهم والمطلوب منهم أن يُنْحَروا بلا تذمر.. وبعد تجولها بعينيها لفترة طويلة إنتبهت لهذا الوسيم الذي يقف في آخر الصف بصلف .. لا يعيرها أي إهتمام.. إتسعت حدقتيها بلمعان إنتصار وكأنها وجدت ماسة نفيسة بعد عناء بحث شاق.. إبتسمت بغرور ثم مدت يدها لتفك الربطة الحمراء عن عنقها وسارت نحوه بخطوات متمهلة وبحركة ثابتة قامت بلفها حول رقبته.. ممسكة بطرفيها بكلتا يديها.. تقربه منها لتلتهم شفتيه بقبلة عنيفة أعلنت بها النتيجة.. معطية إشارة لباقي المتسابقين بالإنسحاب حتى يصلهم منها إشعاراً جديد..
في نفس اللحظة كانت أوريانا تراقب مايحدث من خلال النافذة.. تتنفس الصعداء بعد وقوع إختيار إيلار على چايدن فبرغم تأكدها من الأمر إلا أنها لا تأمن مكرها ولا تستطيع قراءة مايدور في رأسها.. إنتصب جذعها بقوة عندما إنتبهت لها ترمقها برضا بالغ فعلى مايبدو أن سمو الأمير نال إعجابها.. وبنظرة منها ألقت للوصيفة أمراً بإعطاءها مبلغاً كبيراً من المال.. تناولته أوريانا بملامح ثابتة وقبل رحيلها حانت إلتفاتة منها نحو چايدن الذي كان يقف بتعابير غير مقروءة لكنه إستدار برأسه إليها مستغلاً إنشغال إيلار بإزاحة غطاء رأسها يحدثها بعينيه قائلاً بمايفيض به قلبه من ألم : أوصيكِ بهيلينا..هذه أمانتي لديكِ ..كونِ بجوارها من أجلي وأخبريها أنني أحبها كثيراً ولا تدعيها تبكي.. أما أنتِ فسأشتاق إليكِ ياصديقتي .. أومأت له أوريانا برأسها إيجاباً وغادرت سريعاً قبل فقدان سيطرتها على دموعها أمام حديثه الصامت المُتَوَجِع..
***********
إنتفض چايدن بخفة عندما إستشعر كف إيلار يمر على أطراف سترته العلوية تسأله بإغواء : ما إسمك أيها الوسيم؟
أجابها بنبرة واثقة : چايدن
أحاطت عنقه بذراعيها تقول بابتسامة مائعة : ياله من إسمٍ رائع مثل صاحبه
رمقها بملامح جامدة لا تعبر عما يشعر به قائلاً : شكراً يامولاتي
مدت أصابعها الدقيقة تتحسس وجهه ولحيته الناعمة ثم قالت بصوت هامس : أنت وسيم للغاية چايدن.. لم ترى عيناي رجلاً بمثل جاذبيتك
أجابها بحاجب مرفوع وزاوية فم ملتوية بابتسامة هازئة : أعلم أن وسامتي لا تُقَاوم
مالت برأسها جانباً تتفحص خصلاته التي تغطي عنقه بالكامل قائلة بخفوت أصبغته بالإغواء : أفدي الواثق من جماله.. وأعطيه كل الحق في الإغترار بنفسه
لم يرد على حديثها مكتفياً بمراقبة لمساتها الجريئة التي تمر على صدره لكنه أطبق على معصمها بشدة عندما إمتدت يدها نحو ملابسه لتخلعها قائلاً بفك متشنج : لا أسمح لكِ
جحظت عينيها من ردة فعله تسأله بصدمة : كيف تجرؤ على منعي من فعل شيئاً أريده؟
دفع ذراعها بعيداً عنه ثم قال بعيون مشتعلة : جسدي يخصني لذا لا يمكنك التصرف كما يحلو لكِ إلا بموافقتي
أجفلت قليلاً من نبرته الحادة وحديثه الغريب على مسامعها وسألته بتهكم : موافقتك؟.. أنت تهذي؟.. صمتت لثواني قبل أن تهدر به بغضب عارم : أنا جلالة الملكة إيلار.. لا تنسى نفسك وإلتزم حدود الأدب وإلا قتلتك في طرفة عين
إزدادت نظراته إشتعالاً ورد عليها بصوت عالٍ كاد أن يصم آذانها : ملكة على رعاياكِ وليس على مايخصني..
فغرت شفتيها مصعوقة من صوته الهادر وطريقته الحادة.. في سابقة أولى لم تعهد مثلها قبلاً تتعرض للتعنيف بهذا الشكل.. لأول مرة منذ جلوسها على العرش يعلو صوتاً داخل القصر غير صوتها.. هذا الشاب مغرور ومتهور لدرجة جعلته يتواجه مع ملكة الشهوة التي خضع لرغبتها أقوى الرجال.. لا يعلم أنها خطرة لكنه راق لها .. أقنعها بثباته وأثارها نحوه أكثر بتمنعه عن لمساتها.. رسمت على وجهها إبتسامة هادئة ثم إقتربت منه تقول بمراوغة : يبدو لي أنك غافل عما أستطيع فعله بك وبجسدك الذي يخصك لكنك أعجبتني وأصبحت أكثر تحفزاً لما ستفعله معي في الفراش.. چايدن
بادلها إبتسامتها بأخرى ساخرة ثم قال : إذا كنتِ تعتقدين أن تهديدك البائس سيؤتي ثماره فيسرني إخبارك بأنني لا أخاف وعلى علم بكونك تقتلين رجالك بعد إكتفائك منهم وأتيت هنا بقرار مني لذا أود الموت بشرف.. صمت لثواني ثم خطى نحوها بثبات قائلاً بنبرة ذات مغزى : وبالمناسبة لا سلطة في الفراش تعلو سلطتي .. الرأي رأيي.. وأنا من سيقود العلاقة فلا تتدخلِ فيما سأفعله إذا كنتِ ترغبين
ضحكت بميوعة زائدة قائلة : ماهذا التحكم يافتى؟.. أنا وطأت أجساداً بعدد شعر رأسك.. وصراحةً لم ألتقِ بمن يثير دهشتي قبل رغبتي مثلك
تجهمت ملامحه وأجابها بتحذير : أنا رجل لست فتى.. ولم تُخْلَق بعد من تطأ جسدي..
رفرفت بأهدابها وللحظة أحست بالخوف منه وحاولت تلطيف الأجواء بينهما قائلة بمرح زائف : لِمَ كل هذا الغضب.. چايدن؟.. أيعقل أن يضايقك فكي لسترتك بهذا الشكل؟.. أم أنني لم أنل إعجابك؟
شملها بنظرة تقيمية ثم أجابها بهدوء : بلى.. أنتِ تعجبين أي رجل تقع عينيه عليكِ..
إبتسمت بإطمئنان بعدما إستشعرت الهدوء في نبرته ثم سارت نحوه تطوقه مجدداً بذراعيها قائلة : إذن لماذا تتعامل معي بفظاظة أيها الفاتن حد الثمالة؟
أجابها بنظرات مثبتة على ثوبها العاري : أنتِ فضيحة تسير على قدمين.. ثوبك يظهر مفاتنك بسخاء لا يترك شيئاً للمخيلة.. ألا تخجلين يا إمرأة؟
جحظت عينيها بصدمة من كلماته ثم ردت عليه فاغرة شفتيها : أنا جلالة الملكة.. كيف تتحدث معي بوقاحة هكذا؟
لف ذراعيه حول خصرها على مضض يقربها منه هامساً خلف أذنها بأنفاس أذابت أعصابها : دعِ أمور الملكات جانباً فأنا لا أرى أمامي سوى أنثى جميلة لكنها حمقاء لا تُحْسِن إستغلال أنوثتها
عضت على شفتها السفلى متأثرة بطريقته التي أشعلت في جسدها رغبة تأكها من الداخل متسائلة بصوت ضعيف : ماذا تقصد؟
إبتسم إبتسامة ماكرة ومد كفه يتحسس جسدها الظاهر من تحت شق رداءها بخفة مما جعل أنفاسها تتسارع ثم قال بخفوت : أنا أفضل الحلوى المُغَلَفَة.. تثير جنوني .. وتجعل جسدي في حالة إستنفار حتى أحصل عليها كاملة
إبتلعت ريقها بصعوبة بالغة من أثر لمساته وكلماته التي طافت بها فوق الغيمات.. إبتعدت عنه برفق ثم أمسكت بكفه تسحبه نحو عرشها وأجلسته عليه قائلة بهُيام : أنت من الآن مليكي وسيدي.. أطلب ماتشاء ستجدني أنفذه لك طواعية يامولاي..
لاح شبح إبتسامة عابثة على شفتيه قائلاً بنبرة متلاعبة : قومِ بتبديل هذا الثوب العاري وحررِ شعرك وضعِ بعضاً من عطر الياسمين على جسدك
أجفلت من طلبه الأخير قائلة بأنف مجعد : أنا لا أحب الياسمين رائحته تثير إشمئزازي
إختفت الإبتسامة من على صفحة وجهه ثم أجابها بنبرة حازمة : لكنني أحبه.. صمت لثواني قبل أن يتابع بسخرية : وعليكِ تنفيذ أوامر مليككِ كما حكمتِ على نفسك
تصلبت أنظار إيلار المنبهرة على وجهه ومكثت في مكانها تتأمل تقاسيمه الجميلة بإفراط.. تُمَني نفسها بالكثير بين أحضان هذا الصلف الوسيم.. بينما هو أرجع ظهره للوراء مُتَكِئاً بمرفقه على ذراع العرش واضعاً سبابته فوق خده وأبهامه أسفل لحيته .. يرمقها بثبات وحاجبه مرفوع قليلاً وكأنه يحثها على تنفيذ أمره بدون جدال.. وبعد دقائق من الصمت المُتَدَاعي إنحنت تلثم شفتيه بقبلة أخبرته بتأثرها به ثم إستقامت قائلة بأنفاس ساخنة : سأفعل مابوسعي حتى أرضيك
إبتسم برضا زائف ولم يرد مُكْتَفِيَاً بإشارة من يديه وإيماءة صامتة زادته سحراً في عينيها.. أطاعته مُسْتَسْلِمَة بملأ إرادتها وإتجهت نحو غرفتها الخاصة بخطوات مسرعة وجسد مُتَحَفِز ورغبة تتضخم بداخلها.. وما أن إختفت عن أنظاره حتى إكتسح الحزن ملامحه وسقط قناع القوة عن وجهه متنهداً بألم يمزق حشا روحه والخوف يفرد أذرعه الطويلة كأخطبوط يشق صدره.. وضع كفه على شقه الأيسر هامساً بأعين مغمضة وصوت مرتجف : سامحيني.. هيلينا.. سامحيني ياقلب وروح چايدن.. أنا مُجْبَر.. ورغماً عنه أفلتت من بين شفتيه شهقة بكاء خافتة لكنه أجفل عندما وصل إلى مسامعه صوتاً أصبح يألفه في الآونة الأخيرة يقول بمواساة : هوِّن على نفسك ياسمو الأمير
قلَّب چايدن عينيه يميناً ويساراً.. يراقب المكان حوله ثم سأله بترقب : هل يسمعك أحد غيري هنا؟
أجابه الآنجيوس بتأكيد : كلَّا.. لا تخف
تنفس چايدن الصعداء وتسائل مجدداً بتعجب : هل من جديد لديك؟
رد عليه الآنجيوس : أجل.. سأرشدك لطريقة ستسهل عليك مواقعة هذه العاهرة
تسائل چايدن مرة أخرى بعدم فهم : ماهي؟
جاوبه الآنجيوس بتركيز : إستدرجها نحو المسبح وأتم الأمر بداخله
تلفت چايدن حوله يبحث بعينيه حتى وجد مسبح رخامي كبير يتوسط الجناح بشكل دائري.. يحيط به ستائر حريرية شفافة من اللون القرمزي الساخن.. مملوء بمياه تتصاعد منها أبخرة خفيفة مغطاة بورود جورية حمراء.. تطلع چايدن للمنظر أمامه بيأس ثم قال : حسناً.. هذا أفضل بكثير
تحدث الآنجيوس بنبرة فَرِحَة : لم يتبقى إلا القليل على لقاءنا
تنهد چايدن قائلاً بأسف : لقد حزنت كثيراً لما فعله لوكا بك.. فيرات
أجابه الآنجيوس بألم : كلانا واقع تحت وطأة هذا اللعين وأقسم بصولجان أنورين أنني سأنتقم منه شر إنتقام
تجهمت ملامح چايدن على ذكر شيطانه ثم قال بصوت يملؤه الكره : سننتقم.. أنا وأنت ياسمو الأمير
صمت الآنجيوس لبضع لحظات قبل أن يتابع : أتمنى لك حظاً طيباً وحياة سعيدة بعد تخلصك مما تعانيه

خادم الوشم (Jayden)..(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن